الدول تتجه نحو الطاقة المتجددة

مرتضى بدر

الطاقة النظيفة... المتجددة... الصديقة للبيئة... الرخيصة... الآمنة، كلها مفردات روّج لها الناشطون في مجال البيئة في الغرب، خاصة أولئك الذين عملوا ويعملون ضمن المنظمات المدافعة عن البيئة كأحزاب الخضر و(غرين بيس) وغيرها.

هذه المنظمات لعبت دوراً مؤثراً في ثقافة الشعوب الغربية، التي بدورها استطاعت إقناع أو إرغام الحكومات والشركات الغربية تبني مشاريع الطاقة النظيفة. نحن ربما نكون آخر الشعوب التي تفكر في الطاقة المتجددة؛ والسبب في ذلك ما تكتنزه أراضينا من نفط وغاز.

 هذه الطاقة جعلتنا نستغني عن التفكير في الطاقات البديلة الأخرى، كالطاقة الشمسية والرياح، التي تعتبر نعمة من نعم الله على العالم العربي. أصبحنا لا نقدّرها، وللأسف نتعمّد تجاهلها، رغم معرفتنا أن مخزوننا من النفط والغاز سينتهي عاجلاً أم آجلاً، وربما تصل أسعارهما برخص التراب في المستقبل المنظور، خاصة بعد أن أخذت معظم الدول الصناعية والناشئة تتجه نحو الطاقة الذرية والطاقات البديلة الأخرى، التي تُعْرَف اليوم بطاقات المستقبل.

 الدولة العربية الوحيدة التي فكرت بصورة حضارية في موضوع الطاقة المتجددة هي الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً إمارة أبوظبي، التي خصصت موازنة ضخمة للحفاظ على البيئة، وقررت بناء مدينة خالية من الكربون، تعتمد على الطاقة المتجددة بصورة كاملة. في آخر تقرير لشركة (المزايا القابضة) لفت إلى أن توافر النفط لدى دول عربية مثل الإمارات لم يحل دون تفكير السلطات في تبني استراتيجيات صديقة للبيئة، متعهدة بتوفير سبعة في المئة من حاجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول العام 2020. وأشار التقرير إلى مشروع (مدينة مصدر) الهادف إلى بناء المدينة الأولى في العالم الخالية من انبعاث الكربون والنفايات. هذه المدينة التي سيكلف بناؤها 22 مليار دولار، ومن المقرر الانتهاء من المشروع بحلول العام 2025.

لكن الأسئلة التي تطرح نفسها: متى تخرج دولنا من عصر الديزل؟ ولماذا لا تتفاعل مع الدول التي تسعى للحفاظ على الكوكب الأخضر؟ وإلى متى تظل تعتمد على النفط والغاز كمصدر رئيس للطاقة؟ كثير من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة وأوروبا تعدّ لاستراتيجيات الافتراق عن استخدام الفحم والنفط والغاز، والغربيون يطمحون في الوصول إلى عصر ما يسمونه بالطاقة الخضراء.

 بعض الدول الأوروبية كألمانيا خصصت أراضٍ شاسعة من أجل نصب المرايا اللاقطة لأشعة الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربائية، وبعض الدول الأخرى تنوي استئجار أراضٍ في دول المغرب العربي من أجل الاستفادة من الطاقة الشمسية المتوفرة هناك وتحويلها إلى كهرباء، ومن ثم ضخّها إلى أوروبا عبر كابلات تربط هذه الدول بأوروبا، بينما دول المغرب العربي نفسها لا تحرك ساكناً للاستفادة من هذه الطاقة المجانية والرخيصة والنظيفة!!

صحيفة (الحياة) اللندنية نشرت بتاريخ 17/10/2010 مقالاً بعنوان “تطوير الطاقة المتجددة في المنطقة” للكاتبة (كاترينا حاصباني) المتخصصة في شؤون الطاقة، التي أشارت إلى أن نجاح أو فشل دول المنطقة في تنويع مصادر الطاقة رهن بقدرة هذه الدول على رفع الكثير من التحديات الاستراتيجية، وعددت الكاتبة أربعة تحديات نوجزها كالتالي:

غياب رؤية وطنية شاملة حول الطاقة، ووضع إطار عمل تشريعي وتنظيمي مناسب يعالج الطاقة المتجددة والنووية، وضرورة اكتساب تكنولوجيات الطاقة المناسبة والدراية المحلية، وأخيراً موضوع الدعم الحكومي للطاقة، التي تُعتبَر عقبة أساسية في وجه العمل باتجاه تنويع مصادر الطاقة مستقبلاً...

 وبدوري أقول: ليت القائمين في مجلس التنمية الاقتصادية والمشرفين على هيئة الكهرباء والماء وكل الذين شاركوا في وضع الرؤية الاستراتيجية 2030 وضعوا هذه التحديات الأربع نصب أعينهم حين قدموا رؤيتهم لمستقبل البحرين في مجال الطاقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/تشرين الثاني/2010 - 21/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م