حق الزوجة في طلب التفريق بسبب العنف الأسري

القاضي سالم روضان الموسوي

المقدمة

تعد الحياة الزوجية من الثوابت المقدسة عند جميع الأمم والشعوب، ونالت اهتماماً كبيراً في نواميسها وقوانينها، وطالما ربط ميثاق الزواج بالسماء وعد من تنظيم الخالق عز وجل ولم يكن الأمر حصراً على جهة او قومية او شريعة دون أخرى بل كاد الجميع يجزم بذلك، وفي الشريعة الإسلامية جعل الزواج من نعم الخالق عز وجل التي من بها على خلقه وعباده بمصداق الآية الكريمة (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون)[1] وكان لهذه الآية اثر واضح في تعريف عقد الزواج في القوانين الوضعية التي استمدت أحكامها من تلك الشريعة، وقانون الأحوال الشخصية النافذ في العراق رقم 188 لسنة 1959 كان انعكاس للأحكام القرآنية وأراء المذاهب الإسلامية في اغلب المواد التي احتواها.

 كما أشار إلى تنظيم أحكام الزواج في الباب الأول المواد (3-11) وبتعريفه للزواج كان اثر الشريعة الإسلامية واضح فيه حيث جعل الزواج من عوامل السعادة للإنسان وله غايات وان يقترن بمشروعية الانسجام مع الأحكام الشرعية عندما ربط الزواج بين الرجل والمرأة في مسألة الحلال الشرعي على وفق نص الفقرة (1) من المادة الثالثة (الزواج بين رجل وامرأة تحل شرعاً غايته أنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل)، ومن هذا العرض نجد أن هذا الربط بين ميثاق الزواج والسماء رتب آثار مهمة عند السعي لإنهائه أو فك عراه أو حله. فغلظت الأحكام وشددت الشروط في ذلك حتى يتمكن الطرفان من إنهاء هذه الرابطة ووجدت أبواب عدة لذلك اعتمدت بأغلبها على آراء المذاهب وفتاوى فقهاء الإسلام، وكان الأمر ينحصر بثلاث وسائل الأولى بأمر وإرادة متفردة من الزوج أو الزوجة عندما تكون مفوضة بذلك وهو ما يسمى بالطلاق[2]، والثاني باتفاق الطرفين وهو ما يسمى بالتفريق ألاتفاقي او المخالعة[3]، والثالث بإرادة ولي الأمر الممثل بالحاكم الشرعي بمسمى فقهاء الإسلام وقاضي محكمة الأحوال الشخصية على وفق أحكام القانون الوضعي في العراق ويسمى بالتفريق القضائي[4].

 ومنح القانون العراقي عدة أسباب لطلب التفريق القضائي منها ما هو مشترك للطرفين بان يطلب احدهم التفريق القضائي لأسباب وردت في نص المواد (40، 41، 42) ومنها ما تختص به الزوجة على وفق نص المادة (43) من قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959. لذلك سأقصر هذه الدراسة على جزئية من أسباب طلب التفريق من قبل الزوجة سواء بالأسباب المشتركة بينها وبين الزوج أو المتعلقة بها حصراً وهو تعرض الزوجة إلى العنف الأسري، فهل يعد ذلك من الأسباب التي تجيز لزوجة طلب التفريق وللمحكمة إصدار قرارها بالتفريق إن توفر شروطه وأركانه؟ وسوف لن أتطرق إلى أنواع العنف الأخرى ضد المرأة لأنها متعددة وتأخذ أوصاف كثيرة وذلك لضيق حجم البحث والالتزام بالنطاق الموضوعي للدراسة. وستكون الدراسة على مطلبين تتفرع إلى عدة فروع حسب مقتضيات حاجة البحث.

المطلب الأول

التفريق القضائي

بما ان الدراسة تتعلق بطلب التفريق عند توفر العنف الاسري لذا من الضروري ان اعرج على مفهوم التفريق القضائي وعلى وفق الأحكام الشرعية والقانونية وعلى وفق الاتي: ـ

الفرع الأول

 التعريف اللغوي الاصطلاحي

ان انحلال الرابطة الزوجية يكون بعدة أوصاف اما فسخ أن كان عقد الزواج قد اعتراه خلل مثل توفر الحرمة المؤبدة أو المؤقتة بين الزوجين او بارادة الزوج المنفردة ويسمى طلاق او باتفاق الطرفين ويسمى التفريق القضائي او بقرار من المحكمة وهو محل البحث ويسمى التفريق القضاء وكل ما ذكر في الوجه الثاني لانحلال الرابطة الزوجية يعد طلاق سواء بإرادة الزوج او اتفاق الطرفين أو بقرار قضائي وذلك على وفق ما وصفته المادة (45) من قانون الأحوال الشخصية[5] ومن ذلك فان التفريق القضائي وعلى وفق ما عرفه بعض شراح قانون الأحوال الشخصية ((التفريق القضائي هو حل قيد الزواج بطلاق يوقعه القاضي بناء على طلب الزوج او الزوجة عند تحقق الأسباب القانونية))[6]، ومما تقدم لابد من الإشارة إلى تعريف الطلاق وباقتضاب يتناسق وحاجة البحث وعلى وفق ما يلي:

أولا: التعريف اللغوي للطلاق

اهتم العرب كثيرا باللغة العربية كونها لغة اشتقاق وتتمتع بالحيوية ومواكبة الحياة وإنها لغة القران الكريم ووعاء الفكر الإسلامي النير فكان لابد لهم من يهتموا بها لارتباط شموليتها بشمولية الفران الكريم الأحكام الشرعية وهذا ما سنلاحظه في هذا المطلب تجاه كلمة الطلاق، لان الطلاق كلمة مشتقه من اصل الفعل الثلاثي طَلًَقَ ومعناه في اللغة (إخلاء السبيل، والمرآة تطلق طلاقا فهي طالق وطالقة غدا، قال الأعشى: أيا جارتي بيني فانك طالقه وطلقت وطلقت تطليقا. والطالق من الإبل ناقة ترسل في الحي ترعى من جنابهم أي حواليهم حيث شاءت، لا تعقل إذا راحت ولا تنحى في المسرح، وأطلقت الناقة وطلقت هي أي حللت عقالها فأرسلتها. ورجل مطلاق ومطليق أي كثير الطلاق للنساء)[7] كما أورد بعض اللغويين بان (الطلاق لغة هو حل القيد والإطلاق, وهو اسم بمعنى المصدر الذي هو التطليق كالسلام بمعنى التسليم والسراح بمعنى التسريح, أو هو رفع الوثاق)[8] كما إن (الاسم من طلق: الطلاق، وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة (طالق). وطلاق المرأة يكون لمعنيين أحدهم حل عقدة النكاح. والآخر بمعنى الترك والإرسال. من قولهم طلقت القوم: إذا تركتهم. وطلقت المرأة بالفتح تطلق من باب قتل - وفي لغة من باب قرب - فهي طالق بغير هاء. فإن جاؤا بالهاء فعلى سبيل التأويل)[9] وذكر الفقيه المصري سيد سابق بان (الطلاق: مأخوذ من الإطلاق، وهو الإرسال والترك. تقول: أطلقت الأسير، إذا حللت قيده وأرسلته)[10] ومن ذلك نرى إن التعريف اللغوي للطلاق هو إخلاء السبيل أو الترك أو الإطلاق.

ثانيا: التعريف الاصطلاحي

أما في الاصطلاح أو ما يسمى بالتفريق الشرعي فقد أورد علماء الشريعة الإسلامية جملة من التعاريف التي تتفق في كون الطلاق هو رفع القيد وفك وثاق الزوجية وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة طالق وطلاق المرأة يكون لمعنيين احدهم: حل عقدة النكاح والآخر بمعنى الترك والإرسال[11] ومن الفقهاء من قال بان الطلاق (هو رفع قيد النكاح بلفظ مخصوص صريحاً أو كفاية أو إشارة)[12] كما ذكر في مورد آخر بان الطلاق ((شرعا حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه. والأصل فيه قبل الإجماع الكتاب كقوله تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)[13] والسنة كخبر: ليس شيء من الحلال أبغض، إلى الله تعالى من الطلاق. رواه أبو داود بإسناد صحيح))[14].كما (عرفه النووي في تهذيبه بأنه تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب فيقطع النكاح)[15] وقيل أيضا بان (الطلاق وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة " طالق ")[16] ومن المتأخرين من الفقهاء سيد سابق الذي عرفه بان الطلاق (حل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية)[17]. وكان الطلاق معروف قبل الإسلام إلا انه لم يكن محدد العدد بل مطلق لرجل أن يوقعه متى شاء وعدد شاء !

 كما كان الطلاق في صدر الإسلام بغير عدد، وكان الرجل بطلق امرأته ما شاء من واحد إلى عشرة، ويراجعها في العدة، فنزل قول تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)[18] فبين أن الطلاق ثلاث، فقوله (مرتان) إخبار عن طلقتين، واختلفوا في الثالثة، فقال ابن عباس: (أو تسريح بإحسان) وقال بعض التابعين: (فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره)[19].

والملاحظة على إن الفقهاء كان إجماعهم في الطلاق ناجم عن وحدة الموضوع في التشريع السماوي الوارد في القران الكريم وفي الآيات الكريمة ومنها((وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً))[20] ((وان عزموا الطلاق فأن الله سميع عليم))[21] وقوله ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء...))[22] وقوله ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان))[23] وقوله ((يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم))[24] وقوله ((يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً))[25].وقوله ((للمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين))[26]. وهناك موارد وشواهد كثيرة في القران الكريم على الطلاق ووردة سورة باسم سورة الطلاق وهذا يدل على أهمية الطلاق وأثره في بناء المجتمع وتأثيره في مسيرة الأمة كما ذكر في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة ومنها قوله الشريف (ابغض الحلال إلى الله الطلاق) لذلك فان التعريف الاصطلاحي أو الشرعي للطلاق هو التعريف الذي ورد في نص المادة 34 من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل ((الطلاق هو رفع قيد الزواج بإيقاع من الزواج أو من الزوجة إذا وكلت به وفوضت أو من القاضي ولا يقع الطلاق إلا بالصيغة المخصوصة له شرعا)) والذي أراه يتوافق مع التعريفات التي أوردتها قوانين اغلب الدول العربية ويستوعب مجمل التعاريف التي أشار إليها فقهاء المسلمين على مختلف مذاهبهم.

الفرع الثاني

شروط التفريق القضائي

مثلما أسلفت من الذكر في الفرع الأول حول تعريف الطلاق والتفريق القضائي يعد طلاق، لذلك فان أركانه شروطه هي ذاتها أركان وشروط الطلاق وتتجلى أركانه بالزوج والزوجة ولا يحتاج إلى بقية الأركان المتعلقة بالصيغة أو الأشهاد، وهذه ما يميز التفريق عن الطلاق ويمكن لنا ان نجمل ذلك بما يلي: ـ

1. في التفريق الزوج لا يتلفظ بصيغة الطلاق بل يقع بقرار من القاضي، أما في الطلاق لابد وان يتلفظ الزوج بصيغة الطلاق المخصوصة شرعا.

2. التفريق لا يشترط فيه الأشهاد إذا كان عقد زواج الطرفين تم على وفق أحكام المذهب الجعفري، بينما في الطلاق يعتبر من أركان صحة وقوعه عند الأمامية.

3. التفريق لا يشترط فيه طهر الزوجة عند وقوعه، بينما يعد من شروط صحته عند الطلاق عند الأمامية.

4. الطلاق يقع من حين التلفظ بصيغته الشرعية، بينما في التفريق اثر انحلال الرابطة يقع اعتبارا من تاريخ صدور قرار الحكم القضائي بالتفريق.

5. يشترط عند الطلاق حضور الزوج في مجلس الطلاق، بينما لا يشترط ذلك في التفريق، إذ من الممكن أن يصدر قرار التفريق دون حضور الزوج أو حتى علمه به عندما تكون المرافعة في الدعوى غيابية.

6. من الممكن استئناف الحياة الزوجية دون عقد أو مهر جديد في الطلاق الرجعي، بينما في التفريق يعتبر الطلاق بائن ولا يحق للطرفين الرجوع إلى بعضهم إلا بعقد ومهر جديدين.

لذلك سأعرض إلى الزوج والزوجة فقط وعلى وفق ما يلي:ـ

أولا: الزوج

أهلية التقاضي ويقصد بها الأهلية القانونية التي اشترطها القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل الذي حددته المادة (105) منه بثمانية عشر سنة كاملة تحتسب من تاريخ تمام ولادته حياً على وفق أحكام المادة (45) مدني التي اعتبرت ذلك ابتداء الشخصية الطبيعية للإنسان وتنتهي بموته، كما إن المادة (3) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1978 المعدل أشارت إلى سن الرشد بثمانية عشر سنة كاملة أيضا , لذلك فان الأهلية المقصود بها هي الأهلية التي أشارت إليها المادة الثامنة من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل وهي أهلية الزواج ببلوغ الخامسة عشر مع موافقة القاضي إذا وجد ضرورة لذلك ومن تطبيقات لاقضاء العراقي عدم جواز قبول الدعوى من القاصر وان تزوج وان كان هذا التوجه في الاجتهاد القضائي محل جدل ونقاش ومن ذلك ما سارت عليه محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب بقرارها 2520/ش/2010 في 29/8/2010[27]

ثانيا: الزوجة

أن تكون زوجة بموجب عقد زواج صحيح فلا يصح الحكم بالتفريق بين رجل وامرأة لم تكن زوجة له عند اقامة الدعوى، كذلك ل يحكم بالتفريق إذا كانت معتدة من طلاق رجعي، أو معتدة من طلاق بائن بينونة صغرى، وهذا يبين بوضوح إن من الشروط المتفق عليها بالإجماع شرط قيام الزوجية بموجب عقد النكاح الصحيح بغض النظر عن الدخول بالزوجة من عدمه.

ثالثا: طلب التفريق

التفريق القضائي لا يقع إلا بناء على طلب يتقدم به احد الزوجين إلى القضاء يطلب فيه الحكم بالتفريق القضائي وهذا يكون بإقامة دعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية بالنسبة للمسلمين ومحكمة المواد الشخصية بالنسبة لغير المسلمين، لان القضاء لا يتحرك إلا بناء على طلب وعلى وفق ما شار إليه قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل[28]

رابعا: توفر احد أسباب التفريق التي نص عليها القانون

لا يمكن لأي محكمة أن تبحث في دعوى التفريق ما لم يبين صاحب طلب التفريق الذي يسمى (المدعي) عند إقامة الدعوى سواء كانت الزوجة او الزوج من طلب الحكم بالتفريق، إذ عليه أن يحدد طلباته بأحد أسباب التفريق التي أشارت إليها أحكام قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل في الباب الثالث المواد (40 ـ 43) وحدد حالتين لطالب التفريق اولى طلب الاسباب المشتركة لكلا الزوجين في طلب التفريق والحالة الثانية حق الزوجة فقط في طلب التفريق وساعرض لها على وفق ما يلي: ـ

1- الأسباب المشتركة

 ‌أ- نصت المادة (40) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل على اربع حالات يحق لأحد الزوجين بموجبها طلب التفريق باستثناء الحالة الخامسة التي تتعلق بالزوجة حصرا لانها منحت الحق لها بطلب التفريق في حال زواج الزوج بامرأة ثانية خارج المحكمة[29] والحالات الأربع كما يلي: ـ

1. إذا اضر احد الزوجين بالزوج الآخر أو بأولادهم ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية.

2. ويعتبر من قبيل الأضرار، الإدمان على تناول المسكرات او المخدرات، على ان تثبت حالة الإدمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة.

3. ويعتبر من قبيل الأضرار كذلك، ممارسة القمار في بيت الزوجية.

4. إذا ارتكب الزوج الأخر الخيانة الزوجية. ويكون من قبيل الخيانة الزوجية , ممارسة الزوج فعل اللواط, بأي وجه من الوجوه.

5. إذا كان عقد الزواج قد تم قبل إكمال احد الزوجين الثامنة عشرة دون موافقة القاضي.

6. إذا كان الزواج قد خارج المحكمة عن طريق الإكراه وتم الدخول.

 ‌ب- طلب التفريق من قبل كلا الزوجين بسبب الخلاف بينهم وعلى وفق نص المادة (41) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة1959 المعدل حيث ورد في الفقرة من تلك المادة ما يلي (- لكل من الزوجين طلب التفريق عند قيام خلاف بينهما سواء اكان ذلك قبل الدخول او بعده)ثم بينت في الفقرات الاخرى آلية إجراءات التحقق من وجود الخلاف وطرق الصلح بينهم وكيفية انتخاب الحكمين لمسعى الصلح[30]

2- حق الزوجة حصرا في طلب التفريق

كانت للمشرع العراقي التفاته تستحق الثناء حينما حدد بعض الحالات التي تتعلق بالزوجة في طلب التفريق وذلك لحمايتها من الجور الذي قد يلحق بها كونها مازالت في ظل المجتمع كائن ينظر إليه بنظرة المشفق الذي يوحي بضعفها وهذه النظرة مازالت قائمة حتى عند طلب الزواج إذ لا يرى البعض من الزواج إلى إشفاق عليها أو إنها تمثل حاجة الدار إلى من يعمل فيه على خلاف الغرض السماوي والوضعي من رابطة الزواج وفي قرار لمحكمة الأحوال الشخصية الذي رفضت فيه منح الإذن بزوجة ثانية بسبب تقديم الزوج تبريرات تقلل من شأن الزوجة وعلى وفق الأسباب الواردة فيه[31]، وحدد القانون هذه الحالات في المادة (43) التي ستكون محور هذا البحث لان معظم ما يتعلق بالعنف الأسري سنجده متجسد في أحكام هذه المادة[32] وهذه الأسباب من الممكن أن تجمل في أربعة أبواب رئيسية وكما يلي:ـ

1. الحرمان من النفقة

2. الحرمان من المعاشرة الزوجية

3. الحرمان من الإنجاب

4. طلب الزوجة إذا لم يتم الدخول بينهم (الزفاف)

وسوف لن اشرحها لأنها قد أشبعت بحثا في عدد من الدراسات ورسائل الماجستير والدكتوراه وبامكان من يسعى للمزيد الإطلاع على كتب شراح قانون الأحوال الشخصية[33]

المطلب الثاني

العنف الأسري

يعتبر العنف الاسري احد انواع العنف التي تستخدم ضد المرأة اذ توجد انواع وصور عديدة لان الانسان بطبيعته يميل الى استخدام العنف مع الذات ومع الاخرين، ولم يقتصر الامر على الافراد اذ اخذ العنف مسار جمعي ومازال العديد من الجمعات الانسانية سواء كانت على شكل احزاب او منظمات يعتمد العنف منهج في عمله[34] وهذا ادى بدوره الى تعدد أنواع وصور العنف إلا إنها تكاد تنحصر بثلاثة مواضيع وكما يلي:

1. العنف المعنوي (النفسي)

2. العنف المادي (الجسدي)

3. العنف الأسري

وكل واحد مما ذكر اعلاه تتفرع منه عدة صور ففي العنف المعنوي نجد التهديد الذي يوجه الى المرأة تقييد حريتها في العمل وغير ذلك ويكون مباشر اثناء الزواج مثلما يحصل في الكاميرون اذ يتم تزويج رئيس القبيل (500) امرأة[35] وفي العراق حالات إكراه الفتاة بالزواج على رغم انفها. وفي العنف المادي الصور تتعدد منها ما يقع من المرأة ضد المرأة ومن الرجل ضد المراة ومن صوره العمليات الانتحارية، الاختطاف، القتل، الجرح والإيذاء، الاحتجاز، الاغتصاب، وغيره من تلك المشاهد التي أصبحت يومية ومألوفة في العراق[36]، وفي الباب الثالث من العنف هو العنف الأسري محل البحث في هذه الدراسة نجده من اوسع انواع العنف استعمالا في الحياة اليومية وتكاد تتعرض له جميع النساء سواء كانت زوجة ام، بنت، أو أخت أو غير ذلك وسيكون العرض له على وفق الفروع التالية:ـ

الفرع الأول

تعريف العنف الأسري

العنف الأسري هو العنف الذي يمارس داخل الأسرة تجاه المراة لذلك لابد من تعريف معنى العنف في اللغة والاصطلاح مع بيان أنواعه وعلى وفق الآتي:-

أولا:- التعريف اللغوي والاصطلاحي

العنف في اللغة ضد الرفق وجاء في احد قواميس اللغة العربية بان العنف هو استخدام القوة بشكل غير قانوني. أما التعريف الاصطلاحي للعنف ضد المراة فهو واسع ومتعدد على وفق معناه الفلسفي، الأخلاقي، القانوني والاجتماعي. ومفهوم العنف في القانون هو استخدام القوة استخداماً غير مشروع أو غير مطابق للقانون ويؤدي إلى نتائج منها تتعلق بجسد الإنسان وأخرى بحريته وهو العنف المادي وبعض العنف له صورة معنوية تتعلق بالإرادة والإكراه وحرية المعتقد، وأصبح هذا الموضوع محل اهتمام الباحثين والدارسين ووجد علم متخصص يسمى علم العنف (violencology) وكانت نشأته في المملكة المتحدة وبعد نقطة تحول مهمة في تاريخ البشرية، وتم تعريف العنف ضد المرأة في عدد من المواثيق الدولية في مؤتمر بكين للمرأة المنعقد عام 1995،وتم إدراجه ضمن حقوق الإنسان ولم يتم فرد باب متعلق به حصراً [37].

ثانيا: العنف الأسري في التشريعات

أما عن القوانين الوطنية فان هذه القوانين ومنها القانون العراقي إذ تعامل مع العنف تجاه الإنسان (الرجل والمرأة) ولم يحدد نوع من العنف تجاه المرأة وعلى وفق ما جاء في المواد العقابية حول الإيذاء باستخدام العنف والقتل والحجز والخطف وغيرها من الأفعال التي عدها المشرع جرائم وعلى وفق نصوص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل

وللعنف كمفهوم نطاق واسع يتعلق بالسياسة والأخلاق والاجتماع والاقتصاد والقانون لذلك لا اود التوسع فيه وبامكان من يرغب في الافادة الرجوع الى عدد من المصادر والدراسات بهذا الصدد.[38]

لذلك فان أي إكراه أو إيذاء تتعرض له المرأة في داخل أسرتها يشكل عنف اسري سواء كانت زوجة، ام، أخت، او بنت....... الخ. ويتميز العنف الأسري بأنه يحصل بالخفاء ولا يعلن عنه لأنه يقع ضمن محيط الأسرة الذي يضفي عليه طابع السرية وكان ذلك محط اهتمام المنظمات الدولية والعمل على تدارك أثاره السلبية، وأسبابه فإنها عديدة وكثير منها على وفق ما أشار إليه الباحثون عوامل اجتماعية، اقتصادية، وسياسية [39].

ثالثا: سمات العنف الأسري

1- يتميز العنف الأسري بعدد خصائص منها ما يتعلق بالضحية والمحيط العائلي ومنها ما يميزه من حيث التوصيف القانوني ومنها ما يلي:ـ

2- يأتي العنف الأسري من اقرب الناس إلى الضحية من حيث القرابة وفي موضوع هذه الدراسة نجده يصدر من الزوج الذي يعد من نفس الزوجة مثلما الزوجة من نفسه على وفق نص الاية الكريمة (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[40].

3- يعتبر العنف الأسري مسألة شخصية لا تحظى باهتمام المؤسسات الرسمية ولا تتعامل معها باعتبارها جريمة

4- يتسم العنف الأسري باعتباره فعل مخفي على الرغم من ممارسته كثيرا.

5- يختلف العنف الأسري عن التعذيب من حيث الأول لا يعتبر جريمة بينما التعذيب يشكل جريمة على وفق نص المواد (333)[41]، (424)[42] من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.

6- ارتباط فعل التعذيب بالوظيفة الرسمية لمرتكبه إذ لا يعتبر فعل تعذيب ما لم يكن صادر من شخص بحكم وظيفته، أما إذا قام بفعل التعذيب لزوجته حتى وان كان موظفا فلا يعد تعذيبا ولا يخضع للمسائلة القانونية الا بما تنص عليها القواعد العامة في قانون العقوبات

7- ان الضحية من جراء فعل التعذيب يتمتع بمزايا الحماية وطلب التعويض من الدولة اما العنف ضد المرأة لا يمنحها أي من هذه الضمانات على الرغم من اتساع حجمه وضراوة آثاره.[43]

الفرع الثاني

العنف الأسري في قانون الأحوال الشخصية

بعد الإشارة والعرض إلى مفهوم العنف الأسري نتساءل هل له وجود واثر في قانون الأحوال الشخصية ام انه حصرا في قانون العقوبات والقوانين الجزائية الأخرى؟

كما أشرت سلفاً فان القانون لم يذكر ذلك صراحة كلمة العنف الأسري، وإنما أشار إلى الضرر الذي يلحق بالزوجة من جراء تصرفات الزوج ومنحها الحق في طلب التفريق وهذا الحق ورد في بعض مواد قانون الأحوال الشخصية النافذ، وكان الامر يقرن بالضرر الذي يلحق بالزوجة لذلك سأعرض مفهوم الضرر وتطبيقات والنصوص القانون في قانون الأحوال الشخصية وتطبيقات القضاء العراقي بصدد ذلك.

أولا: مفهوم الضرر

يعتبر الضرر الصورة المادية والنتيجة التي تظهر من خلال التصرف الذي يقوم به احد الأشخاص تجاه الآخر ويعرف الضرر عند بعض فقها المسلمين (إنه أمر وجودي ضد النفع. وقال آخرون إن التقابل بينه وبين النفع تقابل العدم والملكة، فيكون معناه عدم النفع في موضوع قابل له)[44]. كما عرفه فقهاء القانون بأنه الأذى الذي يصيب الإنسان في جسمة أو شرفة أو ماله أو عواطفه. ومنهم الدكتور سليمان مرقس بأنه ما يصيب المضرور في جسمة او ماله او عاطفته او كرامته او شرفة او اي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها[45]. ويمكن استخلاص تعريف الضرر بأنه ما يؤذي الشخص في نواحي مادية ومعنوية. وبناء على ما سبق فان الضرر هو عبارة عن الأذى الذي يصيب الشخص من جراء المس بحق من حقوقه، ومصلحة مشروعة، ولا يشترط ان يكون الحق الذي يحصل به المساس ماليا مثل حق الملكية، حق الانتفاع، بل يكفي ان يكون هذا الحق يحميه القانون كالحق في الحياة وفي سلامة الجسم وحق الحرية الشخصية ويمكن تقسيم الضرر إلى نوعين مادي وأدبي. 1- الضرر المادي (المالي) وهو ما يصيب الشخص في ذمته المالية. 2- الضرر الأدبي (المعنوي) وهو ما يصيب الإنسان في شعوره نتيجة لمساس بعاطفته او كرامته او سمعته او شرفة، او في غير ذلك من الأمور المعنوية، التي يحرص الإنسان في حياته عليها، او بعبارة أخرى ما يصيب الإنسان بناحية غير مالية[46]. اما الضرر المقصود في تطبيقات قانون الأحوال الشخصية هو الضرر الجسيم الذي يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية كالاعتداء على النفس والمال واو العرض او الاعتداء الآثم على الأولاد[47]، وهذا التوصيف للضر يندرج ضمن نطاق العنف وعلى وفق ما أشرت إليه عند تعريف العنف في الفرع الأول من المطلب الثاني أعلاه.

ثانيا: تطبيقات القضاء العراقي

ان تطبيقات القضاء العراقي المتمثلة بالاحكام التي تصدرها محاكم الاحوال الشخصية وقرارات محكمة التميز التي تعد مبادئ مهمة لانها تصدر من اعى هئية قضائية في العراق وسيكون العرض على وفق نصوص قانون الاحوال الشخصية من اجل تيسير النمعرفة والمطابقة بين النص والتطبيق وككا يلي:

1- المادة (40) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل للزوجة طلب التفريق عند وقوع الضرر عليها من قبل الزوج على وفق نص الفقرة (1) من المادة (40) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل التي تنص على ما يلي (اذا اضر احد الزوجين بالزوج الأخر او باولادهما ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية.ويعتبر من قبيل الإضرار، الإدمان على تناول المسكرات او المخدرات، على ان تثبت حالة الادمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة. ويعتبر من قبيل الإضرار كذلك، ممارسة القمار في بيت الزوجية. وفي قرار لمحكمة التمييز العدد 775 / شخصية /1981 في 13/5/1981 الذي اعتبر الضرر متحقق في حال توجيه الطعن الى الزوجة باتهامها بالخيانة الزوجية حتى وان تنازل الزوجة عن شكواه أم محكمة التحقيق وهذا يعد ضرر وأذى لا يمكن معه استمرار الحياة الزوجية وفيما يلي نص قرار محكمة التمييز لدى التدقيق والمداولة وجد ان الحكم المميز غير صحيح ومخالف لأحكام الشرع والقانون ذلك ان الثابت من الأوراق التحقيقية المربوطة في الدعوى ان المميز عليه (م) قد أقام الشكوى في شرطة السلام على زوجته المميزة (ح) متهماً إياها بالخيانة الزوجية مع الشخص (ج) وأيد المميز عليه هذا الاتهام أمام قاضي تحقيق الكاظمية – الأطراف بتاريخ 3-5-1979 وان هذا الاتهام بالخيانة الزوجية للمميزة والذي يمس عرضها وشرفها يعتبر ضرراً لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما ولو ان المميز عليه قد تنازل عن شكواه وقرر قاضي التحقيق انقضاء الدعوى الجزائية وحيث ان الضرر ثابت لذا كان على المحكمة ان تحكم بالتفريق بين الزوجين وفق الفقرة 1 من المادة الأربعين من قانون الأحوال الشخصية لذا قرر نقض الحكم المميز وإعادة أوراق الدعوى إلى محكمتها للسير فيها على الوجه المتقدم على ان يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 9 رجب سنة 1401 هـ الموافق 13-5-1981.) وفي قرار اخر بالعدد 2445 / شخصية/ 2008 في 18/8/2008 الذي جاء فيه (تعرض الزوجة للضرب المبرح الناتج عن اصابات جسيمة يعد ضرراً يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية وموجب للتفريق استناداً لاحكام المادة 40/1 من قانون الاحوال الشخصية). وفي قرار لمحكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب اعتبرت المدعية قد تعرضت الى الضرر وعد نوع من انواع العنف عند بيعها لكليتها بحضور زوجها فاعتبرت ذلك التصرف هو من عوامل الضغط على الزوجة الموجب للتفريق[48].

2- إذا تم عقد الزواج خارج المحكمة عن طريق الإكراه الفقرة (4) من المادة (40) أحوال شخصية التي تنص على ما يلي (إذا كان الزواج قد خارج المحكمة عن طريق الإكراه وتم الدخول) وهذه المادة لم أجد لها تطبيقا في الأحكام القضائية في المنظومة القضائية العراقية وهو صورة واضحة إلى إن العنف الأسري يتسم بالسرية والخفاء فهو يقع يوميا الا ان احد لم يلحظ وجوده في القضاء. حيث إن طبيعة المجتمع العراقي بنيت على قهر الزوجة فهناك الكثير من وقائع زواج القاصرات في المحاكم العراقية ويحصل طلاق لدى القاصرين بشكل اكبر من غيره وفي دراسة لباحثة اجتماعية في محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب الموسومة (ظاهرة زواج القاصرات.. دراسة ميدانية) للباحثة الاجتماعية سجى عبدالرضا، إذ أشارت الإحصائيات إلى أن فترة الشهر الأول لسنة2010 وجد فيها إن حالات الزواج المبكر وخاصة زواج القاصرات هي في تزايد مستمر منذ الشهر الأول ولغاية الشهر الخامس من هذه السنة، و ان بداية الشهر الأول قد شهد ت عشر حالات من اصل 46 حالة زواج وفي الشهر الثاني لاحظنا تزايد قد وصل الى 47 حالة زواج للقاصرات من اصل 132 حالة أما في شهر اذار فقد لاحظنا تزايد حيث وصل الى 87 حالة من اصل 281 حالة وفي شهر نيسان وصل إلى 100 حالة من اصل 297 حالة تتراوح هذه الحالات زواج مبكر للقاصرات أما في الشهر الخامس من هذه السنة كان هناك تزايد مستمر وعالي جدا حيث ان في بداية الشهر وخلال الأيام الأولى من الشهر حيث بلغ عدد الحالات 36 حالة من اصل 50 حالة خلال هذه الأيام الأربعة وفيما يلي جدول بيانات يمثل ارتفاع النسبة بشكل ملفت للنظر.

3- وكانت الدراسة قد أوضحت الدراسة أن أغلبية أفراد العينة تقع أعمارهن مابين (15ـ17) سنة حيث بلغ عددهن تقريبا خلال الأشهر الخمسة 244من اصل 746 من الزواجات الحاصلة في محكمة الأحوال الشخصية في الشعب وهذا يوضح ارتفاع مستمر في عدد حالات زواج القاصرات للأعمار المبينة اعلاه0 والتي تمثل ما يقارب 30% من أجمالي عقود الزواج.

4- اذا هجر الزوج زوجته لمدة سنتين فاكثر فان ذلك يعد صورة من صور العنف اذ اعتبرته الشريعة الاسلامية نوع من العقاب تجاه الزوجة على وفق نص الاية الكريمة (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)[49]، الا ان المشرع العراقي عده نوع من الضرر الذي يلحق بالزوجة من جراء تصرف يقوم به الزوج بارادته الكاملة ويقصد تحقيق نتيجة فعله بالحاق الضرر بالزوجة، وذلك على وفق نص الفقرة (2) من البند ثانيا من المادة (43) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل التي تنص على ما يلي (إذا هجر الزوج زوجته مدة سنتين فأكثر بلا عذر مشروع وان كان الزوج معروف الإقامة وله مال تستطيع الانفاق منه) وبعض الفقهاء اعتبر الهجر في الفراش هو نوع من الاذى النفسي للزوجة وعلى وفق ما تقدم ذكره ومن تطبيقات القضاء العراقي قرار محكمة الاحوال الشخصية في الكاظمية التي قضت بالتفريق للهجر حتى وان كانت الزوجة مع الزوج في دار واحدة إذ يعتبر الهجر متحقق إذا تعمد الزوج هجر الزوجة في فراش الزوجية[50].

5- الضرر الذي يلحق بالزوجة في حالات ابتلاء الزوج بأمراض عضوية ونفسية على وفق الفقرات (4، 5، 6) من البند أولا من المادة (43) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل[51]. ومن تطبيقات القضاء العراقي قرار محكمة التمييز العدد 246/ شخصية/86 ـ 87 في 24/9/86 إذ جاء فيه (إثبات العنة يتطلب أحالة المدعى عليه إلى اللجنة الطبية لتقدير فيما إذا كان مصابا بالعنة العضوية أو النفسية من عدمه، فان ظهر إن العنة سببها نفسي، فتؤجل دعوى التفريق لمدة سنة واحدة، عملا بأحكام المادة43/ف4 أحوال شخصية)[52]، ومن خلال قراءة المادة أعلاه وتطبيقات القضاء تجاهها نجد إن في النص مدخل لإضفاء المشروعية على العنف الأسري تجاه الزوجة من خلال ربطها مع الرجل المصاب بداء نفسي او عضوي ومن المؤمل زواله دون أن تحدد فيه مدة معينة ومنح الزوجة مدة غير محددة على حساب حاجة الزوجة الجسدية والنفسية مما يجعلها تعاني من أنواع الأذى النفسي لأنها لا تتوفر على إشباع حاجتها.

6- اذا امتنع الزوج عن الانفاق على زوجته على وفق نص الفقرة (7) من البند اولا من المادة 43 من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل التي تنص على ما يلي (إذا امتنع الزوج عن الإنفاق عليها دون عذر مشروع بعد إمهاله مدة أقصاها ستون يوما) لان البعض يستخدم هذه الوسيلة لإلحاق الضرر بالزوجة عندما لا ينفق عليها او على أطفالها ويضعها تحت ضغط الحاجة إلى الغير مما يولد لها ضرر وأذى يندرج ضمن مفهوم العنف الأسري. ومن تطبيقات القضاء العراقي قرار محكمة التمييز العدد [53].

الخاتمة

وبعد العرض السريع إلى دور العنف الأسري في وقوع التفريق بين الزوجين نجد إن المشرع العراقي قد راعى هذا الملحظ واشره في نص قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، حينما مكن الزوجة من طلب التفريق عند توفر أسبابه. إلا أن الملاحظ على التطبيقات القضائية نجد ان القضاء العراقي ينحو نحو التضييق في تطبيق هذه النصوص بزعم الحفاظ على الأسرة وروابطها وعلاقاتها والخلل في ذلك يكمن في سعة النص وقابليته على التأويل لأكثر من وجه من أوجه التحميل على خلاف ما ورد فيه، كما إن في بعض التطبيقات القضائية كان للأحكام القضائية سعة في تقدير حجم الخلاف الذي يولد الضرر على الزوجة، وانه لا يخضع إلى رقابة محكمة التمييز في ذلك، وليس لأحد أن يثني المحكمة عن وجهة نظرها حتى وان اجتهدت الزوجة بإثبات الضرر الذي يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية، لان تطبيقات محكمة التمييز تشير إلى ان وجود الخلاف الذي يسبب الإضرار من عدمه يترك إلى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع. بالإضافة إلى ان بعض النصوص شرعت العنف الأسري عندما منحت الزوج فرصة البقاء مع زوجته على الرغم من تعطل وظائفه الجنسية أو على الرغم من إصابته بأمراض نفسية على وفق ما ورد في نص الفقرات (4، 5، 6) من البند اولا من نص المادة (43) من قانون الاحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959 المعدل. لذلك وجدت من الضروري أن أدرج بعض التوصيات التالية:-

1. إعادة صياغة النصوص القانونية بما يكفل للزوجة حق طلب التفريق عند تحقق حالة العنف الأسري بأي صورة من صوره، وذلك بكتابة النصوص القانونية بلغة جزلة وواضحة ومحددة وعدم ترك الأمر لسلطة المحكمة الواسعة.

2. تجريم فعل العنف الأسري وفرض عقوبة على مرتكبه من أي طرف كان سواء كان أب، أم، أخ، أخت وسواهم، وذلك بتعديل قانون العقوبات للعراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 المعدل

3. تكثيف المؤتمرات حول العنف الاسري وتحليله كظاهرة وتشخيص أسبابه وبيان آليات معالجتها.

4. العمل على تشجيع الدراسات والبحوث القانونية ذات الصلة بالعنف الأسري.

وفي ختام هذه الدراسة أتمنى أن أكون قد أوقدت جذوة البحث لمعالجة هذه الظاهرة التي تمارس بشكل واسع في المجتمع العراقي ولم يلتفت إليها المشرع، على الرغم من حجم الآثار الهدامة التي نجمت عنها في مجال التنمية عندما تعطل طاقات المراة كذلك في مسالة الأمن الاجتماعي عند تعرض المرأة إلى القهر والاذى وغيرها من الآثار التي سيتعرف عليها الباحث عند دراسته لهذه الظاهرة.

والله ولي التوفيق

.......................................................

المصادر

5. القران الكريم

6. لدكتور سليمان مرقس ـ الوافي في شرح القانون المدني ـ الطبعة الخامسة ـ القاهرة عام 1992

7. الدكتور فاروق عبدالله كريم ـ الوسيط في شرح قانون الأحوال الشخصية العراقي ـ طبع جامعة السليمانية عام 2004

8. الدكتورة شهبال معروف دزئيي ـ العنف ضد المرأة بين النظرية والتطبيق ـ دار اوراس ـ اربيل ط1 2007

9. القاضي نعيم إسماعيل معالله الدليمي ـ التعويض عن الطلاق التعسفي بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي

10. كتاب العين - الخليل الفراهيدي

11. الشيخ الطريحي ـ مجمع البحرين

12. الشيخ سيد سابق - فقه السنة

13. السيد محمد صادق الروحاني ـ فقه الامام الصادق (ع)

14. الإمام كمال الدين المعروف بابن الهمام الحنفي ـ شرح فتح القدير

15. زكريا الأنصاري ـ فتح الوهاب

16. السيد البجنوردى ـ القواعد الفقهية

17. قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959

18. القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل

19. قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل

20. قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل

21. قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل

22. قرارات محكمة التمييز الاتحادية

23. قرارات محكمةالاحوال الشخصية في حي الشعب

24. قرارات محكمة الاحوال الشخصية في الكاظمية

25. جورسبيديا لقانون المشترك ـ الشبكة الدولية للمعلومات ـ http://ar.jurispedia.org

.................................................

الهوامش

[1] سورة النحل ـ الآية 72

[2] نص المادة (34) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل (أولاً – الطلاق رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج أو من الزوجة إن وكلت به أو فوضت أو من القاضي. ولا يقع الطلاق إلا بالصيغة المخصوصة له شرعًا.

ثانيًا – لا يعتد بالوكالة في إجراءات البحث الاجتماعي والتحكيم وفي إيقاع الطلاق)

[3] نص المادة (46) من قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل (1 - الخلع ازالة قيد الزواج بلفظ الخلع او ما في معناه وينعقد بايجاب وقبول امام القاضي مع مراعاة أحكام المادة التاسعة والثلاثين من هذا القانون.

2 - يشترط لصحة الخلع ان يكون الزوج اهلا لايقاع الطلاق وان تكون الزوجة محلا له ويقع بالخلع طلاق بائن.

3 - للزوج ان يخالع زوجته على عوض اكثر او اقل من مهرها.

[4] أشارت إليه المواد (40 ـ 45) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل

[5] نص المادة (45) من قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل (يعتبر التفريق في الحالات الواردة في المواد الأربعين والحادية والأربعين والثانية والأربعين والثالثة والأربعين طلاقا بائنا بينونة صغرى).

[6] الدكتور فاروق عبدالله كريم ـ الوسيط في شرح قانون الأحوال الشخصية العراقي ـ طبع جامعة السليمانية عام 2004 ـ ص 193

[7] كتاب العين - الخليل الفراهيدي ج 5 ص 101

[8] التعويض عن الطلاق التعسفي بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي ـ القاضي نعيم إسماعيل معالله الدليمي ص3 بحث منشور في موقع مركز القضاء العراقي للدراسات والتوثيق

[9] مجمع البحرين - الشيخ الطريحي ج 3 ص 57

[10] - فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 2 ص 241

[11] - فقه الصادق (ع) - السيد محمد صادق الروحاني ج 22 ص 351

[12] شرح فتح القدير للإمام كمال الدين المعروف بابن الهمام الحنفي الجزء 3 , مطبعة مصطفى الحلبي مصر – ط -1970 ص 465. نقلا عن بحث القاضي نعييم اسماعيل الدليمي (التعويض عن الطلاق التعسفي بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي)

[13] سورة البقرة الآية 229

[14] فتح الوهاب - زكريا الأنصاري ج 2 ص 124

[15] الإقناع - موسى الحجاوي ج 2 ص 99

[16] - شرح اللمعة - الشهيد الثاني ج 6 ص 11

[17] - فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 2 ص 241

[18] سورة البقرة الآية 229

[19] - المهذب البارع - ابن فهد الحلي ج 3 ص 440

[20] سورة النساء الآية 130

[21] سورة البقرة الآية 227

[22] سورة البقرة الآية 228

[23] سورة البقرة الآية 229

[24] سورة الطلاق الآية 1

[25] سورة الأحزاب الآية 49

[26] سورة البقرة الآية 241

[27] نص قرار محكمة الاحوال الشخصية في حي الشعب العدد 2520/ش/2010 فيي 29/8/2010

(لدعوى المدعي وللمرافعة الحضورية العلنية حيث ادعى بان المدعى عليها زوجته الداخل بها شرعا بموجب عقد الزواج الخارجي الواقع بتاريخ 3/1/2008 والمصدق بموجب حجة الزواج الخارجي الصادرة من هذه المحكمة العدد 125 في 22/10/2009، وللاتفاق الحاصل بينهم على إيقاع الطلاق الخلعي وتنازل المدعى عليها عن كافة حقوقها، يطلب الحكم بإيقاع الطلاق الخلعي، اطلعت المحكمة على حجة الزواج الخارجي وهويات الأحوال المدنية للمتداعيين، ثم استمعت إلى وكلاء الطرفين، ووجدت المحكمة إن المدعى عليها تولد 2/8/1994 وتاريخ الزواج الخارجي المصدق بموجب حجة الزواج الخارجي وقع بتاريخ 3/1/2008، فكون عمرالمدعى عليها في ذلك الوقت ثلاثة عشر عام وخمسة اشهر ويوم واحد، بمعنى إنها لم تبلغ الخامسة عشر في حينه والتي اشترطتها الفقرة (2) من المادة (الثامنة) من قانون الأحوال الشخصية النافذ، وبذلك فان عقد الزواج المذكور يكون قد لحقه عوار قانوني لمخالفته نص من نصوص القانون التي تعد من النظام العام، وبما إن المحكمة لا تبحث في الدعوى موضوعا إلا بعد أن تتحقق من اكتمال الخصومة بين المتداعيين، فإنها لا تتعرض إلى هذه المخالفة القانونية في هذه الدعوى، كما وجدت المحكمة إن المدعى عليها عند إقامة هذه الدعوى كانت قاصر لم تبلغ الثامنة عشر عام وعند زواجها كانت قاصر ولم تبلغ الرابعة عشر عام ولم يكن الزواج بأذن المحكمة، مما لا يمكن معه اعتبارها كاملة الأهلية لتخلف شرطي إكمال الخامسة عشر عام وتوفر إذن المحكمة المشار اليهما في نص الماد (3/أولا/آ) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 المعدل، كما إن صدور حجة الزواج الخارجي وعلى الرغم من أن هذه المحكمة ترى بأنها قد صدرت على خلاف الأحكام القانونية النافذة، فإنها لا تعد أذنا من المحكمة، إذ لابد وان يكون الإذن إما سابق أو معاصر إلى التصرف حتى يعتد به، كما لا يشكل إجازة أو إذن لاحق لان مثل هذه الإجازة او هذا الإذن يرد على التصرفات التي يقوم بها الأفراد تجاه بعضهم، ولا تتعلق بالشروط ذات الصلة بالنظام العام مثل أحكام الزواج، كما لم يرد ذكر إلى الإذن أو الإجازة اللاحقة في المنظومة القانونية العراقية إلا في نص الماد (928) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل التي حصرتها في أعمال الوكالة بين الموكل والوكيل الذين يتمتع كلاهما بالأهلية القانونية الكاملة والواردة في الفرع الأول من الفصل الثالث من الباب الثالث من القانون المدني الذي نظم إعمال الوكالة والتي تنص على ما يلي (الإذن والأمر يعتبران توكيلاً إذا دلت القرينة عليه، والإجازة اللاحقة في حكم الوكالة السابقة اما الرسالة فلا تعتبر توكيلاً)، وعند النظر في أحكام المادة (3) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل نجد إنها تشترط أن يكون طرفي الدعوى متمتعين بالأهلية اللازمة لاستعمال الحقوق، وفي هذه الدعوى نجد إن المدعى عليها ستبذل من حقوقها على وفق ما ورد في عريضة الدعوى، وبذلك فإنها ستمارس وستستعمل حق فيه إفقار للذمة المالية وإسقاط لحقوق مالية، وهذه الممارسة للحق تستوجب أن تكون المدعى عليها ممن يملك أهلية الأداء، لان أفعالها فيها ضرر تام وأهلية الأداء لابد وان يكون من يمارسها قد بلغ سن الرشد التي حددتها المادة (106) من القانون المدني بثمانية عشر عام، والمدعى عليها عند إقامة الدعوى وحتى إصدار هذا القرار فإنها ما زالت قاصرة ولم تبلغ سن الرشد، وبذلك تكون الخصومة غير متوجه إليها لتخلف احد شروط إقامة الدعوى الذي أشير إليه في نص المادة (3) مرافعات، وان الخصومة منعدمة تجاه المدعى عليها كونها لا تصح أن تكون خصما قانونيا لانعدام الخصومة وليس لنقص فيها، كما لم تجد المحكمة مهربا قانونيا لإكمال الخصومة من خلال إدخال الولي الجبري إلى جانب المدعى عليها تحت وازع القاعدة القانونية المتمثلة بتبسيط الشكلية، لأنها لا تمثل وجهة ممكنة التطبيق، حيث أن إكمال الخصومة يكون في وجود خصومة ناقصة من الممكن إكمالها وليس خصومة منعدمة أصلا، لان النقص في الخصومة لا يتعلق بالشروط الواجب توفرها في شخص المتخاصم من حيث أهليته القانونية، وإنما النقص يكون في وجود أهلية قانونية كاملة في احد الخصوم، إلا إن النقص يعتري الأثر الذي يرتبه الحكم الصادر في الدعوى لأنه أحيانا سيتعدى إلى الغير ممن لم يكن ممثل في الدعوى، ولابد أن يكون له حضور إلى جانب احد الخصوم، الذي يرتبط معه بتصرف قانوني مشترك سواء كان منشئه الإرادة او بحكم القانون، مثل ضرورة إكمال الخصومة في الدعاوى التي تتعلق بالإعارة أو الإجارة او الإيداع الذي أوجب قانون المرافعات المدني في نص المادة (69/3) على وجوب إدخال المعير والمستعير والمودع والمستأجر في الدعاوى التي لها صلة بهذه العقود، أما في هذه الدعوى فان المحكمة ترى إن الخصومة منعدمة وليس ناقصة، حيث لا يمكن أن تخلق من العدم مركز  قانوني، على عكس النقص الذي من الممكن أن تكمله بإكمال الخصومة وإدخال الغير شخصا ثالثا إلى جانب احد الطرفين، كذلك لم تجد المحكمة مكانا لتطبيق نظرية المركز القانوني الفعلي أو ما يسمى بنظرية الوضع الظاهر التي نادى بها بعض من فقهاء وشراح قانون المرافعات، إذ قد يرى البعض إن واقعة الزواج أصبحت أمر واقع وانه قد رتب أثار شرعية فلابد من التعامل معه على أساس هذه النظرية، إلا أن المحكمة لا ترى في ذلك منهج الصواب، لان هذه النظرية وجدت لحماية المجتمع واستقرار التعامل فيه، حينما لا يعلم احد الأطراف بالنقص القانوني في مركز الطرف الآخر الذي يتعاقد أو يتعامل معه، ويكون محل خفاء عليه، مثل الذي يتعامل مع بائع المال المنقول ويظهر فيما بعد انه ليس المالك، وفي هذا المثال وغيره لابد للمجتمع أن يتدخل ويحمي المتعاقد الحسن النية بوجود مركز قانوني فعلي تجاهه، لان الاعتداد بهذه المراكز الفعلية هو لحماية الاستقرار في المجتمع وتحقيق الاطمئنان لتصرفات الأفراد وعلى وفق ما ذكره الدكتور محمد سعيد عبدالرحمن في كتابه الموسوم (نظرية الوضع الراهن في قانون المرافعات المدنية _دراسة مقارنة ـ منشورات مكتبة الحلبي الحقوقية ـ ص 15)، لذلك ومما تقد وحيث إن الثابت هو انعدام الخصومة تجاه المدعى عليها للأسباب الوارد ذكرها في أعلاه، وحيث إن الخصومة من النظام العام الذي يجوز للمحكمة أن تبحث فيه من تلقاء نفسها، قرر الحكم برد دعوى المدعي شكلا من جهة عدم توجه الخصومة لانعدامها وتحميله الرسوم والمصاريف استنادا لأحكام المواد 3، 161، 163،166،300 مرافعات 106 مدني 21، 25، 59 إثبات 3 قاصرين حكما حضوريا قابلا للتمييز وافهم علنا في 29/8/2010 الموافق 18/رمضان /1431 هـ القاضي سالم روضان الموسوي)

[28] نص المادة (2) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل (الدعوى – طلب شخص حقه من اخر امام القضاء)

[29] نص المادة (40) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل (لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر احج الأسباب الآتية

1- اذا اضر احد الزوجين بالزوج الاخر او باولادهما ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية.ويعتبر من قبيل الاضرار، الادمان على تناول المسكرات او المخدرات، على ان تثبت حالة الادمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة. ويعتبر من قبيل الاضرار كذلك، ممارسة القمار في بيت الزوجية.

2- إذا ارتكب الزوج الأخر الخيانة الزوجية. ويكون من قبيل الخيانة الزوجية , ممارسة الزوج فعل اللواط, باي وجه من الوجوه.

3- إذا كان عقد الزواج قد تم قبل اكمال احد الزوجين الثامنة عشرة دون موافقة القاضي.

4- إذا كان الزواج قد خارج المحكمة عن طريق الاكراه وتم الدخول.

 5- إذا تزوج الزوج بزوجة ثانية بدون اذن من المحكمة وفي هذه الحالة لا يحق للزوجة تحريك الدعوى الجزائية بموجب الفقرة 1 من البند أ من مادة 3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 بدلالة الفقرة 6 من مادة 3 من هذا القانون)

[30] نص المادة (41) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل(- لكل من الزوجين طلب التفريق عند قيام خلاف بينهما سواء اكان ذلك قبل الدخول او بعده

2- على المحكمة أجراء التحقيق في اسباب الخلاف فإذا ثبت لها وجوده تعين حكما من اهل الزوجة وحكما من اهل الزوج – ان وجدا – للنظر في اصلاح ذات البين فان تعذر وجوجهما كلفت المحكمة الزوجين بانتخاب حكمين فان لم يتفقا انتخبتهما المحكمة.3- على الحكمين ان يجتهدا في الإصلاح فان تعذر عليهما ذلك رفعا الأمر إلى المحكمة موضحين لها الطرف الذي ثبت تقصيره فان اختلفا ضمت المحكمة لهما حكما ثالثا

4- أ- إذا ثبت للمحكمة استمرار الخلاف بين الزوجين وعجزت عن الإصلاح بينهما وامتنع الزوج عن التطليق فرقت المحكمة بينهما

ب- إذا تم التفريق بعد الدخول يسقط المهر المؤجل إذا كان التقصير من جانب الزوجة سواء كانت مدعية ام مدعى عليها فإذا كانت قد قبضت جميع المهر تلزم برد ما لا يزيد على نصفة اما إذا ثبت ان التقصير واقع من الطرفين فيقسم المهر المؤجل بينهما بنسبة التقصير المنسوب لكل منهما.

ج- إذا تم التفريق قبل الدخول وثبت التقصير من جاني الزوجة تلزم برد ما قبضته من مهر معجل)

[31] نص قرار محكمة الاحوال الشخصية في حي الشعب الصادر في 5/8/2009 الذي بموجبه تم رفض منح الاذن بزواج بازوجة ثانية (القرار: قدم طالب حجة الإذن بزواج من ثانية (ص.ج.ن) طلبا إلى هذه المحكمة بتاريخ 3/8/2009 يطلب فيه الإذن بزوجة ثانية، وأرفق مع الطلب صورة ضوئية لقيد العقار الواقع في مدينة الصدر العدد 4/37/45 مساحته 144م2، وصورة ضوئية لمقاولة شراء سيارة من معرض الإحسان، وكتاب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العدد 3604 في 3/8/2009 الذي بين تفاصيل راتب طالب الحجة البالغ (1,150,000) مليون ومئة وخمسون ألف دينار دون ذكر مقدار الاستقطاعات أو التوقيفات التقاعدية وان ذلك المبلغ الإجمالي يتكون من راتب اسمي مقداره (250,000) مائتان وخمسون ألف دينار ومخصصات خطورة مقدارها (900,000) تسعمائة ألف دينار، ثم اطلعت المحكمة على مطالعة مكتب البحث الاجتماعي في هذه المحكمة، الذي بين عدم ممانعته من إصدار الإذن، كذلك كتاب دائرة الادعاء العام في مجمع دار العدالة في حي الشعب العدد 86 في 4/8/2009 الذي أيد إصدار الحجة، كما استمعت المحكمة إلى الزوجة الأولى (ن.ج) التي أبدت عدم ممانعتها من زواج زوجها بامرأة ثانية وإنها تولد 1979 وأنجبت منه أربعة أولاد، وإنها مستعدة أن تسكن مع الزوجة الثانية في دار واحدة، ثم بين طالب الحجة في طلبه المؤرخ في 4/8/2009 بان الغاية من الزواج بثانية تتجسد في عدة أمور وكما يلي (1ـ كثرة المشاغل المنزلية لان لديه أربعة أولاد 2ـ إن الزوجة الثانية المراد الزواج بها هي صديقة زوجته الأولى وإنهن متفقات تماما ومتفاهمات 3ـ إن الزوجة الثانية المراد الزواج بها مطلقة وان في ذلك الزواج رفع للظلم عن المطلقات والأرامل في البلد 4ـ الرغبة في إنجاب المزيد من الأولاد)، ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة والإطلاع على أقوال الزوجة الأولى ومقدار راتب طالب الحجة ومبرراته لزواج بثانية وجدت المحكمة عدة نقاط تكون محل نظر عند إصدار القرار وعلى وفق ما يلي:ـ

1. ترى المحكمة إن تبرير طالب الحجة بوجود مشاغل منزلية لوجود أربعة أولاد لديه، هو قولا فيه مسعى لان تكون الزوجة أداة للعمل في الأمور المنزلية وتشغيلها في إدارة شؤون الدار على خلاف الغاية الشرعية والقانونية من الزواج المتمثلة بالمودة والرحمة وتكوين الأسرة على وفق أحكام المادة (الثالثة) من قانون الأحوال الشخصية النافذ.

2. أشار طالب الحجة في تبريره الآخر إنهن صديقات، وترى المحكمة ان هذا لا يشكل أي مسوغ شرعي لان يتزوج الرجل من صديقة زوجته لان الصداقة لها اعتبار إنساني بين الأصدقاء مبني على أساس الاحترام والود المتبادل، ولا يشكل مدخلا لزواجه من صديقة زوجته، لان التسليم بذلك القول سيكون مسعى لان يتزوج بصديقات أخر للزوجة الأولى، لان لديها صديقات متعددات، مما يثير التساؤل التالي، هل سيسعى للزواج منهن جمعيا تحت وازع كونهن صديقات زوجته الأولى؟

3. وجدت المحكمة إن طالب الحجة لم يوفق في عرض غايته من الزواج حينما نص في طلبه المؤرخ في 3/8/2009 على ما يلي (لعل ذلك يساهم في رفع الظلم عن المطلقات والأرامل في البلد العزيز) حيث ذكر بان المراد الزواج بها مطلقة، وتجد المحكمة في هذا القول تصغير لمقام المرأة عندما ينظر إليها بنظرة المشفق عليها، لان العبارة التي ذكرت في أعلاه تدل على إن طالب الحجة يسعى للزواج بالمطلقة ليرفع الظلم عنها وهو دافع لان يكون مشفقا عليها لحالتها الاجتماعية، وليس على أساس التكافؤ وكونها امرأة لها حضورها الإنساني، وإنها تمثل جزء مهم من المجتمع وتسهم في بنائه، وهي ليست كائن ضعيف يستجدي الشفقة من الرجل، وهذا يشكل تقاطع مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التمييز ضد المرأة، التي صادق عليها العراق وأصبحت قانون وطني واجب الإتباع، كما ان هذا التبرير لا ينسجم والمبادئ الدستورية التي تضمنها الدستور العراقي النافذ في مجال المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين.

4. وجدت المحكمة إن المقدرة المالية لطالب الحجة غير كافية لإعالة أكثر من زوجة، حيث أن راتبه الاسمي هو (250،000) مائتان وخمسون ألف دينار، وباقي المبلغ الإجمالي البالغ (900,000) تسعمائة ألف دينار هو مخصصات خطورة غير ثابتة، إذ إنها تنتهي عند انتهاء مبرر منحها فيبقى الراتب الاسمي، الذي لا يمكن معه تامين العيش المناسب للأسرة الأولى المكونة من زوجة وأربعة أطفال وأسرة ثانية يروم تكوينها تتكون من زوجة وأولاد آخرين يسعى لإنجابهم على وفق قوله المشار إليه أعلاه، وفي هذا الأمر ترى المحكمة ان إمكانية العدل بين الزوجتين غير متحققة، على وفق ما أشارت الفقرة (5) من المادة (الثالثة) من قانون الأحوال الشخصية النافذ على ما يلي (إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي).

5. إن طالب الحجة أشار إلى أن الغاية من الزواج هو زيادة عدد الأولاد، وهو أمر لم تجد له المحكمة أي مسوغ شرعي أو قانوني، حيث إن الزوجة الأولى تولد عام 1979 وإنها أنجبت أربعة أولاد ولا يوجد أي عائق يحد من قدرتها على الإنجاب ولم يقدم أي تقرير طبي يؤيد ذلك.

لذلك ومما تقدم تجد المحكمة إن طالب الحجة لم يقدم ما يؤيد توفر المصلحة المشروعة من الزواج بثانية التي أشارت إليها الفقرة (4/ب) من المادة (الثالثة) من قانون الأحوال الشخصية النافذ، كما ترى بان الزوج سوف لن يتمكن من العدل بين الزوجتين في ضوء الموارد المالية التي تقدم بها , وحيث إن للمحكمة السلطة التقديرية في ذلك قررت رفض طلب طالب الإذن بالزواج بزوجة ثانية (ص.ج.ن) وعدم منحه الإذن بذلك، قرارا قابلا للتظلم والتمييز وافهم علنا في 5/8/2009 الموافق 15/ رجب / 1430 هـ القاضي سالم روضان الموسوي)

[32] نص المادة (43) من قانون الاحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959 المعدل

(أولا – للزوجة طلب التفريق عند توفر احد الأسباب الآتية:

1- إذا حكم على زوجها بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فأكثر ولو كان له مال تستطيع الانفاق منه 2- إذا هجر الزوج زوجته مدة سنتين فأكثر بلا عذر مشروع وان كان الزوج معروف الإقامة وله مال تستطيع الانفاق منه.

3- إذا لم يطلب الزوج زوجته غير المدخول بها للزفاف خلال سنتين من تاريخ العقد ولا يعتد بطلب الزوج زفاف زوجته إذا لم يكن قد اوفى بحقوقها الزوجية.

4- إذا وجدت زوجها عنينا او مبتلى بما لا يستطيع معه القيام بالواجبات الزوجية سواء كان ذلك لأسباب عضوية او نفسية او إذا اصيب بذلك بعد الدخول بها وثبت عدم امكان شفائه منها بتقرير صادر عن لجنة طبية رسمية مختصة على انه إذا وجدت المحكمة ان سبب ذلك نفسي فتؤجل التفريق لمجة سنة واحدة شريطة ان تمكن زوجها من نفسها خلالها.

5- إذا كان الزوج عقيما او ابتلى بالعقم بعد الزواج ولم يكن لها ولد منه على قيد الحياة.

6- إذا وجدت بعد العقد ان زوجها مبتلى بعلة لا يمكن معا معاشرته بلا ضرر كلاجذاك او الرص او السل او الزهري او الجنون او انه قد اصيب بعد ذلك بعلة من هذه العلل او ما يماثلها على انه إذا وجدت المحكمة بعد الكشف الطبي ان العلة يؤمل زوالها فتؤجل التفريق حتى زوال تلك العلة وللزوجة ان تمتنع عن الاجتاع بالزوج طيلة مدة التأجيل اما إذا وجدت المحكمة ان العلة لا يؤمل زوالها خلال مدة مناسبة وامتنع الزوج عن الطلاق واصرت الزوجة على طلبها فيحكم القاضي بالتفريق.

7- إذا امتنع الزوج عن الانفاق عليها دون عذر مشروع بعد امهاله مذة اقصاها ستون يوما.

8- إذا تعذر تحصيل النفقة من الزوج بسبب تغيبه او فقده او اختفائه او الحكم عليه بالحبس مدة تزيد على سنة.

9- إذا امتنع الزوج عن النفقة المتراكمة المحكوم بها بعد امهاله مدة اقصاها ستون يوما من قبل دائرة التنفيذ.

ثانيا – للزوجة الحق في طلب التفريق قبل الدخول وفي هذه الحالة على المحكمة ان تقضي بالتفريق بعد ان ترد الزوجة إلى الزوج ما قبضته من مهر وجميع ما تكبده من أموال ونفقات ثابتة صرفها لأغراض الزواج.

ثالثا: أ – للزوجة العراقية طلب التفريق عن زوجها المقيم خارج القطر بسبب تبعية جنسيته لدولة اجنبية اذا مضى على اقامته في الخارج مدة لا تقل عن ثلاث سنوات بسبب منعه او امتناعه عن دخول القطر.

ب – يعتبر تأييد الجهة الرسمية المختصة بأقامة الزوج في الخارج لاغراض هذه الفقرة بديلا عن اجراءات تبليغه بلائحة الدعوى وموعد المرافعة، على ان يتم نشر الحكم الصادر على الزوج في احدى الصحف المحلية.

رابعا: 1 - لزوجة المفقود الثابت فقدانه بصورة رسمية ان تطلب من المحكمة التفريق عن زوجها بعد مرور اربع سنوات على فقدانه وعلى المحكمة ان تثبت من استمرار الفقدان بالطريقة نفسها التي ثبت بها فقدانه ثم تصدر حكمها بالتفريق.

2 - تعتد زوجة المفقود بعد الحكم بالتفريق اربعة اشهر وعشرة ايام)

[33] للمزيد انظر ـ الدكتور فاروق عبدالله كريم ـ مرجع سابق

[34] الدكتورة شهبال معروف دزئيي ـ العنف ضد المرأة بين النظرية والتطبيق ـ دار اوراس ـ اربيل ط1 2007 ـ ص 80

[35] نقلا عن الدكتور شهبال معروف دزئيي ـ مرجع سابق ـ ص87

[36] للمزيد انظر الدكتور شهبال معروف دزئيي ـ مرجع سابق ـ ص 76

[37] انظر الدكتورة شهبال معروف دزئيي ـ مرجع سابق ـ ص 21

[38] للمزيد انظر الدكتورة شهبال معروف دزئيي ـ مرجع سابق ـ ص 29

[39] للمزيد انظر الدكتورة شهبال معروف دزئيي ـ مرجع سابق ـ ص 120

[40] سورة الروم ـ الآية 21

[41] نص المادة (333) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل (يعاقب بالسجن او الحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة عذب او امر بتعذيب متهم او شاهد او خبير لحمله على الاعتراف بجريمة او للادلاء باقوال او معلومات بشأنها او لكتمان امر من الامور او لاعطاء رأي معين بشأنها. ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة او التهديد)

[42] نص المادة (424) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل (اذا افضى الاكراه المبين في المادتين (422 و423) او التعذيب المبين في الفقرة (ب) من المادة 421 الى موت المخطوف تكون العقوبة الاعدام او السجن المؤبد.)

[43] للمزيد انظر انظر الدكتورة شهبال معروف دزئيي ـ مرجع سابق ـ ص 130

[44] السيد البجنوردى ـ القواعد الفقهية ـ ج 1 ـ ص 214

[45] الدكتور سليمان مرقس ـ الوافي في شرح القانون المدني ـ الطبعة الخامسة ـ القاهرة عام 1992 ـ المجلد الأول ـ ص 133

[46] جورسبيديا لقانون المشترك ـ الشبكة الدولية للمعلومات ـ http://ar.jurispedia.org

[47] الدكتور فاروق عبدالله كريم ـ مصدر سابق ـ ص195

[48] قرار محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب العدد 51/ش/2009 في 26/9/2009 (تشكلت محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب بتاريخ 26/4/2009 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي:

المدعيــــــة/ (س، ر)

المدعى عليه/ (ص، ح)

القرار

لدعوى المدعية وللمرافعة الغيابية العلنية حيث ادعت بان المدعى عليه زوجها الداخل بها شرعا بموجب عقد الزواج الصادر من محكمة الأحوال الشخصية في الكرخ العدد 4761 في 15/12/2002 و أولدها من فراش الزوجية ثلاثة أطفال ويعتدي عليها بالضرب والسب والشتم واجبرها على بيع كليتها اليسرى وللضرر الناجم عن ذلك تطلب الحكم بالتفريق.اطلعت المحكمة على صورة عقد الزواج ثم استمعت إلى المدعية وبينت إن الضرر الأكبر الذي لحق بها كان من جراء بيع المدعى عليه لكليتها من خلال الضغط عليها لإجراء العملية في مستشفى الخيال الأهلي واطلعت المحكمة على الأوراق المتعلقة بإجراء العملية الواردة من مستشفى الخيال الأهلي بالكتاب العدد 6441 في 25/2/2009، ثم استمعت إلى البينة الشخصية التي تقدمت بها المدعية، كما اطلعت المحكمة على تقرير البحث الاجتماعي الذي أيد الادعاء وأوصى بالحكم بالتفريق، ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة وجدت إن طلب المدعية تركز على الضرر الذي لحق بها من جراء عملية نقل الكلى وان أوراق المستشفى تشير إلى أن المتبرعة (المدعية) وافقت على التبرع برفع الكلية وتحت التخدير العام وتتحمل راضية بكل النتائج وع!

 لى وفق الإقرار المبرز في اضبارة الدعوى، كما وجدت المحكمة إقرار آخر للمدعية مسطر على اصل كتاب مستشفى الخيال العدد 6375 في 27/11/2008 يتضمن ما يلي (اقر وأتعهد بان تبرعي طوعي وإنساني لإنقاذ حياة المريض صفاء بطرس بولص)، كذلك إقرار وتعهد خطي من المدعية معنون إلى إدارة مستشفى الخيال الأهلي يتضمن إقرار وتعهد بعدم تحمل إدارة المستشفى أي مسؤولية قانونية وبتوقيع للمدعية وزوجها المدعو (ص، ح) وبحضور الشهود كل من رعد حنا ميخا وناصر عواد حديد بتاريخ 27/11/2008 ولوحظ إن عنوان المدعية المثبت في الأوراق يشير إلى إنها تسكن (بغداد / الشعب نهاية الفورتات خلف مستشفى الزهراوي) بينما وجدت إن عنوان كفيل المتبرع له شقيقة (آ، ب) هو (موصل/ تلكيف /القوش). وبعد ذلك العرض لواقعة التبرع للكلى وان كان ظاهر الحال يشير إلى إن المدعية قد تصرفت بإرادة واعية وأهلية كاملة لعدم وجود أي عارض من عوارضها، إلا إن الظروف المحيطة بالواقعة ترى المحكمة فيها قرائن تدل على خلاف الظاهر، ومن بين تلك القرائن، ادعاء المدعية في إقرارها أمام إدارة المستشفى بأنها تتبرع لأسباب إنسانية ويشير المتبرع له (ص، ب) بان المتبرعة (المدعية) من معارفه، بينما لم تجد المحكمة أي رابط تتلمس من خلاله وج

ود هذه المعرفة، حيث أن المتبرع يسكن في محافظة الموصل والمدعية تسكن بغداد /حي الشعب، كما إن ديانة المتبرع له تختلف عن ديانة المدعية مما يعدم صلة القربى بينهم، كذلك لم تجد المحكمة أي إعلان منشور يدعو فيه المريض الناس للتبرع له لدافع إنساني، وإنما وجدت المحكمة إن الاتفاق تم بشكل مباشر بين المدعية والمتبرع له بحضور زوجها (المدعى عليه)، فهذه القرائن تكذب واقع حال التصرف المزعوم بتبرع المدعية لكليتها الى المتبرع له (ص، ب)، وتستدل منها المحكمة إن الدافع كان ذو طبيعة نفعيه للحصول على أموال مقابل بيع الكلى ويدخل ضمن مفهوم تجارة الأعضاء التي لم يجيزها القانون العراقي، إلا بإطار ضيق وهذا الدافع المادي تجاه التبرع من قبل المدعية قد حقق لها مورد مادي بموافقة صريحة من المدعى عليه، كما إن البينة الشخصية، قد أثبتت إن المدعى عليه كان يطلب من المدعية الأموال لإنفاقها ويقوم ببيع الأثاث البيتية، وانه لا ينفق على المدعية، ومن ذلك ترى المحكمة سعي المدعى عليه لدفع المدعية على بيع كليتها مقابل الحصول على منافع مالية، كما ترى المحكمة بان قيام المدعية بهذا التصرف بعلم المدعى عليه، هو قرينة أخرى على إخلاله بواجباته تجاه زوجته، حيث انه ملزم بالإنفاق عليها طالما الحياة الزوجية قائمة، وان دفع المدعية لبيع كليتها لقاء الحصول على الأموال هو صورة من صور الضرر الذي لحق بالمدعية خصوصا وان التصرف قد تعرض إلى حق الزوجة في الصحة والحياة والسلام التي أقرتها المواثيق والعهود الدولية بما فيها ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لان قطع عضو من أعضاء جسمها سيولد لها ضرراً بدنيا محققا، لان الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان في أحسن تقويم وحسن التقويم هذا قد ظهر بالخلقة التي خلق الله بها الإنسان ومن آياتها الجسد البشري الذي وفر فيه كل الأعضاء لإتمام دورة الحياة، وان إزالة أي عضو منه لابد أن يتعدى على وظائف الجسد مما ينقص معه حسن التقويم وقلة الأداء، لذلك فان التصرف برفع الكلى بعلم وموافقة الزوج يعد دفعا منه لإلحاق الضرر بالمدعية، اذ ترى المحكمة بان الزوج لو لم يكن قاصدا ذلك الأمر لقام بإرشاد زوجته المدعية بعدم التصرف، لأنه يضر بصحتها ويلحق بها الأذى وهو ملزم شرعا بذلك النصح على وفق مفهوم قوامة الرجال على النساء، كما إن الضرر الذي ثبت وقوعه على المدعية يتعذر معه الاستمرار بالحياة الزوجية، لان العضو المفقود من جسد المدعية لا يمكن إعادته مما يشكل لها ضرر ماديا ومعنويا دائميا. ومما تقدم ولتوفر الشروط القانونية في طلب المدعية على وفق أحكام الفقرة (1) من المادة (40) أحوال شخصية وبالطلب قرر الحكم بالتفريق بين المدعية سهى رحيم جبر والمدعى عليه صفاء حسين علي اعتبارا من تاريخ صدور القرار في 26/4/2009 واعتباره بائن بينونة صغرى لا يحق لهم الرجوع إلى بعضهم إلا بعقد ومهر جديدين وإلزام المدعية بالعدة الشرعية البالغة ثلاثة قروء اعتبارا من تاريخ صدور القرار في 26/4/2009 وليس لها أن تتزوج برجل آخر إلا بعد انتهاء العدة الشرعية واكتساب القرار الدرجة القطعية وتحميله الرسوم والمصاريف استنادا لأحكام المواد 40/1 أحوال شخصية 21, 25, 59, 76, 102 إثبات 56 ,161, 163 ,166, 300 مرافعات حكما غيابيا قابلا للاعتراض والتمييز وافهم علنا في 26/4/2009 الموافق 30/ربيع الثاني /1430هـ. القاضي سالم روضان الموسوي

[49] سورة النساء ـ الآية 34

[50] قرار محكمة الاحوال الشخصية في الكاظمية العدد 2935/ش/2006 في 3/9/2006

(تشكلت محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية بتاريخ 3/9/2006 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي:

المدعيــــة / (ل، م)

المدعى عليه / (ا، ح)

القرار

لدعوى المدعية وللمرافعة الحضورية العلنية حيث ادعت بان المدعى عليه زوجها الداخل بها شرعاً بموجب عقد الزواج الصادر من هذه المحكمة المرقم 2734 في 29/6/1989 وانه قد هجرها منذ أكثر من ثلاث سنوات وتطلب الحكم بالتفريق القضائي استناداً لأحكام البند (2) من الفقرة أولا من المادة 43 أحوال شخصية. اطلعت المحكمة على صورة عقد الزواج ثم استمعت إلى أقوال طرفي الدعوى و لاحظت إن المدعى عليه قد صادق المدعية على الزواج والدخول وهجرها منذ أكثر من سنتين وبما إن الإقرار حجة على المقر يلزم نفسه به، لذا فان مدة الهجر لأكثر من سنتين قد ثبتت بواسطة الإقرار، كما لاحظت المحكمة إن المدعى عليه قد هجر المدعية، وبما إن النص القانوني لم يوضح ما هو الهجر فان الشريعة الإسلامية قد تصدت لذلك وبينت بان الهجر يقصد به بهجر الزوجة بالفراش وفصلوا ذلك من حيث اللغة ويقصد بالهجر (ضد الوصل. وقد هجره هجرا وهجرانا.. والتهاجر: التقاطع. والهجر أيضا: الهذيان والاسم الهجرة) الصحاح - الجواهري ج 2 ص 851 اما من حيث الاصطلاح فان الهجر دلت عليه الاية القرآنية (قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا) سورة النساء الاية 34، فيما اختلف في اوصاف الهجر الفقهاء والعلماء إلا انهم اتفقوا عليه من حيث الجوهر والحكم ومنهم من قال (الهجر أن يحول إليها ظهره في الفراش) مسالك الإفهام - الشهيد الثاني ج 8 ص 355 وفي قول المحقق الأردبيلي في كتاب زبدة البيان- ص 536 (، فاهجروهن في المراقد والمبايت، فلا تدخلوهن تحت اللحف بأن تعزلوا فراشها أو حولوا إليهن ظهوركم في الفراش كما يدل عليه) وفي - مواهب الجليل - الحطاب الرعيني ج 5 ص 262 (المراد من الهجر أن يترك مضجعها. هذا قول جماعة من التابعين ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك واختاره ابن العربي) وفي كتاب بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني ج 2 ص 334 (اختلف في كيفية الهجر قيل يهجرها بأن لا يجامعها ولا يضاجعها على فراشه وقيل يهجرها بان لا يكلمها في حال مضاجعته اياها لا ان يترك جماعها ومضاجعتها لان ذلك حق مشترك بينهما فيكون في ذلك عليه من الضرر ما عليها فلا يؤدبها بما يضر بنفسه ويبطل حقه وقيل يهجرها بأن يفارقها في المضجع ويضاجع أخرى في حقها وقسمها لان حقها عليه في القسم في حال الموافقة وحفظ حدود الله تعالى لا في حال التضييع وخوف النشوز والتنازع وقيل يهجرها بترك مضاجعتها وجماعها لوقت غلبة شهوتها وحاجتها لا في وقت حاجته إليها لان هذا للتأديب والزجر فينبغي أن يؤدبها لا ان يؤدب نفسه بامتناعه عن المضاجعة في حال حاجته إليها) وفي كناب البحر الرائق - ابن نجيم المصري ج 3 ص 384 (. واختلف في الهجر فقيل يترك مضاجعتها، وقيل يترك جماعها والاظهر ترك كلامها مع المضاجعة والجماع إن احتاج إليه) لذلك وحيث ان الهجر الذي حدده الشرع والقانون قد ثبت حصوله في هذا الدعوى ومما تقدم وبالطلب قرر الحكم بالتفريق القضائي بين المدعى عليه (أ، ح) والمدعية (ل، م) واعتباره طلاقاً يائنا بينونة صغرى واقع للمرة الأولى لا يحق لهما الرجوع إلى بعضيهما إلا بمهر وعقد جديدين وليس لها الزواج برجل آخر إلا بعد اكتساب الدرجة القطعية وانتهاء فترة العدة الشرعية وتحميل المدعى عليه الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة ومقدارها خمسة آلاف دينار لوكيل المدعية المحامي (ماجد الخيال) استناداً لأحكام المواد 43/أولا/2، 49،48،47 أحوال شخصية 59،21 إثبات 300،166،163،161 مرافعات 63 محاماة حكماً حضورياً قابلاً للتمييز وافهم علناً في 3/9/2006 الموافق 8/شعبان/1427 هـ. القاضي سالم روضان الموسوي)

[51] نص الفقرات (4، 5، 6) من البند اولا من المادة (43) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل (4- إذا وجدت زوجها عنينا او مبتلى بما لا يستطيع معه القيام بالواجبات الزوجية سواء كان ذلك لأسباب عضوية او نفسية او إذا اصيب بذلك بعد الدخول بها وثبت عدم امكان شفائه منها بتقرير صادر عن لجنة طبية رسمية مختصة على انه إذا وجدت المحكمة ان سبب ذلك نفسي فتؤجل التفريق لمجة سنة واحدة شريطة ان تمكن زوجها من نفسها خلالها.

5- إذا كان الزوج عقيما او ابتلى بالعقم بعد الزواج ولم يكن لها ولد منه على قيد الحياة.

6- إذا وجدت بعد العقد ان زوجها مبتلى بعلة لا يمكن معا معاشرته بلا ضرر كلاجذاك او الرص او السل او الزهري او الجنون او انه قد اصيب بعد ذلك بعلة من هذه العلل او ما يماثلها على انه إذا وجدت المحكمة بعد الكشف الطبي ان العلة يؤمل زوالها فتؤجل التفريق حتى زوال تلك العلة وللزوجة ان تمتنع عن الاجتاع بالزوج طيلة مدة التأجيل اما إذا وجدت المحكمة ان العلة لا يؤمل زوالها خلال مدة مناسبة وامتنع الزوج عن الطلاق واصرت الزوجة على طلبها فيحكم القاضي بالتفريق)

[52] قرار محكمة التمييز منشور في كتاب المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز في الاحوال الشخصية ـ القاضي ابراهيم المشاهدي ـ مطبعة اسعد بغداد عام 1992 ـ ص 97

[53] نص قرار محكمة التمييز العدد 2515 / شخصية / 2008 في 18/8/2008 (لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف لأحكام الشرع والقانون وذلك لأن المميز عليها طلبت التفريق من زوجها لعدم تسديد النفقة المتراكمة وحيث أن للزوجة طلب التفريق من زوجها أذا أمتنع عن تسديد النفقة المحكوم بها بعد أمهاله مدة أقصاها ستون يوماً من قبل دائرة التنفيذ طبقاً لأحكام المادة 43/أولاً/9 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل وحيث أن الأجراءات التنفيذية في الأضبارة التنفيذية رقم 161/2008 الخاصة بتنفيذ الحكم المرقم 78/ش/2008 القاضي بألزام المدين المميز/المدعى عليه بدفع نفقة ماضية ومستمرة للدائنة المميز عليها المدعية مقدارها خمسون ألف دينار شهرياً أعتباراً من 27/1/2007 قد أقتصرت على تبليغ المدين المميز بالحضور الى مديرية تنفيذ الكرخ تسديد مبلغ النفقة المحكوم بها الى الدائنة المميز عليها/المدعية ولايوجد فيها أي أنذاراً موجه من دائرة التنفيذ الى المدعى/المميز بتسديد النفقة المتراكمة وفق الحكم المذكور طبقاً لما مرسوم في أحكام المادة 43/أولاً/9 المذكورة لذلك كان المتعين على المحكمة السؤال من مديرية التنفيذ عما أذا وجهت أنذاراً الى المدين/المميز بتسديد النفقة التي تراكمت عليه خلال المدة المنصوص عليها في المادة المذكورة فأذا تبين أن الدائرة لم توجه له الأنذار المطلوب فأن الدعوى تكون واجبة الرد لعدم توفر شروط طلب التفريق فيها وحيث أن المحكمة لم تلاحظ ذلك مما أخل بصحة حكمها المميز لذا قرر نقضه وأعادة الدعوى الى محكمتها لأتباع ماتقدم على أن يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 17/شعبان/1429 هـ الموافق 18/8/2008 م.)

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/أيلول/2010 - 15/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م