2010 قد يكون أسخن من سابقه

مرتضى بدر

العقد الأول من الألفية الثالثة يشارف على الانتهاء، ومهما حاولنا اختزال آلام العام المنصرم ومآسيه في مقالةٍ واحدةٍ لا يتجاوز عدد كلماتها الـ 500 كلمة، فإنّنا لا ننجح في ذلك. فلو قدّر لنا أن نحصي تلك المآسي والمعاناة، وتداعيات الحروب، والعمليات الإرهابية في المناطق المختلفة من عالمنا العربي والإسلامي خصوصا في العراق، وكذلك العمليات العسكرية لقوات الناتو وجرائمها ضد المدنيين في أفغانستان وباكستان، وإذا ما أضفنا إليها ضحايا العدوان الصهيوني على غزّة، والحصار الجائر المستمر لغاية اليوم لتجاوز عدد الضحايا من القتلى والجرحى 250 ألف ضحية، ناهيك عن الخسائر المادية التي تتجاوز مئات الملايين... هذا هو حصاد العام المنصرم.

واضح أنّ ذاكرتنا قد اعتادت على الأرقام الممزوجة بالدم، وحدقية أعيننا قد توسعت نتيجة مشاهدة تلك المناظر المؤلمة التي تقشعرّ منها الأبدان، وأمّا ضمائرنا فيبدو أنّها أخذت تميل إلى الاستغفال والتجاهل واللامبالاة والنسيان. هذه الصفات إذا تفشّت بين شعوبنا وأصبحت مزاجاً شعبياً عاماً فتلك مصيبة كبرى، تنبئ عن كارثة سياسية واجتماعية وسلوكية تهدّد ثقافة وهوية شعوب المنطقة.

من مصلحة الأنظمة السياسية في منطقتنا تفشّي هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعاتنا، وعملت هذه الأنظمة وما زالت على تمييع الشعوب وتغيير سيكولوجيتها. ففي الوقت الذي تتمسّك فيه بجميع مفاصل العملية السياسية في داخل بلدانها، فإنّها تقود العلاقات الخارجية على المستوى الإقليمي والدولي. وفي المحصلة، فهي لم تفلح لا على المستوى الداخلي ولا على المستوى الخارجي. لقد تراجعت الحريات وقضايا حقوق الإنسان، والعملية الديمقراطية في معظم بلدان المنطقة، وأخذت وتيرة حركة التوريث في التصاعد، وأمّا مشاريع السلام - الاستسلامية - فقد جُمدّت. وفي مقابل هذه التراجعات والانتكاسات والصمت العربي نجد صعود قوى إقليميةٍ أخرى أخذت تلعب دورًا مهمًا في منطقتنا.

حول هذا المحور كتب أستاذ العلوم السياسية في جامعة سوربون، ووزير الثقافة اللبناني الأسبق (غسان سلامة) مقالاً يقول في إحدى فقراته: “كفانا حديثاً عن إسرائيل وإيران وتركيا، ماذا عن العرب؟ تبدو النداءات لتوحّد العرب فارغة فراغاً رهيباً والكلام عن وحدتهم بات من التاريخ. والحقيقة هي أنّ الحكومات العربيّة تتكيّف تكييفاً أنانياً مع هذا التغيير الجديد في السياسة الإقليميّة. فالبعض في انعزالٍ تامّ مثل المغرب وتونس، والبعض الآخر يحلم مثل ليبيا، وبدرجة أقلّ السودان، بالهرب إلى أفريقيا ليريح نفسه من الصداع الذي تسبّبه المنطقة، وبلدان أخرى في شبه الجزيرة العربيّة أو على ضفاف نهر النيل مهووسة بسلسلة صراعاتها، بحيث لا يكاد يكفيها الوقت لوضع استراتيجية إقليميّة متينة، أمّا العراق واليمن فهما غارقان في مشاكل داخليّة خطيرة ستبقيهما مشغولين في السنين القليلة المقبلة”.

باعتقادي، إنّ الاحتقان السياسي الداخلي في إيران من جهة، وقضية ملفّها النووي واحتمال تعرّضها لمزيدٍ من العقوبات من جهةٍ أخرى، والانشقاق السياسي بين الفلسطينيين، والصراع الحزبي في العراق، والاحتدام الطائفي في عموم المنطقة سوف تطغى على المسرح السياسي في الشرق الأوسط في هذا العام، والمؤشرات تميل إلى تصاعد الصراع في المنطقة، والأجواء قد تكون مهيّأة سياسياً وأيديولوجيًا لاستقبال عامٍ ساخنٍ على مختلف الأصعدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/كانون الثاني/2010 - 5/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م