الفيس بوك... من العالم الافتراضي الى تغيير الواقع

شبكة النبأ: يعتبر الانترنت من ابرز اختراعات القرن الماضي والذي انتشر بسرعة فائقة ليجعل من العالم قرية متناهية في الصغر وليزيد عدد المتصفحين للخدمات التي يقدمها الى مليارات البشر, ولعل من ابرز ما يقدمه الانترنت في هذا السياق هو خدمة التواصل الاجتماعي والتي يتربع على عرشها حالياً موقع (فيسبوك) بالاضافة الى مواقع اخرى مشابة كتويتر وماي سبيس وغيرها.

 لقد تحول موقع الفيسبوك الى ظاهرة اجتماعية في حياة الملايين ومصدر مهم من مصادر حياتهم الاجتماعية, يعودون اليه في جل قضاياهم حتى الصحية منهم, وقد اشارت دراسات عديدة الى ان التزام الناس بهذا الموقع اخذ يؤشر مراحل خطيرة قد تصل الى حد الهوس.

فيسبوك ومرحلة الهوس

تحول فيسبوك إلى سمة مشتركة لدى الجميع، في وقت قصير نسبيا، فالجميع الآن تقريبا لديه حساب على الموقع الاجتماعي الشهير، لكن السؤال الذي يطرحه الخبراء الآن هو هل وصل الناس إلى مرحلة الهوس بموقع فيسبوك"

ويرى مراقبون أن الحديث عن مرحلة الهوس مبكر قليلا بل مبالغ فيه، فالأرقام ما تزال تشير إلى أن مستخدمي الانترنت ليسوا جميعا أعضاء في الموقع، غير أن استطلاعا جديدا يشير إلى الاقتراب من مرحلة الخطر, ويظهر الاستطلاع أن واحدا من بين كل 13 شخصا حول العالم، وثلاثة من أصل أربعة أمريكيين هم أعضاء في موقع فيسبوك، كما أن واحدا بين كل 26 شخصا يدخلون إلى هذا الموقع على أساس يومي.

ويظهر تعلق الناس بهذا الموقع، بعد القلق الذي ساد أوساط مستخدمي الانترنت الأسبوع الماضي، بعد شائعة انفجرت على الشبكة، وزعمت أن الموقع سيغلق أبوابه يوم 15 مارس/آذار الجاري, وقالت الشائعة التي تداولها مستخدمون على نطاق واسع، إن الموقع سيغلق في ذلك التاريخ لأن رئيسه التنفيذي مارك زوكربيرغ "يريد العودة لحياته القديمة مرة أخرى،" ناقلين عنه قوله إنه يرغب في وضع حد لهذا الجنون. بحسب السي ان ان.

غير أن مدير الاتصالات في شركة فيسبوك لاري يو قال إن تلك الشائعات غير صحيحة، وأضاف في رسالة عبر البريد الإلكتروني ردا على سؤال حول إغلاق الموقع "الجواب هو لا، لذا يرجى مساعدتنا على وضع حد لهذا السخف", وأضاف "لم تصلنا مذكرة حول إغلاق الموقع وهناك الكثير للقيام به، ولذا فإننا سوف ننأى بعيدا عن هذه الشائعات كما هو الحال دائما".

في سياق متصل خلصت دراسة لأستاذة علم الاجتماع الأمريكي المشهور شيري تركل، وهي استاذ علم الاجتماع في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ترى أن إلى الطريقة المحمومة للناس في التواصل عبر الإنترنت من خلال شبكات التواصل الاجتماعي كـ "التويتر" و"الفيسبوك"، تعد شكلاً جديداً من أشكال الجنون الحديثة.

وتؤكد الدراسة التي صدرت في كتاب مؤخراً قولها بأن هذا السلوك الذي بات مقبولاً ونموذجياً يعبر عن مشكلة نفسية-اجتماعية, وتسبب كتاب تركل، الذي نشر في بريطانيا بضجة كبيرة في الولايات المتحدة، التي تشهد اقبالاً شديداً على شبكات التواصل الاجتماعية، وقد بات يشكل هاجساً أميركيا, وتقوم أطروحة تركل على فكرة بسيطة، وهي أن التكنولوجيا تهدد بأن تهيمن على حياتنا وتجعلنا أقل إنسانية، وأنه وتحت شعار "التواصل بشكل أفضل"، فإن هذه الشبكات تزيد من عزلة الناس، عبر ادماج في عالم افتراضي متخيل، وليس في عالم انساني حقيقي.

في سياق متصل فأن اكثر من نصف مستخدمي الانترنت الاميركيين يدخلون بشكل منتظم الى موقع فيسبوك، اي حوالى 132,5 مليون شخص، وفقا لدراسة نشرت نتائجها على الموقع الالكتروني المتخصص "اي ماركيتر", ويتوقع ان يتصفح نحو 57% من مستخدمي الانترنت الاميركيين موقع فيسبوك هذه السنة. وفي العام 2013، سترتفع هذه النسبة الى 62%. وعموما، اكثر من نصف الاميركيين البالغ عددهم 309 ملايين نسمة لديهم صفحة خاصة على تلك الشبكة الاجتماعية التي تضم اكثر من نصف مليار مشترك في العالم, وبحسب موقع "اي ماركيتر"، فإن 20 مليون راشد اميركي يستعملون بشكل منتظم خدمة المدونات الصغرى تويتر ومن المتوقع ان يرتفع عددهم الى 28 مليونا في العام 2013. بحسب فرانس برس.

الى ذلك اضاف موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) صفحات شخصية جديدة تعطي للصور مركز الصدارة مما يتيح للمستخدمين تسليط الضوء على الاصدقاء المهمين والخوض في تفاصيل أكثر عن وظائفهم, وكانت التغيرات السابقة التي طرأت على أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم قد تسببت في انتقادات في بعض الاحيان بشأن كيفية معالجة الشركة لقضايا الخصوصية مما أدى الى ردود فعل عارضة ضد فيسبوك.

وكتب جوش وايزمان مهندس برمجيات فيسبوك على مدونته قائلا ان التغيير سيجعل "من الاسهل بالنسبة لك أن تحكي قصتك وتعرف عن أصدقائك", وسيتوافر لمستخدمي الصفحة الشخصية الجديدة شريط من الصور في اعلى الصفحة بينما يحتفظ المستخدمون بالصور في مكان مخصص وفقا للنظام السابق, وترافق الصور الاكبر قوائم الاهتمامات الشخصية مثل البرامج التلفزيونية والفرق الرياضية المفضلة لتظهر سريعا على الشاشة.

ويمكن للمستخدمين أيضا وضع الاصدقاء في قوائم وفقا لنوع العلاقة مع امكانية جمع أفراد الاسرة وتسليط الضوء على أفضل الاصدقاء, وستجعل التغييرات من السهل على مستخدمي فيسبوك دمج التفاصيل المتعلقة بالعمل في صفحاتهم وهذا تحول عن استخدام الخدمة في الانشطة الاجتماعية الى حد كبير, وسيكون هناك مساحة أكبر للحصول على معلومات تتعلق بالوظيفة مثل المشاريع التي يقوم بها مستخدم معين, وتبرز هذه الخطوة امكانية تنافس فيسبوك مع (لينكد اين) وهو موقع للتواصل المهني يضم 85 مليون عضو, وقال وايزمان ان فيسبوك سيطرح التصميم الجديد تدريجيا على مدار العام المقبل وسيعطي المستخدمين خيارا للتحويل الفوري اذا رغبوا في ذلك. بحسب رويترز.

من جانبها ذكرت دراسة اجتماعية حديثة نُشرت مؤخراً أن مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في توتر العلاقات الزوجية وهي السبب وراء 20% من حالات الطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية, وعلق المحامي ألان مانتل رئيس الأكاديمية الأميركية لمحامي الشئون الزوجية في نيويورك على هذه الدراسة بقوله: "غوغل وفيس بوك وماي سبيس وتويتر تجعل من السهل إثبات خيانة شريك الحياة", وأوضح مانتل أن هذه المواقع لم تسبب في تغيير معدلات الطلاق نفسها ولكنها سهلت الكشف عن الخيانة وقال "الخيانة كانت موجودة دائماً", ووفقا لمانتل فإن واحدة من كل زيجتين تقريبا تنتهي بالطلاق, وكانت منظمة قضاة الطلاق قد أوضحت مؤخرا أن 66% من حالات "الخيانة الالكترونية" كانت من نصيب موقع فيس بوك مقابل 15% لموقع ماي سبيس و 5% لتويتر.

ويضعف الكثيرون، ومن بينهم شخصيات شهيرة أيضا، أمام فخ العلاقات الالكترونية، فقدت ذكرت وسائل الإعلام الأميركية مؤخرا أن الممثلة إيفا لونجريا إحدى نجمات مسلسل "زوجات بائسات" تقدمت بطلب للطلاق من زوجها لاعب كرة السلة توني باركر بعدما اكتشفت عن طريق الفيس بوك أن له صلة قوية بامرأة أخرى.

العبارات الأكثر استخداماً

على صعيد متصل اعلن "فيسبوك" الموقع الاجتماعي الأول عالمياً عن الاتجاهات السائدة لمستخدميه خلال عام 2010، وذلك بعيد إطلاق كل من موقع (تويتر) ومحرك البحث (غوغل) تقريراً مماثلاً يبين اتجاهات البحث الأولى لدى المستخدمين، وقام فيسبوك بهذه الدراسة عبر (236) بلداً، ومقارنة معدل استخدام كل جملة خلال العام 2010 مقارنة مع العام السابق 2009، حيث أظهرت الدراسة تزايداً كبيراً في الاستخدام سواء من حيث الكمية أو النسبة المئوية.

وتختلف تحديثات فيسبوك بشكل كبير عن تلك المستخدمة في موقع "تويتر"، كما أنها مختلفة بالتأكيد عن عبارات البحث في غوغل, وتضمنت قائمة فيسبوك بعض المفاجآت، حيث كانت الكلمة الأكثر شعبية خلال العام الحالي مصطلح (HMU)، وهي اختصار لعبارة (Hit Me Up)، والتي يقصد بها كلمني أو اكتب لي نصاً، وهذا الاصطلاح نادراً ما كان يستخدم في العام 2009, ووفقاً لموقع فيسبوك، فإن هذا المصطلح انتشر بشكل متزايد خلال النصف الأول من عام 2010، ليصل إلى (80000) استخدام يومياً بحلول نهاية الصيف، وبعد انقضاء العطلة الصيفية أصبح هذا المصطلح شائعاً لدى كثير من المستخدمين خلال عطلة نهاية الأسبوع, وفي الوقت التي كانت فيها العبارات الأكثر شعبية على غوغل وتويتر هي نهائيات كأس العالم 2010 وزلزال هايتي وعمال المناجم في تشيلي وجهاز الآي باد والآي فون وغيرها، فإن مستخدمي فيسبوك تحدثوا بالإضافة لذلك عن الأفلام بشكل عام والطائرات، والألعاب على فيسبوك.

وكان موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" نشر قائمة بأفضل (10) مواضيع أثارت اهتمام مستخدميه حول العالم خلال العام الحالي، كان من بينها كأس العالم لكرة القدم، وهاري بوتر، وتسرب النفط في خليج المكسيك، وأخطبوط بول، وجهاز الآي باد من آبل.

برنامج لحالتك الاجتماعية

من جهة اخرى اعلن عن اطلاق تطبيق جديد على موقع فيسبوك الاجتماعي يسمح لمستخدميه بمراقبة "الحالة الاجتماعية" لأصدقاء معينين، فإذا تغيرت تلك الحالة، يتم إرسال بريد إلكتروني لإعلام المستخدم بذلك, التطبيق الجديد، الذي يحمل اسم Facebook Breakup Notifier، يقوم على الشعار التالي: "إذا كنت تحب شخصا ما، وكان مرتبطا، كن أول من يعرف عند انتهاء تلك العلاقة. بحسب السي ان ان.

ان الحالة الاجتماعية على فيسبوك قد تتغير من "مرتبط" إلى أعزب"، مما يفتح المجال أمام المستخدم للتقرب ممن يحب، وقد تكون خطوة أمام بدء علاقة جديدة وجدية, وقد قام دان لوينهيرز بتطوير هذا البرنامج، الذي يصفه البعض بالبرنامج "المطارد"، إلا أن عددا آخر من الناس يرى أن مثل هذه البرامج الاجتماعية تساعد في بناء علاقات سعيدة وطويلة الأمد بين مستخدمي هذه المواقع.

يقول مارتن برايانت (صاحب مدونة) "قد يكون هذا الأمر مخيفا بعض الشيء، إلا أنني أرى له مستقبلا واعداً, وإذا كان أي منا قلقا بشأن المطاردين المجانين على مثل هذه المواقع الاجتماعية، فعلينا الحذر ممن نختارهم كأصدقاء لنا", بشكل عام يمكن استخدام هذا البرنامج بين الأصدقاء المقربين، للاطمئنان على علاقاتهم الشخصية.

الابنة الضائعة

على صعيد متصل تمكن متشرد أمريكي من الاجتماع من جديد بابنته التي انقطعت صلته بها منذ سنوات، وذلك بفضل موقع "تويتر" وبرنامج خيري مخصص لنقل تجارب المشردين إلى الناس من خلال التعليقات النصية القصيرة على الموقع.

فقد تمكن دانيال موراليس، 57 عاماً، وهو أحد المتشردين الذين يقطنون شوارع نيويورك، من الانضمام إلى قائمة مستخدمي موقع "تويتر" بفضل مشروع لوكالة "أندرهيرد" الخيرية، التي رغبت بأن تساهم كتابات موراليس في تعريف الناس بتفاصيل الحياة اليومية والمصاعب التي يعيشها المتشردون, وكان لموراليس أسلوب جميل في عرض أفكاره وما يتعرض له، فسجلت صفحته أكثر من ثلاثة آلاف متابع خلال أيام قليلة.

وبعد فترة، أدرك خلالها موراليس أهمية الوسيلة التكنولوجية التي بين يديه، فقرر أن يستخدمها للبحث عن ابنته التي لم يرها منذ أكثر من 11 سنة, وكتب موراليس معبرة، ولكنها مليئة بالأخطاء الإملائية، جاء فيها "مرحباً أريد أن أقول لكم أنني أبحث عن ابنتي، اسمها سارة ماريفيرا", وقام موراليس بوضع صورة ابنته إلى جانب التعليق الذي كتبه، والذي انتشر مثل النار في الهشيم على تويتر,وفي اليوم التالي وصلت الرسالة عن طريق الصدفة إلى سارة، التي قامت بالفعل بالاتصال بوالدها، واتفقا على أول لقاء بينهما منذ أكثر من عقد, وقالت وكالة "أندرهيرد" الخيرية إن المشروع لم يكن يهدف إلى لم شمل عائلات فرقها الزمن، ولكن هذه النتيجة التي تحققت بالصدفة جعلت جميع العاملين يشعرون بالسرور الكبير. بحسب السي ان ان.

الى ذلك في مسح أجرته "مؤسسة البحوث الوطنية" في الولايات المتحدة الأمريكية، أن المزيد من المرضى يتجهون إلى الشبكات الاجتماعية، بهدف الحصول على معلومات تتعلق بالصحة, وفي الاستبيان الذي شارك فيه نحو 23 ألف شخص، قال 41 في المائة منهم أنهم يلجأون للإعلام الاجتماعي كمصدر لمعلومات تتعلق بالرعاية الصحية.

وأجمع معظمهم، 94 في المائة، أن الموقع الاجتماعي الشهير، فيسبوك، هو الوجهة أو الخيار الأفضل للحصول على مثل هذه المعلومات، وبفارق شاسع تلاه موقع "يوتيوب" لعرض أفلام الفيديو، بنسبة بلغت 32 في المائة, وذكر بقية المشاركين - 18 في المائة - أن موقعي "ماي سبيس" و"توتير" هما مقصدهما المفضل للبحث عن المعلومات, ورجح واحد من بين كل أربعة مشاركين أن تكون لهذه المواقع الاجتماعية تأثير "كبير للغاية" أو "مرجح" حيال قراراتهم المتعلقة بالصحة مستقبلاً. بحسب السي ان ان.

وأظهرت عينة المسح أن الباحثين عن معلومات صحية في الإنترنت غالباً في العقد الرابع من العمر في المتوسط، وأن من يتقاضون راتباً يصل إلى 75 ألف دولار سنوياً، هم الأكثر احتمالا لاستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لإيجاد معلومة تتعلق بالصحة، من الأسر التي تكسب أقل,

وجدت دراسة استقصائية أخرى هذا الأسبوع أن واحد من كل أربعة من مستخدمي الإنترنت من يعانون من مرض مزمن لجأ إلى الإنترنت بحثاً عن حالات صحية مماثلة.

وقالت سوزانا فوكس، واضعة التقرير الذي أعده مشروع بو للإنترت وحياة الأمريكيين "الانترنت مكن الناس من مساعدة بعضها البعض بطريقة لم تكن متاحة من قبل", ويشار إلى أن موقع "فيسبوك" تحول إلى سمة مشتركة لدى الجميع، في وقت قصير نسبياً، فالجميع الآن تقريباً لديه حساب على الموقع الاجتماعي الشهير، ما دفع الخبراء الآن للتساؤل هل وصل الناس إلى مرحلة الهوس بموقع فيسبوك؟"

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/آذار/2011 - 9/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م