هل من فرصة ممكنة للبعثيين في المشاركة السياسية

لقد أثبت البعثيون أنهم غيرمؤهلين للمشاركة في العملية السياسية

محمود الربيعي

لايزال العراقيون يذكرون كيف تصرف البعثيون بوحشية مع الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، وكيف تصرفوا مع المواطنين الذين يختلفون معهم في الإتجاهات السياسية والقومية كالشيوعيين والأكراد، كما لاينسى ابناء شعبنا العزيز تلك الحملات والاغتيالات التي نفذ جزءاً منها سيادة الرئيس صدام حسين! الذي كان في يعمل في جهاز التصفية السرية لحزبه وأستمر على ذلك المنوال طيلة أيام وسنين حكمه الجائر.

لقد ملئ حزب البعث سجونه بالشيوعيين والأكراد والشيعة والتركمان وحتى بعض أعضاء وقيادات التنظيمات السنية ومارس ضدهم أكبر حلقات الإعدام والتصفية السرية بالإضافة الى الحملات العلنية الكبرى في الشمال بما سمي بمجازر حلبجة والإنتفاضة الشعبانية في أنحاء العراق.

كما لاينسى الشعب العراقي أبداً حروب البعث العبثية واللعب بالنار التي مارسها مع دول الجوار كإيران والعراق وفق مزاجية قيادته المضطربة التي لاتتفق مع السلوك المتوازن في السياسة الدولية، وعلى الدوام كانت خيارات البعث تأخذ بمبدأ القوة وإستخدام العنف في حل المشاكل مع جميع الفرق التي يختلف معها سواء كانوا أفراداً وجماعات مما فُسِرَ بأنه عصر الدكتاتورية الذي لم يقتصر على صدام وحده بل شمل سلوك كافة أفراده المنتمين إليه سواء كانوا معه طوعاً أو الذين كانوا معه كرهاً، فقد كانت التربية الحزبية داخل هذا التنظيم قائمة على تدريس الأفراد النمط الدكتاتوري السائد عبر العصور القديمة والحديثة وكان هذا الحزب يتفنن بوسائل الإكراه.

وأختلف العراقيون في تقييم هذا الحزب فأراد الشعب العراقي وبعد السقوط أن يترك فرصة للبعثيين لعل فيهم من يخرج من ثوب البعث نادماً يكفر عن شراكته في الظلم الذي طال العراقيين من فعل حزبهم، إلا أننا وجدنا أن هذا الحزب قد واصل تنظيمه السري وسخر كل الإمكانيات المالية بشتى أشكالها سواء التي تتعلق بالتمويل أو التي تتعلق بوسائل الجريمة ليواصل حملات الإبادة الجماعية التي تَعّوَدَ عليها طيلة خمس وثلاثون عاماً.

وبتقديرنا فإن إلقاء اللوم على تنظيم القاعدة والدول المشبوهة الحاضنة لها والتي لاتخفى أبداً عن ذهن المواطن كشف وأكتشف أسرار المكائد والمؤامرات التي شارك فيها الشارد والوارد من مختلف المصادر التي تعودت في حياتها على مسلك الإجرام.

إننا لانشك أن كل التفجيرات والخراب والدمار الذي يطال العراق والعراقيين اليوم هو من فعل حزب البعث..  وما القاعدة وغيرها إلا أدوات طيعة أو مشاركة في لعبة البعث، فالبعثيون هم الذين يديرون اللعبة على مسرح الجريمة المنظمة، وهم لايطيقون إلا أن يكونوا قادة للعراق يمارسون قوتهم وجبروتهم وغرورهم ضد كل من يقول لهم كلمة لا.

لقد أعتمد حزب البعث العراقي على جملة من عوامل التربية الخاصة التي تلزم الشخصية البعثية بإطار تربيتها التي لاتقبل التعايش والتفاهم مع غيرها فتربيتهم تتسم بعشق اللون العربي الذي تعتبره سيداً ولابد للآخرين أن سيجدوا لذلك السيد، كما تعتبر أن اللون العربي لابد أن يحمل الطابع السني ولابد لكل الطوائف الأخرى أن تركع له..  وعلى أساس هذا الشعور قامت النزاعات الداخلية والحروب والإقتتال.

ومن الطبيعي فإن أفراد هذا الحزب وعلى مختلف درجاته التنظيمة خصوصاص في المستوى الأعلى قد تشبعوا بالروح القومية والطائفية الحادة التي لايمكن أن تنفصل عن شخصية البعثي بحيث أخذت أالطابع المميز الذي لايستطيع التعايش مع بقية الفصائل الشعبية العراقية.

وإذا ماأخذنا  طول االفترة التي حكم فيها اهذا الحزب وماتحقق له من إمتيازات كبيرة على مستوى السلطة والمال فإنه لن يكون مرتاح البال إلاّ إذا ماأستمر على ماكان عليه من السطوة والجبروت، والهيبة والسلطان الذي تعود عليه.

فكيف يمكن لبعثي أن يرى مواطناً كردياً أو شيعياً يشاركه في الحكم والسلطة، فمزاجية حزب البعث لايمكن أن يتقبل من كان في نظره الخادم والأسير.

إن مايَبْني عليه حزب البعث ومايراهن عليه هو بالضبط تخريب العملية السياسية في البلاد بأي شكل من الأشكال سواء جاء ذلك بطريق الإغتيالات، أو التفجيرات، أو محاولات التشويه التي يمارسها كل وقت من خلال حملاته الإعلامية التي وفرتها له أجهزة الإعلام ( العنصرية والطائفية ) من ( كافة مروجي العنصرية والطائفية) هذا الثنائي الفكري والعقائدي المبني على عداء وإستعداء الآخرين.

فجيوش الإعلام وأموال الدول العنصرية والطائفية موظفة لخدمة المخطط العنصري والطائفي في العراق والذي يقوده حزب البعث، وهؤلاء أثبتوا أن لادين لهم ولاذمة.

ولقد قرر العراقيون ومنذ اليوم الأول أن لايسيروا في طريق الإنتقام العبثي، وارادوا أن يحتكموا الى الله والشريعة والقانون، ولأجل أن يحفظوا دماء الأبرياء فإنهم لم يلجؤا الى أعمال العنف وتركوا للأساليب القانونية والشرعية أن تأخذ مجراها في كشف المجرمين وملاحقتهم القضائية، إلا أن هؤلاء المجرمين أدركوا أن لامفر من العقاب فهاجروا وهم مجموعة القتلة الى بلدان وَفَّرَتْ لهم أماكن لجوء وقواعد إعلامية لم يكن يحلم بها أحد من معارضي النظام السابق الذين لوحقوا وهجروا وهاجروا دون أن يقترفوا ذنب أو جريمة.

لقد عمد البعثيون الى الإندساس في العملية السياسية لغرض التخريب السياسي والإقتصادي على كافة المستويات التشريعية والتنفيذية والقضائية ودخلوا الى العملية السياسية كأفراد وأحزاب ومنظمات وأستخدموا كل معلوماتهم الأمنية والمخابراتية التي كانوا يتمتعون بها وأستغلوها لأجل وقف حركة ألبناء والإصلاح وذلك عن طريق إشاعة الفوضى والفساد في الأجهزة الإدارية والمالية الذي جاء بسبب حسن النية التي أختارها زعماء الإصلاح الذين أرادوا فسح المجال وإتاحة فرصة المشاركة للذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء!

وعلى الرغم من الإنقلاب السياسي الذي حدث في العراق بعد إنهيار الحكم الشمولي السابق فإنه لايزال البعثيون  (يريدون) حكما يحمل الطابع (القومي العربي)(السني) على أن تكون القوميات والطوائف الأخرى مهما كان عددها ولونها موظفة عندهم أو مستخدمة لديهم، إذ أنهم غير قادرين على التفاعل مع الآخرين بحلول معتدلة.

إن الحملات الإعلامية الأخيرة لواجهات حزب البعث العراقي برهنت أنها تريد لحكم البعث أن يعود ويسود بكل أركانه ورموزه وفصائله كمرحلة يقودها لإسقاط الحكم الديمقراطي الجديد، ويريد ديمقراطية مشابهة للديمقراطيات الحاكمة في المنطقة التي ترفع علم الديمقراطية وتمارس الدكتاتورية على أرض الواقع.

إن الجماهير العراقية وبسبب الأوضاع الأمنية التي خطط لها البعث ومنظومته الدولية المتآمرة تحيرت مما يجري في العراق من سفك للدماء وتخريب للعملية السياسية إلا أنهم يعلمون تماماً من هم المسبب لها، لكنهم يريدون حكومة قوية متجانسة كفوءة قادرة على أن تفرض هيبة القانون، وقادرة على حماية ظهور العراقيين من الغدر والتآمر.. يريدون حياة آمنة مستقرة مزدهرة وهذا لايتوفر إلا إذا كان القادة محمديين وحسنيين وحسينيين يعملون في سبيل الله ومن أجل الله ومن أجل الحق والعدل، شيمتهم الشجاعة والعدل، وخصائلهم نكران الذات والعيش عيشة المتقين.

إن بعض الوجوه المُنْظَّمة الى العملية السياسية بطريق الإندساس عملت وبشكل حثيث على إختراقها وخططت للإنقلاب السياسي داخل البرلمان، وحاولت بكل قواها وبما تملك من المال والسلاح أن تعمل بالخفاء للقيام بعمليات التصفيات السياسية، وحاولت ذر الرماد في العيون، ونشطت سراً في الترويج لحزب البعث والنظر اليه كقيادة ناجحة في العملية السياسية من وجهة نظرهم ولابديل لها! وهو أمر ليس بالغريب على من هو على شاكلتهم، فهؤلاء وإن لم يثبت عليهم الجرم المشهود بتلطخ أياديهم بدماء الأبرياء إلاّ أنهم والتاريخ يشهد بأنهم كانوا يديرون شبكات الإجرام والتصفيات طيلة فترة حكم حزب البعث، وكانوا هم المُنَظّرين والدافعين والمخططين لبرامج العدوان على حريات وأرواح المواطنين ولازالوا يمارسون خططهم ومؤامراتهم ودعواتهم في سبيل إقصاء كل ماليس له صلة بالبعث من قريب أو بعيد.

إن الزمن كفيل بأن يزيح كابوس هذا الحزب الجاثم على صدور العراقيين الذين أصبحوا أكثر وعياً مما مضى، ولا بد لهم أن يتحرروا من ربق حزب البعث وكل الفاسدين الذين ركبوا قاطرة الفساد وركبوا سفينة التغيير وعلى كل هؤلاء أن يدفعوا ثمن آثامهم وإن موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/كانون الثاني/2010 - 8/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م