خطابات معمر القذافي التاريخية

تجاوزا على النص والزمان..!

بشرى الخزرجي

قمة جمعية الأمم المتحدة التي بدأت جلساتها في 23.9.2009م  لغرض مناقشة ملفات هامة بمستوى ملف المناخ وتغييره وآثاره السلبية الخطرة على البيئة والإنسان، والسلاح النووي والحد من انتشاره في العالم، قد سجلت خصوصية وتميزاً هذه المرة، والسبب يعود وبالطبع لزيارة الزعيم الليبي الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، وخطابه التاريخي المسهب (الشجاع) الذي ألقاه في عقر دار الأمريكان، حسب وصف بعض الوكالات العربية!، والذي جاء بوزن وثقل 4 عقود من توليه حكم الجماهيرية الليبية العام 1969م ! (معمر واسمه عليه).

 وكعادة خطابات (الأخ) القائد المزاجية الطابع والمشوقة، وصف الحضور من زعماء وممثلي دول العالم بالديكور مقارنا بينهم وبين رواد الهايد بارك كورنر الفارغين الذين (لا يحلون ولا يربطون) ..وهو منهم طبعا، وذلك بعد أن شرح للمتلقين شروحاً تفصيلية عدة، منها الفرق بين جمعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الذي هاجمه بقوله انه مجلس منتهي الصلاحية يهيمن على العالم بقرارات حق الفيتو الدائمة، بينما و بالأصل تأسس ضد ألمانيا النازية قائدة الحرب العالمية الثانية وانتهى.

 ويضم مجلس الأمن الذي قارن القذافي بينه وبين (الإرهاب) خمسة عشر عضوا غير دائمين، يملك حق الفيتو (النقض) منهم 5 أعضاء دائمين، وهم روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا وايرلندا الشمالية، وأمريكا حيث تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة  بانتخاب أعضاء جدد سنويا  ولفترة سنتين.

وعلى ضوء ما جاء في كلمة الزعيم الليبي فإن على مجلس الأمن الذي يشكل بحسب النسبة التي بينها وهي الثمن من مجموع الأمم المتحدة التي تنضوي تحت سقفها دول المعمورة كافة، ان يتنحى جانبا أو يخضع للأغلبية ولأفرق إن كانت دولة صغيرة أم كبيرة، فميثاق الأمم المتحدة وديباجته تساوي بين الشعوب غنية كانت أم فقيرة، وقرارات مجلس الأمن تعتبر منتفية المفعول يجب تمزيقها والكتيب الذي يحتويها على يدي الزعيم المقدام القذافي!....يعني انقلاب كوني قادم يكون حق النقض فيه للدول الصغيرة المحرومة.

خلاصة خطبة رئيس ليبيا المتجاوزة للزمن المسموح والتي لم تترك شيئاً إلا وتعرضت له وبأسلوبها الارتجالي المبعثر تقول، اتركوا الأمم تحل مشاكلها بنفسها وتقرر مصيرها بإرادتها ولا تتدخلوا، حتى لو نشبت حروب أهلية فيها فالأمر لايعنيكم! بعبارة أخرى (نار الشعوب تأكل حطبهم) والسلام..!.

وللأمانة فالرجل لم يقصر، كان شجاعاً في الطرح لحد كبير، وقد مثل أفريقيا السمراء على اعتباره رئيس الاتحاد الأفريقي التمثيل الحق، عندما طالب بحقوق الأفارقة المسروقة من قبل الدول العظمى، والملفت للنظر أيضا مخاطبة الرئيس باراك اوباما (بابننا  اوباما).. ويبدو أن السبب يعود لاعتبار أصول رئيس الولايات المتحدة الأفريقية، رغم أن الأخير وحكومته منعوه من نصب خيمته المعتاد عليها  في ولاية نيو جرسي والتي أرادها زعيم الجماهيرية الليبية، جاهزة لاستقبال الضيوف أثناء إقامته في الولايات المتحدة، الأمر الذي رفضته السلطات الأمريكية جملة وتفصيلا، حفاظا على مشاعر أهالي ضحايا مجزرة (لوكربي) الشهيرة الذين كان معظمهم من سكان الولاية .

قذافيات

طالب الرئيس الليبي بمحاكمة جميع من ارتكب جرائم حرب واغتيالات في العالم دون تمييز، بما فيهم أمريكا الدولة العظمى (والعظمة لله)، على غزوها العراق وتسببها في مقتل مليون ونصف إنسان، طبعا النصف الأعظم منهم قضى على يد الأعمال الإرهابية الواردة للعراق من أشقاء العراق وأعدائه، والقذافي يعرف بذلك جيدا لكنه نسى ان يشير له لاعتبارات هو أعلم بها، بينما وفي المقابل لم ينس إعدام طاغية العراق السابق التي جاءت بعد محاكمة مطولة عادلة لم يشهد مثيلها معارضوه فترة حكمه القمعي، فبدل أن يثبت نواياه الحسنة في معرض دفاعه عن العراق، وشرعية المطالبة برفع قيود البند السابع عنه والمحكمة الدولية التي طالب بها ضد مرتكبي المجازر البشعة، راح القذافي يجتر أحداث سابقة لا علاقة لها بالمؤتمر وأهدافه. 

شجاعة قذافية!

قبل سقوط النظام السابق في العراق وحمى عمليات التفتيش عن الأسلحة المحظورة في تلك الفترة، كانت الشكوك تحوم حول ليبيا  وسلاح الدمار الشامل وترسانتها أيضا، فجميعنا يعلم كيف تعاملت ليبيا مع هذا الملف في حينها، وكيف تنازلت وبكل رحابة صدر عن برنامجها النووي قبل ان تأتيها الحديدة الحارة كما يقال، وينالها العقاب الذي لحق بغيرها وخير دليل على ذلك صدام حسين وما جرى عليه.. فقد دار حوار عن الموضوع بيني وبين (أخت) ليبية تعرفت عليها في عمل طوعي كان يجمعنا في إحدى المدارس في لندن، قالت لي فيه.. ان صاحبنا وتقصد القذافي، ما عنده مانع يسلم طرابلس العاصمة للغرب ولا انه يسلم الحكم..هل رأيت كيف ساوى مسألة السلاح النووي ومن قبلها حادث لوكربي المتهم فيها وبسرعة، كيف صرف الملايين من اجل إرضاء الغرب، قلت عليك أن تحملي رئيسكم على محمل حسن فيمكن عمل هذا لأجل ليبيا والحفاظ عليها، انظري لما فعله صدام الذي سار بالعراق والشعب نحو الهاوية... قاطعتني وبنبرة غاضبة: لا لا تقولي هذا على البطل صدام، فهو وقف بوجه الاستعمار بحروبه وصولاته!، قلت حروب وصولات على من! قالت على إسرائيل وإيران، كررت عليها كلامها إسرائيل وإيران والكويت وو..ما هذه المعادلة بربك!.. ردت علي كلها إطماع لا فرق عزيزتي.

أجبتها واليأس قد تملكني لا بأس عليك.. عرب تغرينا الشعارات الكاذبة دون الأفعال ونتائجها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30/أيلول/2009 - 10/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م