لجم الحريات ودروع المستبدين... تونس درساً قاسياً

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: سكنت ثورة الياسمين القلوب وصدحت الحناجر، وأجمع الرأي العام على الإشادة بالثورة واحتج على صمت الدول التي تلجم الحريات، فبعد ان تمكن الشعب التونسي من الإطاحة ببن علي واجباره على التنحي، انبعث الارتياح في نفوس الشعوب الأخرى بعد ان كسر التونسيون قيود الاسطورة التي يتغنى بها بعض الرؤساء" أن الملوك مدى الحياة هم محصنون أمام أي قوة شعبية".

ان الهاجس التونسي الذي أثار الرعب في نفوس المستبدين ما هو إلا دليل على نجاح الشارع في إجبار الطغات على الرحيل لتمثل هذه الثورة درساً آخراً لكل المستبدين. فالديمقراطية تنمو على اغصان الحياة فيما لو أرادت الشعوب ذلك، فموجة الاحتجاجات دقت ناقوس الوعي واثارت الجماهير الذين حددوا مطلبهم وهو تنحي بن علي عن السلطة. بعد ان قوضت حقوق الانسان وهذا ما بينته البرقيات الأميركية السرية والتي كشفتها وثائق موقع ويكيليكس والتي كشفت الحقائق أمام التونسيين واعطتهم دفعة معنوية قوية.

حكم بن علي بلاده بيد حديدية وانتشر الفساد خلال فترة رئاسته  الـ23 عاما، حتى دب اليأس في شعب فتي واعد، عاش في ظل البطالة وانعدام الحريات. وفي ظل نظام البوليسي أثار الاضطرابات لتنموا موجات الغضب. مما أثر في  الدول الأخرى لتكون المعادلة تشبه الى حد كبير حجر الدومينو، فأن رأي الشارع العربي كان صريحاً ومؤيداً لما جرى.

احد المحللين في صحيفة ذي أوبزيرفر يقول ان ثورة الياسمين ديمغرافية بالإضافة إلى كونها اقتصادية وسياسية وأنه رغم أن هذه التعبئة الجماهيرية كانت مفاجئة فإن الإحباط الذي عبرت عنه كان يختمر على امتداد جيل. وأفراد هذا الجيل لديهم طرقاً لمشاركة المعلومات على الإنترنت التي لا يمكن إسكاتها كلية رغم الرقابة الرسمية التي تمنعها أحيانا. فهذا الجيل من المحتمل أن يكون مصدرا هائلا لثورة سياسية.

قد تؤثر هذه الأحداث في تغيير الحكومات في دول مثل الجزائر والمغرب ومصر والاردن... بالرغم من تعدد الأشكال لهذه الدول فهناك سمات مشتركة، من بينها.

اولا، دول رجعية تسيطر عليها نخب فاسدة لا تمتلك اي مقومات الحكم.

ثانياً، ان افتقار الثقافة سمة بارزة مما لم يجد الفكر فضاء رحب.

ثالثاً، ان عامل اللامبالاة من قبل الشعب يساهم في بقاء الأنظمة القمعية. فضلا عن تركيبة الدولة السياسية المهترئة.

تقول مديرة وحدة المغرب العربي بمؤسسة الدراسات الأمنية والسياسية في برلين إيزابيلا فيرنفيلس في مقال بصحيفة دير شبيغل الألمانية ان أن جعل ابن علي نفسه محور النظام التونسي خلق وضعا شديد الإشكالية لهذا النظام، مما حتم الإطاحة به بعد أن غض الغرب كلا عينيه وليس عينا واحدة عن انتهاكاته لحقوق الإنسان لمدة 23 عاما.

إن الاضطرابات هي دعوة للاستيقاظ ولظهور حكومة بديلة وطنية تشارك بها مختلف القوى الشرعية. فان تونس طوت رسميا حقبة الرئيس بن علي، ودخلت مخاض الإعداد لرئيس ثالث منذ عام 1965، على أن يكون هناك انتخابات رئاسية خلال 60 يوما. لذا ينبغي الالتفات الى عدة امور.

اولا، المحافظة على الديمقراطية بصورة دائمة.

ثانيا، الاعتراف بتطلعات الشعب التونسي نحو مستقبل خال من اي قمع سياسي وفساد.

ثالثا، ان تجد القوى المشاركة في العملية السياسية حل سلمي واجراء انتخابات حرة، ومطلوب من الشارع التونسي في الوقت ذاته ضبط النفس من اجل تجنب وقوع المزيد من الضحايا.

رابعا، ضبط توازنات القوى الجديدة. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/كانون الثاني/2011 - 13/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م