ازدواجية الجنسية والحماية الخارجية

عبد الكريم ابراهيم

اجاز الدستور العراقي الجديد ازدواجية الجنسية، ما جعل بعض المسؤولين يستغلون هذه الفقرة الدستورية من اجل توفير حماية وغطاء لهم من المسائلة القانونية، وبالتالي هؤلاء بمنأى عن سلطة القانون في حالة اقترافهم مخالفة ما كالفساد الاداري.

وهنا تعد الجنسية الثانية هي الحصانة التي وفرت ملاذا لبعض السراق، في الهروب الى الدولة الحامية، حاملين معهم مليارات الدولارات من اموال الشعب العراقي.

 هذا الامر دفع العقلاء الى التفكير في ايجاد تشريع قوانين جديدة من اجل حماية ثروة العراقيين من النهب المشرعن، ولعل اولها هو اسقاط الجنسية الثانية عن كل مسؤول يحمل درجة خاصة فصعودا.

مثل هذا التشريع يكشف اشياء كثيرة منها: هل بعض الذين يدعون الوطنية قادرين على اعطاء درس في الضمانات الحقيقية للمواطن ووضوح صورة المسؤول وعدم تأرجحه بين هذا وذلك، وايضا يعد هذا الامر خلق نوع من المشاركة بين جميع الاطراف ويقلل الفوارق الطبقية التي زرعت عبر الامتيازات الكثيرة، والتي تحاول الحكومة الان تداركها واصلاحها بعد موجة الاحتجاجات الاخيرة.

مشكلة ازدواجية الجنسية بالرغم من كونها سمة من سمات العراق الديمقراطي الجديد، ولكنها في ذات الوقت ولدت نوعا من الحساسية في مسألة مواطنة الداخل والخارج، واستحواذ الطرف الاخير على اغلب المكاسب الحكومية، هذا الامر ولد نفورا من قبل مواطني الداخل الذين عاشوا الحرمان والاضطهاد والمطاردة والحصار، ولا يعني ابخاس الدور الذي قام به عراقيو الخارج الذي اختاروا هذا الوضع بعيد اعن اختيارهم، فبعض هؤلاء عملوا على اسقاط النظام السابق بكل ما اوتوا من قوة وجهد.

عدم تميز طرف على غيره هي الحقيقة العراق اليوم ؛ لان كل الاطراف وقع عليها حيف وقسوة النظام، وتخلي بعض المسؤولين عن جنسيتهم الثانية يردم الهوة ويزيد من اواصر الثقة المفقودة التي اوجدها بعض من استغل قانون الجنسية المزدوجة بصورة سيئة، ماجعل بعض المؤسسات الحكومية منها هيئة النزاهة عاجزة عن اداء واجبها في المحافظة على اموال الشعب العراقي.

تشريع قانون اسقاط الجنسية غير العراقية عن مسؤولي الدولة العراقية هو الضمان الحقيقي لعدم تكرار التجربة السابقة بالرغم ان بعضهم فعل هذا الامر طواعية، لكن ايجاد مثل هذا التشريع يعد التوازن والثقة ويعزز النهج الديمقراطي الجديد القائم على الاختيار والمشاركة بين المواطن والمسؤول.

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/آذار/2011 - 27/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م