حكام المنطقة، اسود على الشعوب وفي الحروب نعام

خليل الفائزي

قبل ان نطرح الفضائح والمهازل والأفعال المشينة والباعثة للخزي والعار التي يرتكبها حكام المنطقة ضد شعوبها هذه الأيام، نستقرأ معاً بعض هذه العناوين الأخبارية التي تفاخرت بها أجهزة إعلام المنطقة في الفترة الحالية:

- طلائع قوات مجلس التعاون تصل البحرين وسط أجواء الترحيب من أعضاء أسرة عائلة الملك حمد بن عيسى، وهذا يعني ان دول مجلس التعاون سوف ترسل المزيد من القوات القمعية الى البحرين وربما الى دول اخرى عضو في المجلس.

- قوات من السعودية والإمارات والأردن واليمن وربما دول أخرى تشارك في تشكيل قوة عسكرية ضاربة تستقر في البحرين، وهذا يؤكد إجماع حكام المنطقة لمواجهة الشعب البحريني في الوقت الراهن وقمع شعوب أخرى لاحقاً.

- إصدار قرار عاجل من جانب زعماء مجلس التعاون لتقديم منحة مالية عاجلة الى البحرين وسلطنة عمان قدرها 20 مليار دولار، وهذا يثبت ان هؤلاء اما ينوون شراء ذمم المعارضة حسب تصورهم او اقتناء المزيد من أسلحة القمع والأجهزة الأمنية البوليسية لاحتواء انتفاضة الشعوب.

- أمريكا ودول أوروبية أعلنت موافقتها لتدخل قوات عربية في شئون البحرين اواي دولة عربية لقمع الشعوب وإيقاف المد الثوري وإحباط الانتفاضات الجماهير العربية، وهذا يدفعنا كمراقبين وإعلاميين مستقلين إثارة الأسئلة التالية ونتحدى ممن يرى في نفسه ذرة من الحق والشجاعة والأنصاف الرد عليها اعلامياً وسياسياً وليس بأعمال التهديد والقتل والإرهاب التي هي وسيلة الضعفاء والجبناء.

اولاً : ان جميع بنود ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي وفقرات الجامعة العربية والتعهدات الدولية والميثاق الدفاعي العربي وبنود مجلس التعاون للدول العربية النفطية لا تشير لا من قريب ولا من بعيد ولا في اي من عباراتها وفحواها ومعناها ان تساهم قوات اي دولة او دول اخرى لقمع شعب دولة عضو في الأمم المتحدة او مجلس التعاون او الجامعة العربية بل ان هذه البنود تؤكد فقط على مساعدة حكومة او نظام اي دولة عضو في حالة تعرض بلاد هذه الحكومة او النظام الى عدوان أجنبي ومعنى هذا للذين يفهمون القانون والحقوق وحتى الذين لا يفهمون ابسط القوانين الدولية والإقليمية انه لا يجوز قانوناً وشرعاً قمع اي شعب على يد النظام الحاكم ولا نظام اي دولة أخرى ولا بواسطة الأمم المتحدة ولا الجامعة العربية ولا مجلس التعاون اواي حلف وتشكيل مشابه في المنطقة والعالم.

ثالثاً: معظم دول العالم والمنطقة وكذلك الجامعة العربية والأمم المتحدة والدول الغربية ومجلس التعاون وغيرها أدانت غزو نظام صدام للكويت وشكلت قوات مشتركة لتحرير الكويت شاركت فيها قوات غربية وعربية خاصة من مصر ودول نفطية بالإضافة الى سوريا، ولم يعترض اي من شعوب العالم ولا المنطقة على موضوع مواجهة قوات نظام صدام لانه كان بمثابة غزو بلد الى بلد آخر، وهذه الحالة تنطبق الان تماماً على موقف نظام آل سعود الحقود والإمارات الصغيرات وغيرها من الأنظمة التي أرسلت الان قوات مسلحة الى البحرين حيث يعتبر هذا الإجراء من الناحية القانونية بانه غزو أجنبي سافر للبحرين لانه جاء بهدف قمع الشعب البحريني وليس لمواجهة عدوان خارجي، ولا فرق هنا قانونياً وحقوقيا بين غزو نظام صدام للكويت وغزو آل سعود للبحرين، وكلاهما عمل مدان وكلاهما عدوان غاشم على بلد ذات سيادة وشعب له حقوق معترف بها إقليميا ودولياً، وعلى هذا الأساس اذا كانت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وكافة الدول الغربية وغير الغربية قد وقفت ضد عدوان نظام صدام على الكويت فلابد من إدانة وشجب غزو نظام آل سعود الحقود للبحرين والا فان جميع الشعوب ستعتبر هذا الغزو بمثابة عدوان غاشم وإعلان حرب على شعب أبي ومظلوم ولابد من التنسيق الجماهيري والاستعداد للجهاد الشامل ضد كافة الأنظمة الغازية لدولة البحرين ومن حق الشعوب التحالف والاستقواء والتلاحم والزحف لاحقا نحو كافة دول مجلس التعاون لتحرير شبه الجزيرة العربية من براثن وأحقاد الأنظمة المستبدة والحاكمة فيها.

ثالثاً: قد يزعم البعض من الحاقدين والمنخدعين والسذج من ان قوات الأنظمة التي غزت البحرين دخلت فيه بدعوة من النظام الحاكم في هذا البلد، وان دول في المنطقة ومن باب الدفاع عن نظام الملك حمد بن عيسى لبت طلبه بناءً على ضرورة مساعدة هذا النظام الضعيف وتطبيق بنود مجلس التعاون، الا ان مثل هذه التبريرات غير قانونية لعدة أسباب منها: انه لم يحصل على الأقل وفقاً لمبادئ الدول العربية العميلة للغرب على موافقة مجلس الأمن الدولي تحت غطاء ما يسمى البند السابع وليس هناك اي غطاء دولي لتبرير هذا الغزو الغاشم والتدخل السافر في دولة البحرين بهدف قمع شعبها.

إضافة الى ذلك ليس من حق اي نظام غير شعبي وغير ديمقراطي وغير مقبول من جانب غالبية المواطنين دعوة اي دولة او نظام لإرسال قوات أجنبية او عربية غازية لبلاده، فاذا كان من حق نظام الملك الصغير حمد بن عيسى دعوة قوات أجنبية وعربية للدفاع عن عرشه المهزوز، نقول ان من حق نظام القذافي ايضاً جلب واستقطاب المرتزقة الأفارقة او دعوة دول اجنبية لمده بالسلاح الفتاك لقتل أبناء شعب ليبيا، في حين ان دول مجلس التعاون أدانت ولاتزال سلوك ومواقف القذافي لقمع شعبه والاستعانة بالمرتزقة الأجانب والقوات الغازية من أفريقيا وغير أفريقيا. وكان ايضاً من حق حسني مبارك قبل تنحيه من كرسي الرئاسة الاستعانة بقوات أمريكية او قوات إسرائيلية للدفاع عن نظامه وقمع الشعب المصري خاصة وان مبارك كان يتفاخر من انه عميل من الدرجة الممتازة لأمريكا ولإسرائيل. وكان من حق زين العابدين بن علي ان يفعل مثل هذا الإجراء، وكذلك نظام علي عبد الله صالح في اليمن، فلماذا غير مسموح لنظام صدام غزو الكويت وغير مباح لنظام مبارك والقذافي وبن علي استقطاب قوات أجنبية للدفاع عن هذه الأنظمة، ومباح بل واجب لدول مجلس التعاون التدخل في شئون البحرين وقمع شعبها، فلماذا الكيل بمكيالين في مثل هذه الأمور ولماذا تختفي الأخلاق والمواساة والرحمة والمبادئ والإنسانية والقوانين الدولية في حالة التعامل السيئ مع الشعوب المظلومة والدفاع عن عبيد الاستعمار والاستكبار الأجنبي، ومثل هذا التعامل غير الشريف وغير الأخلاقي تمارسه ايضاً أجهزة الإعلام العربية والدولية في نقل أحداث مصر وليبيا وتونس واليمن بدقة وليلا ونهارا بينما تتم التغطية والتعتيم بالكامل عما جرى ويجري من جرائم بشعة وقمع شامل للشعب المحروم في البحرين ودول أخرى؟.

رابعاً: قطعاً وبالتأكيد اننا ندين الف بالمئة تدخل اي بلد او نظام او حكومة اواي حزب وفئة في شئون بلد وشعب آخر، فإننا ندين حتى تعليق صورة بحجم عمارة شاهقة للمدعو ملك آل سعود وسط بيروت عندما كان الحريري يخطب بأنصار قوى 14 آذار، فإذا كان مسموحاً لهذه القوى تعليق صورة لملك آل سعود واعتباره الرئيس الأعلى للعملاء من اللبنانيين فمن حق الطرف المقابل ايضا تعليق صور لزعماء ورؤساء دول وحكومات تدعم حزب الله وميشال عون.

ونحن ندين كذلك تدخل اي طرف كان اجنبياً او اقليمياً في شئون العراق وندين كذلك تطاول دولة قطر التي لا ترى في المجهر على الخريطة وتدخلها المستمر في شئون وتطورات مصر ودول المنطقة. وقطعاً ندين تدخل قوات آل سعود والإمارات والأردن وباكستان واي دولة مهما كان اسمها ومكانتها في شئون البحرين وتعتبر ذلك بانه غزو واعتداء وليس هناك اي تبريرات قومية او طائفية او مذهبية تجيز مثل هذا الغزو، فإذا كان من حق آل سعود التدخل في شئون البحرين وزعمه من انه يمثل نظام سلفي او وهابي او طائفي يدعم نظام مشابه له في الطائفية والفئوية والمذهبية، فهذا يعطي ايضاً الحق مثلاً لإيران باعتبارها دولة شيعية رسمية ان تدعم شيعة البحرين الذين يمثلون الغالبية العظمى في هذا البلد.

خامساً: ان تدخل وغز وقوات مجلس التعاون للبحرين يثبت هذه الحقيقة الدامغة وهي ان طغمة النظام الحاكم في البحرين ليست من هذا البلد وان الاستعمار البريطاني أتى بها من دولة ثانية وفرضها على البحرين قسراً وسمى الحاكم غير البحريني أميرا ثم ملكا على هذه الجزيرة، ويثبت ايضاً من ان هذه الأسرة لا تمثل اي نسبة من الشعب وانه على مدى العقود الماضية من حكم هذه الأسرة على البحرين فهي لا تمثل سوى 5 او10% من أبناء الشعب البحريني في افضل تقدير وان ليس من حق هذه الأسرة البقاء في البحرين والحكم على الشعب قسرا اذا واصلت قمعها لابناء البحرين والاستعانة بالأجانب والأشقاء الغزاة والمحتلين، وبالرغم من ممارسات تغيير التركيبة السكانية والتجنيس لغير البحرينيين وإسقاط الهوية البحرينية عن الأبناء الأصليين فان أسرة نظام الملك القزم حمد فشلت حتى الان من إقناع أكثرية المواطنين من دعمها او قبول حكمها الاستبدادي، وهذا يؤكد عدم شرعية هذا النظام ولابد من إسقاطه وإيجاد تغييرات واسعة لصالح أبناء شعب البحرين وليس لصالح الأجانب والعملاء والمجنسين الحاكمين وعملاء ال سعود في هذا البلد.

سادساً: من مهازل سياسة ومواقف حكام مجلس التعاون انهم ومن اجل حفظ عروشهم من غضب الشعوب استعانوا ومنذ تنصيبهم من جانب الاستعمار البريطاني على دول المنطقة بالقوات الأجنبية خاصة أمريكا وبريطانيا بل ويفتخرون جهراً وعلانية بالعمالة والطاعة والتبعية للدول التي يصفونها في أجهزة إعلامهم المخادعة بدول الكفر والشرك اي دول الغرب، وهذه الأنظمة العميلة التي تستعين بالأجانب تدافع عن أنظمة اضعف منها قدرة في المجالات المالية والعسكرية والبشرية، وتتحالف الدول الأجنبية المحتلة لدول المنطقة بشكل غير رسمي مع الأنظمة المستبدة لشبه الجزيرة العربية وتتحالف ايضاً مع أذناب عملائها في المنطقة لقمع شعوب المنطقة وكأننا لا نعيش في مجتمع مدني وبشري بل في غابة نائية او بحر عميق تأكل فيه اسماك القرش الأسماك الكبيرة وهذه الأسماك المفترسة تأكل معا صغار الأسماك التي لا حول ولا قوة لها.

اننا دعاة إرساء المجتمعات المدنية في دول المنطقة ندين بشدة قمع نظام القذافي لشعبه ونطالب في الوقت ذاته من الغرب الذي دعم هذا النظام بالسلاح من الرأس حتى أخمص القدم ان يدعم الشعب الليبي الثائر والمكافح وان يحاكم قادة نظام القذافي سريعاً باعتبارهم مجرمي حرب. وندين بشدة قمع الشعب اليمني ونطالب بدعم الشعب المحروم في هذا البلد. ونطالب ايضاً بدعم كافة الانتفاضات والحركات الاعتراضية اذا كانت في إطار المطالبة بحقوق الشعوب وإنهاء حقبة الحكام المستبدين والأنظمة القمعية والتوريثية وبالطبع ان هذه الإدانة تشمل ايضاً اي غزو واعتداء من جانب دول مجلس التعاون اومن جانب اي دولة أجنبية او إقليمية على شعب البحرين ونعتبر مثل هذا الغزو بانه إعلان حرب ضد الإنسانية وضد حقوق المواطنين ونطالب فورا باعتقال ومحاكمة كافة المشاركين والمنفذين لمثل هذه الجرائم لا سيما زعماء قبيلة ال سعود الهمجية والمتخلفة عقليا باعتبارهم مجرمي حرب وقتلة الشعوب، واذا أخفقت وتجاهلت المحاكم الدولية لاسيما المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة هؤلاء المجرمين في مدة لا تتجاوز 6 اشهر من الآن فمن حق كافة الشعوب التعاضد والتعاون والتحالف لإسقاط الأنظمة المستبدة بكافة السبل الثورية والطرق المتاحة وان من حق الجماهير إعلان الجهاد دفاعا عن الدين والشرف والعزة والكرامة.

 ومع هذا فإننا نعتقد من ان الحل السلمي لازال هو افضل الحلول العملية والمقبولة والأقل نفقة وخسارة للأزمات الراهنة في المنطقة، فبدلاً من استمرار المواجهات والدخول في صدامات دموية واستنزاف الطاقات البشرية والمادية اثر التمسك كل طرف بموقفه فإننا ندعو الأنظمة والشعوب في وقت ذاته الى القبول بإجراء استفتاء شعبي شامل تحت إشراف دولي واقعي وان تكون نتائجه نزيهة غير معرضة لاي تزوير او تدخل وتلاعب من اي طرف، وقطعاً ان في مثل هذه الحالة سوف نرى مدى مكانة حكام المنطقة في هذه الانتخابات او الاستفتاءات ومدى شعبية الجماهير وقادة معارضة الطغاة المستبدين وأنظمة التوريث.

 واننا نبشر كافة الشعوب بانتصارها الأكيد وفوزها المؤزر فهذه هي سنة الحياة التي يجب ان نعيشها بكرامة وشرف وفداء، ومن المتوقع بل من المؤكد ان الأنظمة المستبدة سوف لن ترضخ لمثل هذه الاستفتاءات ولن ترضى باي تغيير يؤدي قطعا سقوط عروشها وضياع مصالحها المادية والفئوية غير الشرعية.

 أنظمة المنطقة التي عجزت او بالادق تهربت وتخاذلت في مواجهة إسرائيل وساومت ورضخت وانبطحت لبيع أوطانها وهتك شرفها وانتقاص عزتها وتبذير عائداتها للأجانب ولم تدخل في اي حرب ضد المحتلين والناهبين لخيرات البلدان والشعوب وكانت ولازالت تفر كالنعام من ساحة اي مواجهة مع الأعداء الواقعيين ها هي هذه الأنظمة تستأسد وتصبح وحوشاً كاسرة أمام شعوبها وتفتك بها وتقتل خيرة المواطنين المظلومين ولا تسمح لابناء الشعب بحق الاعتراض والانتفاضة والنقد بل ترفض أيضا الاعتراف بأبسط حقوق الإنسان وتعارض المشاركة في الحكم لاي مواطن وربما لا تسمح له لاحقاً حتى بحق شرب الماء وتنفس الهواء!.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/آذار/2011 - 13/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م