السياسة والدور المطلوب من المرجعيات

علي الطالقاني

مثل السياسيين في العراق مثل الغريق والقشة، حيث ينطبق هذا القول عليهم تماماً وهم يحاولون التشبث بالسلطة دون الإيمان بمبدأ تداولها سلمياً، وبالتالي أفرز ذلك تغليب المصالح الشخصية على المصالح الوطنية. فالحراك السياسي منذ أول لحظة تشكلت فيها الحكومة لأول مرة عام 2006 بقي متعثراً، بعد ان عُقدت الآمال على العملية السياسية في خلاص البلد من مأزق سلطة الرجل الواحد ولكن مع شديد الأسف وقع السياسيون نسبياً بنفس الخطأ الذي وقعت فيه من قبلهم الأنظمة الديكتاتورية والدليل على ذلك التجاذبات التي تجاهل أصحابها الدستور والأطر القانونية، فكل طرف يميل إلى الخلاف العميق، ويرجع هذا الى أن كل طرف يعتمد على انتزاع ما يريد من مناصب على حساب الأسس الديمقراطية.

ولا يخفى، أن هناك سببا رئيسيا ساهم في ارباك المشهد السياسي، فالانتخابات لم تسفر عن فائز يتمتع بأغلبية، والمشكلة الأكبر أن ماجرى من حراك لم ينتج عنه حواراً سياسياً جاداً وإن مظاهر الود بين الأطراف السياسية لا تعكس الحالة الطبيعية لاستقرار البلد فهناك مايدور خلف الكواليس يظهر انقسامات وتفاوضات غير مجدية مما أثار ذلك مخاوف الشارع العراقي وبقيت ثمة أسئلة مطروحة تبحث عن إجابات حول مصير البلد الغارق بأزمات عديدة مما يستدعي ذلك تدخل المرجعيات الدينية والشعبية بتوجيه السياسيين.

ان طريقة معالجة القادة السياسيين لأزمة تشكيل الحكومة تركت تداعيات حول الكيفية التي قد يتبعها المسؤولون العراقيون، فأن الساسة ضعفاء وغير قادرين على إظهار قيادة فاعلة ازاء العديد من قضايا البلد، وأن تردد القيادات في إتخاذ قرارات من شأنها النهوض بالواقع السياسي المتردي ولد تداعيات على المستوى الإقليمي أيضاً، فالنفوذ الإقليمي المتزايد في العراق في مقابل النفوذ الأميركي والتناغم بين كل الاطراف أثر ذلك على الوضع الداخلي، فالاندفاع الدولي السلبي الذي يعيشه العراقيون عرض أوضاعهم للانهيار.

غير أن المستفيد الحقيقي من هذه الأزمة هي التنظيمات المتطرفة التي حصدت أرواح الأبرياء من العراقيين دون أن تلاقي مواجهة بالمستوى المطلوب. مع ذلك بدأ الوقت حرجا للتوصل إلى حل دستوري لأن النوايا بين السياسيين يشوبها الغموض، وحان الوقت بأن يتعامل قادة المجتمع مع معضلة السياسة الداخلية التي طالما أهملها القادة في الحكومة، وأن المرجعيات الدينية والاجتماعية الرئيسية فقط هي من يقدر أن يحرك العملية السياسية الى الأمام، فلهم القول الفصل في إنهاء كل مايدور من صراعات عبر الضغوط التي يمكن أن تمارسها هذه الجهات.

عملياً لا يمكن التوصل الى اجماع حول تشكيل الحكومة في غضون أيام قليلة. وأي محاولة لتشكيلها دون غياب طرف ما من شأنه أن يدهور الوضع أكثر مما هو عليه الآن فينبغي أن توجد آليات ترمي الى تشكيل حكومة فاعلة ولو بقى الوضع على ما نراه من مجاملات بين السياسيين لن يساعد ذلك في حل الأزمة.

 أخيراً هناك ثلة خيرة مشاركة في العملية السياسية أمامها فرصة أن تثبت من خلالها القدرات اللازمة لتحقيق ماهو مطلوب.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تموز/2010 - 2/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م