بشهادة الشهود

قصة قصيرة

ريم علي الحاجي محمد

الساعة التاسعة مساءا وقت تناول العشاء حضر الجميع إلا هي، سأل الأب أين هي هديل ؟

أجابته أختها الصغرى هي نائمة.

تبادل الأم والأب نظرات الدهشة فليس من عادتها النوم دون أن تلقي عليهما تحية المساء وتتبادل معهم أطراف الحوار.

تكرر ذلك في اليوم الذي يليه، بعد تناول العشاء ذهب الوالد لغرفتها ووجدها مظلمة فظن أنها نائمة ولم يدخل.

في اليوم التالي لم تذهب للعمل أخبرت والدتها بأنها متعبة ولا تستطيع الذهاب، لم تترك لوالدتها فرصة لأي سؤال ذهبت لتنام.

دار حوار بين والديها ما بالها هديل تنام أغلب وقتها ولم تعد تتحدث كما السابق دائما شاردة الذهن.

أجابت أمها " لا أعلم فهي منذ مدة تعود من العمل إلى غرفتها ولا تخرج إلا في وقت العشاء و الآن حتى هذه لم تعد تفعلها "

الأب " غدا لابد أن أجلس معها لأرى ما بها".

استيقظ لصلاة الفجر وذهب لمناداة هديل للصلاة وجدها تصلي، انتظر حتى انتهت من صلاتها وجلس بجانبها.

"حبيبتي ما بالك أمورك لا تعجبني هذه الأيام عيناك مليئة بالحزن وجهك يبدوا شاحبا هل هناك ما يزعجك في المنزل أو العمل "

" أجابته بالنفي " ولكنه لم يقتنع بهذه الإجابة اقترب منها أكثر وضع يده في يدها ونظر إلى عينيها يستحث الكلام منها.

وبمجرد أن التقت نظراتهما إلا وانفجرت عينيها بالدموع، مسح دموعها بيده وقلبه يضطرب خوفا مما قد أصابها ففي هذه الحال قد يطرأ على تفكيره ألف حال وحال ربما تعرضت لتحرش أحد زملائها فطبيعة عملها مختلطة.

حاول تهدئتها إلى أن توقفت عن البكاء أعاد عليها السؤال ما بالك وما الذي يبكيك.

أجابت " فقط ضغوط عمل "

لم تكفيه هذه الإجابة نظر إليها يطلب منها المزيد.

تنفست بعمق

"أبي أعاني كثيرا في العمل أبذل ما في وسعي من جهد لكي أقوم بمهامي على أكمل وجه أتجنب الوقوع في الخطأ بقدر ما أستطيع، علاقاتي مع الزملاء والزميلات جيدة وأحاول تجنب المشاكل دائما".

إلا أن هناك زميل دائما يسعى إلى تشويه سمعتي و انتقاد أدائي بأسلوب ساخر، يتصيد الأخطاء، دائما يردد للزملاء أني سيئة جدا ولا أصلح إلا للبقاء في المنزل للطبخ والتنظيف وأن المدير يستحمل بقائي فقط بسبب تدخله هو في الموضوع أي انه صاحب الفضل لبقائي.

والدها " عزيزتي في مجال العمل والاحتكاك بالناس كل هذا يحدث وأكثر عليك بالصبر والاجتهاد فقط"

"أبي كثر الحديث هنا وهناك والكل يسأل لم فلان يقول عنك ذلك، أسئلة كثيرة تحاصرني"

والدها " هديل مادمت واثقة من نفسك فلا يهمك كلامه ولا كلام غيره، استعدي للذهاب للعمل هذا اليوم وكأن شيئا لم يكن وكأنك لم تسمعي شيئا ".

أخذ والدها يحدثها عن النجاح وصعوبات العمل وما كان يواجهه في عمله مما رفع من معنوياتها، استعدت ليوم عمل جديد مليء بالنشاط والحيوية.

فوجئت عند دخولها بفوضى غير طبيعية وكلام هنا وهناك بين الطرقات، وعندما سألت عما يحدث فعرفت أن من كان يلطخ سمعتها غارقا في بحر الفضيحة وبشهادة الشهود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/أيار/2010 - 28/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م