الكتل السياسية الضعيفة هي الحاضنة للعقول الضعيفة

محمود الربيعي

آليات المشروع الإصلاحي في إدارة السياسة العامة للدولة

إن الشعور العام بوجود قصور أو تقصير في العملية السياسية داخل الحكومة والبرلمان له أسباب منها دخول شخصيات ضعيفة أو مندسة في وضع إنتقالي يحمل الكثير من تركات الماضي، ولقلة الخبرة الإدارية لبعض الشخصيات التي دخلت البرلمان عن طريق المحاصصات الحزبية والفئوية، ودخول شخصيات لاتتمتع أساساً باللياقة السياسية والوطنية والإنسانية، ربما تسلقت أو دخلت عالم السياسة في غفلة كعوامل هدم للعملية السياسية لكونها بعد التجربة والتشخيص تتصف بالعنف والطائفية والعنصرية ولها القابلية لأن تكون أداة طيعة بيد أطراف دسيسة  تخطط لإثارة المشاكل وإعاقة المشروع الوطني.

لذا فنحن بحاجة الى تنظيف البرلمان من هؤلاء المحسوبين على الحالة السياسية الديمقراطية، ويساعد على تحقيق ذلك العمل الإنتخابي المقبل لإختيار برلمان جديد وحكومة جديدة، بحيث يمكن تقليل فرص مشاركة من يدخل عن طريق المحاصصة الطائفية والفئوية كما يمكن التخلص من كافة العناصر الدخيلة التي تم تشخيصها عن طريق قانون المسائلة والعدالة أو القوانين التي تحمل مسميات أخرى ذات علاقة بإعتبارها لعبت أدواراً سيئة وخطيرة في حياة العراق والعراقيين أيام الحكم البائد المستبد، وبعد السقوط.

العضو الضعيف أحد عناصر ومظاهر الكتلة الضعيفة

كما أن من المنطق أن تتواجد العقول الضعيفة داخل الكتل السياسية الضعيفة، وقد تعودنا أن نقول أن العقل السليم في الجسم السليم وهي وجهة نظر معقولة الى حد ما، فالجسم السليم لابد أن يكون جزءه المهم سليم التكوين والخلقة وإلاّ لما كان من الصحيح أن يعبر عنه بأنه سليم، و لو كان ذلك الجسد فاسداً لم تكن أجزاءه سليمة ويمكن جداً ان يكون العقل غير سليم أيضاً، فالعقل الفاسد التكوين لاشك أنه سيكون ضعيفاً، و كما أن العقل السليم في الجسم السليم فإن العقل الضعيف والعضو الضعيف من المؤكد أن يتواجد داخل الكتلة الضعيفة.   

القيادة الناجحة كفيلة بإدارة الحياة في المجتمع النظيف

ومن المنطق ايضاً أن يقال بأن المجتمع السليم لابد له أن يكون ذا عقلية سليمة، فإذا كان أفراده يتمتعون بعقلية راجحة تنظر الى الأمور بعين باصرة وبصيرة فإنها ستفعل فعلها الصحيح وستتمكن من إدارة نفسها بنجاح وتحفظ كيانها ونظامها وتؤمن الحياة السعيدة والأمن والرفاه وتخلق مجتمعاً يتمتع بروح التعاون والمحبة والرغبة في التواصل وبناء العلاقات الإجتماعية السليمة، ومن الطبيعي أن تكون قيادته السياسية من نفس نمط ذلك المجتمع النظيف.

القيادة الفاسدة في المجتمع الفاسد إقصائية 

وأما إذا كان أفراد المجتمع لايمتعون بتلك الحصانة التي يحملها المجتمع النظيف بل تسوده روح الحقد والكراهية ويتحرك بعقلية الكيد والعدوان فإنه بالتأكيد سيكون مجتمعاً لايتمتع بروح الوطنية والإنسانية وسيعمل بالإتجاه الذي يحقق له مصالحه على حساب الآخرين وهنا ستسود العقلية الإقصائية التي ستخلق مجتمعاً يلجأ الى العنف وشريعة الغاب وهو مجتمع ضعيف بطبيعة الحال.

قاوموا الأمراض السياسية لتتخلصوا من حالات الضعف

ومن المنطقي أن يتحرك المجتمع للتخلص من حالة الضعف بالعمل الإيجابي، ولابد للقيادات الإجتماعية الجيدة أن تتصدى لمقاومة الأمراض السياسية ويمكنها عنذاك فقط التخلص من العلل التي يعانيها المجتمع ومن ثم يمكنها تحقيق مجتمع سليم معافى من الأمراض السلوكية، وهو جهد نبيل شبيه بالجهد الذي يبذله الطبيب لمعالجة القصور في عقلية الإنسان ومايصيبه من العلل والأمراض، ولابد للطبيب أحياناً من إجراء عمليات جراحية تكون سبباً لإنقاذ المريض، وكما يفعل الطبيب بكل مريض يعاني جسده من مرض من الأمراض، فإن على المجتمع أن يعمل على تدارك ماقد يصيبه من العلل والأمراض السياسية أيضاً وبنفس الطريقة.

نحن بحاجة الى برلمان نظيف وحكومة نظيفة

نأمل أن يكون عراقنا الجديد في مرحلة مابعد الإنتخابات القادمة معافى من كل الأمراض ومن كل العاهات التي دخلت الجسد السياسي العراقي ليكون كل من برلماننا وحكومتنا من السلامة والقوة بحيث يمكن أن يحقق كل منهما في دورته القادمة مالم يتمكن من تحقيقه في الدوة السابقة.

الحاجة الى عملية إصلاح شاملة ومستمرة للتخلص من الفساد

كما لابد لنا من القيام بعملية إصلاح تكون وسيلة فاعلة للتخلص من الفساد من أجل خلق مجتمع نظيف يرفد العملية السياسية بوجوه مخلصة قادرة على إدارة البلاد وتحقيق العدل والإنصاف والحياة الحرة الكريمة، ولايتم ذلك إلاّ بتظافر الجهود والتعاون بين جميع الكتل المشاركة في الحياة النيابية والحكومة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/كانون الثاني/2010 - 14/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م