جوجل والصين وحرب العمالقة الالكترونية

معارك العالَم الافتراضي ساحة المواجهة الجديدة بين الإمبراطورية والتنين

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: ردَّت الصين على انتقاد الولايات المتحدة للرقابة على الانترنت والتسلل الى المواقع الالكترونية في الصين محذرة من أن العلاقات بين القوتين العالميتين تتضرر بسبب نزاع يتركز حول عملاق الانترنت جوجل.

وفي تطور جديد لمسألة تركزت عليها المناقشات بعد أن هددت جوجل بالانسحاب من الصين بسبب اختراق لمواقع على الانترنت قال محامي عن جماعة معنية بحرية التعبير أن مسئولين أمريكيين عن التجارة يسعون للحصول على مزيد من المعلومات حيث يدرسون مطالب لرفع دعوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد الرقابة الصينية على الانترنت.

وطالبت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كينتون بكين وحكومات شمولية اخرى بانهاء الرقابة على الانترنت ووضعت الصين ضمن دول مثل ايران والسعودية وغيرها كدول تتسم بالقمع بشكل كبير لحرية على الانترنت.

وقالت وزارة الخارجية الصينية ان الانتقادات الامريكية يمكن أن تضر بالعلاقات بين الولايات المتحدة اكبر اقتصاد والصين ثالث اكبر اقتصاد على مستوى العالم والتي توترت بالفعل بسبب خلافات بشأن اختلال التوازن التجاري وقيمة العملات ومبيعات الاسلحة الامريكية الى تايوان.

وقال ما تشاو شيوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "الولايات المتحدة انتقدت سياسات الصين لادارة الانترنت ولمحت الى أن الصين تقيد الحرية على الانترنت".

وقال ما في بيان على موقع الوزارة على الانترنت www.mfa.gov.cn "نحث الولايات المتحدة على احترام الحقائق والتوقف عن استخدام ما يسمى بحرية الانترنت لتوجيه اتهامات لا أساس لها ضد الصين".

وطالبت كلينتون الصين بالتحقيق في شكاوى جوجل بتعرضها للتسلل وقالت "الدول او الافراد الذين ينخرطون في هجمات على الانترنت يتعين ان يواجهوا العواقب والادانة الدولية".

وقال متحدث باسم البيت الابيض ان الرئيس باراك اوباما يتفق مع كلمة كلينتون وانه "مازال يشعر بانزعاج بسبب الاختراق الامني للانترنت" الذي وجهت جوجل اللوم الى الصين بالمسؤولية عنه.

وقال بيل بيرتون للصحفيين المسافرين مع اوباما جوا الى اوهايو "كل ما نتطلع اليه من الصين هو بعض الاجابات."بحسب رويترز.

كما اشار المتحدث الى أن حكومته لا تريد أن يطغى الخلاف على التعاون مع ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما التي سعت للحصول على دعم بكين في انعاش الاقتصاد العالمي والمواجهات الدبلوماسية مثل الطموحات النووية لايران وكوريا الشمالية.

وقال ما ان على كل من الجانبين "التعامل بشكل ملائم مع الخلافات والقضايا الحساسة لحماية النمو الصحي والمستقر للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة."

ولم يفسر ما سبب اعتقاد الصين - التي تحجب مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب وتستخدم مرشحات ضد مواقع أجنبية ذات محتوى مخالف لافكار الحزب الشيوعي- بأن اتهامات كلينتون بالرقابة على الانترنت لا اساس لها.

وقال شي يينهونج وهو استاذ للعلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين ان حملة واشنطن العلنية على الرقابة على الانترنت لها اثر على العلاقات الثنائية.

واضاف "الصين اعترفت بأن هناك مجالات يمكن ان تحسنها ثم ادلت كلينتون بتصريحاتها في مكان عام وقارنت بيننا وبين مصر والسعوية". "لذلك اعتقد ان كلمة كلينتون هذه كانت اكثر شىء غير دبلوماسي تفوهت به على مدار العام الماضي".

كلينتون تدعو لحرية الانترنت

من جانبها دعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لتحرير الانترنت في أنحاء العالم وطالبت بادانة دولية لمن يقومون بشن هجمات الكترونية على شبكة المعلومات الدولية فيما سعت الصين لاحتواء التوتر مع الولايات المتحدة بشأن التسلل والرقابة على جوجل.

وقالت كلينتون "هناك ستار معلوماتي جديد ينزل في الكثير من أنحاء العالم" ووصفت تزايد القيود على الانترنت بأنه المعادل الحديث لجدار برلين.

وأضافت كلينتون في كلمة أشارت فيها الى مصر والسعودية وتونس باعتبارها من الدول التي تفرض رقابة على الانترنت أو تمارس تضييقا على المدونين "نحن مع شبكة انترنت واحدة يكون فيها للانسانية كلها حقوق متساوية للحصول على المعلومات والافكار."بحسب رويترز.

وتابعت ان الدول التي تبني حواجز الكترونية أمام أجزاء من الانترنت أو تقوم بعملية ترشيح او تنقية لنتائج محركات البحث تنتهك الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يضمن حرية المعلومات.

وفي معرض حديثها عن بواعث القلق بشأن التجسس الالكتروني في الصين الذي دفع شركة جوجل للتهديد بالخروج من السوق الصينية قالت كلينتون "الدول أو الاشخاص الضالعون في هجمات الكترونية يجب أن يواجهوا العواقب والادانة الدولية."وتابعت "في عالم مترابط بقوة فان الهجوم على شبكات دولة يمكن أن يكون هجوما على جميع الدول."

وقالت كلينتون انها تتوقع ان تجري الصين تحقيقا شاملا وشفافا في الهجمات الالكترونية التي دفعت شركة جوجل الى بحث الانسحاب من البلاد.

وأضافت "الدول التي تقيد حرية الحصول على المعلومات او تنتهك الحقوق الاساسية لمستخدمي الانترنت تخاطر بعزل انفسها عن التقدم في القرن القادم."

وفي بكين جاءت تصريحات خه يافي نائب وزير الخارجية الصيني يوم الخميس جزءا فيما يبدو من محاولات للتهوين من شأن النزاعات وتجنب المزيد من التوتر في العلاقات مع واشنطن. والعلاقات متوترة أصلا نتيجة خلافات حول التجارة وتايوان وحقوق الانسان.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن نائب وزير الخارجية قوله في تصريحات لصحفيين صينيين "يجب عدم الربط بين واقعة جوجل والعلاقات الثنائية والا فان ذلك سيكون مبالغة في تصويرها."

وكان خه يسعى فيما يبدو للتهوين من شأن التأثيرات المحتملة للنزاع مع جوجل الذي يمكن أن يفاقم التوترات مع واشطن في الوقت الذي يتجه فيه الكونجرس لعام انتخابات.

الصين تدافع عن سياستها

وقال مسؤول صيني بارز إن الصين لديها كل الحق في معاقبة المواطنين الذين يستخدمون الانترنت لتحدي سلطة الحزب الشيوعي والسياسات العرقية وذلك في استمرار لهجوم بكين المضاد على شركة جوجل.

وجاء دفاع الصين عن القيود على شبكة الانترنت بعد حوالي اسبوعين من قول جوجل اكبر محرك للبحث على الانترنت في العالم انها تريد وقف مراقبة موقعها باللغة الصينية على الانترنت وانها منزعجة لهجمات الكترونية منشأها الصين.

وأجج هذا النزاع الخلاف بين بكين وواشنطن اضافة الى توترات قائمة بالفعل بشأن التجارة ومبيعات الاسلحة الامريكية لتايوان وحقوق الانسان.

ودعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الصين وحكومات استبدادية اخرى الاسبوع الماضي الى التخلص من الرقابة على الانترنت الامر الذي اثار توبيخا حادا من جانب بكين.

وفي احدث رد قال المتحدث باسم المكتب الاعلامي لمجلس الدولة الصيني ان البلاد "تحظر استخدام الانترنت في تقويض سلطة الدولة والاضرار بالوحدة الوطنية والتحريض على الكراهية العرقية والانقسام والترويج لطوائف دينية وتوزيع محتوى اباحي او مثير للشهوة او عنيف او ارهابي."

واظهرت تعليقات المتحدث الذي لم يكشف عن اسمه مجالا ضئيلا للتوصل الى تسوية مع جوجل وواشنطن حول سياسة الرقابة. ونشرت التعليقات على الموقع الالكتروني للحكومة المركزية.

واضاف المتحدث "الصين لديها الاساس القانوني الكافي لمعاقبة مثل هذه المحتويات الضارة ولا مجال للشك في ذلك. وهذا يختلف تماما عن ما يسمى تقييد حرية الانترنت."

والمكتب الاعلامي لمجلس الدولة هو جهاز الدعاية للصين بتوجيه من الحزب الشيوعي واحد عدة وكالات مسؤولة عن وضع سياسة الانترنت.الا ان التعليقات الاخيرة من جانب الصين لم تذكر جوجل او كلينتون بشكل مباشر.

اوباما منزعج من الانتهاك الالكتروني في الصين

وقال البيت الابيض ان الرئيس الامريكي باراك اوباما ما زال يشعر بالانزعاج من الانتهاك الامني الالكتروني ضد شركة جوجل في الصين والذي دفع الشركة للتهديد بسحب عملياتها من الصين.

واوضح المتحدث باسم البيت الابيض بيل بيرتون ان اوباما يتفق مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قالت يوم الخميس "الدول أو الاشخاص الضالعون في هجمات الكترونية يجب أن يواجهوا العواقب والادانة الدولية."

وقال بيرتون للصحفيين المسافرين مع اوباما جوا الى اوهايو "كل ما نتطلع اليه من الصين هو بعض الاجابات."

واضاف ان اوباما "يبقى منزعجا من الانتهاك الامني الالكتروني" الذي تلقي شركة جوجل باللوم عنه على الصين.

جوجل تؤجل اطلاق هاتفيها النقالين الجديدين في الصين

ونتيجة للتطورات الاخيرة قالت شركة محرك البحث الشهير جوجل انها اجلت اطلاق مشروعي الهاتف النقال التي تزمع اطلاقهما في الصين بعد نزاعها مع الحكومة الصينية على الرقابة التي تفرضها على الموقع وعمليات القرصنة ضد صناديق بريد ناشطي حقوق الانسان الصينيين في جوجل. وقال متحدث باسم الشركة ان الافتتاح الرسمي كان من المقرر ان يجري مؤخرا. 

وجاء هذا الاعلان بعد ان اكدت الحكومة الصينية بان على جوجل والشركات الاجنبية الاخرى اطاعة القوانين والاعراف السائدة في الصين.

ان القراصنة الذين استهدفوا الصحفيين الاجانب مقيمين في بكين، وربما حاولوا الحصول على تفاصيل اتصالات ومعلومات عن ناشطي حقوق الانسان الذين يتحدثون الى الصحافة العالمية

مراسلون بلا حدود

ويشار الى ان تلك الهجمات استهدفت صناديق البريد الالكتروني لعدد من الناشطين الصينيين في مجال حقوق الانسان.

ونتيجة لذلك قالت شركة جوجل انها لن تفرض اية رقابة على محتويات بحثها في الصين حتى لو ادى ذلك الى اغلاق عملياتها في الصين.

وكانت جوجل تخطط لاطلاق جهازي هاتف محمول يستخدمان تقنية (اندروميد) كنظام تشغيل فيهما بالتعاون مع شركتي سامسونج وموتوريلا.

واكد المتحدث باسم الشركة قائلا: " لقد تم تاجيل عملية اطلاق الجهازين التي كنا نعمل عليها مع شركة (جاينا يونيكوم)".و"جاينا يونيكوم" هي المجهز الرئيس لخدمات شبكات الانترنت في الصين.

انتقادات لدور أمريكا على الانترنت في اضطرابات إيران

ومن جهة اعلامية اتهمت صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الولايات المتحدة بحشد "لواء من مخترقي الانترنت" وباستغلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر ويوتيوب لتأجيج التوتر في إيران.

واتهمت الصحيفة الولايات المتحدة بالسيطرة على الانترنت تحت اسم حرية الانترنت بعدما دعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في خطاب لها يوم الخميس الى مزيد من حرية الانترنت في الصين وفي انحاء العالم.

وحذرت الصين من ان الضغوط التي تمارسها واشنطن ضد الرقابة على الانترنت قد تضر بالعلاقات بين الجانبين.

وقال وانغ شياو يانغ في افتتاحية الصحيفة "وراء ما تصفه امريكا بحرية التعبير دسائس سياسية مكشوفة. كيف حدثت الاضطرابات عقب الانتخابات الايرانية؟

"انها بسبب حرب الانترنت التي شنتها امريكا من خلال اللقطات المصورة على موقع يوتيوب والمدونات المختصرة على التويتر ونشر الشائعات واثارة الانقسام وزرع الفتنة بين اتباع المعسكرين المحافظ والاصلاحي."

واغلقت الصين اليوتيوب منذ مارس اذار الذي تحل فيه ذكرى انتفاضة التبت والتويتر منذ يونيو حزيران قبيل الذكرى العشرين للحملة ضد المحتجين في ميدان تيانانمين وبالقرب منه. واغلقت موقع الفيسبوك في اوائل يوليو تموز.

وتساءلت الافتتاحية ان كانت السلطات الامريكية ستسمح بنشر معلومات بذيئة او انشطة تروج للارهاب على الانترنت في الولايات المتحدة.

وجاء خطاب كلينتون بعد قليل من كشف جوجل عن هجوم من جانب متسللي الانترنت قالت انه قد يدفعها لاغلاق محركها للبحث باللغة الصينية اذا لم تجد سبيلا لتقديم خدمة بحث قانونية لا يمكن اختراقها في الصين.

الشقيقة الكبرى لـ جوجل في الصين تدعوها للبقاء

وظهرت شركة في الصين منافسة لجوجل أكبر محرك للبحث في العالم الا أنها تدعو جوجل في الوقت نفسه للبقاء في البلاد برغم الرقابة ومزاعم التسلل.

واضافة الى سمعة الصين لعمل نسخ للاشياء مثل تصميمات الملابس وانواع القهوة والاقراص المدمجة قالت صحيفة (خنان بيزنيس ديلي) ان شركة "جوجه" بدأت منافسة جوجل في 14 يناير كانون الثاني.وقالت شركة جوجل قبل هذا التاريخ بيومين انها قد تغلق موقعها باللغة الصينية وتنسحب من الصين.

وجاء اختيار اسم الشركة الجديدة من خلال تلاعب بالكلمات. فالمقطع الاخير "جه" يبدو مثل الكلمة الصينية "الشقيقة الكبرى" بينما مقطع "جل" المأخوذ من " جوجل" ينطق مثل الكلمة الصينية "الشقيق الاكبر."

وشركة جوجه الجديدة لها محرك بحث (www.goojje.com) وتقدم خدمات الشبكات الاجتماعية. وتحمل صفحتها الرئيسية شعارا على اسلوب جوجل يجمع بين بصمات "الشقيق الاكبر" وأكبر محرك بحث صيني (بايدو).

وقال الموقع الالكتروني للشركة الجديدة في دعوة واضحة لبقاء جوجل في الصين " الشقيقة كانت سعيدة للغاية عندما تخلى الشقيق عن فكرة الرحيل ومكث من أجل شقيقته."ولم يتسن الاتصال بجوجل للتعليق على الفور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/شباط/2010 - 16/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م