المواقع الإلكترونية طبيعة وأهداف

 نقد موجه لأداء المواقع الألكترونية الإعلامية الضعيفة

محمود الربيعي

يدفعنا الحديث عن أداء عمل المواقع الالكترونية الى تقييم عام نبدي من خلاله ملاحظاتنا حول طبيعة تلك المواقع بعد أن شهدنا أن هناك مواقع غير مهنية لاتؤدي الغرض الذي أنشئت لأجلة كخدمة المواطنين أو المشاركة في عملية بناء الوطن، وقد لاحظنا أن الكثير من المواقع يغلب عليها الطابع النفعي والشخصي، وإن قسما منها أصبح أداة بيد أعداء الشعب كما تساهم في عملية تخريب البنى التحتية للبلد وتشحن الأجواء بالفوضى والعداء بين أبناء الوطن الواحد.

مواقع خاملة وغير نشيطة

في كل جديد، لنا كلام جديد، فبعدما أستحدثت المواقع الألكترونية لتخدم الناس ولإغراض شتى ظهرت محاسن ومساؤئ هذه المواقع، وهناك مواقع ناجحة لأنها أتخذت طريقها بإتجاه مهنيتها، ولاتعمل لأجل مصالح ومنافع سوى تحقيق أهدافها الواضحة والمعلنة بطريقة علمية وثقافية وموضوعية وخدمية.. في نفس الوقت فإنك تجد في الجانب الآخر مواقع وجدت لتحتضر، كونها ولدت معوقة ودخلت الى عالم الثقافة بدون إستعداد لهذا المجال الذي لايتسع للمصالح الشخصية والإداء الهزيل أوعدم الموضوعية ويخلو من التفكير بالناس والعمل على خدمتهم.

ماذا يعني وجود مواقع الكترونية لاتتغير واجهتها بالشهر الا مرة وقد يضاف في أحسن الأحوال موضوع واحد أو خبر واحد يستخدم لأغراض الدعاية الإعلامية أو الحصول على مردودات مادية، غير أن، والأحرى تلغى لقطع الطريق على الوصوليين للسلطة عبر هذه المنافذ الكاذبة، وحري بالغافلين عن هذا الأمر إعادة النظر في المنهج والعمل في مجالات الخدمة العامة.

مواقع لايهمها مايكتب فيها

بعض مسؤولي ومشرفي المواقع لايهمهم ماينشر في مواقعهم  من مواضيع تافهة ومايعرض على صفحاتها من ثقافة هزيلة، خصوصا تلك التي تتعلق بالسباب والشتام ونشر الدعوات التي تتقاطع مع الأخلاق والمبادئ الضرورية كأن تدعو الى العنف والتطرف، أو تدعوا الى هدم القيم الإجتماعية الرفيعة أو أن تهتم بنشر الأكاذيب والأباطيل والمواضيع السخيفة. 

مواقع دعاية شخصية للاستهلاك الإعلامي

 يستغل بعض السياسيون والإعلاميون للإنتفاع من المواقع الالكترونية التي يديرونها لتعزيز مكانتهم الإعلامية ويسبغون عليها أسماء لامعة للحصول على مغانم مختلفة الأوجه وأسخدامها للدعاية الشخصية واستغفال الجمهور ولكن هل أن ذلك مجدي والناس أصبحوا متيقضين لممارسات  الأشكال المختلفة للإنتهازية. 

مواقع مجاملة على حساب المبادئ والوقائع

وهناك مواقع تعتبر أبواق مدح ودعاية للمسؤولين في الدولة، والشخصيات التي يرجون منها منفعة وهذه المواقع لاتتمتع بحصانة أخلاقية ولاتتسم بالمبدئية فهي تمتهن الكذب والتلفيق والتشويه والتشويش والتشكيك مقابل مدح من يمولها ويعدها بالدعم والجذب في حسابات المستقبل.

الإعلام الحر سلطة رابعة ولكن لاينبغي أن يكون هدّاماً أو مخرباً

صحيح أننا نحتاج الى إعلام حر بعد أن عانى الناس من ظاهرة كتم الأنفاس ولوقت طويل، ولكن أن يكون ذلك الإعلام تهريجاً مؤججاً للفتن، ومهدماً لمظاهر المدنية والحياة الأجتماعية، ومخرباً لما يبنيه الآخرون فإن ذلك مرفوض تماماً. 

مؤدلج عقائديا وسياسيا

ولامانع من أن يكون الموقع الالكتروني ذو صبغة عقائدية وسياسية معينة تخدم الأهدف العامة للعمل المنظم وبحرية على أن لايمس الموقع حقوق الآخرين وحرياتهم العقائدية والسياسية.. وله أن يمارس حقوقه المشروعة على ضوء القانون وأن لايخرج من حدود تلك الحقوق الى العمل الفوضوي الذي يخلق أجواءاً مضرة بالمجتمع وبالعلاقات الأجتماعية وعلى أن لايهدد إستقرار حياة المواطنين وأمنهم الاجتماعي.

إعلام مخترق اقليميا ودوليا

بقي  أن نقول إن هناك بعض المواقع الإلكترونية تعمل بإشراف منظومات إقليمية ودولية ومنظمات سياسية تعمل تحت دائرة الدول المعادية لمبادئ الحرية والعدالة بل تعمل لأجل إنتزاع حقوق الناس العامة والإضرار بمصالحهم  المشروعة  والانتفاع من ثروات بلادهم وهو امر لايروق للبعض.

 نأمل أن نشهد المزيد من التطور للمواقع الالكترونية وأن يعمل الجميع لتلبية مطالب شعوبهم خصوصا داخل البلدان التي تفتقر الى الديمقراطية والإستقرار والتي تحتاج الى من يدافع عنها.

السلوك السبابي والشتائمي في أوساط السياسيين والإعلاميين

سبق أن نشر لي مقالا بعنوان "إذا أردت أن تكون سياسيا عليك أن تكون مهذبا" والمشكلة لازالت قائمة في عصرنا السياسي التي نعيشه، فسياسيو اليوم ليسوا كسياسي الأمس،  فقد كان السياسي يتمتع بثقافة إجتماعية ووعي خاص وحالة نضال حقيقي عنوانه التضحية من أجل الآخرين،  أما اليوم فنحن نشهد جيلا من السياسيين لايحسن إلا لغة السباب والشتام خلافا لما دعت اليه الأديان والشرائع ومادعت اليه القوانين والمجتمعات الانسانية من التحلي بالأخلاق الكريمة والسماحة والالتزام بخطوط الإخلاص والنزاهة والعمل الجاد لخدمة المجتمع، ومن المؤسف أن نجد في أوساط السياسيين بعض النماذج المتهورة التي لاتخجل من نفسها ومن سخط المجتمع عليها ولاتحترم هيبة الحكماء ولاالعلماء.

قال الشافعي النووي

إذا سبني أحدا تنازلت رفعة                     وماألعيب إلا أن أكون مساببا

يخاطبني السفيه بكل قبح                                فأكره أن أرد له جوابا

يزيد سفاهة وأزيد حلما                          كعود زاده الإحراق طيبا

إن السلوك االمنضبط دليل على رقي الانسان، وإن ثبات صاحبه عليه دليل على سمو أخلاقه، إذ ليس من السهل الحفاظ على ثبات النفس ..  قال الشاعر:

لو كل كلب عوى القمته حجرا                  لاصبح مثقال الحجر بدينار

ومن الطبيعي أن لاتتوقف الموازين عن رصد حركات الانسان لحظات الفرح والسرور أو لحظات الهم والحزن، ففي اللحظات المهمة التي يمر بها الانسان يجد من ينغص عليه سعادته، لكن صبره على المكروه  يعتبر من شيم الرجال، وفي الوقت الذي يمر الانسان في حالات من الإبتلاء يرتفع رصيده بين العقلاء، وقد عبر عن ذلك الشاعر حين قال:

إذا اراد الله نشر فضيلة                         طويت أتاح لها لسانَ حسود

ولولا إشتعال النار فيما جاورت                 ماكان يعرف طيبُ عَرفِ العود

ولولا التخوف للعواقب لم تزل                  للحاسد النُّعْمى على المحسود

ولقد أبتلي العالم اليوم بصراعات ونزاعات الألسن فظهرت موجات السباب والشتائم وغطت الكثير منال بلدان بما تنقله الفضائيات من لقاءات وبرامج على الهواء مباشرة تظهر فيها المعارك الكلامية بلا ضوابط أو حدود وغير خاضعة لرقابات الدول بل قد تكون تلك الدول نفسها هي التي تحتضنها لإداء ادوار تعمق من خلالها النزاعات بين الاطراف المختلفة وفق الامزجة والمصالح.

والإنسان المتحضر في مثل هذه الظروف يعيا عن إجابة النفوس المريضة التي تأخذ أجورها بعدما تدق أسفين العداء بين الدول والأحزاب ومعتنقي الاديان والمذاهب..  ويندر أن تجد فضائيات معتدلة بين الفضائيات العربية التي أتسمت بطابع تحريك الدمى من على شاشات التلفاز وقد صدق من قال:

إذا نطق السفيه فلاتُجِبهْ                         فخير من إجابته السكوت

سكتُ عن السفيه فظّنَّ أني                              عييت عن الجواب ماعييت

شرار الناس لو كانوا جميعا                             قذىً في جوف عيني ماقذيت

فلست مجاوبا ابدا سفيها                         خزيت لمن يجافيه خزيتُ

إن التوازن في السلوك ضرورة ملزمة على طول الخط ولايصح لمرحلة قصيرة لذلك فإن مظاهر الصبر والحفاظ على الثبات مهم في العلاقات الانسانية، ومن اُولى مراحله تقبل الفكرة نظريا ليتم تطبيقها في السلوك، ومن البديهي أن يكون المتوازن في حدود إنسانيته المتحضرة دون المضطرب الذي يفقد التوازن لانه لم يتلق التربية الجيدة، وفي حالات النزاع بين المسلكين لابد أن يتغلب العنصر الحضاري على السلوك الفوضوي المدان.

ولابد للمتوازن أن يبرهن على توازنه من خلال ترفعه الدائم عما يجري حوله من السلوك المدان وهو أمر مهم في العلاقات الاجتماعية التي من مظاهرها طبيعة السلوك بين السياسيين، ولابد للسياسي المهذب أن يتحلى بالصبر وحسن الخلق ليكون وجهاً لامعاً ومضيئاً بين صفوف القادة.

قال الشاعر:

فلا تعجل على احد بظلم                                فإن الظلم مرتعُهُ وخيم

ولاتفحش وإن مُلّيت غيظا                              على أحد فإن الفحش لوم

ولاتقطع أخا لك عند ذنب                               وإن الذنب يغفره الكريم

ولكن عوراهُ برفق                                      كما قد يُرْقَعُ الخَلَق القديم

ولاتجزع لريب الدهر وأصبر                           فإن الصبر في العقبى سليم

فما جَزَعٌ بمُغْنٍ عنك شيئا                               ولولا مافات تَرْجِعُه الهموم

وعلى كل حال فإن الإنسان المتوازن لابد أن يجد في طريقه عقبات تعيقه لكنه وبفعل توازنه السلوكي يتحمل عبء مايلاقيه من صعوبات، ومن البديهي أن يكون الحسد أحد أكبر العوامل التي تقف في طريق قادة االمجتمع، ولابد في الحالة  التحلي بالحكمة والصبر ليكون ناجحا في عمله بين أوساط محبيه.

قال الشاعر:

وإذا اراد الله نشر فضيلة                                طويت أتاح لها لسانَ حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت                  ماكان يعرف طيب عَرْفِ العود

أتمنى أن تكون هذه المحاولة نافعة في نشر المفاهيم الخلقية في الوقت الذي نشعر ان الناس بحاجة ماسة للتذكير لإن الذكرى تنفع المؤمنين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25/تشرين الثاني/2009 - 27/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م