في طريق معالجة الفساد السياسي

موازين السلوك السياسي

محمود الربيعي

متى وكيف يتولد النضوج العقلي؟

يولد الانسان على الفطرة وأبواه يرعانه، ويشاركان في تعليمه وتربيته، كما يساهم المحيط والمدرسة في اعطاء اضافات أخرى تساعد على تنمية قابليتة ويوجهانه في فهم القوانين الاجتماعية وآداب السلوك بحيث يبدأ في التمييز بين ماهو ايجابي وسلبي.

اثر العمر والخبرة في العمل السياسي

وتتطور الاحاسيس والمشاعر عند الاطفال اثناء الرضاعة والحضانة، ثم تتقوى في مراحل تالية من الطفولة والفتوة والشباب وبشكل تدريجي يتناسب مع العامل الزمني طرديا.

 وبسبب الاحتكاك بمنظمات المجتمع المدني كالمؤسسات والجمعيات والأحزاب تبدأ ذهنية ذلك الفرد في التفتح والانخراط فيها واختيار الطريق الذي يلائم توجهاته الفردية التي تتناسب مع طبيعة النمو الاجتماعي داخل المجتمع وقد يكون هذا النمو ايجابيا اذا ماتوفرت له ظروف صالحة.

علاقة النضج السياسي بالعمل المنظم

ان النضج السياسي لابد ان يجد له طريقا في الاوساط المنظمة التي تتبنى سياقات عمل منضبطة ذات سمات واضحة خصوصا تلك التنظيمات التي تهتم بتربية الفرد على اسس من القيم الفاضلة والسلوك الحسن والضوابط الخلقية الجيدة ومن خلال مجموعة البرامج التنظيمية يمكن للفرد ان يرتقي شيئا فشيئا حتى يصبح مؤهلا للعمل السياسي المفتوح والتفاعل مع المجتمع والجماهير.

مراهقو السياسة دخلاء على العمل السياسي

وقد ظهرت في الآونة الاخيرة خصوصا في العراق وبعض الدول الاخرى التي تحكمها الدكتاتوريات طبقة من مراهقي السياسة وما اكثرهم..  دخلت هذه الطبقة عالم السياسة إما للاسترزاق بعد أن وجدوا انفسهم بلامهنة يرتزقون منها غير النفاق السياسي والانخراط في هذا الحزب او ذاك مهمتهم التطبيل لأجل ارضاء تلك الأحزاب مقابل الثمن الذي يقبضونه.. وهؤلاء يجيدون السباب والشتام ويحسنون التلاعب بالالفاظ وتغيير الحقائق تحتضنهم الفضائيات أو تنشر لهم المواقع مقالاتهم الهزيلة فرحين بما يحصدون من كتاباتهم التي تندرج تحت المقالات السياسية وتتزين صفحات المواقع بصورهم دون أن تراعى قيمة المقال ومايحتويه ويمكن ان يغتفر للسياسي الاخطاء اللغوية ولكن هل يمكن ان نتجاوز مادته التي لانجد فيها الا الكلمات الفارغة التي لاتعبر الا عن ذوق فاسد لايجيد غير الخروج عن التقاليد والحدود اللائقة بالكاتب.

الميزان والتوازن في السلوك الاخلاقي والسياسي

ان الدور الذي يؤديه السياسي الناجح داخل المجتمع لابد ان يكون متوازنا لانه سيخضع الى رقابة شعبية وجماهيرية تضعه في الميزان وتحسب له هفواته واخطاءه التي تنعكس بشكل حاد على سياسة حزبه ومنظمته لذلك كان لزاما على كل سياسي ناجح ان يكون متوازنا ومتزنا في سلوكه السياسي والاخلاقي.

ماهي مقومات السياسي؟

يعتمد العمل السياسي للفرد على مجموعة من المقومات الاساسية  التي تتوقف على كل من الخلفية الفكرية والعقائدية والثقافية والادبية والاخلاقية وسناتي على كل واحدة منها بشكل موجز.

أولا: الخلفية الفكرية

على السياسي قبل ان يدخل عالم السياسة ان تكون له خلفية فكرية وهذه الخلفية لابد ان تاتي من طريق المطالعات الاكاديمية سواء المستحصلة من طريق الاندية الفكرية المجتمعية أو الاندية ألاهلية التي تقوم على اساس تبني الفكر المدني وتحتاج هذه العملية الى جهود مستمرة تصل بالفرد الى مستوى الطموح السياسي.

ثانيا: الخلفية العقائدية

وأما الخلفية العقائدية فهي اكثر علاقة جدلية بالخلفية الفكرية..  فالفكر هو مجموعة المدركات والمحاولات التي تعبر عن الاليات العملية لتبني عقيدة ما او الوصول الى عقيدة ما تهدف الى تنظيم معين يلتحق به السياسيين للقيام بالدور التنفيذي لمجموع الهندسة الفكرية للتنظيم.

ثالثا: الخلفية الثقافية والادبية

وعلى السياسي ان يكون مثقفا ومنفتحا على أدبيات العالم الذي يعيشه، وان لايكون منعزلا عن مجتمعه..  والتنظيم الذي لايكون فيه الفرد مثقفا وواعيا ومنفتحا على الناس هو تنظيم لايراعي مستقبل عمله السياسي ولايهتم برعاية ابناءه.

رابعا: الخلفية الاخلاقية

كما أن على السياسي ان يكون ملتزما بالاخلاق الرفيعة التي تسمح له أن يكون قائدا في مجتمعه وممثلا عن تنظيمه،  ولاتاتي هذه الاخلاق فجأة دون ان يكون هناك برنامجا طويلا تتصل جذوره بالتربية والتنشئة الاسرية والمدرسية الى غير ذلك من المؤسسات التربوية والتعليمية.

الترابط الطولي والعرضي لمقومات العمل السياسي

ولايمكننا ونحن نتحدث عن هذه المقومات الشخصية ان نفصل بعضها عن البعض الآخر،  فهي مترابطة وتستمد في حركتها مايجعلها تتحرك بالاتجاه الصحيح، وكلما كانت تلك المقومات سليمة وجيدة فانها ستنجح في خطوط مسارها ومسيرتها وكلما أفتقدت لكلها او بعضها فسيكتب لها الفشل.

المرونة في العمل السياسي

ولايصلح للسياسي الذي يمتهن العمل السياسي ان يكون متصلبا لايمتلك مرونة ذلك لأن المرونة تقتضي مواجهة الآخرين من القوى المضادة بشكل ايجابي،  كما لايليق بالسياسي أن يخرج من حدود لياقته الأدبية والأخلاقية لانه بالتأكيد سينعزل عن محيطه السياسي ويفقده هيبة جماهيره بالاضافة الى انه سيفقد احترام خصومه السياسيين وبالتاكيد سيضيع فرص نجاحه وهذا ليس في صالحه.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/تشرين الثاني/2009 - 11/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م