درع الجزيرة يغرق في البحرين

كاظم فنجان الحمامي

كأي انتفاضة شعبية سلمية, خرج المتظاهرون في البحرين ليعبروا عن سخطهم على الأوضاع السلبية العامة, ويطالبوا حكومتهم بحقوقهم الضائعة, ويستردوا العدالة الإنسانية المفقودة, وانطلقوا على بركة الله أسوة بالمتظاهرين في ساحة التحرير في العراق, وميدان التحرير في مصر, وساحة التغيير في اليمن, خرجوا جميعا للبوح بمعارضتهم للدولة التي منحت للباكستانيين والهنود والسريلانكيين من الحقوق والمزايا ما لم تمنحه للمواطن البحريني, الذي نشأ وترعرع على هذه الجزيرة منذ قرون وقرون, وصارع الأهوال والمصاعب, وتحمل الويلات والكوارث والنكبات, وساهم في بناء الدولة البحرينية, ثم تأتي الدولة نفسها لتنسف تاريخه, وتصادر حقوقه كلها, وتفضل عليه الأجنبي لأسباب طائفية بحتة.

كان منظر قوات درع الجزيرة وهي تقتحم شوارع البحرين يثير الفزع في قلوب الناس, ويبعث على الخيبة والأسف, من كان يصدق أن جيوش درع الجزيرة جاءت بقوتها المفرطة لتتصدى للمظاهرات السلمية في هذه الجزيرة الصغيرة, وتحررها من سكانها الأصليين, ولتقضي عليهم وتجتثهم من الأرض, كانت العجلات والمصفحات والدبابات الحربية القادمة من السعودية والكويت وقطر والإمارات تحمل على ظهورها آلاف الجنود, وقد علت على وجوههم البسمة والرضا, وظهرت عليهم ملامح الفرح والارتياح, وكانوا يلوحون لعدسات المصورين بعلامات النصر المحسوم سلفا في مواجهة الشعب البحريني الأعزل.

غزو جديد يذكرنا بغزو الجيوش العراقية للكويت, وقوات مشفرة أيديولوجيا وعقائديا وطائفيا وعشائريا, معبئة بالكامل ضد الشعب البحريني, ظهرت على شاشات الفضائيات وكأنها ذاهبة في نزهة لصيد طيور الحبارى, في حين كانت عدسات قناة الجزيرة غائبة تماما عن ميدان اللؤلؤة, الذي يقع على بعد بضعة أمتار من الساحل المقابل لمقر القناة, التي لطالما تبجحت بأفكارها التحررية الثورية المؤمنة جدا جدا بسياسة التغيير, ولم تكن قناة (العربية) هي الأخرى حاضرة هنا, خصوصا بعد ان سجلت غيابا متعمدا, وأشاحت بوجهها عن البحرين وأهلها, وكأنها لا تريد أن تكون شاهدة على المجزرة, التي سترتكبها قوات درع الجزيرة في حربها المخجلة على الشعب البحريني, في ظل المباركة الفقهية والشرعية والسلوكية والإعلامية, التي تسلحت بها القوات الغازية قبل شروعها بالتحرك نحو البحرين لتسجل (انتصارها) العسكري الأول في هذه الحرب غير العادلة, وهي التي لم تنتصر من قبل على بعوضة.

بالأمس القريب كانت قناة العربية وأختها الجزيرة تسخر من لجوء النظام المصري للبغال والحمير والجمال في اجتياح ميدان التحرير وسط القاهرة, وتسخر من استعانة النظام التونسي بالبلطجية والسرسرية, وتستخف من لجوء النظام الليبي واستعانته بالمرتزقة الأفارقة في التصدي للشعب الليبي المنكوب, بينما تلوذ العربية والجزيرة بالصمت المطبق أمام الحشود العسكرية الجرارة, التي استعان بها النظام البحريني لبسط سيطرته على ميدان اللؤلؤة.

وبصرف النظر عن النتائج المخجلة لهذا الغزو الغاشم الذي قامت به قوات درع الجزيرة, فانها خسرت منذ الآن سمعتها العسكرية في هذه الخطوة الشنيعة, وفقدت هيبتها التعبوية, في هذه الحرب غير المتكافئة, ولن تكون النتائج في صالحها مهما بلغ تعدادها وتجهيزها وتدريبها وتأهيلها, لأن الشعب البحريني الذي آمن بشعار (هيهات منا الذلة) لن يكون لقمة سائغة في معدة أكباش درع الجزيرة, التي جاءت لتلقى حتفها عند مقتربات دوار اللؤلؤة, وسيتعامل معها الشعب البحريني مثلما تتعامل الشعوب الحرة الواعية مع الفلول العسكرية الغازية, وسيكون الخزي والعار حليف القوات المؤمنة بسفك الدماء البريئة, وستغرق قوات درع الجزيرة في مياه البحرين المتأججة بالثورة والغضب, وتفقد احترامها العسكري في المعايير الأخلاقية والأدبية والإنسانية.

حفظكم الله يا شعب البحرين من كيد الحاقدين, ومكر الماكرين, وظلم المعتدين, وتخبط المتهورين, ونصر الله البحرين بسنتها وشيعتها على كل معتّد أثيم...

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 16/آذار/2011 - 10/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م