الثورة الرقمية والآثار النفسية والاجتماعية

الرفاهية مقابل انتهاك الخصوصية

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: في العالم الرقمي يلزم لمسة واحدة فقط لتحديد موقع أقرب مصرف، أو شراء تذكرة سفر، أو بطاقات لحضور فيلم في السينما، أو تحديد الاتجاهات لأي مكان في العالم. وبلا شك، فإن الثورة الرقمية غيرت وجه العالم، وغيرت أيضا الطريقة التي ينفذ فيها الجيل الحالي مهامه اليومية، لكن البعض يقول إن الراحة الرقمية هذه، جاءت على حساب الخصوصية.

ومن جهة أخرى أوضح مسح جديد الدور الذي لا غنى عنه للهواتف المحمولة عموماً، والرسائل النصية، على وجه التحديد، في حياة المراهق الأمريكي، فوجد أن واحداً من ثلاثة مراهقين، يرسل أكثر من 100 رسالة نصية في اليوم.

فيما لفتَ تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الهواتف المحمولة متاحة ومتوفرة أكثر من وفرة المراحيض في الهند، ثاني أكبر دول العالم من حيث الازدحام السكاني.

جلبت الراحة لكنها ضحت بالخصوصية..

وتمثل التفضيلات الشخصية لأي فرد، والبيانات التي يتركها خلفه في أي رحلة رقمية، كنزا قيما بالنسبة للشركات التي تريد استهدافها بصورة فعالة والتسويق المباشر، والمسألة أوسع من مجرد أن تلك الشركات تسجل عناوين بروتوكول الإنترنت للمشتركين.

يقول دوغ كلاندر مدير اتحاد الحريات المدنية لمشروع الخصوصية التابع للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية إن ""كل شيء تقريبا تفعله في مجتمع اليوم ينطوي على ترك آثار خلفك يتعقبها كثيرون."

ويضيف كلاندر "يبدأ الأمر لحظة استيقاظك من النوم.. تتحرك حولك وتترك آثارا رقمية، فإن صعدت إلى حافلة ودفعت الأجرة ببطاقة، يمكن تتبع ذلك، وإذا كنت تقود سيارتك، هناك كاميرات فيديو تعترف على أرقام اللوحات." بحسب سي ان ان.

ويتابع "إن كنت في أي مكان وأي وقت.. وكان لديك هاتف محمول، واستخدمته، فإنه متصل مع أبراج الإرسال التي يمكنها تحديد موقعك في حدود نحو 20 مترا."

100 رسالة نصية يتبادلها المراهقون يومياً

وفي مسح جديد أوضح الدور الذي لا غنى عنه للهواتف المحمولة عموماً، والرسائل النصية، على وجه التحديد، في حياة المراهق الأمريكي، وجد أن واحداً من ثلاثة مراهقين، يرسل أكثر من 100 رسالة نصية في اليوم.

وخلص الاستطلاع الذي أجراه مركز بيو للأبحاث، إلى أن ثلاثة أرباع (4/3) المراهقين الأمريكيين، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 17 عاماً، يقتنون هواتف محمولة، بارتفاع بلغت نسبته 45 في المائة عن معدل عام 2004.

ولفت الاستبيان، إلى تزايد سريع ومطرد في معدل تبادل الرسائل النصية خلال الآونة الأخيرة. وأكد البحث، ما يبدو واضحاً للعيان، تقهقر معدل المكالمات الهاتفية  لصالح الرسائل النصية، ويلجأ الشباب للمكالمات الهاتفية للتواصل مع الآباء غير أنهم يفضلون التخاطب عبر الرسائل النصية مع الأصدقاء.

ورغم تلقيهم أو إجرائهم لما بين خمسة مكالمات يومياً، وجد البحث أن نصف المراهقين يرسلون نحو 50 رسالة نصية في اليوم. بحسب سي ان ان.

وفسرت أماندا لينهارت، كبير الباحثين بالمركز هذه النتائج  بالقول: "الرسائل النصية فعالة ومريحة وتنسجم مع هذه المساحات الصغيرة في الحياة اليومية. لا تتحدث فيها كثيراً، وتدلل بها للناس إنك مازالت متواصلاً ومرتبطا بهم."

وحول كيفية تمكن المراهقين من تبادل هذا الكم من الرسائل النصية وهم يقضون معظم يومهم داخل الفصول الدراسية، وجد المسح أن 43 في المائة من الشباب يأخذون هواتفهم المحمولة إلى المدرسة، وأن رسالة نصية واحدة على الأقل، ترسل من داخل الفصل، رغم حظر معظم المدارس على التلاميذ حمل الهواتف."

مؤشرات السلوك الجيد..

ربما تكون التقنية الحديثة قد وفرت لنا الهواتف المحمولة وطرق الاتصال الحديثة لكنها تسببت ايضا في الكثير مما يثير الغضب ويسيء للاخرين.

واصبحت الهواتف المحمولة عنصرا ضروريا في حياتنا المهنية والشخصية على السواء لكن هناك ايضا قواعد سلوكية يجب اتباعها عند استخدامها.

وتتطلب اللياقة الجيدة في استخدام الهاتف المحمول القليل من الجهد او التفكير فهي ببساطة ان تدرك ما يحيط بك وأن تحترم الاخرين. فاذا كنت تشعر بالحرج من نغمة رنين هاتفك في مواقف معينة مثل أثناء وجودك في القطار او العمل فهي بالتأكيد خيار خاطيء.

ودرجة رنين النغمات يجب الا تكون مزعجة. اغلق هاتفك المحمول او اضبطه على خاصية الاهتزاز عندما تحضر اجتماعات او تكون في المسرح او دور السينما وما شابه ذلك.

أيضا الهاتف المحمول ليس مكبر صوت لذا لا تصيح وانت تستخدمه وكن على دراية بما حولك ولا تحاول استخدام هاتفك في مواقف يمكن ان تزعج فيها اخرين فالصوت المرتفع يمكن أن يصرف انتباه ركاب يقرأون الصحف في عربة قطار هادئة او يبدو تطفلا على حافلة مكتظة بالركاب.

ومن غير اللائق اجراء محادثات حميمة امام الاخرين. وبالمثل لا تستخدم لغة فظة كما يجب تجنب الحديث عن المال او الجنس في حضور اخرين. ويتحتم احترام خصوصيتك وخصوصية الاخرين.

وهناك اماكن محددة من غير المقبول فيها استخدام الهاتف المحمول مثل المعارض الفنية وأماكن العبادة والمكتبات والمستشفيات. بحسب رويترز.

وبما ان الانسان يستحق المزيد من الاهتمام أكثر من الالة يجب اغلاق هاتفك قدر الامكان في المناسبات الاجتماعية. ولا تضع هاتفك على طاولة الطعام ولا تنظر اليه في منتصف حديثك مع الاخرين. فاذا ما كنت تنتظر اتصالا مهما عندما تقابل شخصا ما في مناسبة اجتماعية فاشرح له في البداية انك سترد على اتصال واعتذر سلفا.

وعندما تكون في حفل او في تجمع اجتماعي اعتذر وانسحب الى مكان ما خاص لاجراء او استقبال اتصالاتك. ولا ترسل او تقرأ رسائل نصية عندما تكون في الخارج في صحبة الا اذا كان هذا ضروريا.

لا تواصل أيضا اجراء اتصالات من هاتفك المحمول عند القيام بمعاملات اخرى في بنوك او متاجر او حافلات وما الى ذلك اذ من الاهانة الا تعطي الاشخاص الذين يقدمون خدمة لك كامل اهتمامك.

والرسائل النصية مثالية في نقل رسائل قصيرة وعاجلة. ولا تستخدمها في نقل معلومات مهمة او اي شيء يحتاج الى شرح مطول. فاذا كان من الضروري الغاء موعد فاجراء اتصال هاتفي افضل دائما من ارسال نص اذ أن الاعتذار يستقبل بصورة افضل بهذه الطريقة.

في أمريكا: زيادة في مشاهدة التلفزيون والانترنت معاً

وفي نفس السياق أفاد تقرير لشركة نيلسن أن الامريكيين يقضون المزيد من الوقت في مشاهدة التلفزيون واستخدام شبكة الانترنت بشكل متزامن وأن قرابة 60 في المئة من مشاهدي التلفزيون يستخدمون الانترنت أثناء المشاهدة مرة واحدة في الشهر على الاقل.

وذكر تقرير نيلسن ثري سكرين أن نتائج دراسته بددت مخاوف سابقة من أن يأتي تنامي شعبية الانترنت على حساب مشاهدة التلفزيون.

وقال مات أوجرادي وهو مسؤول الانتاج الاعلامي في شركة نيلسن " كان مبعث الخوف في باديء الامر هو أن يأتي استخدام الانترنت ولقطات الفيديو على الهاتف المحمول ببطء على حساب مشاهدة التلفزيون التقليدية لكن الاتجاه الثابت لتنامي مشاهدة التلفزيون والاستخدام الموسع للانترنت بشكل متزامن يشير الى أمر مختلف تماما."

وتوصل تقرير الربع الرابع من العام الماضي والذي تتبع مشاهدة التلفزيون واستخدام الانترنت والهاتف المحمول الى وجود زيادة بنسبة 35 في المئة في الوقت الذي يقضيه الامريكيون في مشاهدة التلفزيون واستخدام الانترنت بشكل متزامن بالمقارنة مع الربع نفسه في 2008 . وافاد التقرير بأن الامريكيين يقضون الان 3.5 ساعة شهريا في مشاهدة التلفزيون أثناء استخدامهم الشبكة الدولية.

وزاد عدد المستخدمين النشطين للقطات الفيديو على الهاتف المحمول بنسبة 57 في المئة على مدى العام الماضي فوصل الى 17.6 مليون شخص بعدما كان 11.2 مليون شخص. وانتشار الهواتف الذكية هو السبب الرئيسي في هذه الزيادة.

وتوصل التقرير الى أن الامريكيين يشاهدون التلفزيون في الوقت الحالي لمدة نحو 35 ساعة في الاسبوع بالاضافة الى ساعتين من المواد التلفزيونية المسجلة عبر أجهزة الفيديو الرقمية والتي يستفيد منها من هم بين 25 و34 عاما بشكل أكبر من أي فئة عمرية أخرى.

وأوضح التقرير أن أجهزة الفيديو الرقمية موجودة الان في 35 في المئة من البيوت الامريكية. وقال أوجرادي ان ولع الامريكيين بالتلفزيون يبدو أنه مستمر في المستقبل القريب. وأضاف "يبدو أن لدينا نهما لا يشبع للاعلام وأن مواد الانترنت والهانف المحمول جاءت لتضيف اليه ليس الا."

الهواتف المحمولة تفوق المراحيض عدداً في الهند

ولفت تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الهواتف المحمولة متاحة ومتوفرة بكثرة عن المراحيض في الهند، ثاني أكبر دول العالم من حيث الازدحام السكاني.

وبلغ عدد المشتركين في شركات تشغيل الهواتف المتحركة 563.73 مليون شخص، أي قرابة نصف سكان الهند الذين يبلغ تعدادهم 1.2 مليار نسمة. في الوقت الذي تتوفر فيه المرافق الصحية لنحو 366 مليون شخص، ثلث سكان البلاد فقط، حتى عام 2008، وفق دراسة نشرتها جامعة الأمم المتحدة حول سبل تحسين البنى التحتية الصحية في العالم.

وقال ظفر عادل من الأمم المتحدة:" إنها لمفارقة مأساوية أن نعتقد أن في الهند، وهو بلد ثري بما يكفي لأن يقتني قرابة نصف سكانها هواتف خاصة، في الوقت الذي لا يتاح فيه للكثير من الناس الضروريات الأساسية وكرامة استخدام مرحاض."بحسب رويترز.

وكانت جامعة الأمم المتحدة، ومقرها مدينة "هاملتون" بكندا، قد أصدرت الأربعاء توصيات بهدف تسريع الوتيرة نحو بلوغ أهداف الألفية للتنمية، لتقليص نسبة السكان الذين لا يحصلون على المياه المأمونة والمرافق الصحية الأساسية.

ويقدر بأن هناك حاجة إلى 358 مليار دولار، للفترة من الوقت الحالي وحتى عام 2015، لتحقيق تلك الإنجازات، التي أطلقتها الأمم المتحدة عام 2000.

ولفت التقرير إلى أن المرافق الصحية تنفذ الأرواح بالمساعدة في الوقاية من الأمراض، وستساعد في انتشال الهند، ودول أخرى، من براثن الفقر، أكثر من أي استثمارات بديلة.

ويؤدي سوء المرافق الصحية، المسبب الرئيس للأمراض التي تنتقل عن طريق المياه، للفتك بنحو 4.5 مليون طفل دون سن الخامسة، في كافة أنحاء العالم.

وقدر تقرير المنظمة الدولية تكلفة تشيد مرحاض بـ300 دولار، سيعود مقابل كل دولار منها  بـ34 دولاراً، في شكل تحسين الإنتاجية، وخفض الفقر وادخار تكلفة الخدمات الصحية.

دراسة دولية لبحث تأثير النقال على الصحة

وبدأت في خمس دول أوروبية دراسة جديدة لبحث العلاقة بين استخدام التليفون المحمول والاصابة بمشاكل صحية على المدى البعيد مثل السرطان والامراض العصبية.

وقال منظمون ان دراسة "كوهورت لاتصالات التليفون المحمول" ستكون الكبرى من نوعها وستشمل أكثر من 250 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و69 عاما في بريطانيا وفنلندا وهولندا والسويد والدنمرك.

وقال بول اليوت كبير الباحثين في الكلية الملكية بلندن حول الدراسة البريطانية ان أبحاثا سابقة بشأن علاقة التليفون المحمول بالصحة مطمئنة لكنه أشار الى أنها لم تمتد غالبا الا حوالي عشر سنوات.

وأضاف اليوت ان هناك حاجة لاجراء دراسة بعيدة المدى لان العديد من أنواع السرطان تستغرق المزيد من الوقت لتتطور كما أن أجهزة التليفون المحمول مازلت جديدة نسبيا.

وذكر في مؤتمر صحفي بلندن "من أجل المستخدمين الحاليين والاجيال المستقبلية فان هذا هو الشيء الانسب ... ركزت الابحاث بالضرورة وبشكل أساسي حتى الان على استخدام (التليفون المحمول) على المدى القريب وهو أقل من عشر سنوات."وأضاف "ستبحث دراسة كوهورت لاتصالات التليفون المحمول الاستخدام بعيد المدى أي لعشر أو عشرين أو ثلاثين عاما. وبالمراقبة بعيدة المدى ستكون هناك فرص لتطور امراض."

وكانت منظمة الصحة العالمية والجمعية الامريكية للسرطان ومعاهد وطنية للصحة توصلت كلها الى انه لا يوجد دليل علمي حتى اليوم على وجود عواقب صحية وخيمة لها علاقة باستخدام التليفون المحمول.

وقال الاستاذ لوري تشاليس من مجموعة (ام.تي.اتش.جي) المستقلة التي ستمول الجزء البريطاني من الدراسة ان توازن الادلة العلمية لا يشير الى أن التليفون المحمول يسبب السرطان.

وأضاف "ولكن لا يمكننا استبعاد امكانية أنها قد تؤدي الى ذلك ... لم يكن هناك ما يكفي من الوقت. لم يملك معظمنا تليفونات محمولة منذ أكثر من عشر سنوات."

وقال "يستغرق ظهور أعراض أنواع عديدة من السرطان ما بين 10 و15 سنة. لذا علينا الاجابة على هذا السؤال.. هل هناك شيء نحن بحاجة لبحثه.."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/نيسان/2010 - 11/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م