فقاعات المال تلاحق الاقتصاد الامريكي

 

شبكة النبأ: يبدو ان الولايات المتحدة لا تزال تعاني من اثار ازمة المال التي عصفت بها وطالت العديد من دول العالم، معلنة انهيار العديد من الشركات والمصارف العملاقة التي كانت حتى حين تتفاخر برصيدها المالي الكبير.

فيما نلوح في الافق ازمة مال جديدة قد تطيح بالامال المعلقة على تجاوز الازمة السابقة، خصوصا وان المحللين الاقتصاديين يلمحون الى فقاعات مال تتشكل على غرار ما حدث قبيل الازمة الماضية.

ازمات قادمة

فقد قال وارن بوفيت، أحد أثرى رجال الأعمال في الولايات المتحدة والعالم، إن الولايات المتحدة تسير ومعها العالم إلى أزمات اقتصادية جديدة وفقاعات في المستقبل، لا تشبه من حيث الشكل الأزمات الراهنة التي بدأت مع فقاعات عقارية ومالية، حذر من أزمة قد تبرز في المستقبل، تتعلق بتهافت الناس على الاستثمار بسندات الخزينة الأمريكية.

وبالنسبة للإصلاحات الاقتصادية التي أقرها البيت الأبيض، وتأثيرها على مستقبل الاستثمارات المصرفية أعرب بوفيت عن قلقه حيال الانعكاسات السلبية المرتقبة قائلاً: هذا سيحد من مكاسب المصارف، لأنه سينعكس بخفض التسهيلات والإقراض، وهذا سيكون له أثر سيء على أرباح البنوك.

وتابع رجل الأعمال الملقب بـساحر أوماها بسبب استثماراته الناجحة: ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الاستدانة مسألة ضرورية للنمو الاقتصادي، قد يفلس البعض بسببها ولكن لا مناص من أخذها، وهي في الواقع لها أثر يشبه الإدمان للناسبحسب الس ان ان.

وأكد بوفيت، أن الشركات الكبيرة العاملة في القطاعات الاستثمارية لها ميل طبيعي للاقتراض، الأمر يصبح خطيراً إذا خرج عن السيطرة، غير أن أكد أن الناس باتوا يدركون حجم هذه المخاطر الآن. ولدى سؤاله عما إذا كانت الإصلاحات المقررة قد واجهت كامل التحديات المالية الموجودة في وول ستريت قال بوفيت: بصراحة لا أعرف الإجابة الكاملة، هناك بعض الأمور التي جرى معالجتها، ولكن ما أنا أكيد منه أنه سيكون هناك فقاعات أخرى ومشاكل اقتصادية في هذا البلد، وهي لن تكون مماثلة لما نتعرض له حالياً، ولكننا نواجهه هذه الأزمات بشكل دوري، ونتغلب عليها في نهاية المطاف.

وحذر بوفيت من خطر حصول فقاعة في سندات الخزينة الأمريكية التي يلجأ الناس للاكتتاب فيها بمبالغ كبيرة تدر عليهم عوائد محدودة. وشرح قائلاً: السندات استثمار سيئ للغاية، ولا يمكن إدراك مدى خطورته إلا إذا تمعنا فيه، لأن الناس اليوم تدفع كل ما جيوبها في سندات ستكون مجمدة لأكثر من عقدين، عوض أن تستغلها في استثمارات مربحة.

وأضاف: يجب أن يقيس الناس الأرباح التي يمكن أن يجنوها في هذه الفترة عبر الاستثمارات بالمبالغ المحدودة التي ستدرها السندات عليهم، وسيتضح لهم أنهم في واقع الحال خسروا الكثير، خاصة إذا استمرت معدلات التضخم بالارتفاع.

الافلاس يشتاح امريكا

 على صعيد متصل تقدم ما يزيد على 1.5 مليون أمريكي بطلبات لإشهار الإفلاس بارتفاع بلغت نسبته 9 في المائة عن 2009، وفق ما أفادت منظمات مختصة. وذكر معهد إشهار الإفلاس الأمريكي والمركز القومي لأبحاث الإفلاس أن طلبات إشهار الإفلاس المقدمة من الأفراد تواصل الارتفاع بثبات منذ 2005، العام الذي عدل فيه الكونغرس قانون الإفلاس. ويذكر أن أكثر من  1.7 مليون أمريكي تقدموا بطلبات لإشهار الإفلاس آنذاك، في تدافع لإعلان إفلاسهم قبيل سريان التعديلات.

وفاقت أرقام المسجلين للإفلاس العام الماضي، وبلغت 1.53 مليون، طلبات عام 2009 التي بلغت 1،407،788، في توجه عزته المعاهد المخصصة إلى ارتفاع الديون والاقتصاد الراكد بحسب السي ان ان. وفسر صامويل جيردانو، المدير التنفيذي لـ المعهد الأمريكي لطلبات إشهار الإفلاس، قائلاً في بيان: الصعود المطرد لطلبات المستهلين لإشهار الإفلاس رغم قيود قانون الإفلاس لعام يثبت أن العائلات تستمر في اللجوء للإفلاس نتيجة أعباء الديون وركود نمو الدخل. وتوقع جيردانو تواصل ارتفاع طلبات إشهار الإفلاس في الولايات المتحدة خلال العام الجديد.

وشهد أكبر اقتصاد في العالم  أعمق أزمة ركود منذ الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي، ما أفقد ملايين الأمريكيين وظائفهم وأدخلهم في دائرة البطالة. ويذكر أن سخط الأمريكيين من الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة ساهما في خسارة حزب الرئيس، باراك أوباما، الديمقراطي لهيمنته على مجلس النواب في الانتخابات النصفية.

أمريكا تخسر 500 مليار

على صعيد شبيه جزم رجل الأعمال الأمريكي، بيل ماريوت، أحد ملاك شبكة ماريوت الفندقية والمدير التنفيذي لفروعها العالمية أن الاقتصاد الأمريكي فقد خلال العقد المنصرم 500 مليار دولار وأكثر من 400 ألف وظيفة، وذلك بسبب السياسات الصارمة لواشنطن على صعيد منح تأشيرات الزيارة للسياح.

وقال ماريوت، أن المشاكل الأساسية التي تعترض السياح الراغبين بزيارة الولايات المتحدة تشمل القلق حيال إجراءات الأمن المبالغ بها، والمصاعب التي تواجههم خلال سعيهم لنيل التأشيرة. وأضاف: "على الزوار الانتظار لفترات طويلة بهدف الحصول على تأشيرة دخول والحضور شخصياً لمقابلات في السفارات والقنصليات، وهذا يشمل دول نامية سيتركز عليها الاقتصاد العالمي مستقبلا، مثل الصين والهند والبرازيل. وتابع: "خلال العقد الماضي خسرت الولايات المتحدة 440 ألف وظيفة و500 مليار دولار بسبب صعوبات السفر إليها، وإذا تمكنا من إعادة النمو إلى هذا القطاع بنسبة عشرة في المائة سنوياً فقط، فستوفر السياحة مائة ألف وظيفة كل عام بحسب السي ان ان.

وذكر ماريوت أن الإنفاق السياحي السنوي في أمريكا يتجاوز 140 مليار دولار، وطالب أجهزة الجمارك والأمن بأن تكون أكثر ليناً حيال المسافرين قائلاً: على قوات الحدود أن تكون أكثر ترحيباً بالزوار، ولكن المشكلة هي الانتظار الطويل للتأشيرات، وكذلك فقداننا لحملات ترويجية لصالح السياحة. وتابع: الرئيس باراك أوباما يريد تعزيز الصادرات، وهذا ما نريده نحن أيضاً، لأن تأجير غرفة في سان فرانسيسكو لسائح من شنغهاي الصينية يعني تصدير خدمات إليه، ولكن هناك منافسة كبيرة اليوم في العالم لنا، وقد خسرنا 31 في المائة من إجمالي سوقنا السياحية بسبب نظام التأشيرات المشدد.

وأقر ماريوت أن النمو الأكبر بالنسبة لسلسة الفنادق التي يديرها يأتي من الدول النامية، وعلى رأسها الصين، حيث لماريوت 60 فرعاً سيتضاعف عددها خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وكذلك في الهند التي فيها 12 فندقاً، وسيرتفع هذا العدد إلى مائة فندق خلال خمسة أعوام، على أن يضاف 50 فندقاً في الفترة نفسها في البرازيل. غير أنه أكد أن الشبكة ستواصل الاهتمام بالسوق الأمريكية، خاصة وأن 80 في المائة من غرفها المتاحة ما تزال في الولايات المتحدة. يشار إلى أن الولايات المتحدة كانت قد اعتمدت سياسة مشددة لمنح التأشيرات منذ عام 2001، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.

الولايات المتحدة ستكشف عن مخالفات

من جهتها قالت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مصادر مطلعة ان المسؤولين الامريكيين يجهزون لتوجيه تهم تداول على أساس معلومات غير متاحة للغير بحق مجموعة من المتعاملين الماليين من بينهم مصرفيون ببنوك استثمار ومديرو صناديق تحوط. وقالت الصحيفة في عدد ان التهم قد تتجاوز أي تحقيقات سابقة بشأن وول ستريت وستبحث ما اذا كان متعاملون قد قد جمعوا عشرات الملايين من الدولارات أرباحا غير قانونية.

وقالت الصحيفة نقلا عن سلطات اتحادية ان المحققين قد يكشفون عن ثقافة لتفشي التداول على أساس معلومات غير معلنة في أسواق المال الامريكية ولاسيما في طرق نقل المعلومات الخاصة الى المتعاملين عن طريق مطلعين عالمين ببواطن الامور.

وتنتشر التكهنات في وول ستريت بأن السلطات الاتحادية قد تكون بصدد رفع دعوى كبيرة أخرى بشأن تداول على أساس معلومات غير متاحة ربما تكون بحجم قضية جاليون العام الماضي. وقال محاميان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لانهما قد يمثلان عملاء محتملين ان ضباطا من مكتب التحقيقات الاتحادي تحدثوا الى متعاملي صناديق تحوط وان عددا من المتعاملين اتصلوا بمحامين بحسب السي ان ان.

ولم يتضح حجم التحقيق لكن يتردد أنه سيركز على استغلال ما يسمى بشركات شبكات الخبراء وهي شركات تتقاضى رسوما باهظة من صناديق التحوط لتكون حلقة وصل بينها وبين خبراء في صناعات معينة. وثمة قلق منذ سنوات من أن بعض الخبراء ربما يسربون لمتعاملين معلومات سرية بشأن شركات متداولة. ومنذ عام وبعد فترة وجيزة من تفجر قضية جاليون  بعث مكتب فيلادلفيا للجنة الاوراق المالية والبورصات الامريكية نحو 20 مذكرة استدعاء الى صناديق تحوط ومتعاملين اخرين لسؤالهم عن تداولاتهم في عدد من صفقات الشراء بقطاع الرعاية الصحية. ومكتب فيلادلفيا هو قاعدة العمليات لفريق اللجنة الجديد الذي يشن أحدث حملاتها على مخالفات التداول في وول ستريت. ويأتي تقرير وول ستريت جورنال عن التحقيق الذي شارف على الانتهاء بعد أسبايع قليلة من اتهام السلطات الاتحادية طبيبا فرنسيا بتسريب معلومات سرية الى مدير محفظة في فرونت بوينت بارتنرز وهو صندوق تحوط في قطاع الرعاية الصحية. ولم يوجه اتهام الى فرونت بوينت. وبحسب الصحيفة تحقق السلطات أيضا في استحواذ ميرك اند كو على شيرنج بلو وفي استحواذ استرازينيكا على ميدلميون.

لعنة الافلاس من جديد!

في نفس الصدد ذكرت هيئة اميركية لمراقبة المصارف ان ثلاثة مصارف جديدة اعلنت افلاسها في الولايات المتحدة ليرتفع مجموع المصارف المفلسة الى 149 منذ بداية السنة. وقالت هيئة ضمان الودائع الفدرالية ان "فيرست بانكينغ سنتر وهو مصرف في ولاية ويسكونسين شمالا غلق ، وسيشتريه "فيرست ميشيغان بنك" في ميشيغان شمال. وكان هذا المصرف يملك 17 فرعا وتبلغ اصوله 750,7 مليون دولار.

من جهته سيشتري "فيست بنك" من بنسلفانيا، "اليجينس بنك اوف نورث اميركا" وهو مصرف في هذه الولاية شرق وله خمسة فروع وتبلغ اصوله 106,6 ملايين دولار. واخيرا، اقفل "غالف ستايت كوميونيتي بنك" وهو مصرف في فلوريدا جنوب شرق، وسيشتريه "سنتينل بنك" وسط. وكان "غالف ستايت كوميونيتي بنك" يمتلك خمسة فروع وتبلغ اصوله 112,1 مليون دولار.

وقد تجاوز عدد الافلاسات المصرفية قبل اسبوعين الافلاسات ال 140 المسجلة لمجمل العام 2009 الذي شهد اغلاقا غير مسبوق لمصارف منذ 1992. وفي 1989 سجل الرقم القياسي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما اوقفت 534 مؤسسة انشطتها.

رئيس الاحتياطي الفدرالي يدافع

الى ذلك دافع رئيس الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي في فرانكفورت غرب المانيا عن السياسة النقدية التي تتبعها مؤسسته امام كبار مسؤولي المال في العالم الذين دعاهم البنك المركزي الاوروبي لاستخلاص العبر من الازمة.

 لفت رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه الى وجود تطابق كبير في الاراء مع الاحتياطي الفدرالي الاميركي، وهو الذي يكرر دوما تمسكه باستقرار الاسعار على المدى المتوسط الذي يشكل ركيزة لعمل مؤسسته. وتعرض البنك المركزي الاميركي لحملة انتقادات شديدة حين اتخذ قرارا بضخ 600 مليار دولار اضافية في النظام المصرفي، ووردت هذه الانتقادات من الخارج ولا سيما من الاوروبيين والصين، انما كذلك من داخل الولايات المتحدة حيث حذر البعض من خطر اضعاف الدولار وتحريك التضخم بحسب وكالة فرانس برس. واكد برنانكي مجددا الجمعة امام ممثلي العديد من المصارف المركزية، ان الاحتياطي الفدرالي يسعى لدعم الانتعاش الاقتصادي وتشجيع نمو اسرع للوظائف والحد من مخاطر انهيار الاسعار. وشارك المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان ايضا في سادس مؤتمر من هذا النوع ينظمه البنك المركزي الاوروبي.

وقال برنانكي ان التزام الاحتياطي الفدرالي بضمان استقرار الاسعار ثابت لا حياد عنه، منددا مرة جديدة باقدام بعض الدول الناشئة مثل الصين على تخفيض اسعار عملاتها في ظل المشكلات الحالية. من جهته لفت رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه الى وجود تطابق كبير في الاراء مع الاحتياطي الفدرالي، وهو الذي يكرر دوما تمسكه باستقرار الاسعار على المدى المتوسط الذي يشكل ركيزة لعمل مؤسسته. غير انه شدد على الطابع الموقت للاجراءات التي اتخذتها مؤسسته لمكافحة الازمة، محذرا من مخاطر الاعتماد عليها بشكل دائم. وقال ان على البنك المركزي الاوروبي ان يتنبه لمخاطر ان يستمر الاعتماد على التدابير الضرورية في ظروف الازمة، بعدما تعود الظروف الى طبيعته.

وفي ذلك رسالة الى نظيره الاميركي، وكذلك الى ايرلندا التي يعتبر بعض المحللين انها تعول اكثر مما ينبغي على الاموال التي يمنحها اياها البنك المركزي الاوروبي بسخاء حتى الان لمساعدة مصارفها. وتقاوم ايرلندا ضغوط بروكسل وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي لحضها على القبول بخطة مساعدة اوروبية من اجل تخطي ازمتها المالية الخطيرة، ما يثير استياء متزايدا بين شركائها.

وفي مواجهة ازمة متواصلة تهدد استقرار منطقة اليورو، اعرب تريشيه عن قلقه العميق حيال الطريقة التي تتبعها منطقة اليورو لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية والمالية، داعيا الى تغيير كبير في اسلوب ادارة الاقتصاد. ويتخوف البنك المركزي الاوروبي بصورة خاصة من عدم القيام بعمليات كشف وفرض عقوبات تلقائية على الدول في حال عدم التزامها بالقواعد المتعلقة بالميزانيات والديون في منطقة اليورو.

إصلاح وول ستريت

فيما نجح الديمقراطيون في تأمين الأصوات الستين اللازمة لتمرير مشروع قرار إصلاح وول ستريت، بعد أن أعلن اثنان من كبار النواب الجمهوريين دعهم لأول تغييرات جذرية لإصلاح النظام المالي الأمريكي منذ عقود. وقال سكوت براون، أبرز سيناتور ديمقراطي في مجلس الشيوخ في بيان: أتوقع أن تلقى مسودة القرار الدعم عند طرحها للتصويت.

وجاء بيان براون بعد إبداء السيناتور الجمهورية عن ولاي ماساشوستيس، أولمبيا سنو، في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، دعمها للقانون: لضمان تفادي كارثة مالية أخرى، كتلك التي سقطت فيها بلادنا في أسوأ ركود منذ الكساد العظيم، يتحتم علينا تطبيق إصلاحات جذرية لهيكل التنظيمات المالية الأمريكية. وبدورها، أبدت السيناتور سوزان كوين، جمهورية عن ولاية مين، مساندتها للقانون الإصلاحي الجديد. وأكد السيناتور كريتسوفر دود، رئيس لجنة المصارف بمجلس الشيوخ في بيان: إعادة هيكلة وول ستريت على بعض خطوات في طريقها للرئيس لتوقيعها إلى قانون بحسب الس ان ان.

وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد أعلن أن الوقت قد حان للمضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات الحقيقية لوول ستريت، مؤكدا أنه على الأميركيين تحمل أزمة اقتصادية جديدة ما لم يوافق الكونغرس على مشروع القانون الذي يشدد الرقابة على القطاع المالي. وقال أوباما إنه كان بالإمكان تفادي الأزمة الاقتصادية الحالية لو كانت وول ستريت أكثر عرضة للمساءلة، والمحاسبة وأكثر شفافية في تعاملاتها المالية، ولو كان قد تم منح المستهلكين وحملة الأسهم مزيدا من المعلومات، وسلطة اتخاذ القرارات.

وأضاف أن ذلك لم يحصل، وذلك لأن المصالح الخاصة أثارت حملة كبيرة لانتهاك القواعد الأساسية والبديهية الموضوعة لتفادي الاستغلال وحماية المستهلكين. مشيرا إلى أن أحد الأسباب الرئيسية للأزمة المالية في السنتين الماضيتين كان الأخطاء في القطاع المالي. وأحاطت الشكوك بإمكانية تمرير الإصلاحات، بعد تعهد السيناتور، روس فينغولد، لها، ديمقراطي عن ويسكنسون، بمعارضة المسودة لدى طرحها للتصويت، بالإضافة  إلى وفاة السيناتور الديمقراطي، روبرت بيرد،  الشهر الماضي، الأمر الذي خلف الديمقراطيين بـ57 صوتاً دون النصاب القانوني.

وكانت  اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي قد أجازت التدابير التنظيمية الكاسحة لإصلاح النظام المالي لدرء أي انهيارات مستقبلية في هذا القطاع كتلك التي أدخلت الولايات المتحدة في دوامة ركود وأزمة اقتصادية طاحنة. وصوتت اللجنة بـ13 صوتاً مقابل 10 صوت لصالح القانون، الذي تقدم به رئيس اللجنة، السيناتور الديمقراطي، كريتسوفر دود، الذي أكد، حينئذ، بأن الطريق مازال طويلاً أمام القرار وحتى بلوغه مجلس الشيوخ لإقراره رسمياً.

ويطرح مشروع دود تشكيل لجنة تنظيمية جديدة لحماية المستهلك داخل الاحتياط الفيدرالي المصرف المركزي لضمان حفاظ حقوقه في القروض العقارية  والتسهيلات الائتمانية، ودفع المصارف والهيئات المالية لتعزيز رؤوس أموالها، ووضع آليات جديدة لإستيعاب تهاوي شركات عملاقة لمنع تكرار سيناريو تقديم حوافز مالية لتنشيط وول ستريت. وبحسب القانون المقترح، فإن وكالة حماية المستهلك المالية ستتمتع بالقدرة على كتابة القواعد الحاكمة للرهن العقاري وبطاقات الائتمان وتسديد القروض ومجموعة كبيرة من المنتجات المالية. كما ستتمتع ببعض القدرة على ضمان إتباع القواعد المالية، وقد كانت كيفية تطبيق هذه القواعد مصدرا رئيسا للخلاف بين الحزبين، الديمقراطي والجمهوري. وينص القانون الجديد على إنشاء مجلس لاختبار المخاطر النظامية على النظام المالي وبدأ عملية، عند الضرورة، للسيطرة على المؤسسات المالية الكبرى التي توشك على الانهيار وتفكيكها. وسيكون الهدف من ذلك الحد من إمكانية وقوع انهيار أوسع أو اللجوء إلى الإنقاذ الحكومي. وفي وقت سابق، توقع البيت الأبيض إصلاح ضوابط النظام المالي هذا العام لمنع تكرار التجاوزات التي شهدتها وول ستريت، والتي تلقى عليها لائمة حدوث أسوأ ركود في تاريخ الولايات المتحدة منذ ثلاثينات القرن الماضي.

أمريكا خالده

في نفس الشأن عرض الرئيس الامريكي باراك أوباما استراتيجية سياسية أمريكية خالدة عندما صاغ أهدافه الاقتصادية كجزء من الامن القومي وقد يعزز هذا فرص نجاحه في خفض العجز الامريكي الهائل. والدعوات لتجديد الاقتصاد والانضباط المالي منسوجة في استراتيجية أوباما الجديدة للامن القومي التي كشف النقاب عنها والتي يشدد فيها على أن قوة الولايات المتحدة في العالم يحددها الازدهار المحلي.

وعلى نهج الرئيس الامريكي السابق دوايت ايزنهاور الذي وصف انشاء الطرق السريعة بين الولايات الامريكية ونظام التعليم الاتحادي في الخمسينات بأنهما من أولويات الامن القومي ربط أوباما بين الحفاظ على النفوذ في الخارج وبين كبح العجز في الميزانية وتعزيز الاقتصاد واصلاح سياسة الطاقة والتعليم والابتكار.

وقال لورانس كورب المحلل في مركز التقدم الامريكي الذي يتخذ من واشنطن مقرا أعتقد أن هذا سيساعد برنامجه خاصة في التعامل مع مشكلة العجز. وأضاف انه يرسي أساس رؤية مفادها أنه في اطار خفض العجز يتعين علي أن أخفض الانفاق الدفاعي وهذا سيجعلنا أكثر أمنا بحسب السي ان ان.

ويضغط أوباما على المشرعين لدراسة برنامج سياسته وشكل لجنة مشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن الدين لكي تقترح سبلا لخفض عجز الميزانية البالغ 1.4 تريليون دولار والالتزام بمزيد من الانضباط في المستقبل. ومن المقرر أن تدلي برأيها، ومن المرجح أن يشمل الحل مزيجا من تخفيضات الانفاق وزيادة الضرائب. ويؤيد محللون اخرون أن ربط القوة الاقتصادية في الداخل بالامن القومي مع التأكيد الدائم على الحاجة لترتيب الاولويات يساعد استراتيجية الامن القومي في ايجاد أساس لاجراء تخفيضات في ميزانية الدفاع.

وربطت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون صراحة بين خفض العجز والامن القومي في تصريحات عقب نشر استراتيجية أوباما. وقالت كلينتون لا يمكننا الحفاظ على هذا المستوى من التمويل بالعجز والدين دون خسارة نفوذنا دون أن نواجه قيودا بشأن القرارات الصعبة التي يتعين أن نتخذها.

أمريكا انتهت!

 من جانبه اعتبر جيم أونيل، محلل الاقتصاد المعروف ورئيس قسم الأبحاث الدولية لدى غولدمان ساكس أن عصر القيادة الأمريكية للعالم قد انتهى، ولكنه استبعد أن يؤدي ذلك إلى انتهاء دور الدولار، خاصة مع تبدلات اقتصادية في موازين القوى العالمية بين الصين والولايات المتحدة.

وقال أونيل، الذي اخترع مصطلح دول بريك" في إشارة إلى البرازيل والصين والهند وروسيا التي ستتصدر النمو العالمي، في حديث أن اهتمامه حالياً منصب على دراسة ثلاث دول واعدة ضمن مجموعة من 11 دولة ستبرز على الصعيد العالمي، بينها ثلاث شرق أوسطية، هي مصر وتركيا وإيران. وبحسب أونيل، فإن موازين القوى العالمية بدأت بالتبلور حالياً، عبر تراجع حجم الصادرات الصينية وتزايد الاستيراد في ذلك البلد، مقابل تراجع حجم الاستيراد في الولايات المتحدة وتزايد الصادرات، معتبراً أن ذلك سينعكس على صعيد تراجع الحاجة في أمريكا إلى رؤوس الأموال الكبيرة.

وعن دور صناديق الشرق الأوسط في هذه المعادلة قال أونيل: أرى أن تلك الصناديق تبحث عن الفرص الجديدة في الصين والهند والشرق الأوسط نفسه، وهي أقل اهتماماً بالاستثمار في أمريكا.

وعمّا يمكن أن يحصل للدولار بفعل هذا التبدل قال الباحث المعروف: على الناس التذكر بأن الدولار سبق له وأن تراجع كثيراً، وعلى ضوء ما قلته لجهة عودة التوازن في الميزان التجاري الأمريكي، فإن ذلك سيشكل عامل قوة للدولار ويحسن أساسياته على الأمد البعيد، وبالتالي أنا لا أنظر بعين الرضا حيال ما يتسرع الناس بقوله حول مستقبل سلبي للدولار بحسب السي ان ان.

ولم ينف أونيل وجود رابط زمني بين طرحه لمفهوم دول بريك وبين أحداث 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة قائلاً: الرسالة هنا هو أن القيادة ذات الطابع الأمريكي للعالم قد وصلت إلى نهايتها، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الدولار. وأضاف: ولكن ما يتعلق بدول بريك فالمهم هو فهم أن بإمكان العالم الاستفادة من العولمة وفي الوقت نفسه الحفاظ على الخيارات الفردية السياسية والاجتماعية للدول المختلفة.

وعن دراساته الجديدة التي ستقدم 11 دولة قادرة على قيادة النمو العالمي في الفترة المقبلة، بينها مصر وتركيا وإيران، قال أونيل: أنا معجب جداً بهذه الاقتصاديات، وكذلك باقتصاد رابع ضمن مجموعة الـ11 وهو نيجيريا، وهي كلها تذهلني. وتابع بالقول: إذا نظرنا إلى تركيا ضمن أوروبا، فإنها ستكون الاقتصاد الأقوى على مستوى النمو في القارة العجوز خلال العقد المقبل، وإذا أخذنا بعين الاعتبار دور الإسلام في هذا البلد، إلى جانب علاقتها القوية في العالم الإسلامي، فسنجد أننا أمام دراسة جديرة بالاهتمام لاستكشاف كيفية تناغم هذه الحضارات.

أما بالنسبة لإيران فقال: إيران هي النموذج الأكثر إثارة للاهتمام، فرغم حصارها والتصرفات الغريبة لقيادتها التي يبدو أنها تستمتع بأن تبدو معزولة في العالم، ولكن تحت السطح هناك أمور كثيرة مهمة في ذلك البلد. وختم أونيل بالقول إنه استبعد كل دول الشرق الأوسط من مجموعة بريك بسبب عدم وجود كثافة سكانية تسمح لها بأن تلعب دوراً محورياً على مستوى العالم، مضيفاً أن هذا الأمر لا ينطبق على إيران التي تسمح لها مقدراتها بأن تكون لاعباً عالمياً.

دوين الولايات المتحدة

في نفس السياق أبلغت وزارة الخزانة الكونغرس الأمريكي أن ديون الولايات المتحدة المستحقة بلغت اجمالا 13.6  تريليون هذه السنة ويتوقع زيادتها في العام 2015  لتصل إلى 19.6 تريليون دولار. تشمل هذه البيانات التزامات الحكومة المالية برواتب التقاعد والضمانات الاجتماعية وديون الحكومة والبنوك الخاصة المستحقة لمستثمرين أجانب وحكومات الصين ودول آسيوية أخرى وبنوك وسلطات نقدية.

وكانت الخزانة نشرت هذه البيانات في محاولة للتقيد بتعليمات صندوق النقد الدولي فيما يتصل بالبيانات الاقتصادية. وتصاعد نمو المديونية الأمريكية سريعا عقب التدخل الحكومي لإنقاذ المؤسسات المالية وحروب العراق وأفغانستان، وسيؤدي التوتر الناتج عن الديون الحكومية إلى تصاعد قلق الجمهور مما سيفيد الجمهوريين الساعين لاستعادة السيطرة على الكونغرس في انتخابات بحسب رويترز.

امريكا وضرائب الاسلحة والخمور

من جهة اخرى كشف تقرير حكومي امريكي ان الامريكيين اسرفوا في تسليح انفسهم ودفعوا مبالغ طائلة من اجل ممارسة عادة التدخين. وذكر التقرير السنوي لمكتب الضرائب والاتجار في الخمور والتبغ ان الحكومة الاتحادية الامريكية جمعت 20.6 مليار دولار ضرائب على الخمور والتبغ والاسلحة الخفيفة والذخيرة في العام المالي 2009 بزيادة 41 بالمئة عن العام المالي السابق.

وعزا مكتب الضرائب والتجارة وهو جزء من وزارة الخزانة الامريكية اغلب الزيادة البالغة ستة مليارات دولار في العائدات التي جمعت الى الزيادة في الضرائب على صناعة التبغ نتيجة لقانون التأمين الصحي للاطفال الذي اقر في فبراير شباط 2009 بحسب رويترز.

وقال التقرير الصادر عن الوكالة التي تبلغ ميزانيتها السنوية 99 مليون دولار انه كانت هناك طفرة في الضرائب التي جمعت عن بيع الاسلحة والذخيرة. وقال التقرير انه في اكتوبر تشرين الاول 2009 ارتفعت الضرائب المحصلة عن الاسلحة الخفيفة والذخيرة بنسبة 45 بالمئة عن العام المالي السابق وهي اكبر زيادة سنوية في عائدات الضرائب على الاسلحة الخفيفة في تاريخ الوكالة. وبالمقارنة فان متوسط الزيادة السنوية للاعوام المالية 1993 الى 2008 كانت ستة بالمئة. وقال استطلاع رأي اجراه معهد جالوب في مطلع اكتوبر تشرين الاول 2009 ان احد التفسيرات الممكنة لارتفاع مبيعات المسدسات والذخيرة قد يرجع الى ان اكثر من 50 بالمئة من الامريكيين الذين يملكون مسدسات ونحو 41 بالمئة من المواطنين الامريكيين بشكل عام يعتقدون ان الرئيس باراك أوباما سوف يحاول حظر بيع المسدسات في الولايات المتحدة اثناء توليه الرئاسة.

ويبدأ العام المالي للحكومة الامريكية في الاول من اكتوبر تشرين الاول من العام الميلادي السابق وينتهي في 30 من سبتمبر ايلول من العام التالي. وغطى احدث تقرير لمكتب الضرائب والتجارة الفترة بين الاول من اكتوبر 2008 و30 سبتمبر 2009.

ولم يتضح لماذا ضمت الوكالة معلومات عن المسدسات والذخيرة من اكتوبر 2009. ولم يكن هناك رد على المكالمات ورسائل البريد الالكتروني التي سعت للحصول على ايضاح من مكتب الضرائب والتجارة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/كانون الثاني/2011 - 4/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م