شبابيكُ حصاد

فريد النمر

"ينتصر الحب على فمك, وتموت زوبعة الرياح على ضفاف عشقٍ يجيد نوارس آمالك أيها الوارث من ظلّ الفيوضات عراقا يملؤه البياض."

 

الشبابيك حمرة من مآقي وشظايا وخفقة من فواق

والنواقيس لم تزل برد وقت جففتها شواطئ الاحتراق

والمزاميل ليتها نقش بوح من مزامير رعشتي واندهاقي

سال ظني بفكرتي في الحكايا حين أنكرت في الرؤى أوراقي

وانعتاقا على النذور مسجى بين غيماته صب انعتاق

مذ سقتني ذؤابة العمر سكرا خاصرتني على بقايا السباق

وبأوجاع الليل ألقت غناء وطوت قمصانا من الاشتياق

الشبابيك لم تزل مغريات للمقاهي بهيئة الإنطلاق

كل تشرين زارها موسقته للمرايا لحنا بحزن الرفاق

ضاع مني حلمي فكل زقاق ضاع بعدي مضاجع لأحتراقي

لا الحكايات مورقات برأسي كيف أصطاخ للمدى دون ساقي

والينابيع غادرت منبع الفجر المعتق في عيون السواقي

كيف لم تفطن النواعير للماء ففضت بكارة الأندفاق

لم تعد سلة المواسم حبلى بالمذاقات يا حصاد المذاق

تلك أحدوثة الممات سترسي في سؤالي حداثة الإنشقاق

جدوليني مدينة الحزن نهرا خشبي الأمطار والآفاق

وانفضيني بجوقة الحلم وهما فض من ختمه فسيح الفراق

وانسجيني بحافة الكأس نشوى أتعبتها غرائز الانفتاق

فالفراديس لم تعد مونقات في الأثير المكهرب العملاق

ذي التوابيت للصلاة تعرت والصواري تقيمها للتلاقي

لا تشيروا على السنابل وقتا كيف تخضر في تفاصيل ساق

أنبئوها بأنها وحي إنسان يحب النهوض حب الوفاق

وهبوها مسامع الموج تسمو لغة الحب في حقول العناق

فاغسلوا الفجر ما استفاض شعورا كدسته هشاشة الإرهاق

وتلظوا كما تشاء نجوم تتلظى بساحل الاختراق

جذوة الشط شمعدان يغنى للشراعات في بحور المآقي

فاشتعال الحنين طين مراع في المرافي وخلوة الأحداق

صنعة البؤس لا تخيط المنافي والنبيذ المقيت ليس بساقي

مالفراديس في الأماني احتمال هيت للسارقين حل المعاق

كم تموت الحكاية البكر عمرا ثم تطفو مدينة الأعماق

تتغنى وقت الحصاد وتشدو وتعري تثائب الأطواق

يستحي النهر أن يثور افتخارا دون أن يرشف الندى الرقراق

ما اخضرار الرمال إلا بغيث بللته نداوة الاشتقاق

فاحملوا للمشاعل الروح فجرا فالشبابيك شاحبات الرفاق

كحلة الشوق هشمت للمرايا والزجاجات فارغات المحاق

والقطيع الوحيد في الجسد الرخو تلاشى تبعثرا بالشقاق

شتتوه على المناخات قسرا فأنطفى الزيت في مناخ العراق

صرّفوا الدهر بالطقوس اجترارا فاحتوته حقائب الإملاق

فدع الحبل غاربا غرب نيسان لتمضي حرارة الإرباق

طالبتني نار العبارات طقسا دافء العشق رائع الإنعتاق

ثم آبت على البكارات رحما باختصار الرفيف في الاختناق

واحتست كأسها على سكر بئرا واشتكتني لضيقة الأرزاق

قصب النهر أثخنته جراحا بالشياطين في ادعاء استراق

فاقطعوا الحبل إن بالبئر خمر فاح كفرا بجثة الأخلاق

وانسبوا الماء للفراتين صدقا واسعفوه بثورة الاتفاق

فالصباحات تشتهي ضحكة الريح مزاجا بلذة العشاق

فانبذوها مواسم الخوف نارا واستقيموا بشهقة الأشواق

فزجاج النجوم في ضفة النهر تكاثر حبا بفسحة الأحداق

ليس للقلب غيرك الحب نبضا وخلاصا يجيد فك الوثاق

فالشبابيك للحصاد استعادت خفقة القلب يا سماء العراق

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/آذار/2010 - 22/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م