تصوروا إذا حكمت دولة العراق الإسلامية

خليل الفائزي

بعد يوم واحد من رفض دولة العراق والشرفاء من المسئولين وأبناء الشعب العراقي لمخطط النظام السعودي الحاكم في بلاد نجد والحجاز الداعي لتفتيت وحدة العراق وبث الخلافات والتفرقة بين القوى والأحزاب السياسية وأبناء الشعب العراقي اكثر مما هو عليه في الوقت الراهن، أوعز هذا النظام الداعم للإرهاب المنظم إلى ذراعه العسكرية الإرهابية المتمثلة بتنظيم القاعدة بترويع أبناء الشعب العراقي والقيام بتفجيرات عشوائية إجرامية شملت معظم مناطق العاصمة بغداد لا لشيء سوى ليثبت النظام القمعي السعودي انه قادر على زعزعة الوضع الأمني والانتقام من الشعب العراقي وتحدي أركان حكومة التي وللأسف لم تتمكن حتى الان من وضع حد لجرائم المنظمات الإرهابية والتصدي للجماعات التكفيرية القذرة التي تقتل عشوائياً مئات من خيرة ابناء الشعب العراقي يوميا لمجرد إثبات وجودها وتحدي أركان الدولة التي لا تزال مخترقة بوضع فاضح من قبل قوى أمنية وسياسية عميلة للأجانب ولدول الجوار ولعناصر تبيع دماء شعبها وتستبيح شرف الناس بحفنة دولارات لتسهيل عبور السيارات المفخخة والعناصر الإرهابية من الحواجز الأمنية التي تمتلك منذ فترة أجهزة متطورة تكشف حتى حشوات الأسنان المكسوة بمواد معدنية، فكيف تنطفئ هذه الأجهزة ولا تعمل على الاطلاق وتسمح لمرور الكثير من السيارات المفخخة واتفه الخلق من الذين يفجرون أنفسهم وسط حشود المواطنين الأبرياء والعزل في بعض الأحيان؟.

 ومن المؤسف جداً اننا وبدلاً ان نسمع ونرى ما يثلج صدور المواطنين ويخفف من مآسي اسر شهداء وجرحى العمليات الإرهابية التي ترتكبها دون الجوار متمثلة بتنظيم القاعدة السعودي، فان الكثير من قادة القوى الأمنية والعسكرية من الذين يأبهون حتى الاعتراف بعجزهم المخزي وهوان أفعالهم للتصدي للعمليات الإرهابية او الحد منها على الأقل ويرفضون الاستقالة والتنحي عن مناصبهم، يزعمون من ان العناصر الإرهابية طورت من أساليبها وهي تستخدم أجهزة ومعدات ومواد تفجيرية صعب الكشف عنها وعدم الحيلولة دون وقوع التفجيرات الإجرامية، وللأسف ايضاً انه بدلاً من تعاطف أجهزة إعلام المنطقة مع أبناء الشعب العراقي والتخفيف عن أحزانه فان هذه الأجهزة والقنوات الحاقدة مثل العربية والجزيرة تتباكى حتى الان عما تصفه بانتهالك قوى الأمن العراقية لحقوق العناصر الإرهابية وضرب بعض المجرمين الإرهابيين في المعتقلات والدفاع عنهم وكأنهم من أبناء مقاومة الاحتلال الشرفاء، في حين يطالب فيه غالبية الشعب العراقي بضرب الجماعات الإرهابية بيد من حديد والتعامل معها بنفس الطريقة التي يتعاملون معها مع الشعب العراقي ، ليكونوا عبرة لمن يعتبر وان وضعهم في باخرة وإغراقها في البحر او تجميعهم في الصحراء وتفجيرهم عن بعد ودفنهم جماعياً هو اقل ما يجب ان تفعله الدولة العراقية مع هؤلاء الأنذال والسافلين الذين جاءوا للعراق من شبه الجزيرة العربية ودول الجوار وأفغانستان وشمال أفريقيا والسودان للتنافس والتسابق للانتقام من الشعب العراقي والإساءة لتاريخه والنيل من حضارته تحت ذريعة إقامة دولة العراق الإسلامية او في الواقع دولة القاعدة الإرهابية وهي الدولة التي فشل النظام السعودي وحلفاؤه إقامتها في أفغانستان وباكستان والشيشان والصومال ودول اخرى.

 ولكن يا ترى ماذا سيكون مصير العراق في حال نجاح الإرهابيين في تحقيق مآربهم وكيف سيتعامل زعماء "دولة العراق الإسلامية" مع أبناء الشعب العراقي الذي يضم عشرات من اتباع القوميات والطوائف والمذاهب والأديان السماوية من الذين تعايشوا وتعاضدوا وتآخوا في السراء والضراء عبر ليس قرون بل ألفيات من الزمن ولم نسمع ونلمس الطائفية والتفرقة في العراق الا في ظلام الاحتلال الأمريكي وتحت راية "الدولة الإسلامية" المزعومة.

 تصوروا اذا حكمت مثل هذه الدولة العراق فماذا سيكون مصير أبناء العراق من المسيحيين والصائبة والايزديين وكافة اتباع الديانات السماوية الأخرى وهؤلاء هم خيرة أبناء هذا الوطن خاصة وانهم ظلوا مسالمين واثبتوا وطنيتهم وانتماءهم للعراق واختلطت دماؤهم بدماء سائر أبناء العشب العراقي، في حين ان "دولة العراق الإسلامية" تعتبر أماكن عبادة هؤلاء اهدافاً عسكرية وتدعو الى تهجيرهم قسراً من العراق تطبيقاً لخطة كان قد نفذها الكيان الصهيوني في السابق من خلال تهجير اليهود العراقيين عن بلادهم في العقود الماضية.

 تصوروا اذا حكمت "دولة العراق الإسلامية" فكيف سيكون التعامل مع ابناء الطوائف الإسلامية الأخرى وأبناء الدين والوطن الواحد؟. قطعاً ان تنظيم القاعدة المرتبط بالنظام السعودي هو تنظيم إرهابي لا قومية ولا وطن ولا دين له واذا ادعى هذا التنظيم انه يطبق الإسلام فانه يعني بذلك تطبيق الفكر الوهابي المنحرف والرجعي والمرتبط بالماسونية العالمية.

 الإسلام من وجهة نظر الجميع هو إسلام النبي محمد (ص) وليس المدعو محمد بن عبد الوهاب العميل البريطاني المعروف الذي تعتبره القاعدة ربها الأكبر والإرهابي أسامة بن لادن نبيها الجديد، ولا علاقة لهذا التنظيم الإرهابي لا من قريب ولا من بعيد بأهل السنّة والجماعة ولا اي طائفة او مذهب اخر لان ليس هناك اي سني شريف ومؤمن واقعي يوافق على قتل أبناء الطوائف الدينية اواي من القوميات من أبناء جلدته ، فالعراق هو ارض تحتضن الجميع دون تمييز وبوتقة تنصهر فيها كافة الأديان والقوميات دفاعاً عن سيادة وشرف وعزة هذا الوطن.

 تصوروا ان جهلة وقتلة إرهابيين مثل بن لادن وشاكلته من أمراء "دولة العراق الإسلامية" او حتى أمراء أجلاف من النظام السعودي حكموا العراق فكيف سيكون وضع الأحزاب وأركان الدولة والمنظمات المدنية وحقوق الإنسان ووضع النساء والمعارضة السياسية ومناهج التعليم ودور العبادة والانتخابات وحرية الصحافة والسياسة الخارجية وكيفية التعامل مع الدول الأخرى والمجتمع الدولي ، فهل يمكن او تصور ان يتحول العراق الى سجن كبير او بلد مقيد بسلاسل الجهل والتطرف ومحاط بجدران السفاهة والتكفير الحديدية يحكمه زعماء وأمراء "دولة العراق الإسلامية" الحاقدون على الجميع والذين بنوا دولتهم المزعومة على جماجم مئات آلاف من شهداء التفجيرات والقتل المنظم طيلة الأعوام الماضية.

 وهل يمكن للعراق ان يكون نسخة طبق الأصل عن نظام طالبان الهمجي الذي أعاد أفغانستان الى عصور ما قبل التاريخ وأعطى أمريكا وحلفاءها ذريعة قانونية وسهلة لاحتلال هذا البلد والبقاء فيه لفترة لا يعلمها إلا الله.

 تصوروا اذا حكمت "الدولة دولة الإسلامية" المزعومة في العراق، فهل سيبقي أمراء هذه الدولة تعاملهم وتعاونهم الخفي والعلني مع أنظمة دول الجوار لاسيما النظام السعودي والدول التي تسهل لعناصر تنظيم القاعدة وفلول النظام السابق من القتلة والمجرمين العبور وتؤويهم على أراضيها وتمدهم بالسلاح والمتفجرات والأموال الطائلة لشراء ذمم معدودين من عناصر الأمن والعملاء من المسئولين المتغلغلين في الدولة العراقية ، ام ان "دولة العراق الإسلامية" سوف تنقلب ضد هذه الأنظمة وتدعو للإطاحة بحكامها او احتلال جزء اوكل أراضي بلدانهم كما فعلت وتفعل إسرائيل الداعمة الأخرى للعمليات الإرهابية في العراق مع دول المنطقة؟.

 قطعاً لا يمكن لاي عراقي مهما كانت توجهاته الدينية والقومية ان يتصور حجم المأساة وأبعاد الكارثة التي ستحل بالعراق اذا حكمت فيه حفنة مجرمة وحاقدة من أمراء "دولة العراق الإسلامية" او زعماء تنظيم القاعدة الإرهابي او استطاعت أنظمة مثل نظام الحكام الأجلاف القابعين في بلاد نجد والحجاز التحكم بمصير العراق الشامخ بعزته والرافض للهيمنة والتبعية والإرهاب، وعليه وبالرغم من اننا دعاة إرساء المجتمعات المدنية ونرفض كل أنواع التطرف والعنف والانتقام، الا انه ونظراً وصول حالة التعامل مع الجماعات الإرهابية وحماة عمليات القتل الجماعي الى مرحلة تكسير العظام ولابد من الدفاع عن حقوق وأمن كافة الأسر والطوائف والقوميات والأديان في العراق في الوقت الراهن.

 نطالب وبكل إصرار من كافة الشرفاء في الأركان الأمنية والعسكرية والسياسية في الدولة العراقية إصدار قرار عاجل بإغلاق الحدود مع دول الجوار لاسيما سوريا والأردن والسعودية لمدة لا تقل عن ستة اشهر وفرض قيود صارمة على دخول وخروج اتباع الدول الأخرى لاسيما العناصر المشبوه بانتمائها للتنظيمات والجماعات الإرهابية والتخطيط بعد ذلك، لشن عمليات أمنية وعسكرية واسعة النطاق للقضاء على كافة العناصر الإرهابية والداعمة لها وملاحقة فلولها في المدن والقرى والقضاء عليها بالكامل او على الأقل شل حركتها والكشف عن مصادر تمويلها ومصادرة مستودعات الأسلحة والمتفجرات ، وهذا يعني انه بدلاً من سجن الشعب العراقي وتطويقه بحلقات عسكرية وأمنية من قبل الدولة العراقية تشن هي هجمات مضادة وشاملة على بؤر الإرهاب لاستئصال وجودها وقطع جذورها مهما كلف الثمن وتطلب المزيد من التفاني والتضحيات.

 وهذا هو المطلب الأساسي والأكيد الذي يصر عليه الشعب العراقي ويؤكد على تنفيذه من جانب اي حكومة أو نظام وطني يحكم في العراق ويكون هدفه الأول والأخير هو القضاء على ظاهرة الإرهاب البغيضة والتصدي للتدخلات الأجنبية في شئون العراق.

* كاتب وإعلامي-السويد

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 7/تشرين الثاني/2010 - 30/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م