جوجل في مواجهة حروب المال والقرصنة والحقوق

 

شبكة النبأ: يسعى القائمون على محرك البحث العالمي جوجل وحسب المتابعين الى الارتقاء بسمعة محركهم بعد أن أثيرت مؤخرا العديد من القضايا والمشاكل التي قد تؤثر بشكل مباشر على مستخدمي تلك المنظومة ومريديها، سيما بعد القضية الجدلية المثارة مع الصين.

ويجهد محرك البحث المذكور عبر تطوير مرافقه الخدمية استقطاب اكبر عدد من المستخدمين أو الحفاظ على الإعداد المتوافرة منهم.

مشاكل الكثيرة

فقد حافظ محرك البحث "جوجل" على عائداته المالية العالية رغم المشاكل التي يمر بها مع الحكومة الصينية والمنافسة التي يخوضها مع محركات البحث الأخرى، ورغم قوانين الحفاظ على بيانات الغير التي تعرقل عمله أحيانا.

وصرح المدير المالي للشركة باتريك بيشيت قائلا: "حقق محرك البحث جوجل أرباحا كبيرة في الربع الأول من هذا العام".

وأضاف بيشيت أن المحرك العملاق الذي يقع مقره في مدينة ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا ربح خلال هذه الفترة ما يقرب من ملياري دولار وهو مبلغ يزيد على ما حققه في العام الماضي خلال نفس المدة بنسبة 38%.

وزاد حجم المعاملات الكلية بنسبة 23% عن العام الماضي ليصل إلى 6.8 مليار دولار في الفترة نفسها.

وتجدر الإشارة إلى أن "جوجل" يحقق أرباحه بصفة أساسية من خلال الإعلانات التي يعرضها على هامش نتائج البحث عن المعلومات التي يسعى المستخدمون للمحرك للوصول إليها.

وكان العديد من الشركات التجارية امتنعت أثناء الأزمة المالية العالمية عن الإعلان عن أنشطتها في محرك جوجل نظرا للتكاليف الباهظة التي تتطلبها هذه الإعلانات ، إلا أن "جوجل" لم يتعرض مع ذلك لخسائر كبيرة حيث قام ببداية جديدة لدى نهاية العام الماضي أعادت رونقه أمام المعلنين.

سرقة كلمة السر

من جانب آخر ورغم الطوق الأمني الذي تفرضه على أنظمتها الإلكترونية، أفصحت غوغل عن أن عملية الاختراق التي استهدفت أجهزتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي تمكنت من سرقة كنز معلوماتي ثمين، ألا وهو كلمة السر الخاصة بنظام التحكم بملايين الحسابات الخاصة بمستخدمي غوغل.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن غوغل، إن الشركة العملاقة لم تفصح عن طبيعة المعلومات التي تمت سرقتها في ديسمبر/كانون الأول، بل تمت مراقبة تلك الأنظمة بصورة مستمرة، خاصة نظام "غايا"، الذي يتحكم بكافة حسابات المستخدمين.

وتسمح كلمة السر للمستخدم بالدخول إلى أكثر من موقع كالبريد الإلكتروني، والمدونة، وألبوم الصور، وملف الوثائق وغيرها. بحسب (CNN).

وفي الوقت الذي لا يبدو فيه أن المخترقين قاموا بسرقة كلمات السر الخاصة بمستخدمي بريد "جي ميل"، بدأت المؤسسة مؤخرا بإجراء عدد من التغييرات على الأنظمة الأمنية لديها.

إلا أن المخترقين قد يتمكنون من اكتشاف ثغرات أمنية رغم التغييرات التي تم إجراؤها، وبالتالي إمكانية حدوث اختراق آخر مستقبلا، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.

يذكر أن عملية الاختراق بدأت حينما قام أحدهم بإرسال رسالة نصية إلى أحد موظفي غوغل في الصين عبر برنامج "مايكروسوفت ماسنجر" في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

مواجهة بين الافتراضي والواقعي

من جهة أخرى انتهت الحرب الباردة لكن البعض يرون ان قرار غوغل، عملاق الانترنت، في تحدي الصين يسجل حقبة جديدة حيث تقوم شركة ناشطة في العالم الافتراضي بتحدي دولة.

ويقول فرانسيس بيزاني الصحافي الفرنسي الذي يعمل في كاليفورنيا ويتابع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مدونة "ترانسنتس"، "اشعر بان اغلاق واجهة غوغل الصينية (غوغل.سي ان) تؤكد رغبة غوغل في اللعب في ملعب الكبار".

ويضيف لفرانس برس ان "جسامة الامر تتأتى من واقع ان شركة خاصة من العالم الافتراضي تتحدى علانية ومن خلال الافعال واحدة من اقوى حكومات العالم الواقعي".

فبعد ثلاثين عاما من الاصلاحات الاقتصادية، استعادت الصين مكانة متقدمة في المجتمع الدولي بعد ان كان يطلق عليها لقب "رجل آسيا المريض".

ولكن الدول الغربية العظمى التي ادانت قمع حركة تيانانمين الديموقراطية، ليست بعد قادرة على التعامل مع هذا النموذج الاقتصادي الفريد، حيث يتعايش اقتصاد السوق والتكنولوجيا الحديثة مع نظريات ماركس وماو وكونفوشيوس.

ولم يكن لدى اي من هذه الدول، حتى الان، الجرأة على تحدي الصين. وها هي مجموعة غوغل المتعددة الجنسية تفعل ذلك.

واعلنت غوغل الاثنين الماضي انها ستنهي عملية الرقابة الذاتية التي كانت تمارسها على واجهتها باللغة الصينية وستحول المتصفحين الى صفحة هونغ كونغ بعد ان كانت قد اعلنت في كانون الثاني/يناير انها تتعرض لهجمات معلوماتية بهدف كشف رموزها السرية والاستحواذ على البريد الالكتروني لناشطين صينيين في مجال حقوق الانسان.

ويمكن للصين ان تفرض وجهة نظرها كما حصل في قمة كوبنهاغن للتغير المناخي، لكن هذا يجعلها تبدو متعالية. بحسب فرانس برس.

في هذا السياق، يتخذ قرار غوغل بعدا فريدا، في حين تزداد حدة التوتر التجاري بين الغرب الذي يعاني من ازمة والصين التي تواصل تحقيق معدلات نمو مرتفعة.

ويقول اندرو سمال الخبير في الشؤون الصينية في مركز ابحاث "جرمان مارشال فاند" الاميركي ان "غوغل تشبه فأر التجارب".

ويضيف ان "الحكومات الغربية لم تتخذ بعد موقفا صارما (ازاء الصين) ولكن هذا هو الاتجاه الذي ستسلكه السياسات الاميركية والاوروبية اذا لم تعمل الصين على تخفيف التوترات التي شهدتها الاشهر الماضية".

وازداد التوتر في ما يتعلق بسعر صرف اليوان والصادرات او الملكية الفكرية بين الدول الغربية التي عانت الامرين من الازمة الاقتصادية والصين التي نجحت في العام 2009 في عز الازمة العالمية في تحقيق معدل نمو قريب من 9%.

ويقول بيزاني "لدي حقا انطباع بان غوغل تسعى الى تزعم حركة معارضة لبعض الممارسات التجارية والمالية والسياسية التي تنتهجها الحكومة الصينية (او تقوم بتوجيهها)".

ولكن تعاظم قوة غوغل يشكل مدعاة للقلق في الوقت نفسه، فالبعض في الغرب يصفها بانها تلعب دور "الاخ الاكبر" (بيغ براذر) التجاري ويبدون سرورا لفشلها في الصين.

ويقول المحلل الاميركي لوسائل الاعلام ومؤلف عدة كتب عن الصين فيليب جي. كاننغهام على مدونته "من المهم ان تكون هناك سوق قوية واحدة على الاقل في نظام المعلومات العالمي خالية من منتجات غوغل. كما هو مهم بالنسبة للزراعة العالمية ان تكون هناك مناطق لا تزرع بالمنتجات المعدلة وراثيا".

ويضيف "كما تسللت المنتجات المعدلة وراثيا الى كافة حلقات السلسلة الغذائية في الولايات المتحدة، تغلغلت غوغل في سلسلة المعلومات العامة والخاصة، بطريقة تتحدى القواعد التقليدية للحشمة وقد اصبح من الصعب للغاية التخلص منها".

معاداة العرب

من جهتها قالت منظمة اراب ميديا ووتش التي مقرها في لندن ان التتمات التي يقترحها محرك البحث جوجل لدى البحث عن كلمة عرب باللغة الانجليزية مسيئة الى العرب في غالبيتها.

من المعروف ان محرك البحث يقترح تتمة اي كلمة تكتب في خانة البحث يقوم الشخص باختيار بقية الجملة او العبارة وهذه تعتمد في غالبيتها عن عمليات البحث السابقة التي جرت عن هذه الكلمة.

وتقول جوجل انها تحاول عدم اقتراح اي شيء مسيء لمجموعات او فئات معينة وهذا يشمل الكلمات الفاضحة او الاستفسارات التي تقود الى مواقع اباحية او كلمات بذيئة او عنصرية او عنف.

لكن جوجل اخفقت الى حد كبير في فيما يتعلق بالعرب وغيرها من القوميات والاعراق الاخرى حسب قول المنظمة التي مقرها لندن والتي تعمل من اجل تغطية موضوعية لقضايا العالم العربي في وسائل الاعلام البريطانية حسب قولها.

فلو كتبنا عبارة لماذا يريد العرب اسرائيل (why Arab want Israel) فنحصل على 65 مليون وخمسائة الف نتيجة.

اما لو كتبنا عبارة لماذا العرب باللغة الانجليزية (why Arab) فان التتمة التي يقترحها محرك البحث جوجل هي:

اكثر من 5 مليون واليهود يتقاتلون اكثر من 5 مليون يريدون القدوم الى امريكا واكثر من 4 مليون يرمون الحجارة 2.8 مليون لهم رائحة .

اما لو كتبا عبارة لماذا العرب بالانجليزية (why are Arabs) في خانة البحث فان التتمة التي يقترحها محرك البحث جوجل هي 7 ملايين والاسرائليين يتحاربون واكثر من خمسة ملايين اغنياء ونحو ذلك يعتبرون من البيض ونحو مليونين عنيفون جدا واكثر من مليون عنصريون جدا ونحو 300 الف اغبياء جدا .

مواقف نمطية

ولو كتبنا في خانة البحث في جوجل اسماء مجموعات عرقية اخرى مثل السود او الاسيويين فان التتمة التي يقترحها المحرك لا تختلف كثيرا عن الاقتراحات لتتمة كلمة العرب وهو ما يعكس موقفا نمطيا سلبيا او دونيا بين مستخدمي محرك البحث.

بينما لو ادخلنا كلمة يهود في خانة البحث فان اثنتين فقط من التتمات التي يقترحها من بين 10 فقط هي سلبية او مسيئة بينما الاخرى تصنف في خانة المعلومات.

وقالت المنظمة ان جميع الفئات والقوميات والاعراق يجب حمايتها من المواقف النمطية السلبية والمسيئة لكرامتها.

واضافت ان جوجل اخفقت في منع الاساءة الى مستخدميها العرب وان ما يثير القلق اكثر ان الاساءة تتم اثناء عمليات البحث بواسطة محرك البحث جوجل.

خدمة باز

الى ذلك وتجاوبا مع الكم الهائل من ردود الأفعال والملاحظات بشأن معايير الخصوصية، أو ما يسمى بالإعدادات، على منتجها الجديد "باز"، أكدت غوغل أنها ستجري بعض التغييرات عليه لضمان منافسة قوية له في سوق الخدمات الإلكترونية الاجتماعية.

وكانت غوغل قد أطلقت "باز" الأسبوع الماضي، وهو عبارة عن خدمة جديدة ضمن بريدها الإلكتروني "جي ميل"، يمكن للمستخدمين من خلاله التواصل في برنامج مشابه لـ Facebook و Twitter.

إلا أن ما أثار انتقادات مستخدمي "باز" هو "الإعدادات" التي تكشف كافة معلومات المستخدم أمام مستخدمين آخرين، حتى قبل أن يقوموا بإنشاء حساب خاص بهم على هذه الخدمة الجديدة. بحسب (CNN).

وقال تود جاكسون، مدير المنتجات في "غوغل باز" و"جي ميل"، في مدونته: "لقد تلقينا ردود أفعالكم وانتقاداتكم، ومنذ أطلقنا غوغل باز قبل عدة أيام، نعمل طوال اليوم للاستجابة لانتقاداتكم وتحسين أداء منتجنا الجديد."

وأضاف جاكسون أن غوغل استجابت لأولى تلك الانتقادات الخميس الماضي بوضع الاختيار الذي يمنع الآخرين من قراءة المعلومات الخاصة بالمستخدم، في موضع أكثر وضوحا.

وأكد جاكسون أنه سيتم أيضا تطوير عملية اختيار "الأصدقاء" عبر "باز"، عن طريق استخدام نظام "الاقتراح الأوتوماتيكي"، بدلا من "الإضافة الأوتوماتيكية"، إذ سيسمح النظام الجديد للمستخدم باختيار أصدقائه، بدلا من أن يقوم النظام نفسه بإدراجهم أوتوماتيكيا ضمن القائمة، من دون موافقة صاحب الحساب.

يذكر أنه، ووفقا لمصادر من داخل الشركة، فقد أجتذب غوغل "باز" أكثر من عشرة ملايين مستخدم، حيث أطلقوا أكثر من تسعة ملايين رسالة وتعليق، كما أرسلوا أكثر من 200 رسالة في الدقيقة الواحدة من هواتفهم النقالة.

دعوى قضائية من المصورين والرسامين

في سياق متصل من المتوقع ان تواجه شركة جوجل دعوى قضائية من مصورين ورسامين وفنانين اخرين يزعمون ان الشركة تنتهك حقوقهم من خلال نسخ وعرض اعمالهم دون دفع تعويض مادي.

وقال مكتب محاماة ميشكون دي ريا نيويورك ان الجمعية الامريكية لمصوري الاعلام واخرين ممن لم يسمح لهم بالانضمام الى تسوية جماعية جارية بشأن الكتب الرقمية اقاموا دعوى قضائية.

ويقول مكتب المحاماة ان الشاكين سيسعون الى اقامة دعوى جماعية نيابة عن فناني الرسوم المرئية وستقام أمام المحكمة الجزئية الامريكية للمقاطعة الجنوبية لنيويورك حيث تنظر القضية السابقة. بحسب رويترز.

وقال جيمس مكجوير الشريك في مكتب المحاماة الذي يتخذ من لندن مقرا في بيان "هذه القضية تتعلق بالعدالة والتعويض." ولم تتوفر على الفور نسخة من الدعوى.

ونشأت التسوية السابقة عن قضية اقامتها في 2005 دار نشر اوثرز جيلد وناشرون اخرون اتهموا فيها جوجل - التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا - بانتهاك حقوق النشر من خلال نسخ ملايين الكتب من المكتبات وتحويلها الى صورة رقمية.

ووفق الشروط المقترحة فان جوجل ستدفع 125 مليون دولار لانشاء سجل لحقوق الكتب وسوف تسمح للمؤلفين والناشرين بتسجيل اعمالهم الخاصة بينما ستعمل على طرق اخرى لكسب المال من الاعمال المنشورة على الانترنت.

وشركتا امازون ومايكروسوفت من بين المعارضين للتسوية الخاضعة للمراجعة بينما تفضلها شركة سوني التي تصنع قارئا الكترونيا.

وتقول وزارة العدل الامريكية ان التسوية برغم انها تحسنت بالمقارنة مع اتفاق سابق الا انها لا تزال تبدو متعارضة مع حقوق النشر الامريكية وقانون منع الاحتكار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/نيسان/2010 - 7/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م