كتلوك لكل متطفل!

بشرى الخزرجي

خلاصة المنجز الأمريكي على الأرض العراقية يتجلى في إسقاط نظام صدام الدموي، هذا ما حصل وبرر للشعب الأمريكي والشعوب الأخرى التي ساهمت جيوشها بمعركة تحرير العراق بعد أن فندت مقولة وجود أسلحة دمار شامل، فلم يفهم من استجواب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أمام محكمة حرب العراق المنصوبة في العاصمة لندن غير الحقيقة تلك، فبنبرة الثقة والاعتزاز دافع بلير عن قرار مشاركة بلاده في عملية الإطاحة بطاغوت العراق السابق، وانتهى الموضوع..

 كثّر الله خيرهم خلصونا من بطش الحقبة الظالمة التي كنا وفي فترة من الفترات قد سلمنا بعدم إمكان زوالها، و يأسنا ليس سببه قوة النظام و تماسك أركان حزبه! إنما جهل هذا النظام بمفردة الإنسان ومعنى الإنسانية، فعضلات رجالات الحزب المنحل لا تبرز فتوتها وبطشها إلا على المواطنين العزل، فهم مصداق المثل القائل أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة..وبجدارة، دليلنا في ذلك هروبهم  المخزي الشهير أمام عجلات قوات التحالف (المحتلة) بينما وزير إعلامهم محمد سعيد الصحاف (القرقوز) كان منشغلا َبتزوير الحقائق عبر شاشات التلفاز.

وسقط النظام البعثي الصدامي الفاسد ليشكر البعض الولايات  المتحدة الأمريكية ومن كان معها يقاتل كتفا بكتف على صنيعها جزيل الشكر، وقام بلعنها وأعوانها من لعن، وتعاقبت الأحداث على العراق مظهرة لنا مدى استيعاب العالم وما حولنا لحجم المآسي والدمار الذي خلفته سطوة الدكتاتورية الصدامية للعراق، كم كانت بشعة وقاسية، توزعت على أطياف المجتمع العراقي برمته.

 إلا أن ظلمات الماضي القريب لم تزل هناك من لا يريد لها النهاية ولا وميض نور يُهتدى به ليكون السبب في انفراجها، فجرائم الزمن الحاضر من تعسف وضغوط وأساليب هدفها الاقتصاص من المواطن المسالم ظلت تمارس وهذه المرة تحت يافطة الديمقراطية العريضة، فهل من العدل والإنصاف وكلما تقاطعت الإرادات في العراق معاقبة الناس وتهديدهم بعودة العنف وانعدام الأمان! وكأننا أمام إعلانات تجارية تروج لبضاعة منتهية الصلاحية، قتل المواطن البريء على خلفيات طائفية أو سياسية من يروج له؟ من يدفع لبقاء سيلان الدم العراقي في الشارع!، فواقعا غدونا نشك بكل شيء.

وشكنا ليس اعتباطا، بل ينبع مما نرى ونسمع، فالبعض أساء لمشاعر العراقيين المثقلة بجراح الماضي وهم يطالبون بمشاركة من مجد ويمجد بفترة حكم حزب البعث الأسود في الانتخابات القادمة!، هؤلاء الذين يحنون لسياط سيدهم المقبور، بماذا يعللون عدم اعترافهم بجرائم حزب البعث البشعة المقيتة!.

نستغرب سر تمسك من دخل العملية السياسية وشارك فيها وبقراراتها كيف يفوته رفض جموع العراقيين لكل السياسات الماضية، لا ندري متى يستوعب من مثل الشعب في البرلمان أن العراقي لن يعطي صوته لقاتله أبدا مهما بلغ واقع الحال من مبلغ... وبدلا من إعلانهم البراءة من فضائع البعث الجائرة ومحاولة كسب أصوات الناخبين ذهبوا إلى أسيادهم يتباكون سائلين النصرة والحل!..ذلة ما بعدها ذلة.

ويستحضرني مشهد مسرحي للفنان المصري عادل أمام  وموقف ناقد يبين سطوة أصحاب القرار ومن يملكون النفوذ والسلطة السياسية والاقتصادية، حيث أشار لأحد الفنانين وكان بدور سكرتير بأن يسكب قدح الماء الذي بحوزته على ملابسه، أمعانا منه في إذلاله، وبعد فصل من المشاكسات الكلامية، رفض السكرتير فعل ذلك مستغربا الفعل بالقول: كيف يعني تريدني سكب الماء على ملابسي! أجابه الفنان عادل أمام وكان بدور السيد الشغال..إيه صعبه مش عارفها! أجبلك (كتلوك) أي دليل تنقل منه! وبظني المشهد يشبه والى حد ما حالنا مع محيطنا الإقليمي والدولي ومع من بقي يراهن على عودة النهج الصدامي..

بمعنى نحن العراقيون نحتاج إلى وضع (كتلوكات) وليس كتلوك واحد يشرح للعالم المتطفل علينا وعلى جرحنا مدى كرهنا وبغضنا لكل ما يمت للبعث الصدامي وجرائمه ومن يخلفه بصله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/شباط/2010 - 25/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م