الابتزاز السياسي واللعب بالورقة الطائفية

ناجي الغزي

الابتزاز السياسي هو أخطر أنواع الضغط المباشر وغير المباشر الذي يمارسه الأشخاص أو المؤسسات السياسية في موقع ما ضد مسؤولين أو أشخاص أو كيانات أخرى، بهدف الحصول على امتيازات سياسية معينة..

ومن خلال هذا المنطلق يمكن القول إن المواقف التي اتخذتها بعض الاحزاب داخل العملية السياسية العراقية بالتهديد بالانسحاب من الانتخابات التشريعية لعام 2010 بسبب قرار هيئة المسألة والعدالة بحق المرشحين المشمولين باجتثاث البعث دستوريا حسب ما جاء في المادة السابعة من الدستور العراقي لا يدخل هذا السلوك سوى في إطار الابتزاز السياسي من قبل تلك الاحزاب.

وعلى الرغم من الضجة القائمة بحق المجتثين داخل أروقة المؤسسات السياسية,  يذهب بعض السياسيين واللذين يمثلون جانب مهم من أطار الحكومة العراقية بتمجيد زمن الطاغية وترويج أفكار حزب البعث المقبور وتبرير سلوكياته وجرائمه على منابر اعلامية عربية وأجنبية متحدين دماء الضحايا والشهداء الذين قضوا نحبهم في سجون البعث وفي المقابر الجماعية وتحت سيوف البعث الصدامي من الفدائيين والرفاق.

ومن مفارقات السياسة في العراق الجديد أن يكون نائب رئيس جمهورية العراق الجديد أو بعض من اعضاء برلمانها العتيد يطعنون بشرعية الحكومة وهم يتمتعون بمزاياها وحوافزها الكثيرة وحمايتها العالية ودعوات رسمية باسم الحكومة العراقية واستقبال رسمي على البساط الاحمر, متهمين القوى السياسية الاخرى المشاركة بالحكومة التنفيذية والتشريعية بالعمالة والخيانة لجهات أقليمية, وعلى العكس من تلك الادعاءات نجد ان هؤلاء المشككين بشرعية الدولة وقواها السياسية ورجالاتها ورموزها يتسكعون على أبواب الدول الدولية والاقليمية العربية والاسلامية والاوربية يستجدون الدعم المالي والسياسي لهم ولكتلهم السياسية تاركين الباب مفتوح للتدخلات الامريكية والعربية, مبررين ذلك الغاية تبرر الوسيلة.

ومرة أخرى تحاول القوى السياسية المتصارعة أن تزج بالورقة الطائفية واللعب على تداعياتها الخطيرة, باعتبار المجتثين من طائفة معينة يراد لها الاقصاء والتهميش مستصرخين بذلك عواطف الأخرين. ولكن الواقع عكس ذلك لان قانون الاجتثاث شمل كل القوائم والطوائف دون أي استثناءات.

 ولكن المفلسين يعشقون اللعب على كل الحبال، وهذا سبيلهم الوحيد لإحداث انقلاب في المشهد السياسي كما يعتقدون. وأن الأساليب والسلوكيات التي يتبعها بعض الساسة وزعامات الأحزاب منذ فشلهم في الانتخابات المحلية التي شهدها العراق عام 2009م تهدف إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من الابتزاز السياسي من خلال اللعب بالورقة الطائفية لتحقيق مكاسب سياسية لم يستطيعوا تحقيقها عن طريق صناديق الاقتراع .

ولا يجوز لأحد مجرد التفكير اللعب بالورقة الطائفية لان الشعب ذاق مرارة الاقتتال والانقسام والتهجير، على الرغم من أن  تلك الأساليب باتت معروفة ومفضوحة لكل أبناء شعبنا. ومنذ أن برزت ظاهرة الطائفية إلى السطح كأفكار انتهازية استغلتها بعض الأحزاب لإثارة النعرات الطائفية والمناطقية للابتزاز السياسي الرخيص من أجل عودة عقارب الساعة الى المربع الاول.

باتت تلك الظاهرة قضية مرفوضة ومدانة من قبل الشعب. ومهما أتيحت الفرص للمتربصين بالعملية السياسية العراقية من أعداء الوطن في داخل وخارج العراق من أجل إحداث شرخ حقيقي في الوحدة الوطنية لن يستطيعوا الوصول إلى مبتغاهم أو هدفهم الشيطاني الذي لم ولن يتحقق.

 وعلى القوى السياسية والشخصيات عدم المساس بالوحدة الوطنية لانها خط أحمر ينبغي على الكل أحترامها وعدم الاقتراب منها أو مساسها لأي سبب كان.

وهناك أطراف تريد اليوم أعادة أنتاج ثقافة البعث والاعتراف به بمنطق القوة وقبول رموزه وفق نظرية القتل اليومي والتفجيرات الدامية التي طالت كل البلاد والعباد. ومن خلال النظرة الانعزالية الواضحة والمدعومة إقليميا بعدم الاعتراف بمشروعية الدولة العراقية الجديدة. وكذلك التدخل السافر والواضح من قبل الاطراف الاقليمية اللاعبة في المشهد العراقي عن طريق الدعم المالي والسياسي والمخابراتي من أجل تغيير الخارطة السياسية في العراق تبعا لاهواء الجوار العراقي.

والقضايا الانتهازية غالبا ما تتسم في ظاهرها للتمويه والخداع بقضايا حقوقية ولكن ماهي الا قضايا حق يراد منها باطل. ولكن الاهم من ذلك هناك مجتمع متضرر دفع دمه ضريبة وثمن لحريته من سطوة البعث الظالم لم يتقبل هكذا قضايا ملوثة تضره أكثر مما تنفعه وهذا ما نلمسه بقضية إعادة البعث الى سدة الحكم من جديد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/شباط/2010 - 26/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م