أنتم ملح الأرض ونور العالم

رامي الغف

بالأمس وما أقرب اليوم بالأمس نأت بكم الأرض حتى المنافي حتى الهجرة حتى انتحال جواز السفر... من أجل جواز سفر للعبور إلى الموت...! في سبيل الهوية فداء للقضية... وبقيت الدماء الجارية في عروقكم تنبض "فلسطين" فقد تكحلت بكم.. وتكحلتم بها.. فكم تغيرت الأسماء بديلا عن المسميات.. وبقيتم في هوية الذاكرة دموع الأرض.. واخضرارها ونخيلها ولوزها وزيتونها المبارك.

قد تميد بكم اهتزازا للهزات اللاإرادية أمام تحديات الواقع فتعاملوا مع الأشياء بواقعية من أجل وقع الخطى.

فأنتم نور العالم فليشرق نوركم من الأعالي... فقد دخلتم جنة الوطن فاتحين فوق صهوات خيولكم البيضاء ووصلتم بصبركم ودمائكم باحة البيت الأبيض بعمامة الكوفية البيضاء... وكسرتم زجاج نوافذ هذا العالم بحجر هنا وتحديتم غزاة الأرض بحصاركم المنفى القسري برصاصة هناك... فكنتم نسيج الرصاصة والحجر في خيوط الراية السامقة وفوق الصفحة الفلسطينية البيضاء... ووقعت أقلام العالم أبجدية شعب وحروفا من "فلسطين" ولم يذهب صدى الصوت عبثا في النشيد والتراتيل المقدسة.

من هاجر مكة للمدينة ليس مهاجرا ومن بقى في مكة منتظرا ليس الوحيد مواطنا فقد عاد من رحلة الموت ولهيب النار لأهلة وربعه وقبيلته كلكم لترابكم عائدون ظافرون.. في السماء الفلسطينية لإكتمال البدر الفلسطيني في الأعالي من الأعالي للعلا..

قد راهن الكل عليكم "أعداء وأصدقاء" فأثبتم بأنكم الأجدر والأعظم والأقوى في المعادلات الصعبة وبأنكم الرهان الأخير... فكما سطعت أنواركم من السماء للأرض المقدسة إنسابت الدماء جداول تسقى هذه الأرض الطيبة... من هاجر او عاد او بقى فهو الاظفر في الحلم الفلسطيني المقدس.

ان الدماء التي تجري في عروقكم ليست ملككم إنها ملك الوطن.. ملك الشعب.. ملك فلسطين.. متى طلبتموها وجدتموها..

فلتنتصر دماءكم على السيوف ولتسموا أرواحكم فوق جراح الكف... فقد تساوت الخيل في البيداء حمحمة...!

فالمنتظر في ظلام الزنازين يصلي للفجر...إنه عائد للوطن.!

والمجبر على الهجرة...عائد للوطن.!

والمتشبث الحالم... ذاهب للوطن.!

والشهيد في جنان الخلد... ينتظر الجميع.!

فليجمعنا الوطن.!

إرتقيتم إلى المستوى القومي والشعبي للهوية القومية... للنضال العربي المشترك والمستوى العالمي ولكل شعوب الأرض المغلوبة على أمرها من أحرار وشرفاء هذا العالم.

كان جواز سفركم ، جواز سفر للعبور إلى الموت إما النصر او الشهادة، فوضعتم أمتكم العربية من محيطها إلى خليجها ومن مشرقها إلى مغربها امام امانة المسؤولية التاريخية، وتناديتم وتناجيتم بكل الكتب الدينية والروحية والسماوية، لمن يؤمن بالله واليوم الآخر ان "القدس عاصمة الانتماء الروحي والفكري لفلسطين" فمن يريد الإسراء فعلية بأولى الحسنيين اما النصر او الشهادة.

والناصرة ويافا واللد والرملة وحيفا وعكا والمجدل اراضي من نادى جراح الانسانية... والانتصار لهم واجب وطني يقع على عاتق الامة.

ونابلس وقلقيلية وجنين ورام الله والخليل وطولكرم واريحا وخانيونس وغزة ودير البلح ورفح درر الوطن التي أبدعها الخلاق وأفسدها أعداء الانسانية "الطامعون الهالكون بني صهيون"

وفي خضم هذه التجارب والمعاناة والألم والبؤس والشقاء والحلم بالأمل ودفع الضريبة القومية والدينية التي مهرت بدماء الشهداء وآلاف الأسرى والمعتقلين وحملة الأوسمة من جرحانا وأسر شهدائنا، حاورتم بمجالسكم.. الوطنية.. والمركزية.. والتشريعية.. والثورية.. وداخل مؤسساتكم الفلسطينية السياسية.. كل المتخندقين في غابات البنادق، وصفقتم بأجنحتكم لطائر الفينق الفلسطيني مرددين بالروح بالدم نفديك يا أشرف بقعة على وجه البسيطة "فلسطين الحزينة"

آمنتم بالصمت وترجمتم هذا الصمت فعلا وعملا وميدانا لأن معاناتكم خلقت لكم على أرضكم المحررة حلم الإستقلال.

 فمعانتكم أمست حلما والحلم سيصبح حقيقة فمن جراحكم سترون ملامح الغد فأنتم أولى بصياغة فجركم لأنكم صليتم لبزوغ الفجر.

* كاتب وصحفي

عضو الإتحاد العربي للإعلام الإلكتروني

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/كانون الثاني/2011 - 10/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م