حوار المنامة... أميركا وإيران تحت سقف واحد

مرتضى بدر

على مدى سبعة أعوام متتالية تستضيف البحرين مؤتمراً ذا طابع حواري يجمع القادة السياسيين والخبراء الإستراتيجيين؛ ليناقشوا مختلف الجوانب السياسية والأمنية التي تهم الشرق الأوسط بصفة عامة والخليج بصفة خاصة.

 في مؤتمر العام الماضي ناقش المشاركون أربعة محاور، هي: الملف النووي الإيراني، والأزمة العراقية، والحرب في اليمن، والأحداث في أفغانستان وباكستان. والمؤسف أن القضية الفلسطينية كانت نسياً منسيًا في المؤتمر السابق، ولا ندري حتى اللحظة جدول أعمال المؤتمر القادم الذي يبدأ أعماله في الثالث من الشهر القادم، وأتمنى أن لا تغيب القضية الفلسطينية ومأساة شعب غزة نتيجة استمرار الحصار عن جدول أعمال المؤتمر.

الملفت في حوارات المنامة الحضور المكثف للوفدين الأمريكي والإيراني، وعادة ما تتجه الأنظار إلى تحركات هذين الوفدين، وتنصت الآذان إلى ما يطرحان من أفكار على طاولة النقاش، وأما ما يدار من نقاشات خلف الكواليس، فتلك من علم الغيب. وتُعْرَف الحوارات والمحادثات خلف الكواليس بين الدول المتخاصمة بدبلوماسية الكواليس، وعادة ما تترك تأثيرًا على الساحة الإقليمية والدولية.

 قد يتساءل القارئ: كيف تتسّرب المعلومات إلى الصحافة والإعلام إذا كانت الحوارات سرية؟ لقد أثبتت التجارب أن الدول عادة ما تلجأ إلى سلاح الإعلام من أجل إيصال رسائل إلى الخصم، أو خلق تأثير في الرأي العام، وهذا يعتبر أداة من أدوات دبلوماسية القوة. ولو نرجع إلى المؤتمرات والاجتماعات التي جمعت الأمريكيين والإيرانيين تحت سقف واحد، خاصة حول إفغانستان والعراق والملف النووي نجد أن التصريحات التي سبقت تلك اللقاءات بعضها كانت تندرج في سياسة الترغيب وبعضها الآخر كانت ضمن سياسة التهديد، وقد عُرفت عن الدبلوماسية الإيرانية بأنها باتت متخصصة في قراءة العقل الغربي وكيفية الرد عليها.

باعتقادي، الدبلوماسية البحرينية التي يقودها وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة ساهمت في إيجاد تفاهم ضمني بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران الإسلامية، وفي تخفيف التوتر في منطقة الخليج. مشاركة الطرفين في مؤتمر (حوار المنامة) وجلوسهم على طاولة واحدة يعدّ بحد ذاته طبخة دبلوماسية ناجحة يحسب للدبلوماسية البحرينية، ويدل في الوقت نفسه على وجود نوايا إيجابية من قبل أطراف النزاع والتمسك بأمن واستقرار المنطقة.

الإيرانيون قبل الأمريكان يهمهم الاستقرار في منطقة الخليج، وأبدوا تعاونهم لإيجاد مظلة أمنية تشارك فيها الدول المطلة على مياه الخليج دون تدخل الدول الأجنبية. الفكرة لم تنضج بعد، وربما هناك أطراف خارجية تسعى للحيلولة دون تحقيق تعاون إقليمي بين الدول الشقيقة في المنطقة، وتثير موضوع البرنامج النووي الإيراني كخطر يهدد دول مجلس التعاون.

وعلى رغم أن الإيرانيين يتجنبون عقد صفقات سرية، إلا أن السياسة هي فن الممكن، ومثلما توجد في السياسة محرمات ومحظورات، توجد في المقابل مستحبات وضرورات. وفي فقه السياسة يوجد باب للطوارئ يساعد أية حكومة إسلامية للخروج من خلاله وتمرير بعض من مشاريعها. هذا الباب عنوانه “الضرورات”، وفي الشريعة توجد قاعدة تنص على أن “الضرورات تبيح المحظورات”. الدبلوماسية الإيرانية استخدمت المجوز الفقهي في سياستها الخارجية، وقد استطاعت تحقيق بعض المكتسبات.

 على سبيل المثال، تعاونت إيران بصورة غير مباشرة، ومن دون عقد صفقة سرية مع الشيطان الأكبر للإطاحة بخصومهم الطالبان في أفغانستان، وحزب البعث بزعامة صدام حسين في العراق. هذا التقاطع في المصالح جعل الدولتين تتفاهمان بصورة غير مباشرة في حفظ مصالحهما في البلدين.

 والسؤال الذي يطرح نفسه: هل اللقاءات المتكررة بين الخصمين اللدودين وجلوسهما على طاولة حوار سيثمر انفراجًا في العلاقة بين الطرفين ومن ثم سيساعد على قيام منظومة أمنية في المنطقة؟

 السفير الإيراني الجديد في البحرين (مهدي آقا جعفري) في مقابلة له مع الزميلة “الوسط” (10/11/2010) أكد أن بلاده ستشارك بفاعلية في هذا المؤتمر، وأشار إلى أن هذا الاجتماع في حد ذاته سيشكل منبراً لحضور ووجود مختلف الأطراف، وهو أمر إيجابي وستعود بنتائج إيجابية على الأمن والاستقرار في المنطقة.

 بدورنا نترقب نتائج مؤتمر (حوار المنامة)، وما ستطرح فيه من آراء وأفكار ومقترحات، مجددين شكرنا لوزارة الخارجية على جهودها في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة في الساحة الإقليمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/كانون الأول/2010 - 25/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م