|
تسارع عجلة الأحداث التي يقودها الشباب وكما جاءت نتائجها في مصر
وتونس جعلت من الساسة غير قادرين على المواجهة في عصر أصبح فيه قياس
الزمن مهماً بعد أن صار لجزء من المليون ثانية قيمة في عالم
التكنولوجيا!.
قبل أكثر من ثلاثين سنة وحين كانت النظريات الرياضية لتقنيات «النانو»
تدرس في الجامعة، أتذكر جيدا النقاش الذي دار مع دكتور المادة حول
التغييرات وثورات التكنولوجيا المتسارعة المؤثرة في حياة شعوب العالم
اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.
المواقع الالكترونية التي تهتم بالروابط الاجتماعية بين شعوب
العالم تلعب دورا مهما في تجسيد المبادئ الغربية في الحرية والمساواة،
وسوف تستمر في الانتشار عبر العالم حتى تنهي معظم القوى المسيطرة
والمستبدة لترتقي شعوب العالم نحو ديمقراطيات متطورة، ولعل في القريب
العاجل سوف تصل ثورات «الدوت كوم» ذروتها بعد أن انتهت الحروب ضد
الارهاب الدولي!.
ومن وجهة نظري أن القرن الحالي مضى منه جيل كامل ويقف على أعتاب جيل
جديد، ومنذ أحداث 11 سبتمبر التي أرهقت الكثير من ميزانيات الدول في
حروبها ضد الارهاب، انفرز جيل مرهق يعاني من اضطرابات عدم الاستقرار
السياسي في المنطقة ما بين قبوله للقيم الديمقراطية الحضارية وتعاطفه
مع الأصولية الاسلامية.
هذا الجيل الذي ضاع ما بين شدة انبهاره بفلسفة «أليكسيس دي
توكوفيل» ومبدأ الديمقراطية الحديثة في نسختها العلمانية وشدة تعاطفه
مع أسامة بن لادن الارهابي الذي أركع قوى الرأسمالية، فهو الناتج
المشوش لمفهوم «صدام الحضارات» لتبقى الفوارق الثقافية والاجتماعية على
حالها والتطرف الطائفي أيضا لعب دورا كبيرا في رفع مستوى التشويش لدى
الجيل الحالي، ولعدم قدرته على فهم لعبة السياسيين البرجوازيين، فثار
غاضبا لا يريد إلا الانتقال بسرعة فائقة تعادل سرعة تعاطيه اليومي مع
تلك المواقع الالكترونية، متحديا سلطة القانون ومتآلفا مع قوة الجيش
فهو من جانب يحمل وحشية التشويش والاحتقان، وقد ينقلب إلى وحش كاسر
يلحق بالمرافق العامة الخراب والدمار.
ومن جانب آخر فهو يحمل في داخله براءة الديمقراطية وحرية التعبير
ليعود صافي الذهن بعد أن يتخلص من التشويش الفكري!.
اليقظة مطلوبة، وفي مقالات سابقة تطرقنا كثيرا لاعداد دراسات
واستراتيجيات متقدمة لمواكبة تطلعات المجتمع الشبابي في زمن تتسارع فيه
التكنولوجيا بسرعة تفوق التفكير العقلي لاتخاذ القرار! فيا أصحاب
القرار، هل أنتم متيقظون؟!.
www.aldaronline.com |
