السعودية تمول الحروب وستحرق نفسها

خليل الفائزي

كل الحقائق تؤكد من ان منطقة الشرق الأوسط مقبلة على حرب جديدة ، وهذه الحرب كما تشير تقارير سياسية وأمنية وإعلامية ستكون شاملة وواسعة ومدمرة وتختلف عن الحروب السابقة في المنطقة التي تحددت بدولتين او ثلاث خاصة وان أطراف هذه الحرب جهزت نفسها بأحدث الأسلحة وأكثرها دماراً وهلاكا وأعدت العدة لتكون الحرب متعددة الأطرف وستحول دول المنطقة الى ارض محروقة وإيصال المواجهة الى مرحلة تكسير العظام.

ولكن يا ترى من هي الدولة او الدول التي مولت الحروب السابقة وستمول الحرب الجديدة في المنطقة وهل ستحقق هذه الدول نواياها وأهدافها أم ان الحرب سترتد عليها وتجعل هذه الدول عرضة للزوال اوعلى الأقل محو أنظمتها وتغيير خريطة الشرق الأوسط.

وفقاً لتقارير أعدتها منظمات معارضة للحروب ومدافعة عن السلام في العالم فان النظام السعودي وأنظمة عربية نفطية كانت ولازالت اكثر الأنظمة تمويلاً للحروب في المنطقة. ونشرت هذه المنظمات أرقاما موثقة في هذا السياق منها:

- دفعت هذه الأنظمة مبلغ 300 مليار دولار للإدارة الأمريكية لمنع انهيار الاقتصاد الأمريكي ودول غربية اثر اندلاع الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم عام 2007 وتعهد الملك عبد الله خلال حفلة احتساء الخمر المعروفة مع القادة الغربيين عام 2008 بدفع مبلغ يصل إلى 320 مليار دولار أخرى لأمريكا وما تسمى بالدول الصناعية الكبرى بشكل دوري، الامر الذي ادى لابقاء القوات الأمريكية وحلف الناتو في المنطقة وتمويل هذه القوات سنوياً بذريعة الدفاع عن هذه الأنظمة.

- أنفقت السعودية وأنظمة عربية نفطية اكثر من 150 مليار دولار لابقاء الحرب مستمرة ومستعرة بين العراق وايران على مدى ثمانية أعوام بالإضافة الى دفع 45 مليار دولار الى أطراف ودول شاركت في هذه الحرب التي كان الهدف الأساسي منها تدمير طاقات البلدين وقتل وجرح الملايين من أبناء الأمة العربية والإسلامية وإبراز ما تسمى زعامة النظام السعودي للعالم الاسلامي.

- موّل النظام السعودي العمليات العسكرية التي قامت بها أمريكا وحلفاؤها لإنهاء احتلال نظام صدام حسين للكويت ودفع نظام ال سعود اكثر من 80 مليار دولار في هذا السياق وفقاً لتقرير رسمي نشر في أجهزة إعلام سعودية.

- انفق النظام السعودي اكثر من 20 مليار دولار لتأزيم الأوضاع في لبنان وتشكيل جبهة سياسية وإعلامية مدافعة عن سياسة هذا النظام تحت يافطة إرساء الوفاق الوطني ونشر الأمن والسلام وإجراء انتخابات حرة في هذا البلد.

- حصلت جماعة محمود عباس والفصائل الفلسطينية المساومة مع إسرائيل على 5 مليارات دولار من السعودية والدول العربية النفطية بهدف اعمار ما دمرته إسرائيل في قطاع غزة!، في حين ان تلك الفصائل وجماعة عباس استغلت هذه الأموال لنوايا فئوية وشخصية وشاركت في ممارسة المزيد من الضغوط ضد حماس والفصائل الأخرى في القطاع المحاصر.

- أنفقت هذه الأنظمة مبلغ 6 مليار دولار لإشعال الحرب بين الحوثيين والنظام الحاكم في اليمن وزادت مبلغ 20 مليار دولار لنشر الإرهاب وتوسيع القتال في هذا البلد تحت يافطة اعمار اليمن ومحاربة الإرهابيين والحفاظ على أمن الحدود الجنوبية للسعودية!.

- تعد السعودية وتلك الأنظمة الداعم الأساسي لجماعة طالبان الباكستانية والأفغانية وقد رصدت هذه الأنظمة مبالغ تراوحت ما بين 5 الى 6 مليار دولار سنوياً لدعم الجماعات الإرهابية والمسلحة في هذين البلدين بالإضافة الى دعم مالي قدره ملياري دولار سنوياً لتنظيم القاعدة الإرهابي تحت عنوان مساعدة نشاط المنظمات الخيرية لنشر الإسلام وتقديم العون للمنكوبين ومتضرري الحروب والكوارث!.

- رصدت السعودية والدول العربية النفطية مبلغ مليار دولار سنوياً لجماعات مسلحة في الشيشان ودول في آسيا الوسطى تحت غطاء نشر الدين ومساعدة منظمات خيرية في تلك المنطقة.

- وضعت السعودية وتلك الأنظمة ميزانية مالية مفتوحة تحت تصرف أحزاب وجماعات سياسية ومسلحة في العراق، وتؤكد تقارير المعارضة السعودية ان هذه الميزانية تراوحت ما بين 200 الى 250 مليار دولار لتغيير الوضع السياسي في العراق لصالح السعودية وتلك الأنظمة وتبرير احتلاله من قبل أمريكا وحلف الناتو. وأنفقت السعودية عشرات مليار دولار لدعم أحزاب سياسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق وشراء الذمم في هذه الانتخابات الى جانب انها رصد اكثر من 10 مليارات دولار سنوياً للجماعات المسلحة لنشر الإرهاب وتمويل التفجيرات وإرسال المسلحين والإرهابيين بشكل منظم لبث الإرعاب والإرهاب وتوسيع القتل والدمار في هذا البلد ومنع استقراره وتدمير البنى التحتية فيه.

- وفقاً لتقارير منظمات ناشطة في مجال معارضة الحروب وأعمال العنف فان أمريكا وإسرائيل ونيابة عن دول في المنطقة أبدت استعدادها لفرض الحرب على إيران وسلمت السعودية والدول العربية النفطية قائمة طويلة وعريضة بالنفقات المحتملة لهذه الحرب في حالة اندلاعها واستمرارها. وتشمل هذه القائمة على رقم مالي خيالي يصل الى اكثر من 400 مليار دولار مقسمة على نواحي ومجالات عديدة منها:

*نشر منظومات صاروخية دفاعية من نوع باتريوت وأنظمة متطورة أخرى تحت ستار مواجهة احتمال إطلاق إيران صواريخ بعيدة المدى على قواعد ومنشآت عسكرية لقوات أمريكية وحليفة لها مستقرة وسوف تستقر لاحقاً في دول المنطقة.

*دفع نفقات للقوات المتواجدة في المنطقة والقوات التي سيتم استدعاؤها ومشاركتها في هذه الحرب ويقدر عدد هذه القوات ما بين 200 الى 250 الف جندي بالإضافة الى دفع نفقات تواجد الأساطيل البحرية وحاملات الطائرات والقوات الخاصة التي ستشارك تحت يافطة الدفاع عن امن وسلامة دول المنطقة.

*إنفاق ميزانية متوقعة تكون بمثابة تعويضات مالية كبرى للدول التي تتعرض للهجمات الجوية والصاروخية الإيرانية لاسيما إسرائيل التي طالبت السعودية والدول العربية النفطية بدفع مئة مليار دولار تعويضات محتملة عن الأضرار التي ستتعرض لها بالإضافة الى نشر منظومة صواريخ مضادة فيها لردع ومواجهة الصواريخ الإيرانية اوالصواريخ التي ستطالها بالتأكيد من جنوب لبنان وقطاع غزة في حالة مشاركة إسرائيل المباشر في اي حرب اوعدوان على إيران حتى في حالة انحسار هذا العدوان بضرب منشآت إيران النووية خاصة مع الإعلان عن قرب تشغيل مفاعل بوشهر النووي جنوب ايران.

كل الإجراءات والاستعدادات والتطورات الراهنة في المنطقة تشير الى اندلاع الحرب فيها خلال الأشهر القادمة اواقل، فمن حفر القبور الجماعية التي أوجدتها إيران للقوات الغازية الى تخزين الأسلحة الهائلة في دول المنطقة ونشر منظومات الصواريخ في هذه الدول، والكل يتوقع ان تكون ذرائع هذه الحرب عديدة ومتنوعة مثل الملف النووي الإيراني اواتهام الغرب وإسرائيل لإيران بالسعي لانتاج أسلحة دمار شامل اوتطبيق مفاد القرار 1929 الذي يشمل تفتيش السفن والطائرات الإيرانية حيث أكدت طهران انها سترد بالمثل على مثل هذا التصرف اوانها ستمنع تفتيش سفنها بقوة البحرية المرافقة لهذه السفن، اوحتى اندلاع الحرب بذريعة اتهام حزب الله لبنان باغتيال رفيق الحريري حسب زعم المحكمة الدولية ومطالبة مجلس الأمن التعامل مع حزب الله كما تعاملت أمريكا مع القاعدة وطالبان في أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر.

ويجمع المراقبون والسياسيون والعسكريون ان تتحدد احتمالات نتائج الحرب القادمة في المنطقة في النقاط التالية:

 1. يتمنى المسئولون في دول الشرق الأوسط من الذين أقنعتهم أمريكا بضرورة شن الحرب على إيران في حالة رفضها القبول بشروط الغرب حيال ملفها النووي، ان تكون الحرب تقتصر على ضرب المواقع النووية الإيرانية وتدميرها بشكل لا تستطيع فيه ممارسة اي نشاط نووي، وان تتحدد هذه الحرب داخل إيران وحدها من خلال تهديدها بأسلحة الدمار الشامل في حالة شن اي هجوم مضاد او انتقامي على الوجود العسكري الأمريكي او مصالح الغرب في المنطقة.

 2. ان تكون الحرب المزعومة مجرد تهديدات جوفاء لفرض العصا والسلطة الأمريكية على ايران وقبولها في نهاية الأمر بالشروط الأمريكية والدخول في مفاوضات مع مجموعة (5+1) لإنهاء أزمة الملف النووي، وكذلك حصول أمريكا على أموال وعائدات طائلة من الدول العربية النفطية من خلال بيع المزيد من الأسلحة الهائلة لدول المنطقة وإجبارها على دفع إتاوات مالية بشكل دوري لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المنهار وإرجاع الأموال التي كانت دفعها أمريكا لشراء النفط من هذه الدول.

 3. ان تحقق أمريكا وإسرائيل المخططات التي رسمتها للمنطقة اي نهب العائدات والاحتياطي المالي الهائل للدول العربية النفطية وتحقيق أمريكا لنصر مزعوم على إيران على غرار ما حققته في العراق وأفغانستان وهذا يعني انزلاق أمريكا في مستنقع آخر تغوص فيه القوات والسياسة الأمريكية كما هي متورطة الآن في أفغانستان والعراق فلا خيار لها الخروج من المستنقع او البقاء فيه، لانه في كلتا الحالتين ستتحمل أمريكا المزيد من الهزيمة والفشل.

 4. الاحتمال الأخير وكما توقع الرئيس الكوبي المتقاعد فيدل كاسترو ان تكون الحرب شاملة وطاحنة وتكون مدمرة حتى لتلك الدول التي ستشارك فقط في تمويل الحرب مالياً او تضع إمكانياتها وأراضيها تحت تصرف القوات المعتدية وسيموت في هذه الحرب الملايين من الناس ومعظم أفراد قوات الأطراف المشاركة في الحرب وستكون نتائجها سلبية على الجميع خاصة وان الدول المتناحرة سوف تستخدم فيها كل ما لديها من أسلحة تدميرية هائلة.

حقاً، اذا أدركت الأنظمة العربية النفطية ولاسيما السعودية مخاطر هذه الحرب ونتائجها المدمرة وغير معروفة الأبعاد هل ستستمر بتمويل حرب أخرى في المنطقة من المتوقع ان تحرق آبار النفط والغاز وتوقف أهم شريان للطاقة العالمية وتدمر السفن والناقلات التجارية وتقضي على المشاريع العمرانية والبنى التحتية ، والأهم من هذا وذاك انها ستحصد أرواح ملايين الأشخاص وتبدد احتياطي الأجيال القادمة، فهل هذه الأنظمة وشعوبها مستعدة لدفع نفقات مثل هذه الحرب والقبول بنتائجها المدمرة والكارثية على مستقبل المنطقة بأكملها؟.

* كاتب وإعلامي مستقل

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آب/2010 - 12/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م