التقريب بين المذاهب

قراءة معكوسة

برير السادة

يعتقد دعاة التقريب أن الخلاف بين المذاهب قائم على الاختلاف العقائدي لدى فان تضييق رقعة الاختلاف العقائدي وتوسعة أرضية المشتركات يعبر عن رؤية إستراتيجية للتقريب بين المذاهب والأديان , من هنا فأنهم يراهنون على المراجعات الفكرية لتراثنا  بحث عن المشتركات.

ومع إننا نؤيد أن تقوم الطوائف والمذاهب الإسلامية بمراجعة تراثها على ضوء النقد الذي توجهه لبعضها البعض, شرط أن يكون هدف المراجعة الوصول لمعتقدات تعبدية- يقينية.   إلا أننا في الجانب الأخر نتحفظ على آلية نشر نتائج هذه المراجعات والتي تهدف في ما تهدف إلى تغيير قناعات الجماهير العقدية المترسخة والمتراكمة عبر امتدادات زمنية طويلة وذلك لكون  هذه المراجعات في مجملها متعجلة مبتسرة طامحة لبلورة وعي جماهيري جديد.

1- فتغيير العقيدة من المواضيع المعقدة, التي استلزمت وجود خوارق اقوى في تأثيرها من المنطق.. فسيرة الأنبياء في القران الكريم تؤكد ضعف المنطق في تغيير المعتقدات , من هنا كانت المعجزة وخرق الأسباب الطبيعية ضرورة لكسر التعنت والتعصب وتبديل العقيدة.

2- الدعوة للتقريب قائمة على أساس حفظ المصالح العامة للأمة الإسلامية, من هنا فان الدعوة للتقريب على أساس نبذ الاختلاف العقدي ليست حقيقية, بدليل ضعف إسهامات المنهج التقريبي في توليد وتأليف عقيدة جامعة ومشتركة رغم عمره التي تجاوز القرن من الزمان

3- لذا من  المهم والضروري تأسيس وعي جماهير قائم على حفظ المصلحة العامة والتعاون وترسيخ مبدءا الحوار والسلام والدفع بالتي هي احسن, الامر الذي يعني ان التقريب انما هو قائم على الاشتراك الوجودي الإنساني والحاجة الإنسانية للتعاون لرفع الضعف البشري ولتلبية الاحتياجات المادية والمعنوية...

4- إجماعنا على كرامة الإنسان وأهمية استمراره وبقاءه, وان الدين عامل مهم في ترسيخ السلام وزرع القيم يفرض علينا نبذ الكراهية والفرقة والتنازع ويدعونا للحوار والتسامح.. وإلا كانت الدعوة للإسلام هي دعوة فارغة قائمة على التناقض.

5- عداوة الشيطان ووحدة المصير (الموت) والضعف البشري والكوارث والنقص مشتركات تفرض على الإنسان التعاون مع جنسه بهدف تحقيق الأمن المادي والنفسي وتامين سبل بقاءه واستمراره. وهو ما يوحي بان التعاون مبدءا إنساني تتطلبه الطبيعة البشرية , وان التنازع نعرة شهوية نابعة من التسلط والاستئثار.

6- إذا كان التقريب الديني منشأ الجدل والحساسية , فإننا ندعو للتقريب على أساس التعاون الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لسد العجز وجبر الضعف البشري, فالإخوة التي ندعو لها ليست قائمة على أساس الإخوة الدينية وإنما الإخوة المعرفية القائمة على التبادل العلمي والمعرفي.

7- من المعيب ان يصل وعي الإنساني الغربي لضرورة تأسيس اتحادات سياسية وتكتلات اقتصادية لمواجهة التحديات رغم اتهامنا بغياب القيم وانحدارها في المجتمعات الغربية. فيما يبقى المسلم الذي يدعي تمسكه بالقيم وتلبسه بالأخلاق الفاضلة منسلخا من أهم المبادئ الإنسانية الكبرى  والتي تفرضها الطبيعة البشرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/كانون الثاني/2010 - 15/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م