مقاربات بين الانتفاضة الشعبانية والثورة البحرينية

عبد الكريم ابراهيم

رغم الفارق الزمني بين الانتفاضة الشعبانية عام 1991 والثورة الشعبية البحرينية الذي يمتد لعشرات السنين، فان الظروف والمقدمات وقد تكون النتائج فيما بعد، تجمعهما الى حد بعيد، بل يكادان ان يكونا توأمين لدرجة الالتصاق.

الانتفاضة الشعبانية التي انطلقت بعد غزو الكويت عام 1990 ضد النظام البائد في العراق، ساهمت الظروف العسكرية والاقليمية في ولجوجها في ذلك الوقت، تم وأدها بمباركة عربية ومشورة خليجية من خلال ايهام القوى التي اخرجت النظام من دولة الكويت، بان العراق في طريقه الى التحول الى ايران ثانية في المنطقة، ما حدى بتلك الدول وعلى رأسها امريكا العدو اللدود لايران ومشروعها الاسلامي، ان تأخذ هذه المخاوف على محمل الجدّ وتساهم بشكل واضح في افشال الانتفاضة العراقية التي امتدت مساحتها من الشمال الى الجنوب.

فعلا توقف الزحف العسكري الغربي حتى مناطق معينة ويتم بعدها الانسحاب، ما فتح المجال الجوي لطائرات النظام وجيوشه لضرب المنتفضين في مدن النجف وكربلاء وميسان والبصرة وبقية المحافظات.

بهذا العمل تم انقاذ النظام من سقوط حتمي لسبب واحد ان الدول الخليجية لديها قناعة شبه حتمية تشاركها في هذا الرأي اغلب الدول العربية : بان طاغية ظالم خير من ثورة لايمكن التحكم بها.

 طبعا يحرك هذه القناعة العربية مخاوف مذهبية من وجود هلال شيعي يأكل المنطقة وبالتالي يقلب الموازين القديمة التي تتحكم في سياسة الحكم.

 اذا اتفقا الطرفان العربي المتمثل ببعض الحكام العرب مع القوى الغربية على اجهاض الثورة العراقية طبقا لمبدأ السلامة الذين يؤمن بهما كلا الطرفين، وبعد عشرين عاما تكرر نفس السيناريو العربي في التعامل مع القضية البحرينية، ولكن بمعادلة معكوسة، حيث هذه المرة المباركة والسكوت على ما يحدث غربي ودولي وعسكرة عربية تريد حماية الحكام واضطهاد الشعب، والا كيف يبرر تدخل قوات درع الجزيرة في مسألة داخلية 100% وكان يفترض ان تكون مهمة مثل هذه القوات حماية دول الخليج من الاخطار الخارجية، لكن الذي حرك هؤلاء الحكام في التعامل مع قضايا المنطقة هو الشعور المذهبي حتى عند بعض الدول التي تدعي العلمانية مشروع لها.

اما الذي اختلف خلال هذه المدة هو موقف الشعوب العربية المساندة لثورة البحرين، بعد ان اكتوت بنار الطغاة وذاقت طعم الحرية وزوال غشاوة التكتم الاعلامي المضلل الذي كان يمارس في سبيل جر الشعو ب كي تكون ببغاوات تسير على نهج الحكام، لذا تصدر اشارات واضحة شعبية ورسمية من قبل بعض الدول المتحررة من نير الظلمة، في التعاطف مع اشقتهم البحرينيين بعيد عن النظرة المذهبية التي كانت تؤطر كل التحركات السابقة.

 ولعل الصحوة الثورية ساهمت في ايجاد هذا التعاطف مع قضايا الشعوب المظلومة دون اعطاء لقضية المذهب اي اهمية.

اذا اليوم وضع الشارع العربي مختلف عن قبل عشرين سنة مضت، لان الشعوب ادركت من معها ومن ضدها؟ دون الانجراف وراء الغمة المذهبية القديمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/نيسان/2011 - 29/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م