البعثيّون وفشل محاولة اختراق العملية السياسية في العراق

تحايلٌ مكشوف وضغوط دولية مرفوضة من الشعب والرئاسات الثلاث

 

شبكة النبأ: فيما نفى رئيس القائمة العراقية بالبرلمان أن يكون زعيم القائمة اياد علاوي هو مَن سعى لاستبعاد النائب صالح المطلك من الانتخابات، أكدت الرئاسات العراقية الثلاث وهي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة في آخر موقف لها، أن عملية إعادة النظر في المئات من أسماء المرشحين الذين طالهم قرار حظر المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة هو إجراء قانوني وأن الحل قضائي ولن يخضع للتوافق السياسي.

ومن ناحية اخرى وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر انتقادات حادة إلى تصريحات زعيم المجلس الإسلامي العراقي الأعلى عمار الحكيم حول مشاركة البعثيين في الانتخابات التشريعية و"المقاومة".

وفي هذه الغضون قال رئيس لجنة المساءلة والعدالة في مجلس النواب فلاح حسن شنشل، انه لايحق لنائب الرئيس الامريكي بايدن التدخل بالشأن العراقي لأنه بهذا يخالف الدستور العراقي، معللاً إن هيئة المساءلة والعدالة هيئة دستورية وقانونية.

ويأتي ذلك في سياق ردود الافعال التي اعقبت تصريح ادلى به النائب صالح المطلك، لمح فيه الى امكانية ان يكون حليفه في الحركة الوطنية اياد علاوي هو من تدخّلَ لاستبعاده من الانتخابات.

وقال البطيخ الذي يرأس كتلة العراقية المنضوية تحت لواء الحركة الوطنية بزعامة اياد علاوي وصالح المطلك وطارق الهاشمي، إن “التصريح الذي ادلى به المطلك فهم بشكل خاطئ من قبل وسائل الاعلام، لأنني اتصلت به للاستفسار منه عن القضية، وطلب من المتحدث باسم الحركة حيدر الملا ان يصحح الخبر”، مضيفا ان المطلك “أكد لي انني قصدت شركاءنا بالعملية السياسية وليس حلفاءنا”.

واضاف البطيخ ان المطلك “كان يقصد بالشركاء في العملية السياسية رئيس الوزراء نوري المالكي والاخرين الذين هم بالسلطة الان”، دون ان يحددهم.

يأتي هذا، في وقت قررت فيه هيئة المساءلة والعدالة استبعاد 511 مرشحا من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بتهمة الانتماء والترويج لحزب البعث، ابرزهم صالح المطلك، وهو القرار الذي اثار ردود افعال وجدلا واسعا، ما دعا نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن الى ان يقدم مقترحا يقضي بان يتبرأ البعثيون من حزب البعث ويدينوا ما اقترفه بحق الشعب العراقي، مقابل دخولهم الانتخابات والنظر في مسألة اجتثاثهم بعد الانتخابات في البرلمان.

وفي نفس السياق طالب المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ، البعثيين الذين وردت أسماؤهم في قائمة هيئة المساءلة والعدالة باعلان براءتهم من جرائم البعث للاندماج مجددا في المجتمع العراقي، مبينا أن قضية استبعادهم من الانتخابات هي قضية عراقية داخلية يحكمها الدستور والقوانين العراقية.

وقال الدباغ في بيان صدر عن مكتبه، إن “على البعثيين الذين وردت أسماؤهم في قائمة هيئة المساءلة والعدالة أن يعلنوا براءتهم وإدانتهم لجرائم وآثام نظام صدام حسين وحزب البعث الصدامي”، موضحا أن هذه البراءة “ستكون فرصة لهم لممارسة حياتهم الطبيعية والإندماج في المجتمع العراقي”.

وتابع الدباغ، وفقا للبيان، أن “مسألة إستبعادهم (البعثيين) من المشاركة في الإنتخابات، هي مسألة يحكمها الدستور والقوانين المرعية النافذة والناظمة لعمل هيئة المساءلة والعدالة، وهي قضية عراقية داخلية يتم التفاهم عليها بين الكتل والقوى السياسية العراقية”.

الرئاسات العراقية تؤكد ان الاجتثاث قانوني وليس سياسي

من جانب آخر أكدت الرئاسات العراقية الثلاث وهي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة ان عملية اعادة النظر في المئات من اسماء المرشحين الذين طالهم قرار حظر المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة هو اجراء قانوني وان الحل قضائي ولن يخضع للتوافق السياسي.

وفي خطاب أذيع تلفزيونيا اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان من غير الانصاف شمول كل الذين انتموا الى حزب البعث المنحل للاجتثاث مؤكدا ان هناك من "يستحقون الحماية.. تقديرا لمواقفهم."

وكانت هيئة المساءلة والعدالة -وهي هيئة معنية بملاحقة ومتابعة اعضاء حزب البعث المنحل لضمان عدم مشاركتهم بالعملية السياسية- اعلنت قبل ايام اسماء اكثر من 500 مرشح استبعدوا من المشاركة في الانتخابات المقبلة بحجة انتمائهم لحزب البعث المحظور او الترويج لافكار الحزب من بينهم عدد من الاسماء البارزة في المشهد السياسي العراقي امثال النائب صالح المطلك الذي يتراس كتلة برلمانية تتألف من احد عشر مقعدا.

واحدث الاعلان عن الاسماء خلافات حادة بين الكتل السياسية وارباكا كبيرا للمشهد السياسي الذي يستعد للانتخابات البرلمانية التي يؤمل اجراؤها ببداية مارس اذار.

وفي بيان صادر عن رئاسة الجمهورية مساء السبت الماضي بعد لقاء ضم الرئاسات الثلاث لتدارس اتخاذ موقف موحد من عملية الاجتثاث اعلن الرئيس جلال الطالباني عن التوصل الى "نتائج مشتركة" فيما يتعلق بالتعامل مع قرار الحظر.

ونقل البيان عن الطالباني قوله "الدستور والقانون موجودان. كل من لا يوافق على هذا القرار يستطيع ان يراجع المحكمة التمييزية."

واضاف "لا نستطيع ان نفرض التوافق (السياسي) على القانون وعلى المحكمة وعلى الدستور. التوافق مبدأ سياسي في التعاملات السياسية لكن هذه قضية قضائية قانونية لا نستطيع... ان نتدخل في شؤون القضاء من اجل التوافق (السياسي)."

وفي محاولة كانت تهدف الى تخفيف حدة التوتر وتضييق هوة الخلاف اعلن الطالباني في مؤتمر صحفي يوم الخميس اهمية التفريق بين "البعثيين الصداميين" وبين مئات الاف من البعثيين الذين اضطروا او ارغموا الى الانتماء الى حزب البعث.

واستشهد الطالباني بالمادة السابعة من الدستور العراقي التي تنص على حظر نشاط حزب "البعث الصدامي" والتي قال انها تؤكد على اهمية التفريق بين مئات آلاف من الذين انتموا الى حزب البعث وبين قيادات حزب البعث.

واعلن المالكي موقفا مماثلا لموقف الطالباني. وقال في تصريحات أذاعها التلفزيون خلال لقائه مجموعة من قادة وضباط وزارة الداخلية ان الفترة الماضية شهدت "عطاءات ونتائج للكثير من الذين اضطروا الى الانضمام الى هذا الحزب... (اثبتت) صدق الكثير من هؤلاء بعودتهم وبرفضهم وبراءتهم من هذا الحزب."

واضاف "هؤلاء االذين انحازوا من ذلك الاتجاه الخاطيء ومن ذاك الحزب المشوه الى الوطن والى المهمة الوطنية يستحقون منا الحماية والالتزام أمامهم وتقدير هذا الموقف الذي اعلنوا فيه البراءة من تلك الافكار التي ما قادت العراق إلا الى داهية دهماء."

ودعا المالكي الذين طالهم قرار الحظر "ان يخضعوا لتطبيق القانون وامامهم عملية الذهاب الى محاكم التمييز لكي تنظر في القرارات التي صدرت (ضدهم)."

هيئة المسائلة والعدالة تقول أنها تنفِّذ القانون فحسب

وقطع السياسي العراقي علي اللامي شوطاً طويلاً في الأشهر الستة الماضية، من سجن عسكري أمريكي الى قلب ضجة بشأن حظر مرشحين متهمين بأن لهم علاقة بحزب البعث المحظور الذي كان يتزعه صدام حسين.

وأثار اجراء اتخذته لجنة مستقلة يمثلها اللامي وهو شيعي باستبعاد 511 مرشحا من الانتخابات البرلمانية التي ستجري في السابع من مارس اذار غضب الكثير من الاقلية السنية التي هيمنت على البلاد لاكثر من عقدين في ظل حكم الرئيس السابق صدام.

وبينما تضم القائمة بالفعل عددا أكبر من الشيعة الا ان السنة يخشون من ان هذا الاجراء يستهدفهم وغضبهم يحمل إمكانية عودة العراق الى الصراع الطائفي في الوقت الذي بدأت تتراجع فيه أعمال القتال التي فجرها الغزو الامريكي في عام 2003 .

وابتسم اللامي بحياء عندما سُئل عن رأيه في الجدل الذي أثارته لجنة المساءلة والعدالة وهي هيئة حلت محل لجنة لتفكيك حزب البعث شكلها الاداريون الامريكيون للتخلص من الموالين لصدام بعد الغزو.

ويدافع اللامي عن هذا الإجراء على انه غير حزبي وانه قانوني قائلا انه يمثل واحدة من المرات القليلة التي كان فيها للدستور والقانون العراقيين الاولوية على الحلول الوسط السياسية مع ظهور الديمقراطية الهشة التي تعاني من الفوضى بعد سنوات من اراقة الدماء.

وقال اللامي لرويترز في مقابلة ان عمل اللجنة يهدف الى ايقاظ جميع السياسيين كي يكفوا عن تجاهل القانون والدستور لصالح الحلول الوسط السياسية.

وأضاف "انا أشعر ان هذه هي المرة الاولى التي تعمل فيها مؤسسة حكومية دون الالتفات الى اي توافق سياسي. اشعر اننا جميعا في الهيئة اجبرنا الجميع على الخضوع الى القانون."

والانتخابات البرلمانية علامة بارزة في الوقت الذي يخرج فيه العراق من ظلال الحرب ويبدأ في جذب انتباه بعض شركات النفط العالمية الكبيرة.

وتعتزم القوات الامريكية انهاء العمليات القتالية في اغسطس اب والانسحاب بحلول نهاية عام 2011 فيما يبشر بما يأمل مسؤولون امريكيون بأن يكون فترة ديمقراطية وازدهار اقتصادي في بلد لم يعرف سوى الدكتاتورية والحرب والتراجع الاقتصادي على مدى ثلاثة عقود.

الصدر ينتقد تصريحات الحكيم حول البعث والمقاومة

من ناحية اخرى وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر انتقادات حادة الى تصريحات زعيم المجلس الاسلامي العراقي الأعلى عمار الحكيم حول مشاركة البعثيين في الانتخابات التشريعية و"المقاومة".

وقد وزع مكتب الصدر في النجف بيانا يتضمن ردودا على اسئلة حول تصريحات للحكيم خلال زيارته لبنان يهاجم فيها "المقاومة العراقية". ويقول الصدر "هناك عدة اجوبة منها انه (الحكيم) يبين ظلم واضطهاد البعثيين وفي الوقت نفسه يطالب بدخولهم في الانتخابات وهذا امر غير منطقي وغير مقبول".

ويضيف ان "بقاء المحتمل فيه مصلحة له. ولذا، فانه لا يعترف بالمقاومة كونها تناقض مصلحته. نعم، هناك من شوه سمعة المقاومة من كل الاطراف الا اننا عهدا لم ولن نقتل الا المحتل اما العراقي ودمه خط احمر لا يجوز تخطيه". ويتابع "سنستمر بالمقاومة رغم ما يقع علينا من ظلم من اخواننا العرب".

وينسب البيان الى الحكيم قوله خلال مقابلة تلفزيونية في بيروت قبل يومين ان "المقاومة في العراق عبارة عن مجموعة من القتلة وهي غير ظاهرة المعالم والشخصيات". ولم يتم التاكد من اقوال الحكيم. يشار الى ان البيان وزع في النجف مساء الخميس كما تم توزيعه خلال صلاة الجمعة في المساجد التابعة للتيار الصدري.

شنشل: لايحق لبايدن التدخل بالشأن العراقي

من جانبه قال رئيس لجنة المساءلة والعدالة في مجلس النواب فلاح حسن شنشل، انه لايحق لنائب الرئيس الامريكي بايدن التدخل بالشأن العراقي لانه بهذا يخالف الدستور العراقي، معللا ان هيئة المساءلة والعدالة هيئة دستورية وقانونية.

وأضاف شنشل لوكالة أصوات العراق أن “اقتراحات نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بايدن حول دستورية الهيئة وتأجيل ابعاد المشمولين باجراءات المساءلة  تعتبر تدخلا سافرا وواضحا بالشأن العراقي الذي لايحق له التدخل فيه وبقضايا قانونية ودستورية”، مشددا على انه “ليس من حقه ان يلغي مادة وردت في الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي”..

واوضح شنشل “ان الجهات الرسمية تتعامل مع الهيئة التي تمارس دورها بشكل دستوري وقانوني حيث نصت المادة السابعة من الدستور على ان حزب البعث حزب محظور ولايحق له او لاعضائه المشاركة في الانتخابات، كما ان هناك مادة اخرى بالدستور تنص على اجتثاث البعث، وما اعتبار بايدن بان الهيئة غير دستورية الا تعدي على الدستور”.

وتسائل “هل يحق لبايدن ان يسمح للنازيين في المانيا ان يشاركوا في الانتخابات الالمانية، لمذا اذا يتدخل بالشأن العراقي”، معتبرا “ان النازيين والبعثيين وجهين لعملة واحدة”.

ومضى شنشنل بالقول أن “لجنة المساءلة مازالت مستمرة بتدقيق اسماء المرشحين المشمولين بأجراءاتها بمهنية عالية “.

وعن الذين شملهم الابعاد يقول “شمل الابعاد من هو بدرجة عضو  بالحزب فما فوق ومن كان موظفا في الاجهزة القمعية في النظام السابق ومن اثرى على المال العام وكذلك من روج لحزب البعث المحظور “.

واردف ان “من لديه شكوك في نزاهه اللجنة او الهيئة بأمكانه الطعن في المحكمة، وعليه ان يقدم مايثبت انه غير مشمول وليس لديه اي ارتباط بحزب البعث او الاجهزة القمعية للنظام السابق ولم يروج له “.

الحكومة المحلية في النجف تتوعد بالاقتصاص من البعثيين

وفي هذه الغضون توعدت الحكومة المحلية لمحافظة النجف بالاقتصاص من اعضاء حزب البعث المنحل متهمة اياهم بالوقوف وراء الانفجارات الاخيرة التي ضربت النجف. وامهلت الحكومة المحلية البعثيين القاطنين في المحافظة يوما واحدا للخروج منها او "الضرب بيد من حديد".

وتقع محافظة النجف الى الجنوب من بغداد وعلى مسافة 160 كيلومترا منها وهي محافظة ذات اغلبية شيعية تضم مرقد الامام علي احد الاماكن الدينية المقدسة عند الشيعة. وتضم المدينة المرجعية الدينية للشيعة وتعتبر مركزا دينيا مهما للشيعة في العراق والعالم.

وشهد مركز النجف سلسلة انفجارات اوقعت حسب الاحصاء الذي صدر عن السلطات الرسمية للمحافظة عن مقتل شخصين واصابة العشرات بجروح.

واتهمت حكومة النجف المتمثلة بمجلس المحافظة في بيان لها " اذناب البعث الصدامي ومن تحالف معهم من التكفيريين" بالوقوف وراء الانفجارات.

وقال البيان ان الحكومة المحلية تطالب "ابعاد البعثيين عن العملية السياسية تحت أي مسميات وتطهير الاجهزة والمؤسسات من أذنابهم وهو ما سيأخذه المجلس على عاتقه في المرحلة المقبلة في محافظة النجف الاشرف خاصة والعراق عامة."

واضاف "امهال عصابة البعث الصدامي والتكفير يوما واحدا للخروج من المحافظة فاننا سنضرب بيد من حديد على هؤلاء لانهم قد فوتوا فرصة التبرؤ من حزب البعث والقاعدة والعودة الى أحضان الوطن."

ومضى البيان يقول "سبق وأن تبنينا الدعوة الى عقد مؤتمر لابعاد البعثيين عن العملية السياسية وهو ما سيتحقق في الايام المقبلة فضلا عن حزمة من الاجراءات التي سيتخذها المجلس لتأمين ابعادهم عن مفاصل الدولة ومؤسساتها."ولم يعط البيان اي توضيحات عن ماهية الاجراءات التي ستتخذها الحكومة المحلية ضد من شملهم البيان.

وطالبت الحكومة المحلية في بيانها "الوزارات المعنية بتفعيل الاجهزة الاستخباراتية وعزل العناصر التي مازال ولاؤها للنظام البائد."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/كانون الثاني/2010 - 10/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م