الديمقراطية ليست حلا في العالم الاسلامي!!

برير السادة

يختلف مفهوم الديمقراطية في الفكر الغربي السياسي عنه في العالم الاسلامي. فالديمقراطية في الفكر السياسي الغربي تعني حكم الشعب لنفسه, والتداول السلمي للسلطة, وحفظ حقوق الاقليات وضمان حقوقها..

لكن هذه المعاني الجميلة للديمقراطية قد تتغير في العالم الاسلامي ليصبح معنها مغاير تماما... فما ان تحل الديمقراطية في بلد اسلامي حتى تبدا معها فكرة الصراع والاقتسام والمكاسب السياسية وتغيب مفردات المشاركة والتعاون وحفظ الحقوق وتبادل المصالح والشورى.

لان التهميش والاقصاء والاستبداد شكل جزء من وعي العقل العربي والاسلامي وتكوينه الممتد على مدى الاربعة عشر قرنا, واستباحت ذاكرته التي تعيد انتاج هذه المفردات باشكال جديدة, غياب القوانين المعززة لمبدأ وفكرة المشاركة وحفظ الحقوق والعدالة.. تعتبر ايضا عاملا مهما في تكوين المفردات الاقصائية, وبروز حالات التشنج والاقصاء وعدم الثقة بين مكونات المجتمع.

الاقليات في العالم الاسلامي تخوض اليوم معركة صعبة مع الاكثرية من اجل حقوقها, وهي تنذر بفتن طائفية وعرقية بسبب سياسية الاقصاء والتهميش والتخوين, فالاكثرية الخائفة على السلطة والمستبدة بها والاقلية الجامحة والمتطلعة لنيل حقوقها يسيران نحو المزيد من الاحتقان, وتعقد الامور في ظل الصراع الاقليمي والعالمي بسبب غياب الشفافية والحوار والارادة الحقيقة لتطبيق العدالة والمساواة.

وهو التحذير الذي تحدث عنه النبي (ص) انما اهلك من كان قبلكم.. اذا سرق فيهم القوى (الغني) تركوه واذا سرق الضعيف (الفقير) اقامو عليه الحد. فالقفز على القانون والاستئثار بغنائم السلطة يغري كل الحركات والطوائف والتيارات للبحث عنها والاحتراب من اجلها.

الوضع السياسي في العراق والسودان وباقي دول العالم الاسلامي يفرض سؤالا ملحا عن الانسان المنهك, والمتعب والمستباح والمقهور في نظر الحكومات وحركات التحرر والمعارضة.

من هنا فان المطلوب اليوم التركيز على الانسان, وتحريره من قيود الجهل والظلم والمرض والفقر للوصول به الى الكرامة بدلا من البحث عن السلطة والجاه والمكانة الاجتماعية واقتسام الجماهير والنفوذ.

واذا كانت شخصياتنا التاريخية تصيبنا بالتشنج والتازم, ويعترينا الحرج في الاقتداء بها او يراها البعض شخصية الفئة والتيار والمذهب, فلنتعلم من الشخصيات المعاصرة والمغايرة من امثال غاندي ونيلسون مانديلا الذي قال أنه لم يكن يريد أن يصبح رئيسا لجنوب أفريقيا وكان يفضل أن يصبح شخصا أكثر شبابا عن أن يكون أول حاكم أسود للبلاد.

ويقول مانديلا في كتاب جديد بعنوان "حوارات مع نفسي" صدر أمس: "إنه لم يقبل الرئاسة إلا بعد أن تعرض لضغوط من كبار قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي". وقال مانديلا: إنه كان يفضل خدمة دولة جنوب أفريقيا الجديدة دون تولي أي منصب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أو الحكومة.

فالوصول للديمقراطية والمشاركة السياسية يمر عبر الجماهير. لهذا من الضرور ان تعمل النخب الثقافية والجماهيرية على اعادة صياغة الوعي العربي والاسلامي وتجديد تكوينة عبر تاصيل وتفعيل مبدأ المشاركة والمسؤولية والتعاون وانبعاث الضمير الانساني وليس المحاصصة والعمل معا من اجل حياة افضل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/تشرين الأول/2010 - 5/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م