ماذا لو قاد المالكي المعارضة البرلمانية

أحمد عبد الأمير

كثيرة هي إدعاءات الأحقية بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، فهناك حق قائمة ائتلاف العراقية بقيادة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، مستندين بذلك إلى نص مثير للجدل ورد في الدستور الدائم لجمهورية العراق، باعتبارها الكتلة الفائزة بأكثرية مقاعد مجلس النواب الجديد، علاوة على حق قائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، بعدما تندمج مع الائتلاف الوطني العراقي لتشكل الكتلة الأكبر في البرلمان الجديد.

ومع بقاء الصراعات قائمة بين الكتل الفائزة على منصب رئيس الوزراء، ومع حض العراقية، على لسان القيادي فيها طارق الهاشمي، الكتل الأخرى على تسنم المناصب السيادية الأخرى في الدولة العراقية، كمنصب رئيس المجلس الاتحادي و رئيس مجلس القضاء، مبينا "لدينا متسع من المناصب لاستيعاب الجميع"، إلا أن التكالب لازال وسيبقى قائما على منصب رئيس الوزراء لما له من صلاحيات واسعة في إدارة الحكم، ما لم تكن هناك رغبة صادقة بين جميع القوى السياسية العراقية في إنهاء ذلك عن طريق إجراء تعديل دستوري يقلل من صلاحيات رئيس الوزراء بما يقابلها من زيادة فيها فيما يتعلق بتلك الخاصة برئيس الجمهورية وفق مبدأ تقاسم السلطات.

ولو ابتعدنا قليلا عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهل أن علاوي أم المالكي له الحق في تشكيل الحكومة، نجد أن السيد نوري المالكي يصلح لقيادة المعارضة البرلمانية أكثر مما لو تسلم رئاسة الوزراء ولأسباب عديدة يمكن إيجازها بما يلي:

- أن المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء وإعمار واستثمار، وتستوجب وجود شخصية لها دراية بأمور المال والأعمال والمشاريع الصناعية والزراعية وغيرها، ولا اعتقد أنها بحاجة إلى شخصية قوية كشخصية المالكي الذي كان الأنسب في الفترة الماضية، أي مرحلة فرض الأمن، حيث حقق المالكي نوعا من النجاح في إدارة الملف الأمني في البلاد، وخلالها تضاءلت قدرات التنظيمات الإرهابية وضعفت مثل تنظيم القاعدة وشاكلته، إضافة إلى المجاميع الخارجة عن القانون، حسب تصريح الجنرال أوديرنو الأخير الذي قال فيه "حيدنا قادة القاعدة في العراق"، مؤكدا قتل أو أسر 34 من أصل 42 من قيادات التنظيم، إلا أن المالكي لم يحقق نجاحا على صعيد الخدمات المقدمة للمواطنين يوازي نجاحه في مجال الأمن، إنما المكان الأنسب له في السنين الأربع المقبلة هو قيادة المعارضة في مجلس النواب ومراقبة الأداء الحكومي والكشف عن مواطن الضعف والفساد الذي من الممكن أن يرافق هذه المرحلة.

- أن المالكي وخلال فتره حكمه ربما استطاع أن يسخر البرلمان لمصلحته، ففي كل مرة يحضر فيها بمجلس النواب يخرج وهو المنتصر، رغم الإخفاقات العديدة التي شابت عمل حكومته، أي أن شخصيته كانت مؤثرة لدرجة أن معارضيه في مجلس النواب لم يكونوا في القدر نفسه من التأثير.

- تميزت فترة حكم المالكي بعدم فاعلية السياسة الخارجية، فقد دخل العراق في خلافات جديدة مع سوريا والسعودية ودول أخرى، ولا اعتقد أنه سيصار إلى إيجاد حلول مناسبة لتلك الخلافات فيما لو تبوأ المالكي منصب رئيس الوزراء، لأن خلاف هذه الدول مع السيد المالكي هو شخصي أكثر مما هو دبلوماسي.

- لو قبل المالكي بأن يقود المعارضة البرلمانية فإنه بذلك سيؤسس لثقافة جديدة معمول بها في البلدان الديمقراطية، حيث أن هذه المعارضة لا تقل أهمية عن تولي المناصب الحكومية الرئيسة.

ولكن الذي نجده على أرض الواقع هو أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي يجدد، حتى لحظة كتابة المقال، عدم نيته أخذ جانب كتلة المعارضة في البرلمان المقبل، حسب تعبير القيادي فيه حيدر العبادي الذي قال إن "هذا الأمر ليس مطروحاً في الوقت الحاضر، ونحن بعيدين عنه جداً".

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/حزيران/2010 - 24/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م