زعماء حجمهم بالمليارات ووزنهم من ذهب!

بقلم خليل الفائزي

من الأمور الهامة التي فضحتها انتفاضة الشعب التونسي بطردها وإسقاطها للدكتاتور زين العابدين بن علي هي حقيقة نهب حكام وزعماء غالبية الدول العربية والإسلامية لأموال الشعوب خاصة وان الأنباء تحدثت عن قيام بن علي بنهب اكثر من 6 مليار يورو وفي تقارير اخرى 10 مليارات يورو وان زوجته ليلى الطرابلسي فرت حاملة معها طناً ونصف الطن من المجوهرات والذهب على شكل سبائك

 ومن السخرية في هذا الصدد ان نظام الملك عبد الله الذي سمح لطاغية مثله رحب باستضافة بن علي خلافاً لإرادة الشعب التونسي ومنحه حق البقاء والنشاط في جدة وان الدكتاتور التونسي المخلوع أول ما قام به هو ذهابه لحج العمرة وارتداءه الثياب البيضاء تصورا منه انه يستطيع تطهير نفسه من الذنوب التي اقترفها والجرائم البشعة التي قام بها ضد الشعب التونسي ونهبه للأموال العامة طيلة الـ 23 عاماً التي حكمها هذا الدكتاتور في حين ان عذابه عند الله والشعب عسير جدا ولا يقبل الصمت والمساومة خاصة وان التقارير التي نشرت مؤخرا تشير الى انه اصدر قبل هروبه المذل قرار بتفخيخ اكثر من 800 سيارة لتفجيرها بين المواطنين العزل في المدن التونسية وانه استخدم ألف قناص مرتزق من دول صديقة ومؤيدة له مثل نظام القذافي لقتل الناس وبالتالي التوسل لابن علي للعودة لتونس فاتحا من جديد لحفظ الأمن والأمان والاستمرار بنهب أموال الشعب.

وكان الرئيس المخلوع قد امر ايضا قادة الجيش والقوات المسلحة بإطلاق النار وقتل المزيد من أبناء تونس الأبرار كما تفعل قوى الأمن والحرس الجمهوري حاليا الا ان قادة الجيش رفضوا هذه الأمر ووافقوا على هروب بن علي مع أمواله وسبائك الذهب والمجوهرات، ويا حبذا كان قادة الجيش قد خلصوا شعب تونس من هذا المستبد والناهب لاموال الشعب بطلقة لا يزيد ثمنها عن درهم او دينار واحد، ونتمنى ومعنا كافة الشعوب الحرة وليس الذين في أجسادهم عقول حمير وقلوب جرذان ان على كافة قادة القوات المسلحة في الدول التي زعماؤها من الناهبين واللصوص والمستبدين ان يقوموا بمثل هذه الأعمال البطولية ليخلصوا شعوبهم من هؤلاء الزعماء العملاء والخونة وهذا العمل لا يكلفهم سوى عدة طلقات رصاص وقطعا ان أجرهم عند الله وخلقة لا يقدر بثمن وما الحياة الدنيا الا تضحية وفداء.

 ومع هذا فان هروب الحكام المستبدين بكل هذه الأموال والمجوهرات والذهب والإثراء غير المشروع لبن علي ومن على شاكلته من الزعماء المفروضين على الشعوب يطرح هذا السؤال يا ترى هل ان جميع هؤلاء الحكام لهم أموال طائلة في حسابات سرية وعلنية في دول غربية ويا ترى لماذا لا توجد حتى الان محكمة او سلطة قضائية او بوليسية دولية تلاحق هؤلاء وتوجه لهم تهمة نهب ثروات الشعوب وليس الادعاء فقط مثلا بتجميد جزء ضئيل من أرصدتهم المالية في بعض البنوك خاصة وان لدينا الان مثلاً محكمة دولية تحاكم مجرمي الحروب وهناك شرطة دولية باسم (الانتربول) تعتقل القتلة والمجرمين وحتى المسئولين السياسيين في حالة ارتكابهم لجرائم حرب في بلدانهم والهروب الى دولة أخرى.

 ويا ترى ماذا يستفيد الناس إذا هرب الحاكم الدكتاتور بأموال طائلة واحتمال تآمره مرات ومرات على حقوق الشعب ومن هنا لابد من اعتقال هؤلاء المجرمين ومصادرة أموالهم وأموال ذويهم وأقاربهم اذا كانوا نهبوها من المال العام، وعليه نطالب ومعنا الكثير من أبناء الشعوب من الأوساط الدولية خاصة منظمة الأمم المتحدة بتأسيس محكمة دولية او شرطة قضائية لملاحقة الحكام والمسئولين الذين ينهبون أموال شعوبهم ويلوذون بالهروب كالصيصان والخفافيش مع اول صرخة اعتراض تنطلق ضدهم مما يثبت للجميع ان هؤلاء مرتزقة وعملاء وخونة ليس الا ولا شجاعة ولا نبل لهم لان ربان السفينة اذا كانت معرضة للغرق او للخطر يبقى فيها لآخر لحظة وقائد الجيش لا يفر من ساحة المعركة حتى في حالة انهزام قواته ومن الأفضل له الانتحار بدلا من الفرار، الا ان معظم حكامنا وزعمائنا مخنثون وجبناء ولا يهمهم سوى إنقاذ أنفسهم والهروب بأكياس محملة بالأموال والذهب كما فعل الرئيس الهارب والجبان بن علي الذي تمكن من مغادرة البلاد بتآمر أكيد من نظام القذافي على حقوق الشعب التونسي.

 وتعتقد العديد من السفارات العربية والأوروبية في تونس أن الأجهزة الأمنية الليبية لعبت دورا بارزا في تهريب بن علي وشحن المجوهرات والأموال التي سرقها من قوت الشعب. ويعزز هذا الادعاء كلام معمر القذافي الذي قال: إنه يقف بقوة الى جانب نظام بن علي مهما فعل ومهما حصل.

اما بشأن نهب أموال الشعوب والإثراء غير المشروع فقد كشفت التقارير الإعلامية مؤخراً من ان رئيس جمهورية السودان هذا البلد الفقير والمحروم والذي تنتشر فيه المجاعة والكوارث حيث اكدت تقارير رسمية "أن رصيد حساب الرئيس عمر البشير بدأ يزداد بشكل كبير خاصة بعد تدفق البترول في السودان وتصديره، ويزداد كلما زادت مبيعاته وارتفع سعره في السوق العالمي"،، وأكد "أن حديث مدعي المحكمة الدولية مورينو أوكامبو في التسريبات التي نشرها موقع ويكيليس كان صحيحاً مائة بالمائة لأن المبالغ التي ذكرها موجودة بالفعل في بنك لويدز الخاص بسويسرا وليس في لندن".

والجدير ذكره في هذا الصدد أن زعيم النظام الحاكم في السودان كان يضع مبلغ يتراوح ما بين 17 إلى 25 مليون دولار في حسابه الخاص الذي قام بتسجيل حسابه الخاص في (بنك لويدز الخاص) باسمه بدلاً عن (الرقم) تحوطاً لما قد يحدث بعد انفصال جنوب السودان وجميع الأدلة تؤكد ان عمر البشير الذي كنا نعتقد انه رئيس شحاذ ومحروم يملك 9 مليارات في حسابات سرية في سويسرا و3 مليارات أخرى في حساب سري اخر في لندن، هذا ما يخص الرئيس المفروض على السودان الفقير فما بالك عن حجم ثراء زعماء الدول الغنية خاصة النفطية منها؟

ما يتعلق بحكام الدول النفطية فالكلام لا حدود له ولا نطاق لان معظم هؤلاء هم اكبر وابرز اللصوص وسراق أموال الشعوب حيث ذكرت التقارير الدولية الرسمية في هذا السياق: صنّفت صحيفة بريطانية أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والملك عبد الله على لائحتها للعام المنصرم للشخصيات الأكثر نفوذاً ماليا في العالم. وقالت (إيفننغ ستاندارد) إن أمير قطر الشيخ حمد والملك عبد الله أُضيفا إلى لائحة أكثر 100 شخصية نفوذاً ماليا نتيجة استثماراتهما الواسعة في قطاع العقارات والفنادق والشركات وحتى النوادي الليلية في العديد من دول العالم. واضافت التقارير: إن أمير قطر الذي نهب أموال دولة قطر وخيرات شعوب دول أخرى اشترى قبل فترة مخازن هارودز الشهيرة في لندن بمبلغ 2,4 مليار دولار، وأبدى رغبته بشراء مزاد كريستي ويملك ثكنات تشيلسي، وله تعاون وارتباطات تجارية مع شركات وشخصيات صهيونية وماسونية، وأصدرت ميريل ليتش تقريراً أشارت فيه أن السنة الماضية كانت رائعة بالنسبة إلى الأثرياء العرب، حيث وصل عددهم في دولة الإمارات لوحدها 72 ملياردير وفي عام 2009 صاروا يملكون ثروة إجمالية تقدر بـ 485 مليار دولار أما أثرياء الشرق الأوسط فإن عددهم بالإجمال يبلغ 123 ملياردير يملكون ثروة تقدر بـ 5 ترليون دولار (الترليون هو ألف مليار، والمليار هوألف مليون) ومن جهة أخرى أصدرت "إنفورميشن تكنولوجي ببلشينغ" قائمة أثرياء العرب في الدول النفطية، بلغ حجم ثروتهم 357 مليار دولار، ونشرت مجلة «فوربس» المتخصصة في تقييم الثروات تقريرا عن ثروات الملوك والرؤساء ومن بينهم ما يطلق عليهم أمراء دول نفطية، تحت عنوان: «ثروات الملوك والأمراء». وتصدر القائمة الأمير السعودي الأجلف الوليد بن طلال آل سعود، وقدرت ثروته بـ28 مليار دولار، والملك عبد الله بن عبد العزيز تقدر ثروته بحوالي 39 مليار دولار، وفي المرتبة الثالثة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي، وتقدر بنحو26 مليار دولار، بينما قدرت السنة الماضية ثروة الملك محمد السادس بما قيمته 5 مليارات دولار وهو على الظاهر أفقر الزعماء العرب او هكذا جعلونا نعتقد ونتصور.

وانضمت صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية إلى قائمة البحث والتنقيب عن ثروات الحكام العرب، ليتبين أن ملك الأردن الشاب وناهب الحكم زورا وبهتانا يمتلك 17 مليار دولار، فيما ترك رئيس الوزراء اللبناني المغدور به رفيق الحريري لورثته ثروة من خلال النهب والنصب في لبنان ودول عربية قوامها 21 مليار دولار ورئيس دولة عربية أخرى فيملك 8 مليارات دولار الى جانب اكثر من 60 ألف أمير سعودي نصبوا أنفسهم أمراء أجلاف بأوامر من بريطانيا أمريكا يملكون ثروات لا تحصى نهبوها ما مال المواطنين في بلاد شبه الجزيرة في حين يعيش أهالي منطقة الأحساء الغنية بالنفط في أوضاع أسوأ من أوضاع القاطنين في اي دولة فقيرة.

والأكثر استغراباً في هذا السياق ان زعيماً مثل حسني مبارك يحكم بلداً أفضل وأغلى وجبة طعام فيه هي الطعمية والفول وهناك عشرات الملايين من المحرومين والفقراء الذين لا يملكون حتى لقمة العيش الكريم، يملك (حسني مبارك) في حسابه الخاص في سويسرا 10 مليارات دولار ونجله علاء يملك حسابا خاصا تبلغ ثروته 3 مليارات دولار. كل هذا بالطبع من خلال نهب أموال وخيرات بلد عريق وغني بالخيرات مثل مصر والعمالة للأجانب.

مقابل عمليات نهب أموال الشعوب من قبل معظم زعماء وحكام الدول العربية والإسلامية نسمع ونقرأ تقاريراً تثير السخرية والاستهزاء وربما تطرح للتغطية على عمليات نهب الأموال العامة بواسطة حكام وزعماء بالأحرى نطرح عليهم أسماء تليق بهم مثل السراق والناهبين واللصوص وخائني الأمانات، ومن هذه التقارير ما نشر مؤخراً عن الزعيم الليبي القذافي هذا الخبر: إزالة صور القائد معمر القذافي من بعض الشوارع الرئيسية في المدن الليبية لان القائد يريد أن يكون مواطن ليبي مثل عامة الشعب وإن معمر القذافي هو الزعيم الوحيد الذي يسكن في خيمة ولا يملك منزل ولا يملك سيارة ولا يملك رقم حساب مصرفي داخل أو خارج ليبيا!

بالطبع مثل هذه الأخبار والتقارير التي تثير السخرية والاستهزاء وتطرح للتغطية على حقائق الزعماء ناهبي ثروات الشعوب لان القذافي وكما اعترف في حادثة طائرة لوكربي التي قتل فيها اكثر من 200 إنسان مدني برئ انه دفع من حسابه الخاص 3 مليارات دولار تعويضات لاسر ضحايا هذا الحادث بعد 10 أعوام من الحصار الظالم والضغط الأمريكي على الشعب الليبي ولأنجال القذافي ايضا حسابات مالية في دول أوروبية تقدر بمليارات دولار.

 ونسمع تقريرا آخرا يتحدث عن زعيم دولة في المنطقة من انه لا يملك مالاً خاصاً لشراء دراجة هوائية لاحد أبنائه اوانه ينفق ثلثي راتبه الشهري على المحرومين والفقراء وانه يقوم بهذا العمل سراً حتى لا يضيع ثوابه واجره عند الله!. ورئيس آخر يزعم من ان راتبه الشهري لا يتجاوز 400 او500 دولار ولكن نسمع من جهة أخرى انه ينفق الملايين على أنصاره وحاشيته وفي سبيل شراء الضمائر والأقلام المأجورة وان مستشاريه ومساعديه وقادته العسكريين هم أغنى حتى من الأمراء الأجلاف في الدول النفطية وكل ذلك من خلال عمليات الإثراء غير المشروع ونهب أموال وخيرات الشعوب وقطعا ان أمثال هؤلاء الحاكم لديهم حسابات وليس حساب واحد في المصارف الأجنبية فيها مليارات دولار نهبوها من أموال الشعب وسرقوها من أفواه المحرومين لكنزها ذهباً ومجوهرات في بنوك العالم ونحن نبشرهم ونبشر كل الذين على شاكلتهم بعذاب أليم على يد الشعوب الثائرة والمنتفضة كما حدث في تونس التي بدلت صفتها من الخضراء الى حمراء بلون دم الشهداء وان هذه الأنظمة سوف تحتضر وسنتدثر في مزبلة التاريخ مهما طال الزمن وأمهلتهم الشعوب من فرص وهذه هي إرادة الخالق وقدرته التي لا تبديل ولا تغيير فيها مهما خدعوا الرأي العام ومهما حاول المستبدون وسارقو أموال الشعوب إيقاف حركة وانتفاضة الجماهير او تأخيرها لفترة قصيرة من الزمن.

* كاتب وإعلامي-السويد

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/كانون الثاني/2011 - 17/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م