هل تجاوز غوغل حدوده؟

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: تحاول شركة غوغل والتي تجتاح شبكة الانترنت العالمية من إيجاد خدمات جديدة تتيح لمستخدميها السهولة والراحة في التصفح الالكتروني وفي الوقت ذاته تنافس بذلك الشركات الأخرى محافظة على موقعها العالمي كأكبر محرك بحثي في العالم، لاسيما وان الكثـيرين حول العالم يعتمدون وبشـكل تام عليـها وفـي أدق تفاصـيل حياتـهم اليومية، ولكن غوغل لم تتوقع انها عندما تربح أموالا طائلة توفرها لها هذه الخدمات وإمكانية تحقيق أي رغبة يمتلكها المشترك، واستحداث برامج تفوق الخيال وتجعل العالم عبارة عن كبس أزرارا صغيرة، انه جانب ايجابي فقط فيما تفعله، حيث انها غير مدركة لبعض السلبيات التي وضعها المراقبين.

ذلك لأنها سوف توفر لآخرين من استخدام هذه الامتيازات بشكل خاطئ، وهذا ما آثار مخاوف بعض الدول بسبب ما توفره من أنظمة متطورة في التصفح خطيرة وخدمات تتجاوز الحدود، حيث تخشى من ان تستخدم هذه الخدمات في أمور غير شرعية ويؤدي هذا بظهور تهديدات أمنية على البلاد، بالإضافة الى ان البعض من المشتركين يتهمونها بسرقة خصوصية الأفراد والتدخل بشؤونهم الخاصة.

ألمانيا تناقش الخصوصية

فقد اجتمع مسؤولون ألمان مع شركات الانترنت في محاولة للتوفيق بين قواعد ألمانيا الصارمة لحماية البيانات وبرامج مثل برنامج جوجل لرسم الخرائط "ستريت فيو" مع زيادة الدعوات لوضع ضوابط.

وقالت ايلزه أيجنر وزيرة حماية المستهلك التي دخلت في خلاف مع موقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت (فيسبوك) بشأن أسلوب تعامله مع بيانات المستخدمين لصحيفة تاجشبيجل انها تأمل في تشريع اكثر صرامة لكبح جماح بعض طموحات جوجل أكبر محرك بحث على الانترنت في العالم.

وقالت أيجنر للصحيفة "يجب أن ننظم من الناحية القانونية جمع واستخدام البيانات الجغرافية المصورة" وأضافت انها تشعر بأن الشركات ينبغي ألا تترك لتنظيم نفسها. وردد هذا رأي مئات الآلاف من الألمان الذين طلبوا أن تبقى منازلهم خارج خدمة جوجل التي تستخدم أساطيل من السيارات المزودة بكاميرات لالتقاط صور بانورامية للمدن من أجل أطالسها على الانترنت. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وتنتقد الحكومة الألمانية برنامج "ستريت فيو" وقالت انها ستمعن النظر في وعد جوجل باحترام طلبات الخصوصية عن طريق استبعاد الأشخاص عن هذا المشروع. وأمام الألمان مهلة حتى 15 من أكتوبر تشرين الاول للتقدم بطلبات لجعلهم خارج هذه الخدمة.

ولكن وزير الداخلية توماس دي مايتسيره الذي استضاف الاجتماع الذي حضرته جوجل طرح آفاقا أكثر إشراقا لفرص الشركة في الاستمرار في المشروع قائلا انه ينبغي عدم توقع الحظر الكامل لهذه الصور.

الهند تطلب

في حين قال مسؤول رفيع في وزارة الداخلية الهندية ان الهند سترسل طلبا لكل من جوجل وسكايبي لتطلب منهما وضع خوادم لهما في البلاد ومنحها القدرة على الاطلاع على بيانات الانترنت الخاصة بهما.

وفي تكرار لمخاوف عبر عنها عدد من الدول الأخرى تقول الهند انها تريد الحصول على السبل التي تمكنها من تتبع وقراءة رسائل البريد الالكتروني الآمنة التي يتلقاها مستخدمو بلاكبيري والاطلاع على بيانات الانترنت التي يخشى مسئولون أن يسيء متشددون استخدامها.

وقال مصدر حكومي ان شركة (ريسيرش ان موشن) المصنعة لبلاكبيري ستمنح الهند القدرة على الاطلاع على بيانات بلاكبيري الآمنة ابتداء من الأول من سبتمبر أيلول مما يجعل نيودلهي ترجئ قرارا حول ما اذا كانت ستوقف استخدام هذا النوع من الهواتف. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وصرح جي.كيه بيلاي الوكيل بوزارة الداخلية لصحفيين بأن طلبات مماثلة ستقدم لكل من جوجل وسكايبي ولم يذكر توقيت ذلك. وتقوم سمعة بلاكبيري على نظامه الأمني وربما يؤدي التنازل تحت الضغط من الحكومات الى الإضرار بالشعبية التي يحظى بها هذا الهاتف بين رجال الأعمال والساسة. وربما تكون شركتا ابل ونوكيا المنافستان الرئيسيتان لشركة (ريسيرش ان موشن) هما أكبر المستفيدين اذا أوقفت الهند خدمات بلاكبيري.

تسريع البحث

من جانبها كشفت شركة جوجل النقاب عن مجموعة من التحسينات التي أدخلت على محركها للبحث على الانترنت تتوقع تساؤلات المستخدمين أثناء كتابتها فيما يبشر بتقليص الوقت اللازم للعثور على المعلومات على الشبكة وزيادة البحث من خلال موقعها الالكتروني.

وتقدم خدمة جوجل انستانت التي يجري تدشينها في الولايات المتحدة نتائج البحث على صفحة الكترونية قبل أن يكمل المستخدم كتابة كلمات البحث. ويتم تحديث نتائج البحث وتغييرها على الصفحة مع متابعة المستخدم كتابة حروف إضافية لكلمة البحث.

وقالت جوجل إن التقنية الجديدة يمكن أن تقلص فترة كل عملية بحث بواقع ثانيتين الى خمس ثوان في الوقت الذي تسهل فيه على المستخدمين سرعة البحث عن الموضوعات ذات الصلة.

وفي مؤتمر صحفي في متحف الفن الحديث بسان فرانسيسكو لعرض التغييرات شبهت ماريسا ماير نائبة رئيس جوجل للبحث وخبرة المستخدم التقنية الجديدة بتقنية التوجيه المعزز (باور ستيرينج) في السيارات.

وقالت "بمجرد أن تتعود عليه .. يكون من الصعب للغاية التراجع عنه" على الرغم من أنها أقرت بأنه أثناء التجارب اختار بعض المستخدمين إغلاق الخاصية الجديدة. وقال مسؤولون تنفيذيون في جوجل ان التقنية الجديدة لن تغير الترتيب الذي يصنف من خلاله محرك البحث الصفحات الالكترونية أو الطريقة التي يقدم بها الإعلانات الى جانب نتائج البحث. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وعلى سبيل المثال يمكن من خلال التقنية الجديدة أن يقدم محرك بحث جوجل توقعات الطقس المحلية بمجرد أن يكتب المستخدم الحرف الاول من كلمة طقس. واذا واصل المستخدم كتابة كلمة أخرى في صندوق البحث فسيتم تحديث الصفحة وتغيير النتائج وفقا لذلك.

وجوجل أكبر محرك بحثي في العالم لكنها تواجه منافسة متزايدة من محرك بينج التابع لشركة مايكروسوفت. وقالت جوجل ان التقنية الجديدة ستكون متاحة أيضا في مزيد من الدول بما في ذلك فرنسا وبريطانيا في غضون أسابيع وقالت انها تأمل في توفير نسخة يمكن استخدامها في الهواتف الذكية خلال الشهور القادمة.

توفير خدمة الاتصال بالهواتف

في الوقت ذاته قالت Google ان مستخدمي خدمتها البريدية (جي ميل) Gmail سيستطيعون الآن الاتصال بالهواتف مباشرة عبر بريدهم الالكتروني مما يضع الشركة في منافسة مباشرة مع خدمة الاتصال عبر الانترنت (اسكايب) Skype وشركات الاتصال التقليدي مثل ايه.تي. اند تي. AT & T وفيريزون كوميونيكيشنز Verizon Communications .

وسبق أن وفرت جوجل بالفعل خدمات الاتصال الصوتي من جهاز كمبيوتر الى جهاز اخر والدردشة عبر الفيديو ولكنها قالت انه ولأول مرة ستسمح بالاتصال بالهواتف المنزلية والهواتف النقالة مباشرة من (جي ميل) .

ووعدت جوجل بان المكالمات من (جي ميل) الى الهواتف في الولايات المتحدة وكندا ستكون مجانية حتى نهاية هذا العام وقالت إنها ستضع تعريفة مخفضة للمكالمات التي تجرى الى دول أخرى. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقالت على سبيل المثال ان المكالمات الى بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين واليابان ستكون تكلفتها سنتين فقط للدقيقة. ويقول المحللون ان الخدمة الجديدة من المحتمل أن تمثل خطرا تنافسيا كبيرا على خدمات مثل التي تقدمها (اسكايب) أكثر مما تمثله لشركات الاتصالات التقليدية والتي أخذت بالفعل في تخفيض أسعار مكالماتها في السنوات الأخيرة بسبب المنافسة الشرسة. وقال تود ريزيمير المحلل في هدسون اسكوير "هذا خطر على اسكايب. انه منافس يتمتع باسم جيد للغاية."

وخدمة (اسكايب) مملوكة لشركات للتملك الخاص وشركة (اي باي) eBay وهي تعتزم طرح عام أولي لأسهمها بقيمة 100 مليون دولار. وتسمح اسكايب للمستخدمين منذ وقت طويل باجراء مكالمات من اجهزة الكمبيوتر الى الهواتف. واصبحت اسكايب مشهورة بانها أول من قدم خدمات مجانية للاتصال الصوتي وعبر الفيديو من جهاز كمبيوتر الى جهاز اخر.

وقال ريزيمير انه مثل اسكايب فمن المتوقع ان تصبح خدمة جوجل أكثر شعبية بين المستخدمين الأمريكيين الذين يجرون اتصالات دولية مقارنة مع الأشخاص الذين يتصلون بالأصدقاء داخل البلاد.

وقال "الاتصالات رخيصة بالفعل لذلك لا اعتقد انها ستجتذب كما كبيرا من الاتصالات الداخلية. يمكن ان تأخذ بعضا من سوق (الاتصالات) الدولية.

غوغل تنفي

في حين نفت غوغل التقارير التي ألمحت إلى قرب إطلاقها لخدمة المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت التي بدأت بتقديمها في بريد جي ميل في الولايات المتحدة، ونشر تقارير صحفية عن نيتها إطلاق ذات الخدمة في الشرق الأوسط، فيما تتعرض لحملة انتقادات جديدة في نيويورك.

والمعروف أن تقنية الصوت عبر الإنترنت، أو ما يعرف باسم مكالمات الإنترنت، هي خدمات ممنوعة ومحجوبة في دول مثل الإمارات العربية المتحدة، مالم تقدم من خلال المشغلين الحاليين للاتصالات. 

وأشارت تقارير صحفية إلى نية غوغل توفير ذات الخدمة هنا، لكن الشركة نفت ذلك مؤخرا. وتحجب هيئة الاتصالات الإماراتية بعض مواقع غوغل وصفحاتها التي تقدم خدمات الصوت مثل غوغل فويس.

ومن جانب آخر أوردت بي بي سي تفاصيل حملة جديدة ضد غوغل، فقد بدأت منظمة لحماية الخصوصية بحملة موجهة ضد غوغل ونشرت في ساحة تايمز سكوير الشهيرة في نيويورك يافطات تظهر صورة كاريكاتورية لرئيس غوغل إيريك شميت بزي بائع أيس كريم وعبارة " سارق الخصوصية" وتصوره وهو يتلصص على الأطفال ويتجسس عليهم بعد أن يغويهم بحلوى مجانية. بحسب وكالة فرانس برس.

ويشير جيمي كورت رئيس منظمة كونسيومر واتشدوج Consumer Watchdog، أن الهدف هو توعية الناس لحماية خصوصيتهم التي يستبيحها شميت وشركته التي تعرف عن الناس أكثر من وكالات وهيئات الحكومات ذاتها.

وقامت المؤسسة المذكورة ببناء موقع خاص موجه ضد غوغل على الرابط: http://insidegoogle.com/ ويضيف كورت إلى أن شعار غوغل كان" لا تكن شريرا" لكن خطط الرئيس الحالي إيريك شميت جعلت خدمات الشركة في منتهى الشر.

وسبق أن دخلت غوغل مع "شراكات" تقنية للتعاون مع الاستخبارات الأمريكية لتطوير مستقبل مراقبة الإنترنت.

وتتعرض غوغل لانتقادات واسعة بسبب سجلها السيء في حماية خصوصية المستخدمين كما حدث مؤخرا في دعوى ضدها في تكساس وأخرى في ألمانيا ودول أوروبية أخرى تسربت فيها معلومات من سيارات التصوير Street View.

اندرويد من جوجل

كما أفاد تقرير صدر مؤخرا بأن نظام تشغيل اندرويد من جوجل سيصبح ثاني أكثر أنظمة تشغيل الهواتف المحمولة شعبية في العالم هذا العام متفوقا على برمجيات منافسة من مايكروسوفت وريسيرش ان موشن وأبل.

ووفقا لمؤسسة الأبحاث جارتنر سيمثل اندرويد حوالي 30 بالمئة من إجمالي مبيعات نظم التشغيل للهواتف المحمولة بحلول 2014 ليصبح في وضع يسمح له بالمنافسة مع نظام تشغيل سمبيان الذي تنتجه نوكيا والذي يحتل قمة نظم تشغيل الهواتف المحمولة منذ عدة سنوات. وتتوقع جارتنر أن تبلغ حصة سمبيان 30.2 بالمئة من السوق العالمية في 2014 مقارنة مع 29.6 بالمائة لاندرويد.

وقالت المؤسسة أنها تتوقع أن يتعزز نمو اندرويد بفضل طرح مجموعة من الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل ذي التكلفة الأقل في النصف الثاني من 2010 مما سيمكنه من الاستحواذ على المرتبة الثانية عالميا قبل عامين من الموعد الذي توقعته المؤسسة في السابق.

وأصبح سوق برمجيات الهواتف المحمولة مجالا رئيسيا للتنافس بين شركات التكنولوجيا اذ يتزايد عدد المستهلكين الذين يستخدمون هواتفهم المحمولة للدخول على الانترنت والاستماع الى الموسيقى الرقمية وممارسة ألعاب الفيديو. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ويعد التحول الى الهواتف المحمولة هدفا رئيسيا لشركة جوجل صاحبة أكبر محرك للبحث على الانترنت في العالم وذلك في إطار سعيها للحفاظ على وتنمية أنشطة الإعلان على الانترنت والبالغ حجمها 24 مليار دولار تقريبا.

وحققت منصة برمجيات اندرويد التي تقدمها جوجل بالمجان لشركات صناعة الهواتف المحمولة نموا كبيرا منذ طرحها في السوق قبل عامين. وقال اريك شميدت الرئيس التنفيذي لجوجل في الآونة الأخيرة انه يجري بيع أكثر من 200 ألف هاتف محمول يعمل بنظام اندرويد يوميا من إنتاج شركات مثل موتورولا واتش.تي.سي وسامسونج الكترونيكس.

وذكر تقرير لمؤسسة ان.بي.دي للأبحاث أن اندرويد أصبح نظام التشغيل الأول للهواتف الذكية في الولايات المتحدة في الربع الثاني من العام.

واحتفظ نظام التشغيل سمبيان من إنتاج نوكيا بالمركز الأول عالميا بفضل الانتشار الواسع لأجهزة نوكيا. لكن الشركة تجد صعوبة في طرح هاتف ذكي عالي الإمكانيات ينافس هواتف مثل اي فون الذي تنتجه أبل أو الأجهزة التي تعمل بنظام اندرويد.

التلصص على رسائل الأطفال

بينما أكدت غوغل أنها قامت بفصل مهندس يعمل لديها عقب ورود شكاوى من أهالي بعض الصغار الذين اشتكوا من تعرض رسائلهم في حسابات جي ميل للعبث. وذكرت الشركة أنها فصلت موظفا لديها لانتهاك سياسة الشركة في تعامله مع حسابات المستخدمين. 

وأشار موقع غوكر إلى أن مهندس البرامج ديفيد باركسديل في مكاتب غوغل في مدينة سياتل قد استغل منصبه في الدخول إلى حسابات  جي ميل وغوغل فويس لعديد من الأطفال. وقامت الشركة بفصله عقب شكاوى من أهلي الأطفال. بحسب وكالة الأنباء السعودية.

ويضيف الموقع أن ديفيد تباهى لأحد أصدقائه من مشتركي الخدمة في جي ميل بأنه يعرف حساباتهم الأخرى في البريد والتي اعتقدوا أن جي ميل لا يمكنها ربط جميع الحسابات التي تعود لنفس الشخص إن غير اسمه. وتأتي هذه الحادثة بعد أيام قليلة من إطلاق غوغل لـ "مركز  سلامة العائلة"   Family Safety Center لمساعدة الأهل على حماية الصغار من مخاطر الإنترنت، إلا أن الشركة لم تقدم وسيلة للحماية من مصدر الخطر الأهم وهو مراقبة صلاحيات العاملين في الشركة أنفسهم مع قدرتهم على الاطلاع على رسائل ومعلومات الآخرين بلا حسيب ولا رقيب!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/تشرين الأول/2010 - 22/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م