الحسين عليه السلام والقران قبل الطف

سامي جواد كاظم

منذ ان رحل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى الرفيق الاعلى وبدأت تتكالب على آل بيته عليهم السلام  المؤامرات والدسائس فكان علي عليه السلام مرمى الهدف بالنسبة للمنافقين ومن الطبيعي ان السهام تصيب كل ما يعني علي عليه السلام ابتداءً بفاطمة ومروراً بالحسن والحسين عليهم السلام وانتهاءً بصحبه ومحبيه (عليهم السلام).

فكان جهاد الامام وبنيه عليهم السلام هو الحفاظ على دين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من التحريف والدس فكانوا السباقين لرد الشبهات التي تعترض القران من جهة وتوضيح الغموض الذي قد يعتري بعض اياته لمحدودي التفكير من جهة اخرى.

تعد الفترة التي عاشها الحسين عليه السلام هي الاكثر تعرضا لكثير من المواقف الايجابية والسلبية، فيكفيه انه عاش في كنف جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ينهل من منهل العلم النقي واكمل مسيرته مع ابيه وامه عليهما السلام، واما السلبيات فهي المؤامرات التي تعرضوا لها  منذ اجتماع السقيفة وحادثة حرق الدار ونكوث بعض الذين بايعوا ابيه على الخلافة وتمرد معاوية على علي والحسن عليهما السلام واغتيالهم من قبل اجندة بني امية.

كل ذلك جعل الكثير يعتقدون ان العطاء الحسيني من العلوم التي استلهمها من جده وابيه وامه قد شحت بسبب الظروف التي عصفت بالامة الاسلامية، فكان دمه الثمن لصحوة الغفوة الاسلامية، وهذا لا يمنعنا من تسليط الضوء على ما اجاد به الامام الحسين عليه السلام من علوم كما جاد بدمه للشهادة.

إن القرآن الكريم فيه تفسير وتأويل، والتفسير هو المعنى اللغوي للكلمة وبيان ما يحيطها من القرائن الحالية والمقالية، والتأويل هو السر الباطن الذي لا يعرفه إلا من نزل عليهم وفي بيوتهم، ومن الطبيعي ان يكون للحسين عليه السلام حصة من نشر العلوم القرانية.

ومن اللطائف المناسبة لهذا البحث أن رجلاً ضريراً قال لأحد علماء الشيعة أنكم أيها الشيعة منحرفون ومخالفون للقرآن الكريم. قال: وكيف ذلك؟ قال لأنكم تأولون القرآن الكريم ولا تفسروه بظاهره. قال: وهل أنت تفسر كل شيء منه بما هو ظاهر فقط؟ قال: بلى. قال: إذاً أنت ضال مضل في آخرتك أكثر من ضلالك في دنياك كما قال تعالى:(وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً).

وليس القران ببعيد عن الحسين عليه السلام كيف واذا هو نزل في بيتهم فكان له عليه السلام الحضور القوي والفاعل في نشر علوم القران ونبدأ حديثنا عن حديثه حول تصنيف العقول التي خاطبها الله عز وجل في كتابه المحكم.

قال الامام الحسين عليه السلام عن القران: كتاب الله عز وجل على أربعة أشياء : على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق. فالعبارة للعوام، والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء.

اربع كلمات مختصرة صنفت العقول التي خاطبها الله عز وجل فالعوام نحن حيث الايات التي يعرف مغزاها من امر او نهي مثل اقيموا الصلاة واتوا الزكاة او كتب عليكم الصيام وهكذا، فالعبارة جملة واضحة المعنى.

اما الخواص فهم الذين يبحرون في علم معين يجدون كلمات الله عز وجل تدلهم او توضح لهم مسالكه كان يربط الايات الدالة على معنى معين بعضها مع البعض لنخرج بنتيجة حيث احد وجوه التفسير هو تفسير بعض الايات ببعض.

بل وحتى العلوم المادية التي يعمل بها العلوم اذا ما كان لديهم يقين بالقران الكريم فانهم يستطيعون الوصول الى النتائج السليمة من بحوثهم اذا استطاعوا تفسير الايات الدالة على العلوم التي يريدون معرفتها، فالاشارة هو الفهم في التلميح من غير التفصيل.

والاولياء هم الائمة المعصومون الذين لا يمكن لنا ان نستغني عن علومهم  كم من اية وقف المسلمون حيارى امامها مثلا عند سؤال الحسين عليه السلام عن ناشئة الليل التي ذكرت في القران فمن اين يخطر في بال احد انها نوافل الليل فقد اجاب الحسين عليه السلام بانها نوافل الليل وغيرها الكثير من الامثلة ويكفيهم انهم القران الناطق فنطقهم بالقران هي بالعلوم المخصوصة في القران بهم وهم الثقل الثاني الذي اوصانا بهما نبينا محمد (ص)، ومثال على اللطائف عندما يسال الامام الصادق عليه السلام ابي حنيفة عن تفسير قوله تعالى ثم لتسألن يومئذ عن النعيم اي نعيم هذا فيجيب انها النعم الدنيوية من ماديات فيقول له الامام بل نحن النعيم الذي ستسالون عنه.

اما الانبياء ونخص نبينا محمد (ص) بالحديث فالحقائق هي الاحكام والتنبؤات التي يبلغها الله عز وجل النبي ومن ثم تصبح حقيقة فعندما يبلغ الرسول (ص) الامام علي عليه السلام عن احداث ستقع فانما ذلك هو حقائق في كتاب الله عز وجل خاطب بها الله نبيه فقط.

من هذه العبارة البسيطة تظهر لنا ثورية الامام الحسين عليه السلام في نشر علوم الاسلام واحكامه في اي فرصة تسنح له وانه ليس فقط بطل الطف ولكن جاءت الطف لترفع الغبار الاموي عن علوم جده محمد (ص) وكان له ما اراد فلولا دمائه ودماء عياله وصحبه لما كان الاسلام ما هو عليه الان.

قبل ايام ومن على قناة البي بي سي وفي لقاء مع الفنان المصري نور الشريف وسؤاله عن الدور المزمع القيام به في تمثيل شخص الحسين عليه السلام فما كان من الممثل الا الخطابة عن ما جرى في الطف وكيفية استباحتهم لدماء الحسين عليه السلام وكيفية تاسير زينب بنت سيدنا علي وكيف يرفع راس سيدنا الحسين امر فظيع هذا وحاول المذيع قطع حديثه فلم يستطع.

ويبقى ذكر الحسين عليه السلام خالدا مهما حاولت قوى الشر التغطية عليه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 14/تشرين الثاني/2009 - 24/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م