حكومة توافقية.. يعني بقاء الحال على ما عليه!

بشرى الخزرجي

مراجعة الأعمال وبصورة دورية يسفر عن رجاحة في العقل وسعة في الأفق، و في الأثر "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"حكمة تدعو لذلك، لأن ترك السلبيات وعدم النظر في تداعياتها، يزيد من تفاقمها  ويصبح القضاء عليها أمرا مستعصيا، وبنقيضها المحاسبة والمراجعة المستمرة، تعمل في تحسين الأداء ورفع الأخطاء وحصرها ومعالجتها ثم التقليل من تبعاتها، وبالنهاية لا يوجد عمل لا يتخلله الخطأ أو الغلط، فسبحانه تعالى وحده من لا يسهو ولا يخطا، لهذا وجبت مراجعة الأعمال وغربلتها من اجل الصالح العام.

 وعلى الصعيد الفردي فهي تساهم في بناء الذات وضمان سلامة دار الفناء (الدنيا) وخيرها والفوز بدار البقاء (الآخرة) ونعيمها والجنة وما فيها، هذا ما ذكره القرآن الكريم بسورة الحشر آية 18(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) أي انظروا أيها المؤمنون الصالحون في أعمالكم ولا يفوتكم جردها و تقيمها، واسألوا أنفسكم عن  خيرها و شرها، عن نفعها وضرها بتقوى الله الخبير العليم.

والحديث في المراجعة والمحاسبة وتدقيق ما فات من ممارسات أضرت بالواقع العراقي، مطلب لا بد منه، لا سيما مراجعة مواقف وسياسات بعض الأطراف المشاركة في الحكومة العراقية، منذ السقوط وصولا بوقت قيام الانتخابات في آذار الحالي 2010م، واشد تلك الممارسات كارثية وربما أعظمها ضررا على البلاد كانت وما زالت مسألة التحاصص في حكم العراق، فها هو من رشح نفسه للفوز بكرسي البرلمان القادم مستقلا كان أم متحزبا، يريد نصيبه منه، وإن أظهرت النتائج خلاف ما يتمنى ويرجو!

 فالوصول للمقعد النيابي منتهى رغبة المرشحين بعيدا عن الأهداف التي تقف خلف الترشيح  والنوايا، وإلا لما تجشم المشاركون تعب الحملات الانتخابية المبالغ في مصاريفها!، ولما خرج علينا بعضهم مع إعلانات النشرات الخبرية والمسلسلات (المملة) مبشرين المواطن خيرا تارة وأخرى منذرين! ..

والحمد لله. رفضهم الجمهور العراقي هم وبرامجهم الجهنمية، وتجاوزهم بتصويته لمن صدقهم القول والفعل ومن خدم بخطوات ثابتة لا تشوبها المصالح الحزبية، واضعا نصب عينيه العراق ومصالحة فقط.

إن تلميحات بعض القادة السياسيين وتصريحهم بضرورة عودة تشكيل حكومة توافقية بعد الانتهاء من عملية الفرز وبيان القوائم المتقدمة عن غيرها، شيء غير منطقي وغير سليم، فالعراق جرب حكم الشراكة (التحاصصية) وسقط في شراكها، فلماذا الرجوع لمثلها!.. فالمرحلة تقتضي عدم إجترار التجربة السابقة، وجميعنا يعلم بأن تقسيم السلطات بنفس التحاصص التوافقي  ساهم في توطين مشكلة الفساد الإداري وبقاء الأفضلية الحزبية على حساب الكفاءة والخبرة، أضف إليها تمادي الخلافات مع ما صاحبها من نشر للغسيل الوسخ والتشهير بحق وبغير وجه حق، على صفحات المواقع العنكبوتية والقنوات الفضائية  فمن وحي استعراض مآسي المستضعفين (المكاريد) اليومي، ودموع مذيعي الأخبار والبرامج الميدانية في العيون، يتسنى للمتلقي معرفة الغايات والهجوم المبرمج على الحكومة العراقية ورئيسها السياسي الناجح السيد نوري المالكي، هذا بالرغم من أنها حكومة توافق وطاقم وزرائها متعددي الاتجاهات والقوائم، لكن الجماعة وبسبب المصالح الفئوية وسياسة فرض الأمر الواقع، ولكي يدفعوا بساحتهم بعيدا عن الإخفاقات وتدني مستوى الخدمات، قرروا إعلان الحرب الضروس بوجه من كان يوما حليفا لهم...

والآن أخذوا يتكلمون بضرورة تشكيل حكومة توافقية على غرار سابقتها، بزعم استحالة تفرد جهة بحكم العراق والتخوف من ظهور دكتاتورية شبيهة بدكتاتورية صدام!.. الأمر الذي يخالف الهدف من وراء إجراء الانتخابات وسلطة الشعب المشاركة بعملية صنع القرار السياسي، وواقعا نتمنى على قادة العراق ترك مثل هكذا أقاويل واستبدالها بالتنافس في الخيرات مع فتح صفحة بيضاء جديدة يسطرون عليها منجزات ومشاريع تخدم البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/آذار/2010 - 29/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م