برلمانيو العراق... وأفضلية المصالح الخاصة

بدل الإيجار مثالا

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: تناقلت وسائل الإعلام المختلفة وباهتمام بالغ نوبة الابتكارات البرلمانية لاسيما تلك التي جاءت على أنقاض الفوضى السياسية وتأخير تشكيل الحكومة، هذا مما شجع بعض البرلمانيين وأوحى إليهم بضرورة أجبار الحكومة على دفع مبلغ ثلاثة ملايين دينار عراقي عدا ونقدا كبدل إيجار، وذلك لاعتبارات إنسانية ووطنية وأمنية مهمة، فمن وجهة نظرهم وهي تناقش الى جانب ذلك تجميل صورة العضو البرلماني والحرص على تغطية نفقاته المشروعة وغير المشروعة شريطة ان تكون تلك المقترحات والأفكار غير معنية بمعالجة قضايا الأمة العراقية ومحصورة في ترتيب بيت العضو البرلماني، وربما تكون في جعبة ممثلي هذا الشعب الكثير من الأحلام والافتراضات الموجلة، بسبب عدم انعقاد الجلسة الأولى وغياب الدور التشريعي المنصب باتجاه واحد وهو تلبية احتياجات السادة الأعضاء وقد يكون من بين تلك المطالب الملحة ان تتحمل الحكومة العراقية ثمن البدلات الرجالية والنسائية ومساحيق التجميل والمعطرات الفرنسيه والأحذية الايطالية ودفع نفقات العلاج والسفر والحفلات الصاخبة وقصات الشعر الأمريكية والأجنبية والى ما الى ذلك من النفقات الأخرى.

ومن اجل مناقشة الوضع القائم وفضح إستراتيجية الابتزاز البرلماني كانت لنا هذه الوقفة مع أصحاب الضمائر الحية واليكم ما جاء على لسان من اخذ رأيه بهذا الخصوص.

علي حسين مواطن مدينة كربلاء المقدسة علق على هذا الامر قائلا، كثيرة هي الامتيازات التي يتمتع بها اعضاء البرلمان العراقي، وهو أمر جعل الكثير (ممن لا يهتم بالسياسة سابقا) يدخل بقوة الى هذا المضمار، بل ويتدافع بالمناكب مع الآخرين أملا بالحصول على الامتيازات المعلنة للبرلمانيين او بعضها، وآخرها كما في هذا السؤال عن بدل الايجار لكل نائب وهو بمقدار (3) مليون دينار شهريا.

وتساءل حسين خلال حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية)، هنا لابد أن نتساءل هل هناك نائب لا يملك بيتا أو أكثر؟ وإذا صح هذا على بعضهم، ألم تكفهم الرواتب والمخصصات الكبيرة التي يأخذونها من خزينة الدولة لبناء اكثر من بيت، ثم كيف يجوز لهم استلام الرواتب طيلة ستة شهور وهم من دون عمل منذ انتهاء الانتخابات النيابية في آذار من العام الجار حتى الآن، بل هؤلاء الاعضاء هم السبب (مع رؤسائهم) بتعطيل وتعويق تشكيل الحكومة حتى الآن، وقد حرّم عليهم احد المراجع هذه الرواتب لأنها تُصرف لهم من خزينة الدولة وأموال الشعب دون عمل مقابل.

وأضاف حسين، إذن ليس صحيحا أن تُضاعف الامتيازات والمخصصات لنواب البرلمان الذين يعانون اصلا من (تخمة) بالرواتب والمخصصات، لاسيما أنهم (عطّالة بطّالة) من دون عمل، ناهيك عن أنهم السبب الأول في تعطيل تشكيل الحكومة، وكان الله في عون الفقراء.

أما عدنان الصالحي وهو باحث وأكاديمي في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث السياسية، حدثنا قائلا، على ما يبدو اننا بدأنا بمعالجة المشاكل من الطريق العكسي فبدل ان نجد الحلول من الجذور والمشاكل العامة التي تنتشر على مساحات واسعة لطبقات متعددة للمجتمع العراقي أخذنا نتابع ونعالج كماليات الأمور، وكأننا أمنا تيار كهربائي متواصل للمواطن وامن مستتب بشكل يستطيع المواطن الخروج في أي وقت من اليوم، وعالجنا حالات الفساد الإداري بشكل يخاف أن يقال عنه بأنه مفسد إداري أكثر ما يخاف من شيء أخر.

 ولهذا الأمر فقد استلزم أن تتوجه حكومـ ( تنا .... تهم) لتهتم بشان إيجار الأعضاء الجدد في مجلس النواب العراقي والذي لم يستطيع الالتئام لأكثر من ساعة واحده خلال فصل تشريعي كامل مدته قرابة ألثمان أشهر لتصرف لهم بدل إيجار مقداره (ثلاثة ملايين عراقي) في وقت سكن فيه الاف من العراقيين في بيوت بائسة لا تمت الى صنف البيوت بشيء إضافة الى من تهجر في العراء بسبب الطائفية العمياء.

واسترسل الصالحي في حديثه لـــ(شبكة النبأ المعلوماتية)، قد يتهمني البعض إني متحامل على النواب او يصفني باني متشدد او بعثي او معاد للعملية السياسية الجديدة في البلاد ولا يهمني ما سيقول من يقول ولكن ماذا سيقول هم لرب الأرباب يوم نقف أمامه ليسألنا لماذا أعطيتم هؤلاء البشر مبالغ للمال تفوق حاجتهم أضعافا مضاعفة، فيما هجرتم وأزلتم بويتات بسيطة آمنة استقر فيها من لا يملك لنفسه ولعياله قوت يومه أسميتموهم سلفا ب(التجاوز) وطبقتم عليهم قوانين لم تطبق على غيرهم ممن تجاوز على أموال البلاد والعباد، مالكم كيف تحكمون.

اعتقد أن الجواب اليوم بسيط ويستطيع هؤلاء المسؤولون الجواب بشتى الحجج الواهية كبيت العنكبوت ولكن لا جواب لهم يوم القيامة إلا (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ).

ونوه قائلا، المهم هنا أن نشير بان من يعطي الأموال عليه أن يلاحظ بأنه يتحكم بأموال شعب كامل وعليه أن يجد مبررا مقنعا عقلا وشرعا وأخلاقا لصرفه والا فان الزمان سيدور كما دار على الآخرين وحاسبهم وعلى السادة النواب والمفترض أن يكونوا أمناء على اموال الشعب الذي انتخبهم بان يرفضوا مالا يستحقونه لأنهم على اقل تقدير لم يسكنوا تلك الشقق في فترة مضت على اقل واضعف الإيمان.

إلا أن الإعلامي حسن عداي قد أبدى اندهاشه من صحة تلك المعلومة مرجحا بان الموضوع لا يتعدى كونه أشاعه أو مزحه الهدف منها المساس بنزاهة البرلمان العراقي ليس إلا.

واستدرك عداي قائلا، لو صحة تلك التقديرات أو التنباءات الإعلامية بخصوص استلام أعضاء البرلمان العراقي الجدد مبلغ ثلاث ملايين دينار عراقي كبدل أيجار فهذا قطعا سوف يجعلنا أمام خيار واحد وهو الترحم على أعضاء الدورة السابقة والهدف ليست قيمة المبلغ المعطى أو الممنوح لأعضاء الدورة الحالية، إلا انه ومع شديد الأسف يحمل صفة الاستهتار بحق المواطن والاستهتار بحق الإنسان البسيط.

وأضاف عداي مخاطبا أعضاء مجلس النواب العراقي من خلال ـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، أنتم في الوقت الذي تزيلون فيها أحياء سكنية كاملة تحت مسمى أحياء التجاوز ليبقى ساكني تلك الأحياء في العراء، وهذا ليس انحياز لعملية التجاوز على الأرض او بناء الأحياء العشوائية ولكن من المفترض عندما نقدم على معالجة خطاء ما ان لا نكرر ذلك الخطاء بطريقة أخرى، وان لا تفهم تلك الممارسات على إنها إستراتيجية حكومية الغرض منها جعل العضو البرلماني في برج عاجي وغير معني بمعالجة هموم ومشاكل المواطن العراقي الذي كان هو السبب الحقيقي لوصوله الى قبة البرلمان ولكنه بعيد كبعد السماء عن الأرض عن المواطن العادي، وقد تتمحور من خلال ذلك معلومة مرادها بان العراقيين قد أصيبوا بلعنة التطرف في كل شيء فليس هناك من حلول وسط ونحن دائما أصحاب أرقام قياسية، والأمر مكشوف وبمتناول القريب والبعيد فلو تحدثنا عن العنف فقد اخذ الآلاف من العراقيين ولو تحدثنا عن الزيادة او عن التطرف فنحن على رأس تلك القائمة ومن دون منازع.

وأضاف عداي، تصور بأن العضو البرلماني في العراق حتى وان كانت خدمته لا تتعدى اشهر معدودة الا انه أعطيه قطعة ارض على نهر دجلة مساحتها 600 متر حتى لا يتعكر مزاجه وهذا خلاف ما يسعى إليه العضو البرلماني في كل أرجاء العالم فهم يتنافسون وبضراوة على تقديم الخدمات لشرائح المجتمع المختلفة، إلا ان العضو البرلمان في العراق وعلى الرغم من مضى سبعة اشهر على الانتخابات الا انه غير قادر على تشكيل الحكومة، وهناك من يتحدث عن العضو البرلماني في المانيا وهي من الدول الصناعية السبعة على انه يتقاضى 7500 يورو فقط كراتب شهري أي ما يعادل عشرة آلاف دولار و500 إلا إن هذا المبلغ يساوي راتب واحد من حماية احد البرلمانيين.

وختم عداي حيثه قائلا، أننا كعراقيين نحتاج الى إعادة النظر في كل شىء اذا كنا جادين في بناء عراق جديد فهذا ليس ببناء بل هدر في الأموال وهدر في الإمكانيات وحتى التوافقات السياسية وما تلقيه من أعباء على واقع الحياة العراقية أو نتأثر بها أو ندفع ثمنها، فانتم تضعون حاجز ما بين المواطن والبرلماني، لاسيما وان المواطن قد اقدم على انتخاب ذلك العضو ببساطة وقد يكون من بين أولئك المنتخبين من هو إنسان بسيط ويعمل في مهنة بسيطة او بائع متجول فبدل ان ينشغل بمناصرة قضية الناس الذين انتخبوه فحتما سوف ينشغل بقيمة الراتب وقيمة الامتيازات، وهناك من الأدلة الشيء الكثير ففي الدورة السابقة للبرلماني العراقي فلم يجتمع البرلمان على قضايا كبرى كقانون النفط والغاز وقانون الصحافة الا انه اجتمع وبكامل أعضاءه في مناقشة امتيازات السادة الأعضاء وهذه نقطة سوداء بتاريخ البرلمان السابق وإذا كان البرلمان اللاحق يحمل نفس الروحيه فسوف يذكرنا بسالفة (شعيط ومعيط) ويجعلنا نترحم على ذلك البرلمان.

من جانبه قال الإعلامي علي النواب، من حق البرلمانيين أساسا ان يسكنوا وان لا يناموا في الشارع او يجتمعوا في الشارع ولكن معروف تماما بان عضو مجلس النواب او البرلمان كما يحلو للبعض تسميته هو وكيل للمواطن العراقي بمعنى ان المواطن العراقي كان يحتاج الى السكن ويحتاج الى أمور أخرى، وكان عضو مجلس النواب هو الذي سوف يطالب بكذا حقوق ولكن ان يذهب العضو البرلماني ليطالب بحقوقه ويسكن في هكذا بيوت يكون ايجارها ثلاثة ملايين وهي بالتأكيد بيوت ضخمه جدا ويترك المواطن بلا مأوى، ليس هذا فحسب بل هناك تشريعات وقوانين أجبرت المحافظة على اتخاذها في إزالة التجاوزات وبالتالي إزالة البيوتات، إذا كان مجلس النواب او أي مسول يعتبر بان المسئولية هي مميزات وهي امتيازات اعتقد نحن في ديمقراطية خاسره وفاشلة سلفا هذا مهم.

ويستشهد النواب في حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية)، الدولة قبل ان تكون دولة كانت عباره عن مجموعة من الناس غير المنضمين والفوضويين الا إنهم فكروا في وقتا ما وفي مكانا ما، ان يكونوا دولة وان يستثمروا ثروات البلد وبالتالي تحويلها الى خدمات كان تكون كهرباء وماء وإسكان وغير ذلك، لكن ان تتحول الدولة إلى جابي كبير كما يحدث الان مثلا في جباية الاموال الخاصة بالماء والكهرباء التي تضاعفه عشرات المرات اعتقد هذا خرق كبير للأسس الإنسانية التي يتحدثون عنها اذا كانت الدولة تتعامل مع المواطن بطريقة المواد الغذائية التي تأخذ أجرة او بدل 12 مادة ولا تعطي سوى مادة واحده او مادتين فهذه سرقه في وضح النهار الدولة اذا تحولة الى تاجر كبير يحاول ان يسرق المواطن بهذه الطريقة، اعتقد هذا هو الخرق الكبير للإنسانية وأيضا للدستور وحتى للمعايير الأخلاقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/تشرين الأول/2010 - 24/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م