ايران وتهريب الأسلحة.. بين مواجهة العقوبات وتقويض مصالح الغرب

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي يسعى فيه الغرب للتعاطي مع إيران في مفاوضات حول برنامج طهران النووي، تشير حوادث وقعت مؤخراً الى تواصل إيران تسليح الأنظمة والجماعات المختلفة.

وحول هذا الموضوع كتبَ ماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين للإستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن، مقالاً قال فيه: إن مثل هذا السلوك من جانب إيران لدعم الجماعات الإرهابية والأنظمة المارقة يسلط الضوء على أوجه القصور الخطيرة في العقوبات الدولية الحالية المفروضة على طهران. وفي الحالة الأخيرة، اعترضت البحرية الإسرائيلية في بداية تشرين الثاني/نوفمبر، السفينة "فرانكوب" التي كانت تنقل خمسمائة طن من الأسلحة، بما في ذلك الآلاف من قذائف الهاون والصواريخ طويلة المدى التي يُعتقد بأنه كان هدفها هو حزب الله اللبناني. وقد نشر مسؤولون إسرائيليون صوراً لصواريخ كاتيوشا كانت قد ضُبطت من قبل قوات "اليونيفيل" في لبنان في بداية الشهر الحالي، التي هي من نفس صناعة صورايخ التي تم الإستيلاء عليها على متن السفينة "فرانكوب". ووفقاً للمسؤولين الأمريكيين، كانت شحنة الأسلحة "قد تجلت بوضوح بأنها حمولة سفينة من إيران إلى سوريا" في انتهاك للحظر على تزويد الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في آذار/مارس 2007، وتوفر "دليلاً لا لبس فيه عن انتشار الأسلحة المزعزع للإستقرار في المنطقة".

ويضيف ماثيو، لقد حان الوقت لدعم الحديث الصارم بالعمل. ويتمثل الخبر السار بأن هناك وسائل فعالة لعرقلة تهريب الأسلحة من قبل إيران على نطاق دولي. والسؤال هو فيما إذا كانت حادثة "فرانكوب" ستوفر زخماً سياسياً للمجتمع الدولي لكي يتخذ إجراءات. ولم تؤدي الحالات السابقة من عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى دفع [أي كيان دولي] إلى اتخاذ إجراء كهذا.

ويتابع ماثيو، في الواقع تشكل حادثة "فرانكوب" أحدث انتهاك إيراني لقرار مجلس الأمن رقم 1747 الذي حظر تهريب الأسلحة الإيرانية. ففي كانون الثاني/يناير المنصرم أوقفت البحرية الأمريكية سفينة أخرى، "المونتشيغورسك"، في الوقت الذي كانت تمر في البحر الاحمر في طريقها إلى سوريا وعلى متنها مكونات لقذائف الهاون وآلاف من علب المساحيق، والدواسر [المواد التي يؤدي تفاعلها إلى توليد طاقة]، وأغلفة قذائف لبنادق من عيار 125 مم و 130 مم. وكانت "المونتشيغورسك" قد أستأجرت من قبل شركة "الخطوط البحرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية (IRISL)" [«شركة خطوط الشحن الإيرانية»] التي أدرجتها وزارة الخزانة الأمريكية على القائمة السوداء، قبل أربعة أشهر فقط من ذلك، بسبب أنشطتها المتعلقة بالإنتشار النووي، مشيرة إلى أن «شركة خطوط الشحن الإيرانية» "تسهل نقل البضائع إلى أطراف صنفتها الأمم المتحدة كناشرة لأسلحة الدمار الشامل" وكذلك تقوم "بتزوير وثائق و تستخدم أطراً خادعة لإخفاء ضلوعها في تجارة غير مشروعة".

ويبيّن ماثيو، هناك عدد من الحوادث المماثلة التي كشفت في السنوات الأخيرة الجهود التي تقوم بها إيران لنقل الأسلحة والعتاد العسكري لحلفائها وعملائها، بحراً وبراً وجواً. فخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ساعدت إيران على تسهيل نقل شحنات الأسلحة إلى غزة عن طريق حزب الله و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» (بواسطة حاويات عائمة صامدة للمياه)، باستخدام اثنين من السفن المدنية هي الـ "سانتوريني"، التي استولت عليها إسرائيل في أيار/مايو 2001 والـ "كاليبسو 2". وفى كانون الثاني/يناير عام 2002، حاولت إيران تسليم خمسين طناً من الأسلحة إلى السلطة الفلسطينية على متن سفينة "كارين أي"، ولكن قوات البحرية الإسرائيلية قامت بالإستيلاء على شحناتها في البحر الأحمر.

ويذكّر ماثيو، خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، ادعت الاستخبارات الإسرائيلية بأن إيران أعادت تسليح الحركة الشيعية عبر تركيا. وفي أيار/مايو 2007، اكتسبت تلك المزاعم مصداقية عندما خرج قطار عن مساره في أعقاب عمل إرهابيي قام به "حزب العمال الكردستاني" في جنوب شرق تركيا، حيث وُجد بأنه يحمل صواريخ إيرانية وأسلحة صغيرة لم يصرح عنها، كانت متجهة إلى سوريا -- ربما لكي يعاد شحنها إلى حزب الله.

ويوضح الكاتب، إن المبادئ التوجيهية الحالية للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي توفر السلطة القانونية لاتخاذ إجراءات ضد تهريب الأسلحة من قبل إيران، ولكن هذه بمفردها ليست كافية. وكان الإتحاد الأوروبي قد فرض في شباط/فبراير ونيسان/أبريل 2007 عدداً من العقوبات على إيران من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك فرض حظر على نقل العتاد العسكري والأسلحة وتكنولوجيا الصواريخ الإيرانية. وبالمثل، حظر القرار 1747، الذي اعتُمد في آذار/مارس 2007 نقل "أي أسلحة أو مواد ذات صلة" من قبل إيران، وحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على عدم تسهيل هذه الجهود. بالإضافة إلى ذلك، يدعو القرار 1803 الذي أُقر في آذار/مارس 2008، جميع الدول، "وفقاً لسلطاتها وتشريعاتها القانونية الوطنية وبما يتسق مع القانون الدولي"، إلى تفتيش حمولات «شركة خطوط الشحن الإيرانية» من وإلى إيران والتي تعبر مطارات وموانئ هذه الدول، شريطة أن تكون هناك أسباب وجيهة للإعتقاد بأن الطائرة أو السفينة تنقل بضائع [محظورة]".

ويتابع، مع ذلك فإن جعل البلدان على القيام بالعمل على تنفيذ هذه السلطات، كان سطحياً في أحسن الأحوال. وكما تشير هذه الحالات، توجد ثغرات جدية في الأدوات السياسية المتاحة للتعامل مع عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى حلفاء طهران وعملائها. ينبغي على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها على مستويات متعددة من أجل إغلاق هذه الثغرات.

فعلى سبيل المثال، يمكن للإتحاد الأوروبي أن يوسع نطاق سياسته الحالية التي تحظر بيع أو نقل الأسلحة إلى إيران لتشمل حظراً على شراء أو نقل الأسلحة من إيران. وفي الواقع، فإن هذا الاقتراح الأخير هو الوحيد الذي يعالج فعلاً موضوع تصدير الأسلحة. ينبغي على فرادى البلدان والمنظمات الإقليمية على حد سواء -- وخاصة في أمريكا الجنوبية وجنوب وشرق آسيا -- اعتماد تشريعات تتعلق بالأسلحة الإيرانية ونقل التكنولوجيا، لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها للأمم المتحدة والإتحاد الاوروبي.

ويبيّن الكاتب ماثيو، يمكن أن يكون لتعاطي الحكومة مع القطاع الخاص تأثير كبير أيضاً عن طريق لفت الانتباه إلى خطر التعامل مع «شركة خطوط الشحن الإيرانية»، وفروعها، وغيرها من الكيانات المحظورة. وكما أشارت وزارة الخزانة الأمريكية عندما أدرجت «شركة خطوط الشحن الإيرانية» على القائمة السوداء: "إن البلدان والشركات، بما في ذلك العملاء والشركاء التجاريين، وشركات التأمين البحري التي تتعامل مع «شركة خطوط الشحن الإيرانية»، قد تساعد خط النقل البحري عن غير قصد على تسهيل أنشطة الانتشار التي تقوم بها إيران". ومنذ ذلك الحين، تقوم "أجهزة الجمارك الهولندية" بصورة تلقائية بتسمية البضائع التي يتم شحنها بواسطة «شركة خطوط الشحن الإيرانية» أو «شركة الخطوط الجوية الإيرانية» كمصنفة في أعلى فئة من فئات المخاطر وتقوم بتفتيش بضائعها المحملة. وفي الشهر الماضي، فرضت المملكة المتحدة أيضاً عقوبات على «شركة خطوط الشحن الإيرانية»، بقيامها بمنع الشركات البريطانية من التعامل مع خط النقل البحري الإيراني.

ويستطرد بالقول، نظراً لتاريخ إيران المتعلق بنشاطها التجاري والمالي المخادع، ينبغي أن يكون هناك تدقيق إضافي لأية سفينة كانت قد رست مؤخراً في إحدى الموانيء الإيرانية. يتعين تشجيع البلدان على الطلب من الموانئ و/أو السلطات أن تجمع معلومات مفصلة ودقيقة وكاملة عن جميع البضائع التي يتم شحنها إلى بلدانهم أو عن طريقها (وخاصة من الدول ذات السلطة القضائية المعرضة للخطر مثل إيران)، وإجراء تقييمات مخاطر دقيقة، والمضي قدماً مع عمليات التفتيش الفعلية حسب الضرورة. ووفقاً للتقارير الصحفية، كانت السفينة "فرانكوب" قد رست في مصر قبل أن تُعترض على بعد حوالي 180 كم من سواحل قبرص.

ويستنتج الكاتب ماثيو بالقول، تُظهر الأحداث الأخيرة بأنه حتى في الوقت الذي تسعى فيه إدارة أوباما إلى التعاطي مع طهران، تواصل جمهورية إيران الإسلامية العمل من أجل تقويض المصالح الغربية ودعم العناصر المناهضة للغرب في جميع أنحاء العالم، كما تبين من جهودها المستمرة لإعادة تزويد حزب الله و«حماس» ومساعدة المتمردين في العراق وأفغانستان.

ويخلص الى نتيجة مفادها، إن تعطيل قدرة إيران على تسليح حلفائها وعملائها المعادين لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها من شأنه أن يعزز نفوذ واشنطن في مفاوضات محتملة مع طهران، ويؤدي إلى احتواء إيران إذا ما فشلت مثل هذه الجهود الدبلوماسية، ويمنع إيران من المساهمة في انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وما وراءه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 2/كانون الاول/2009 - 14/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م