خطوات عملية لإصلاح العالم

رؤى من أفكار الامام الشيرازي

شبكة النبأ: عندما نلقي نظرة متفحصة على كتاب المرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) الذي يحمل عنوان (الى العالم) فإننا نستطيع أن نستكنه خلجات مشاعره وتأملاته نحو إمكانية أن يعود العالم أجمع الى رشده من خلال لجوئه الى الاسلام كعقيدة فكرية عملية تنظم الخطوات والانشطة البشرية المتشابكة وتنظفها من الضغائن والصراعات وحب الذات على حساب الآخرين.

ويطرح الامام الشيرازي رؤاه بهذا الصدد في كتابه هذا ويدعوا الى تطبيقها من قبل المسلمين وغيرهم لانقاذ العالم من حالات التردي والضمور المتواصل الذي يتعرض له الجنس البشري، وقد جاءت هذه الدعوة بهذا الكتاب على شكل خطوات واضحة يمكنها أن تقود الانسان الى هذا الهدف في حالة الإلتزام بها.

ونقدم أدناه في هذا الجزء الاول، ملخصا لفحوى هذا الكتاب وما جاء به من افكار ورؤى بهذا الاتجاه.

1- النظر إلى الهدف فقط.

إن الهدف يحتاج إلى جمع جميع الطاقات لا تشتتها، وعلى الأقل يكون الأمر من باب (الأهم والمهم)، ومن المعلوم أن العاقل لا يصرف طاقته في المهم إذا دار الأمر بينه وبين الأهم.

2- اللاعنف.

من الضروري لمن أراد إنقاذ المسلمين وإنقاذ غير المسلمين. أن يكون ذا أخلاق رفيعة في العلم والحلم والصبر والعفو والاستقامة والهدفية وسائر الأخلاق الحسنة، وأن لا يكون متصفاً بالأخلاق السيئة، كالكبر والغرور والكسل والضجر، وسوء الأخلاق والشقاق، وكونه ذا وجهين وذا لسانين وما أشبه.

3- العفو وترك العقوبة.

من الضروري على القائمين بالحركة: الحذر الأكيد من المهاترات وعقوبة العاملين إلاّ بأخف القدر لدى أشد الاضطرار، وإذا وصلوا إلى السلطة يلزم العفو العام، خصوصاً بالنسبة إلى الأثرياء وطبقة الحكّام السابقين والعلماء.

4- الاستفادة من جميع الطاقات.

على الفرد الحركي أن يوزّع عمله بين أعماله الشخصيّة وأعماله الهدفية. وإننا حيث غفلنا عن الحياة ومقوماتها وصرنا سادة في الأعمال أصبحنا عبيداً للغرب.

والهادفون يحتاجون:

أولاً: إلى استقلال أنفسهم عن الاحتياج.

وثانياً: إلى إنقاذ غيرهم.

ولذا يحتاجون إلى كل دقيقة من أعمارهم، وإلى كل قطرة من إمكانياتهم.

5- الشباب والشيوخ.

من الضروري أن تجمع الجماعات الهادفة إلى الإنقاذ، بين الشيوخ والشباب، فالأولون لأجل الرأي والحكمة والتجربة، والآخرون لأجل العمل والحركة والانطلاق، فإن الأغلب أن الشيخ مخزن التجارب وله النضج والحكمة في كيفية العمل وكمّيّته، بينما الشباب ـ عادة ـ لا تجربة كافية له وإن كان شبابه يوجب النشاط والانطلاق والحركة.

6- تغيير واقع الحياة.

كل الحركات التي رأيتها في هذا النصف من القرن الحاضر، وسمعت وقرأت عنها في النصف الأول من هذا القرن، كان يعوزها إمّا عدم التأهل للاستمراريّة، وإمّا عدم تغيير واقع الحضارة إلى الحضارة الإسلاميّة، ولذا اخترقها الغرب.

7- الانطلاق إلى العالم.

اللازم في إنقاذ العالم الانطلاق إلى العالم، ولا أقصد انطلاقاً خاصاً بالمسلمين في الشرق الأوسط، أو في مكان تجمع المسلمين بعنوان دولة، بل أقصد انطلاق أيّ مسلم في أيّ مكان.

8- التفرغ.

لابدّ للجماعة العاملة لأجل الإنقاذ: التفرغ لهذه الجهة، إن الإنقاذ ليس لفظاً فارغاً، ولا وصفاً عنوانياً، ولا يتحقق بمن يفكر في أكله ولباسه ومسكنه ومركبه، ولكن الكلام في أن من أراد الإنقاذ لا يتمكن من جمع الأمرين: الدنيا المترفة، والإنقاذ الواجب عقلاً وشرعاً. فينبغي أن يهيّئ العامل على الإنقاذ نفسه للتفرغ لمهامه، وذلك مما لا يحصل على الأغلب مع التزامه بشؤون الحياة الشخصيّة والعائلية برغد ورفاه.

9- التعقل

إن الحضارة الماديّة التي جرفت كل القيم والموازين والأعراف، سواء في بلادهم أم في بلاد المسلمين أم في بلاد العالم الثالث، لا يمكن الوقوف أمامها بالتهريج والدعاية ومجرد الشعارات الفارغة، ولا يمكن حينئذ إرجاع البشرية إلى طريق الصواب، فإن الأمر أعمق وأكثر هولاً من هذه الأمور.

10- خدمة الناس.

إن خدمة الناس من أهمّ مقومات الحركة العالمية، فإن الناس لهم حوائج ومن لم يعطهم حاجاتهم لا يلتفون حوله وإن عرفوا أن الحق معه، إلاّ القليل القليل منهم. إن الناس لا يلتفتون إلاّ حول من يخدمهم حالاً، ويرجون منه الخدمة في المستقبل. وإذا فرض أنه يخدمهم حالاً، لكنه إذا وصل إلى الهدف ترك خدمتهم، فليعلم أنه يسقط عن القلوب أولاً، ثم يسقط عن القدرة ثانياً.

11- الوسائل الحديثة.

الاستفادة من الوسائل الحديثة، والوسائل الإلكترونية والإعلاميّة، والكمبيوتريّة والفكس وما أشبه، من أهم مقومات الحركة العالميّة، فاللازم الاستفادة منها بأقصى قدر الاستفادة، فإن المال موجود عند الكرماء الباذلين، والوسائل متوفّرة، والناس يتقبلون، منتهى المطلب أن الأمر بحاجة إلى التعقل والرابط والمدبّر، والمفروض أنها موجودة عند التنظيم الحركي.

12- شعار الحركة

يلزم أن يكون شعار المتحركين للإنقاذ: (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف).

إن ما يزعمه بعض الناس من أن الإسلام إذا قام قطعَ الأيدي وسمل الأعين وصَلَم الآذان وجذع الأنوف ورجم جماعة وقتل أخرى، تفكير خطأ جدّاً. فهل فعل الرسول (ص) هذه الأعمال لمّا قام؟ وهل فعل أمير المؤمنين علي (ع) هذه الأعمال لمّا قام؟

13- الحرية هي الحل

إن الإسلام إذا قام وفّر كل الحريّات ــ غير المحرّمات وهي قليلة جداً ــ وزوّج كل العزّاب والعازبات، وأعطى لكل الناس الكسب، وأغنى كل فقير، وقلّل من الأمراض والأعراض والمنازعات.

14- التوجيه نحو الهدف.

من المهم أن تعمل جماعة الحركة للتوجيه نحو الهدف، سواء توجيه الأفراد أم المؤسسات البنائية أم الإنسانيّة، فإن كثيراً من العاملين في مكتبة أو مطبعة أو متجر لا يهدفون، وإنما قولهم: هذه حياتنا الدنيا، والآخرة السعيدة لنا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/أيار/2010 - 26/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م