هل يحدث هذا في أي دولة عربية؟

 علاء الخطيب

تهاني وزغاريد وفرقٌ موسيقية وأناشيد وعدسات لمصورين ومؤتمر صحفي وتصريحات نارية رافقت إطلاق سراح أبو الحذاء الزيدي مع مبادرة للرئيس القذافي لأستقباله وتكريمه ومكرمة قطرية للأحتفاء به، ومحاولات باهتة للإعلام البعثي لجعله بطلا ً قوميا ً ورمزاً لنصر موهوم وإنتصار لخيبة الأمل كل هذا حدث في بغداد، وكان على هولاء الذين طبلوا وزمروا للحدث أن يهنئوا الحكومة العراقية ويباركوا للعدالة في العراق الجديد وأن ينظروا الى مصداقية ونزاهة القضاء العراقي وجمال الانظمة الديمقراطية، فقد خرج الزيدي متوشحا ً بالعلم العراقي القديم ولم يعترض عليه أحد وبأحتفالية رافقتها عدسات الصحافة الباحثة عن دونكي شوت عراقي، ومؤتمر صحفي تكلم به ما أراد، فهل يحدث هذا في اي دولة عربية؟

 فلو كان الزيدي في ليبيا أو اي دولة عربية هل يترك حرا ً طليقا ً؟ وهل يسمح للصحافة أن تلتقيه؟؟؟ وهل يسمح له بهذه الاحتفالية الصاخبة وهذه التصريحات التي تمس الحكومة؟؟؟ وهل يحاكم بهذه النزاهة؟؟ ولكن أقول له هنيئا لك يازيدي بهذه الحكومة العراقية التي أثبتت أنها مثال للديمقراطية ولاستقلالية القضاء العراقي الذي أكد ويؤكد بأنه قضاء نزيه وشريف، اين العرب من هذه التجربة واين البعثيون من هذه التجربة؟

 نعم هذا ما يخيفهم ويرعبهم، يرعبهم أن يكون في العراق نظاما ً ديمقراطيا ً يحترم الإنسان ويقدر حريته، يخيفهم أن يتعامل النظام برأفة مع الشعب، هذا السلوك هو السلوك المحرم لدى أنظمة الغلبة والاستبداد العربية، وليس بعجيب أن تبادر الدول الديكتاتورية لإستقبال الزيدي فهذه أنظمة ٌ تمجد القتلة والإرهابيين, بالأمس استقبل دكتاتور ليبيا المقراحي الذي قام بتفجير طائرة بان امريكان في لوكربي واليوم يدعو لأستقبال الزيدي، فعلى الزعيم الليبي أن يتعلم كيف يتقبل الرأي الآخر ويسمح بالحريات بدلا ً من تكريس عبادته في المجتمع الليبي فالاجدر بهذا الزعيم أن يقتدي بالمحاكم العراقية والحكومة العراقية وان يعامل معارضيه كما عاملت الحكومة العراقية الزيدي وأمثاله، وكذلك على الحكومة القطرية أن ترفع القواعد الأمريكية من السيلية وبقية المناطق بدلا ً من النفاق وكسب ود العرب بهذه الطرق الرخيصة, والاجدر بها أن تساعد على إعطاء فرص للعراقيين أن يعيشوا بسلام وأمان، وعلى الزيدي ان لا يزور ليبيا وقطر أو سوريا او اليمن, لو كان صادقا ً في دعواه التي أعلنها أنه ضد الظلم والقهر والاحتلال لما أقدم على استعداده لزيارة هذه البلدان، أفلا يعلم الزيدي أن الشعب الليبي مقهور ومحكوم بالدكتاتورية، وهل يعلم الزيدي ان قطر هي من سهلت دخول المحتلين للعراق, وان أراضيها تحتضن القواعد الأمريكية، فالمبدأ هو المبدأ، فما الذي يختلف اكانت القواعد في قطر ام في العراق؟؟؟؟ ولكن تصريحه الأول كان أنه سيزور قطر اليست هذه مفاجئة يازيدي؟؟ ثم توجه الى دمشق حظيرة البعثيين الأولى وهذه مفاجئة أخرى يطلقها أبو الحذاء، أتسائل هنا هل يسمح النظام في سوريا لمعارضيه بنفس هذه المعاملة؟ وهل يحاكمون بمثل ِ ما حوكم به الزيدي؟ فلماذا يستقبلون الزيدي ويطلقون النار على معارضيهم ولماذا يحتفلون بأطلاق سراحه وهناك آلاف المعارضين في سجونهم؟

ما هذا التناقض والنفاق, هل تسمح الأنظمة العربية لمعارضيها بمغادرة بلدانهم أو التحدث بما شاؤوا وهم داخل البلد أم تقمعهم بالأسلحة الثقيلة مع مباركة عربية وصمت مطبق؟

 فهذه التجربة اليمنية شاهدة على ما أقول وكيف يعامل النظام اليمني الحوثيين فهل يعقل أن يقصفوا بالطائرات والمدافع والأسلحة الثقيلة وهم جزء من الشعب اليمني ولمجرد أنهم يختلفون في الرأي مع الحكومة اليمنية؟ لعل القارئ يجيب قبل ان أسأل، لا يمكن أن يحدث هذا في اي دولة عربية.

 إن ما يحدث في العراق تجربة تستحق الثناء وتستحق الوقوف معها رغم كل المساوئ التي ترافقها، نعم هكذا يعامل الانسان العراقي في العراق الجديد وهذا هو النظام الديمقراطي الجميع في حماية القانون، ليس من أحد فوق القانون، نعم نختلف ولكن قاسمنا المشترك هو الوطن وليس لأحد الحق بتجيير الوطن بأسمه او مصادرة حرية الرأي ولعل الكثير يخطأ حينما يتصور أن الزيدي حوكم لرأيه. أن ما حُوكم به الزيدي ليس لأبداء رأيه ولكن حُوكم لأسائته بحق ضيف الدولة وإسائته بحق دولة رئيس الوزراء، ولكن البعض يأبى أن يغادر عقلية الإستبداد والدكتاتورية فهو غير مصدق لما يجري، فهل يعقل أن يطلق سراح من يعتدي على رئيس الوزراء بهذه السهولة؟

وبالامس كان من يعتدي على شرطي تابع للنظام يحكم بالإعدام، مفارقة لا تتحملها عقول الخانعين كارهي الحرية والنور. فتعلموا أيها المستبدون حقا ً!!

 إنها مفاجئة للأنظمة العربية ولكل الأنظمة المستبدة في المنطقة، لذا بادرت بعض الأنظمة للاحتفال بالخبر وصاحبه من أجل معالجة الموقف والهاء الشعوب وإيهامها، ومداراة لخيبة الأمل، كانت هذه الأنظمة تتمنى أن يعدم الزيدي أو على الأقل أن يحكم عليه بمدة طويلة بالسجن ليتسنى للشعوب العربية النسيان ولكن الحكومة العراقية وقضائها خيَّب أمال الدكتاتوريات العربية وفاجئت الجميع, وأ ُطلق سراح الزيدي، فهنيئا ً للعراقيين وللزيدي بهذه الحكومة، فقد كان إطلاق سراحه إيذانا ً بحرية الرأي وكفالة حق المعارضة،فطبلوا ماشئتم ولكن الشمس لا تحجب بغربال.

* كاتب وإعلامي

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 20/أيلول/2009 - 30/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م