موقع إسلام أون لاين في مهب الريح: صفقة أمريكية أم صراع قطََري مصري

 

شبكة النبأ: في أزمة تبدو وكأنها ككرة الثلج قرّرَ وزير الشؤون الاجتماعية بدولة قطر في مفاجأة كبيرة لم يكن يتوقعها الكثيرون عزل يوسف القرضاوى رئيس مجلس إدارة جمعية البلاغ التى تملك "موقع إسلام أون لاين" من منصبه وحل مجلس إدارتها.

كما تم تعيين مجلس إدارة مؤقت يصفه الكثيرون بأنه جمع كل من هم على خلاف مع الدكتور القرضاوى فى القضية المطروحة مؤخرا والخاصة بموقع إسلام أون لاين فتشكل المجلس المؤقت من كلا من "إبراهيم الأنصاري ، وعلي العمادي ، ومحمد بدر" وهم من يعتبرهم العاملون في الموقع مسئولين عن تدميره.

وترجع أسباب تفاقم الأزمة إلى القرار الذي صدر من قطر ويقضى بإغلاق مقر الموقع في القاهرة الذي يضم 340 فردا من الصحافيين والعاملين وسحب كل الصلاحيات الممنوحة لهم فى العمل بالموقع ، فقاموا على إثر القرار بعمل اعتصام مفتوح داخل مقر إسلام أون لاين في القاهرة، دخل يومه الثامن احتجاجا على قرار الإدارة فى الدوحة.

ودخل الشيخ القرضاوى على خط الأزمة محاولا إنهاءها ومنحازا إلى عدم إغلاق مقر القاهرة وكانت الدلائل تشير إلى قرب انتهاء الأزمة بتدخله المباشر نظرا لثقل حجم القرضاوى فى قطر تحديدا فضلا عن العالم الإسلامى وهو ما جعل من القرار الصادر اليوم مفاجأة كبيرة وغير متوقعة.

من جانبه أرسل علي العمادي رسالة إلى مكتب الدكتور القرضاوي جاء فيها "يرجى التكرم بإبلاغ القرضاوي بقرار وزير الشئون الاجتماعية بوقف مجلس إدارة جمعية البلاغ الثقافية، وتعيين مجلس إدارة مؤقت."

صرح بذلك عادل القاضي نائب رئيس تحرير إسلام أون لاين وقال: إن القرار تم إرساله إلى مكتب الشيخ القرضاوى في رسالة رسمية اليوم الثلاثاء وروج لها علي العمادي المدير العام للجمعية وأرسله إلى إسلام أون لاين. بحسب صحيفة الوطن الكويتية.

وتعليقا على القرار قال عادل القاضي "إن هذه الرسالة تعني إقصاء الشيخ يوسف القرضاوي عن الجمعية وعن إسلام أون لاين وتدخلاً صريحاً للحكومة القطرية في إغلاق الموقع وتحويل إدارة الموقع إلى قطر".

ونقلت مصادر مطلعة من اسلام أون لاين أن الخلاف علي الموقع أكبر من أن مجموعة من المتزمتين يريدون محاصرة المحتوي الوسطي للموقع وانما يرجع لصفقة قطرية أمريكية تقضي بسيطرة قطر علي الموقع بعد تأثيره القوي في دعم مواقف المقاومة في فلسطين وتأثيره القوي علي الشعوب الغربية في خطابه عن الحقوق الفلسطينية والعربية.

ويشير القرار الجديد إلى التدخل الرسمى من قبل الدولة القطرية على خط الأزمة وباتجاه دفن مشروع إسلام أون لاين مدى الحياة، وكان العاملون فى الموقع وعددهم 340 صحفيًّا وإداريًّا وعاملاً دخلوا فى اعتصام مفتوح داخل مقر إسلام أون لاين فى القاهرة، منذ ما يزيد عن أسبوع، احتجاجا على إلاق الموقع من الدوحة وسرقة الدومين وكل ما من شأنه أن يمارسوا عملهم به. بحسب ما نشر موقع صحيفة اليوم السابع.

وفى محاولة سابقة من الشيخ القرضاوى لتحييد الدولة القطرية من أزمة (إسلام أون لاين) نفى أى رغبة قطرية فى وأد المشروع، وخلال مداخلة هاتفية أجريت معه ضمن برنامج (الشريعة والحياة) على قناة (الجزيرة) الأحد ، أشار القرضاوى إلى أن قطر حريصة على استمرار مشروع إسلام أون لاين وكانت قد دعمته منذ إطلاقه، إلا أن القرار الجديد يعكس وقوف الدوحة بشكل لا لبس فيه فى صف الداعين إلى القضاء على إسلام أون لاين.

القرضاوي: الموقع باق

من جهته طمأن الدكتور يوسف القرضاوي رئيس مجلس إدارة جمعية البلاغ الثقافية مالكة موقع إسلام أون لاين الإلكتروني العاملين في الموقع بأنه مستمر في رسالته الهادفة للتعريف بالإسلام الحضاري والوسطي والتنوير والتصحيح على مستوى العالم باللغتين العربية والإنجليزية، وأنه لا نية لتصفيته.

وقال الشيخ القرضاوي أثناء برنامج الشريعة والحياة مساء الأحد على قناة الجزيرة ونشره موقعها الالكتروني إنه سيتم تصحيح الأوضاع التي وقعت مؤخرا "وستعود المياه إلى مجاريها". بحسب أريبيان بزنس.

وأشاد بدور قطر وأميرها وزوجته في دعم الموقع منذ انطلاقته قبل 11 عاما ليكون وسيلة عالمية لنشر الإسلام الحضاري والوسطي، مؤكدا حرص قطر على استمرار هذه الرسالة عبر الموقع.

وأضاف أن ما حدث من أخطاء وسقطات من الموقع خاضعة للتصحيح، وأنها يمكن التغاضي عنها بالنظر إلى حكم النفع الكبير للموقع.

وأشار الشيخ القرضاوي إلى أنه ليس كل ما ينشر عن الأزمة الأخيرة حقائق، مؤكدا أن هناك أكاذيب وشائعات وتحريفات.

وكانت نقابة الصحفيين المصرية دعت الشيخ يوسف القرضاوي للتدخل العاجل لحل أزمة تسريح المئات من محرري وموظفي الموقع في القاهرة، في حين أعلنت منظمات حقوقية وإعلاميون مصريون التضامن معهم.

عاملو إسلام أون لاين يضربون عن العمل

وقال صحفيون في الموقع الالكتروني إسلام أون لاين أن مئات العاملين في مكاتب الموقع بالقاهرة واصلوا احتجاجهم على اجراءت قالوا إنها مجحفة من الجمعية الداعمة للموقع ماليا والتي تتخذ من قطر مقرا لها.

ومنذ يوم الثلاثاء الماضي أضرب العاملون الذين يصل عددهم إلى 350 عن العمل واحتلوا المكاتب قائلين ان المجلس التنفيذي في مجلس ادارة جمعية البلاغ الثقافية أوفد محامين للتحقيق مع نحو 200 صحفي أبدوا تضررا من قرارات بتغيير السياسية التحريرية للموقع يقولون ان المجلس التنفيذي اتخذها بدون التشاور معهم.

وقال رئيس تحرير الخدمات الاستشارية في الموقع عبد الهادي أبو طالب لرويترز "شعرنا بأن هناك تيارات سلفية منغلقة وراء ما يجري."وأضاف أن الادارة الجديدة للجمعية تحدثت عن عدم رضا عن السياسات التحريرية للموقع "بدون أن تناقشنا وكان هذا مبعث احتجاجنا."

وتبدو القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية التي يطرحها الموقع ومنها مشكلات المثليين جنسيا وضحايا الاعتداءات غير متوافقة مع اتجاه جمعية دينية كما يقول محللون. لكن صحفيين في الموقع يقولون انهم يردون على استشارات ترد اليهم بشأن هذه الموضوعات في نطاق سياسة تحريرية معتمدة من مجلس ادارة سابق وانهم لم ينفردوا بتقرير السياسة التحريرية للموقع الذي يعمل منذ نحو عشر سنوات.

وتشكل مجلس ادارة جديد للجمعية في مايو أيار الماضي وقال صحفيون في الموقع ان البادي من المجلس التنفيذي فيه أنه يريد تغيير اتجاه الموقع كاملا. ويرأس مجلس ادارة الجمعية الشيخ يوسف القرضاوي.

وقال أبو طالب "حدث اهتزاز في ثقة العاملين" بعد قرار الجمعية احالة رؤساء التحرير الثلاثة للموقع الى أعمال استشارية.

وللموقع رئيس تحرير عام ورئيس تحرير لمادته المنشورة باللغة العربية ورئيس تحرير لمادته المنشورة باللغة الانجليزية.

ولم يتسن على الفور الاتصال بأي من علي العمادي المدير العام للجمعية أو ابراهيم الانصاري نائب رئيس مجلس الادارة اللذين يقول صحفيون في الموقع انهما وراء الموقف الجديد من الادارة التحريرية للموقع في العاصمة المصرية.

وقال أبو طالب ان القرضاوي قرر "بعد شكاوى تلقاها من أعضاء في مجلس الادارة والجمعية العمومية (لجمعية البلاغ الثقافية)" وقف العمادي والانصاري عن العمل وتعيين مريم ال ثاني مديرة للجمعية ومريم الهاجري مشرفة فنية على الموقع وألغى القرارات التي صدرت بحق العاملين في مكاتب القاهرة. وأضاف أنه يتعين على الجمعية العمومية لجمعية البلاغ الثقافية النظر في قرارات القرضاوي خلال أسبوعين على الاكثر.

مصير إسلام أون لاين فى مهب الريح

واهتمت صحيفة الغارديان البريطانية بالأزمة الخاصة بموقع إسلام أون لاين واعتصام العاملين بمقر الموقع فى القاهرة، وقالت الصحيفة فى تقرير لمراسلها جاك شينكر، إن مستقبل واحد من أهم المواقع الإلكترونية الإسلامية فى العالم أصبح فى مهب الريح، بعد أن قام مئات من العاملين بالاعتصام، متهمين الإدارة الجديدة بمحاولة "خطف" الموقع للترويح لأجندة متشددة ومحافظة.

فموقع إسلام أون لاين الذى يجذب ما يزيد عن 120 ألف زائر يومياً، وفق ما تقول الصحيفة، ويعد أكثر المواقع الإلكترونية شعبية فى الشرق الأوسط، قد دخل فى أزمة بعد محاولة الإدارة العليا للموقع فى قطر فرض السيطرة على المحتوى الذى يبث على الموقع، وإبعاد المكاتب التحريرية فى القاهرة. وتنقل الصحيفة عن بعض المطلعين على الأمر قولهم إن هذه الخطوة التى ربما تؤدى إلى تسريح 350 عاملا فى مقر الموقع بالقاهرة، هى جزء من جهود أكبر من جانب العناصر المحافظة فى الخليج لإعادة تشكيل هوية الموقع الذى طالما كان ينظر إليه كنافذة للأصوات الليبرالية والإصلاحية فى العالم الإسلامى.

وينقل المراسل عن أحد الصحفيين العاملين بالموقع قوله إن المسألة لا تتعلق بالمال، ولكنها تتعلق بالاستقلال التحريرى وأخلاقيات الإعلام، وأكد الصحفى فؤاد أبو حطب عدم تراجع العاملين عن اعتصامهم ومقاومتهم محاولة السيطرة على الموقع. وتشير الجارديان إلى أن المحللين يعتقدون أن الأزمة الحالية الخاصة بإسلام أون لاين هى جزء من صراع أكبر بين السلفيين فى الخليج الذين يتبعون تفسيراً أكثر تشدداً للقرآن، وبين الفرع الإصلاحى الذى يتمتع بشعبية فى دول مثل مصر.

أسلام أون لاين يتحدى الضغط الدينى

وتحت عنوان "إسلام أون لاين يواجه الانهيار بعد تمرد موظفى القاهرة على الضغط الدينى"، اهتمت صحيفة التايمز بأزمة الموقع الإسلامى، وقالت إن موقع إسلام أون لاين المؤثر كان على شفا الانهيار بعد الإضراب الذى نظمه العاملون به بالقاهرة.

ونقلت الصحيفة عن أحد الموظفين المضربين، "بحلول يوم الأحد لن يكون على الأرجح إسلام أون لاين، لأن المبنى سيكون هاويا".

وتشير الصحيفة إلى شهور من التوتر المتزايد بين إدارة مقر الموقع بالقاهرة وجمعية الرسالة الإسلامية، التى تمول الموقع، هذا التوتر وصل إلى ذروته الاثنين مع الإضراب الشامل للموظفيت واحتجاجهم فى الشوارع.

وأوضح فتحى أبو حطب، أحد الموظفين، أن الإدارة الجديدة للموقع تتدخل فى عملية صنع القرار التحريرى، حيث تسعى إلى تغيير اللهجة المعتدلة للموقع وتنوع المحتوى.

وأضاف "إنهم يريدون تغيير شخصية الموقع، وحتى إذا كانوا هم من يملون الموقع فهذا لا يعطيهم الحق فى تغيير السياسة التحريرية دون التحدث إلينا أولا".

وأكد موظفو إسلام أون لاين أنهم يحاربون للحفاظ على شخصية الموقع وقال أحدهم، موجها كلامه لجمعية الرسالة الإسلامية، "إذا كنت ترغب فى إيجاد موقع محافظ على الإنترنت، فأسس موقعا كما تشاء، لكن لا تأخذ موقعنا وتغيره".

تأسس موقع إسلام أون لاين عام 2000 برعاية الشيخ يوسف القرضاوى الذى يعيش بقطر. وقد حصل على شهرة بسبب تغطيته لمجموعة متنوعة من القضايا باللغتين الإنجليزية والعربية، بما فيها أعمدة مشورة حول الشذوذ الجنسى وإدمان المواد الإباحية. وهو معروف أيضا بتوظيفه غير المسلمين وموظفيه العلمانيين.

ولكن الرؤية المعتدلة للموقع تغيرت على مدار الأشهر الماضية من خلال هزة عنيفة لمجلس جمعية الرسالة الإسلامية، حيث أوضح أبو حطب أن أرباب العمل الجدد، سريعا ما سعو للحد من نطاق ونبره إسلام أون لاين، وهذا شمل القضاء شبه التام على أقسام الشباب والثقافة.

وقال "إنهم يريدون أن يحولوا إسلام أون لاين إلى موقع دينى". وأشار إلى الجدل الذي وقع قبل شهر بشأن نشر مقال عن عيد الحب منقول عن صحيفة محلية.

وبعد المقاومة الكبيرة التي وجدتها الإدارة الجديدة من قبل الموظفين ضد التغييرات التحريرية، أبلغت الإدارة جميع الموظفين أن كل عقود القاهرة ستنتهي فى 31 مارس، مما دفع الموظفين للإضراب.

ويتوقع أبو حطب أن يتقدم جميع الموظفين بالاستقالة، بدلا من المخاطرة بمستقبل غامض في ظل الإدارة الجديدة. ويختم، "إن أي شخص يبقى سيصبح عبدا لهم".

أزمة سياسة على وقع أزمة مالية

ويرى مراقبون أن تعدد الجهات التي صدرت عنها تصاريح وتصاريح مضادة واختلاف وجهات النظر إن لم يكن تناقضها، أديا إلى تأرجح الفرضيات بين اعتبار المسألة مجرد وجه من أوجه الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على وسائل الإعلام وهو ما حدث في غير صحيفة وقناة عربية ودولية، وبين حياكة نظريات مؤامرة بطلاها مصر وقطر كدولتين تقربهما السياسة حيناً وتفرقهما أحياناً.

وتباينت الأسباب المعلنة من هذه الأزمة، وكان آخرها امتعاض رجال أعمال مساهمين في التمويل وينتمون إلى حركة الإخوان المسلمين من تناول بعض القضايا على الموقع ومنها مثلاً تغطية انتخابات المرشد الأعلى للحركة وتعيين شيخ الأزهر الجديد. وقد لا يخلو ذلك من بعض الصحة. فالاتهامات المتبادلة على المواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية لصحافيي «إسلام أون لاين» تشير إلى تجاذب واضح بين تيارين إسلاميين سياسيين. فالموقع الذي يعرف عن نفسه بأنه صوت الإسلام الوسطي تعرض لهجمة شرسة متعددة المصادر. أولاً هناك من اتهمه بالابتعاد عن الخط الإسلامي الصحيح لأنه ينشر صور نساء سافرات فيما لم يول أزمة المسجد الأقصى حقها من التغطية. لكن في المقابل ثمة من اتهمه أيضاً بالمبالغة في التدخل بالشؤون السياسية وتصدر مسائل فلسطين والعراق واجهة الأحداث بحيث ابتعد الموقع عن دوره الدعوي لمصلحة دور أكثر نضالية. لذلك وعندما أعلن الصحافيون المصريون اعتصامهم، نشرت الصفحة الأولى من الموقع مقالات ومواضيع اجتماعية غير حدثية، وأوقفت زاوية «الرأي» والموقع الشبابي الرديف «عشرينات».

لكن العاملين في الموقع يردون بأنه على العكس من ذلك، تعرضوا لتضييق مهني في مسألة الأقصى ومنعوا من تغطيتها بالشكل الذي يرضيهم.

وأدت تلك الشرذمة كلها إلى شيوع كلام من نوع «صفقة» قطرية - أميركية تقضي بإسكات الموقع المثير للجدل، في مقابل رفع اسم الشيخ القرضاوي عن اللائحة السوداء الأميركية.

والواقع أنه لا يمكن الجزم بصحة تلك الاتهامات أو عدمها كونها كلها سيناريوهات قابلة للتصديق بمقدار ما هي قابلة للنقض. فإذا كان الموقع فعلاً مكاناً للخطاب الإسلامي الوسطي، ما المصلحة في إسكاته في وقت تتعرض قطر لضغوط بسبب قناة الجزيرة؟ فإذا كانت تمول موقعاً وسطياً ذلك يعني أنه نقطة قوة في سجلها في مقابل تهمة تحاول درءها هي الجمع تحت سقف واحد بين الجزيرة وخطابها التعبوي وسياسة خارجية غير معادية لأميركا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/آذار/2010 - 12/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م