أجندة الديمقراطية ولائحة الأنظمة العربية

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: حملت الاحتجاجات في بعض البلدان العربية رسالة مضمونها أن الركود السياسي والصبر على النظام الفاسد وتردي الاوضاع المعيشية هو سبب الانقلاب على السلطة في وقت يتطلع العالم الى حرية التعبير وابداء الرأي في طبيعة حكم النظام السياسي، في وقت تعرب فيه الشعوب عن أملها في قيام دولة للقانون تعمل في أطار الشفافية والخلاص من الفساد الذي ينهش بجسد الدولة.

وتواجه الشوب العربية اليوم رهانات كبيرة واستعدادات للدخول في ركب الديمقراطية وصنعها،  بعد ان تجاوزت أزمة الركود السياسي الجماهيري، لتحتج على النظم السياسية التي تكبح الحريات.

الشرق الاوسط يعيش في حالة ركود سياسي منذ عشرات السنين  يقابله استياء شعبي نتيجة القهر والاستعباد، ونجد تونس ومصر...، فان صدى الدعوات التي ناشدت بإطلاق الحريات وتحقيق سبل العيش أخذت أثرها في مسامع الشعوب.

ان ما جرى في بعض البلدان العربية فتح الباب للوصول إلى نتائج أكثر إيجابية وأقرب إلى الديمقراطية. فان النظم السياسية الفاسدة، زرعت هاجس الخوف في قلوب الحكام من اثر التظاهر وبالتالي اذا استمرت هذه الاحتجاجات بتأييد شعبي ستعمل على تسارع تهاوي وسقوط هذه الأنظمة. فان المظاهرات أصبحت امراً ضرورياً، إذ يقول السياسي البريطاني والوزير السابق توني بن، أن المظاهرات أمر حيوي لازدهار الديمقراطية وبدونها يتكرس الظلم ولا يجد من يعترض عليه وهو ما يجعل الناس تفقد الثقة في العملية الديمقراطية برمتها.

ان مقابلة الاحتجاجات بالاعتقالات وتبرير السياسيين فشلهم أمر سيء. مما ينبغي التعامل مع هذه الاحتجاجات على انها وعي جماهيري لا يتجزأ من الحراك السياسي في المجتمعات الديمقراطية.

اليوم اخذت الاحتجاجات تدب في بعض شوارع البلدان العربية ففي مصر رغم اختلاف طبيعة الظروف عن تونس التي قامت على أكتاف الشباب الذين تعاطوا جرعة جيدة من التعليم الحكومي، إلا ان مصر أغفلت او تعمدت تجاهل الجانب التعليمي على مدار عقود. وبعض المحللين يعزون ذلك إلى حسابات مدروسة من جانب الرئيس مبارك.

اما الجانب العسكري، ففي تونس أحتج الجيش على اطلاق النار على المتظاهرين. لكن في مصر نرى عكس ذلك تماما. وهذا ما استند عليه الساسة في مصر حيث قالوا ان الحكومة المصرية أقوى من الحكومة التونسية، وبالتالي أرعب ذلك الشعب بسبب الاعتقالات الواسعة التي يقوم بها النظام المصري.

اما الجانب الايجابي الذي يصب في مصلحة الجماهير في مصر هو وجود تجمع للمعارضة الشعبية المتمثلة بالإخوان المسلمين الذي تنصلوا بدورهم عن مساندة الجماهير واختصار حراك الاخوان على البيانات فقط. رغم  اعتقال اكثر من 120 من أعضائها.

اما في حالة انعكاس او تراجع المظاهرات الشعبية، يقول محللون سياسيون في رويترز توجد هناك احتمالات تقودها أسبابا متعددة قد تمنع من تطور الامور في مصر.

ان حلفاء مصر من الغربيين من الارجح ان يرغبوا في تجنب تفاقم عدم اليقين السياسي في البلاد البالغ عدد سكانها 80 مليون نسمة بالتخلي عن مبارك. وبالنسبة لواشنطن فان علاقة مصر السلمية مع اسرائيل هي احدى ركائز الاستقرار في منطقة تعاني من الاضطرابات ليس فقط بسبب الاحداث في تونس وانما أيضا نتيجة سيطرة حزب الله على السلطة في لبنان.

وعلى الرغم من ذلك حينما طلب من روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الابيض تقديم دعم صريح لمبارك اكتفى بقوله ان مصر لا تزال حليفة وثيقة ومهمة.

ويتمتع المصريون بحرية انتقاد زعمائهم بدرجة أكبر من تلك التي تمتع بها التونسيون الذين كانوا يتظاهرون ضد واحدة من أشد الدول البوليسية صرامة في العالم وصاحبة أحد أسوأ السجلات فيما يتعلق بحرية التعبير.

وقال المتخصص في استشارات المخاطر بمؤسسة (جي.دي.بي) للاستشارات "جيف بورتر" سمح مبارك بحد أدنى من أصوات المعارضة داخل الحكومة او المجتمع المدني وهذا قسم المعارضة فعليا.

النشاط السياسي في مصر ضعيف. وتشير تقديرات الى أن خمس سكانها يعيشون تحت خط الفقر وهذا جعلهم أقل ميلا للتظاهر والمجازفة بفقد القليل الذي يملكونه.

ربما توجد خشية من تداعيات اثر الانقلاب على السلطة التي ربما تأتي بموجة اعتقالات ومعاملة المحتجين بقسوة، هنا ينبغي على الرأي العام العالمي الدفاع عن الحراك الشعبي إذا ما برز. ودعم الديمقراطية في العالم العربي فيما اذا كانت الشعوب العربية جاهزة لتلقي جرعة أكبر من الديمقراطية، لا نعلم إلى أي حد ستجتهد النخب السياسية في الاقتراب من الشعوب وفي أن تكون صوته باعتبار أن من أسباب ثورة تونس هو عمق الهوة بين النخبة السياسية الحاكمة ومكونات المجتمع.

إن الخروج من الأزمة الراهنة يتم عبر الحوار الهادئ والمعمق بين الحكومات وبين القوى المعارضة، بما يضمن الوصول إلى نظام ديمقراطي تعددي عبر انتخابات حرة.

وعلى القوى الشعبية ان تتحمل المسؤولية، وان تلتزم بالقوانين الديمقراطية. وان الوقت مناسب لإجراء مفاوضات مع هذه الانظمة وخصوصا انها لا تتحمل مواصلة الضغوط التي تقوم بها القوى الشعبية والحرص على ان لا يكون هناك مزيدا من الفرقة والتقسيم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/كانون الثاني/2011 - 24/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م