ملف اليمن... المنحة المالية مرتبطة بالإصلاحات

مرتضى بدر

تعقيباً على الحوار الذي أجرته الزميلة تمام أبوصافي مع وزير خارجية اليمن (أبوبكر القربي)، والذي نُشِر على صفحتين بتاريخ 24 يونيو 2010 فإنني أعيد التأكيد على ما أشرتُ إليه في مقالي المنشور بتاريخ 27 فبراير من هذا العام من أنّ المبالغ التي تمّ تخصيصها بعد مؤتمر لندن من أجل الإعمار في اليمن لن تُسلّم إلى الحكومة اليمنية إلى حين اطمئنان المجتمع الدولي على جدّية الحكومة اليمنية في إجراء إصلاحاتٍ سياسيةٍ شاملة، وعلى عدم تفرّد الحزب الحاكم بإدارة الأموال.

ربما يئست الحكومة اليمنية من وصول المبالغ من قبل الغربيين واليابانيين، فطرقت أبواب دول مجلس التعاون الخليجي التي التزمت بتقديم الدعم المالي، ناسيةً أن هذه الدول محكومة بقرارات مؤتمر لندن، وربما تتعرّض لضغوطات بعدم تقديم الشيك على بياض من دون تحقيق تطورٍ حقيقيٍ على المستوى السياسي في اليمن.

في مقابلته مع صحيفة البلاد قال الوزير اليمني: “إن الاجتماع الذي عقده مع نظرائه الخليجيين تمحور حول انتقال الدعم الخليجي من مرحلة تخصيص المبالغ إلى البحث في آليات صرفها في المشاريع المختلفة”، معتبراً أنّ الفترة الزمنية التي انقضت منذ اجتماع لندن قبل ستة شهور وحتى الآن لم تترجم إعادة النظر في آليات دعم اليمن رغم الالتزامات الدولية وكيفية السير في برنامج الإصلاحات.

بودّي تقديم السؤالين التاليين إلى الوزير أبوبكر القربي: هل التزمت الحكومة اليمنية ببرنامج الإصلاحات؟ وما الخطوات العملية التي أقدمت عليها حكومته لحلّ المعضلة السياسية وتحسين حقوق الإنسان؟

صحيح أنّ المواجهة العسكرية مع الحوثيين في صعدة قد توقفت وفق اتفاق بين الجانبين، إلا أنّ المشكلة السياسية مازالت قائمة. وعلى صعيد الحراك الجنوبي، مازالت الأزمة متفاقمة وقابلة للتصعيد. وبخصوص موقف الحكومة من مطالبات المعارضة بضرورة الإصلاح السياسي، فلم نرَ غير إعلانٍ رسميٍ بالتزام الحكومة بحوارٍ مفتوحٍ مع القوى السياسية، وقد شكّكت بعض القوى في توقيت الإعلان، واعتبروه مناورةً سياسيةً ورسالةً إعلاميةً للدول المانحة للمساعدات مفادها بأنّ الحكومة ماضية في الإصلاحات.

وزيران في الحكومة البريطانية السابقة، هما وزير الخارجية ديفيد ميليباند ووزير التنمية الدولية دوغلاس الكسندر كتبا مقالاً مشتركاً عشية مؤتمر لندن في فبراير الماضي، وأشارا إلى الأهداف الثلاثة للمؤتمر.. الأول يتمركز حول مكافحة التطرّف والإرهاب، والثاني يتمركز حول الإصلاح السياسي والاقتصادي، والثالث حول آلية إنفاق أموال المساعدات التي تمّ التعهد بتقديمها.

يبدو واضحًا أنّ نتائج المؤتمر قد تضمن تقديم منحٍ مقابل التزاماتٍ وتعهداتٍ من قبل النظام اليمني. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل النظام الحاكم في اليمن سيستجيب لرغبات الدول الإقليمية والدولية في إيجاد حلٍّ للأزمات التي تعاني منها اليمن؟ وكما أشرنا سابقاً فإنّ تأخير عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي في اليمن يعني إغراق البلاد في الفوضى؛ مما سيترك تداعياتٍ سلبيةً كبيرةً على كل المنطقة. وأعتقد أنّ الدول التي وعدت بتقديم مساعداتٍ إلى اليمن بما فيها الدول الخليجية سوف تتريّث في ضخّ الأموال في جيب الحكومة اليمنية إلى حين التأكّد من مصداقية هذه الحكومة في خطتها الرامية إلى عملية الإصلاح السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/تموز/2010 - 28/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م