استعدادات إيران لخوض الحرب مع أمريكا

خليل الفائزي

ظلت إيران وطيلة الأعوام الماضية تعلن عن زيف التهديدات العسكرية ضدها وتؤكد فشل اية ضغوط اقتصادية او عقوبات تجارية صادرة عن أمريكا او مجلس الأمن الدولي، الا ان الحكومة الإيرانية ولأول مرة كشفت خلال الأيام الماضية عن تشكيل ما وصفته المجلس الإعلامي والتنسيقي لمواجهة اي عدوان عسكري محتمل.

الرئيس الإيراني احمدي نجاد حذر كافة الدول التي تؤيد او تشارك بشكل مباشر او غير مباشر بدعم اي هجوم عسكري ضد إيران مؤكداً ان حكومته سوف تنتقم بشدة من هذه الدول، الا انه لم يفصح عن شكل او نوع هذا الانتقام.

 قادة الحرس الثوري في إيران بدورهم أشاروا إلى ما وصفوها الاستعدادات الكاملة للقوات المسلحة الإيرانية لخوض الحرب ضد أمريكا وحلفائها، واعلن أحد قادة الحرس ان إيران جهزت قواتها المسلحة بكافة الأسلحة وانها أعدت لكل بارجة او سفينة حربية أمريكية او معادية اكثر من 100 زورق حربي وصاروخ مدمر لإصابتها مباشرة.

 من جانبه قال العميد نقدي قائد قوات التعبئة المسلحة: اننا نمر في مرحلة طارئة، وقد اعددنا أنفسنا بالكامل لاي مواجهة، وقطعاً ان النصر سيكون حليفنا.

 معظم دول المنطقة التي تقف الان وللأسف موقف المتفرج او بالأحرى إنها تعيش مرحلة "الهدوء قبل العاصفة" لم تؤيد ولم تنف الأنباء التي تحدثت عن منح أمريكا وإسرائيل ودول أخرى مزايا وتسهيلات عسكرية في مياه وأراض لبعض الدول بالإضافة السماح لإسرائيل لضرب مواقع نووية وعسكرية في إيران لانها تشكل خطرا أمنيا على تلك الدول حسب زعمها.

 حتى الان فإن حزب الله لبنان هوالجهة الوحيدة التي أعلنت انها ستخوض الحرب الى جانب إيران وان حزب الله اعد اكثر من 30 ألف صاروخ (قصير ومتوسط المدى) لضرب إسرائيل في حالة قيامها بالاعتداء على إيران، الأمر الذي صعد من مخاوف أحزاب لبنانية أخرى لخوض بلادهم حربا مع إسرائيل، ولكن هذه المرة دفاعاً عن إيران وليس بسبب جنود أسرى او مناوشات في جنوب لبنان.

 والحقيقة ان المسئولين الإيرانيين غير مقتنعين بصورة مؤكدة باحتمال تنفيذ أمريكا او إسرائيل اي هجوم عسكري على إيران في الوقت الراهن حيث قال قائد الحرس الإيراني العميد جعفري في آخر تصريح له: أمريكا لا تجرؤ على مهاجمة إيران، وإسرائيل تدرك اننا سنطلق عليها 10 صواريخ في كل دقيقة، اي 600 صاروخ في الساعة!.

قائد الحرس السابق رحيم صفوي ناقض العميد جعفري في اليوم ذاته وتوقع ان تختزل الحرب بين أمريكا وإيران في رقعة المياه والجو دون تجرؤ أمريكا لإرسال قواتها إلى عمق الأراضي الإيرانية نظراً لوسعتها وعدم تمكن القوات الأمريكية من التوغل أو البقاء فيها لمدة طويلة.

وتأتي مواقف الحكومة الإيرانية المتوجسة لاحتمال فرض الحرب عليها بعد ساعات من تأييد نواب في الكونغرس الأمريكي لاي هجوم عسكري تشنه إسرائيل او أمريكا على إيران " لمنعها من الحصول على أسلحة دمار شامل وتغيير مواقفها في الملف النووي" حسب بيان للكونغرس.

احمدي نجاد في تصريح جديد له اتهم أمريكا بالتخطيط لحرب معقدة وخبيثة ضد إيران وانتقد بشدة ايضاً الرئيس الروسي بسبب تأييده لمثل هذه الحرب واتهام موسكو لطهران بالتخطيط لانتاج القنبلة النووية.ورحب احمدي نجاد بفرض المزيد من العقوبات ضد إيران وقال ان مثل هذه العقوبات تجعلنا نصل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي في كافة المجالات، واننا نقول لروسيا التي منعت عنا صفقة صواريخ اس 300 الدفاعية، اننا سنصنع مثل هذه الصواريخ اواكثر منها تطورا وسنطلق أول صاروخ فضائي يضع شخصاً او أشخاصا إيرانيين على القمر في الأعوام القليلة القادمة.

ويتفق المسئولون السياسيون والعسكريون في إيران من انهم لن يكونوا البادئين في اية حرب او مواجهة عسكرية ولكنهم "سوف يقطعون أيادي مسئولي اية دولة تمارس او حتى تشارك في تفتيش سفن وطائرات وشاحنات إيرانية تحت عنوان تطبيق بنود القرار 1929 الدولي الصادر ضد إيران".

ويزعم مسئولون في واشنطن وتل أبيب ان الحرب ضد إيران لن تكون بمفهومها التقليدي بتاتا بل ستتحدد بضرب وتدمير منشآت إيران النووية. ويتوقع هؤلاء المسئولون ان لا ترد إيران على هذا العدوان وتكتفي برفع الراية البيضاء وتوقف كافة نشاطاتها النووية!.

الإدارة الأمريكية التي لازالت تنفي رسمياً وجود اي نية مبنية لضرب إيران عسكرياً وافقت على إرسال المزيد من قطعها العسكرية البحرية حيث دخلت مياه المنطقة ناقلة الطائرات المدمرة (ترومن) مع 12 سفينة حربية لتلتحق بالأسطول البحري المسمى (ايزنهاور). وتدعي بعض التقارير عن احتمال وصول 56 مدمرة وناقلة طائرات أمريكية إلى المنطقة خلال الأسابيع القليلة القادمة.

ووفقاً لتصريحات مسئولين عسكريين إيرانيين فان الحكومة الإيرانية أعدت نفسها لاي مواجهة عسكرية محتملة حيث خزنت ومنذ فترة ملايين أطنان من القمع والمواد الغذائية الأساسية بالإضافة الى تخزين كمية لازمة من البنزين تكفي البلاد لحوالي 3 اشهر في الحالات الطارئة. ولدى إيران مئات آلاف من قوات الحرس والتعبئة الجاهزين لخوض الحرب ومواجهة القوات الأمريكية، الى جانب ما تمسى العناصر الاستشهادية وهي مجموعات من الأفراد قد يصل عددها 10 آلاف شخصاً، وهؤلاء مستعدون للقيام بعمليات فدائية ضد القوات الأمريكية وقواعدها ومصالحها في المنطقة والعالم، ويقال ان هؤلاء هم من جنسيات مختلفة وربما ان الكثير من هؤلاء موزعون الآن في العديد من دول العالم.

وكان قادة عسكريون إيرانيون قد هددوا بقصف قواعد أمريكا وحلفائها في المنطقة، وحتى انهم هددوا ايضاً بقصف المواقع والقواعد التي تنطلق منها الطائرات والصواريخ التي تقصف مواقع في إيران وهذا يعني احتمال فتح جبهات عديدة من المواجهة والحرب بين إيران ودول في المنطقة تشارك مع أمريكا في حربها ضد إيران اوتقدم لها تسهيلات عسكرية لتحقيق خططها ونواياها.

لنكن واقعيين، قطعاً ان اي حرب خاصة في يومنا هذا لن تكون نزهة او دروس سطحية لاي طرف بل ستكون مدمرة ومهلكة ونتائجها كارثية للجميع نظراً لما توصل اليه أعداء المجتمعات الإنسانية والمدنية من تطور هائل في تنويع الأسلحة وقدرتها على القتل الجماعي للبشر والتدمير الواسع للمدن والبنى التحتية.

فلدى أمريكا ـ حسب تقارير إعلامية ـ صواريخ بعيدة المدى وبالغة الدقة والتدمير وتمتلك طائرات لا ترصدها الرادارات بالإضافة الى ستار دفاعي من المنظومات الصاروخية والأشعة الليزرية القادرة على إسقاط الطائرات والصواريخ التي تنطلق ضد سفنها وقواعدها ومراكز تجمع قواتها، وان إيران بالتأكيد غير قادرة للرد بالمثل لضرب او تدمير الأراضي الأمريكية، وقد جلبت واشنطن قواتها وأساطيلها وقواعدها عبر المحيطات الى المنطقة لمحاصرة إيران من جميع الجهات، وان الرد الإيراني قد يتحدد ويقتصر بضرب سفن وقواعد لأمريكا في المياه او بعض دول المنطقة.

وقد تتمكن إيران أيضا من توجيه بعض صواريخها نحو إسرائيل الا ان هذه الصواريخ يجب ان تخترق وتمر عبر أجواء العراق وسوريا او الأردن لتصل الى عمق فلسطين المحتلة، لكن إيران من المتوقع ان تعتمد لإيذاء إسرائيل على حزب الله لبنان الذي سيخوض الحرب نيابة عن إيران مما يعني توسيع دائرة المواجهة لتشمل عدة دول أخرى.

الموضوع الذي تخشاه شعوب ودول المنطقة هوان أمريكا متواجدة عسكريا في العراق والسعودية وتركيا وباكستان وأفغانستان وقطر والكويت وجميع الدول المحيطة بإيران، واذا كانت نية أمريكا توريط هذه الدول في العدوان على إيران فان نتائج الحرب ستكون شاسعة وباهظة الثمن وكثيرة الخسائر في كافة المجالات البشرية والمادية.

 على هذا الأساس نطالب نحن دعاة إرساء المجتمعات المدنية والمدافعون عن السلام الواقعي كافة المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة وجميع المسئولين وأصحاب القرارات في الدول التي تعمل لحفظ مصالح شعوبها وتدافع عن السلم الإقليمي والعالمي بضرورة منع وقوع اي حرب على إيران او غيرها من دول المنطقة، ولزوم التمسك بالحل السلمي والحوار الهادئ لحل ما تسمى أزمة الملف النووي والتعجيل بنزع فتيل مبررات ودوافع الحرب وعدم المشاركة في اي مؤامرة تستهدف احتلال المزيد من دول المنطقة ونهب خيرات وثروات شعوبها، وان يكف المنافقون إعلاميا وسياسيا من التحدث بزيف وتهويل عن أمور غير واقعية وصعبة المنال والتحقيق في الظروف الراهنة.

* كاتب وإعلامي مستقل

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 28/تموز/2010 - 16/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م