شكرا امريكا!

هادي جلو مرعي

يبحث الامريكيون منذ سنوات عن مسؤول عراقي يقول لهم.. شكراً

الشكر عن الجهود التي بذلت لتحرير العراق، وتخليصه من دكتاتورية صدام حسين، ولما يبذله الجنود في ساحات المواجهة والضحايا الذين سقطوا في حرب العراق الاخيرة.

كبار الضباط والمسؤولون رفيعو المستوى الذين يزورون بغداد ويلتقون القيادات السياسية العليا، وحتى النواب في الكونغرس يبحثون عن كلمة (شكرا امريكا).

لكنهم لم يجدوا عديد من هؤلاء يتجرأ ليشكرهم على تلك الجهود، فبرغم سرور البعض بما حدث الا ان الغالب من العراقيين والذين تمنوا زوال نظام الحكم السابق لا يبدون الرغبة في تقديم الشكر لقوات يعدونها محتلة، وحتى ان اظهر سياسيون تفهما مبسترا فانهم لا يجاهرون به خشية من ردة فعل من هذه الجهة او تلك.

القوات الامريكية اجتاحت الاراضي العراقية عبر حدوده البرية وانزلت جنودها من طائرات مروحية، عدا الذين نزلوا من بوارج كانت تمخر البحر، وكانت تنفذ استراتيجية الرئيس جورج بوش المأمور من قبل السماء (بحسب ادعائه) ولم يكن الداعي لقدوم الامريكان لا صدام حسين ولا الشعب العراقي باستثناء البعض من السياسيين مع ان رغبة التغيير السياسي والتمثيل الشعبي التي كان النظام السابق يمنع المسير باتجاهها كانت حاضرة في نفوس المواطنين..

لكن لا احد يرغب في استخدام قوى جبارة كما حصل مع العراق حيث الفوضى والخراب وانهيار المنظومة السياسية والاقتصادية، ومع التداعيات التي اصابت خارطة المجتمع المحلي والفوضى التي نشرها الحضور الاجنبي..

قد يكون طلب الشكر من قبل الامريكيين مفهوما، لطبيعة التفكير والسلوك والاعتقاد الذي يسود الاوساط السياسية في مؤسسات القرار المختلفة في العاصمة واشنطن، لكن هذا الفهم مغاير لما عليه الحال في العراق.

فلا الاعتقاد ولا الفهم ولا المرؤة تتيح لنا ان نقدم فروض الشكر تلك، اما اذا قدمت من هذا المسؤول او ذاك فلا تعدو ان تكون نفاقا سياسياً دفعت اليه علاقة خاصة او ضرورة سياسية او شعور بالاحراج في لحظة غير قابلة للتأجيل ولابد وتنتهي بكلمة تلبي ما في نفس الضيف صاحب الكرامة.

كنا مضطرين للعيش والحياة في ظل نظام دكتاتوري قاسٍ، ثم في ظل الوجود الاجنبي، مع ما جلب من فوضى وضياع ومشاكل عرقية وطائفية وتهجير قسري وتأخر في اعادة البناء وهيكلية الدولة وتوفير متطلبات الحياة الكريمة والخدمات الاساسية التي يحتاجها عامة الناس.

الشكر.. فقط لله الذي سينعم علينا برحمته ولطفه ويمضي بنا الى حياة اخرى وسبيل اخر غير الذي نسلكه هذه الايام.

hadeejalu2yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/تشرين الثاني/2009 - 26/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م