المسؤولية الاخلاقية لاصحاب المواقع الالكترونية

محمود الربيعي

بشكل عام يمكن ان نقول ان هناك مواقع صالحة ومواقع فاسدة وفي هذين النوعين تفصيلات عديدة فجوانب الصلاح مختلفة وجوانب الفساد مختلفة، ومايهمنا هو حماية وصيانة المجتمع من ادارات المواقع الفاسدة من جهة وغير المنضبطة من جهة اخرى، فمسؤولية ادارة الموقع في هذا الزمان مسؤولية مهمة وليست سهلة حيث يترتب على ادارتها مسؤوليات شرعية واخلاقية، فاذا كانت ادارة الموقع هزيلة وغير منضبطة وغير كفوءة وغير قادرة على ادارة موقعها فالافضل ان تنزوي ولاتدخل نفسها فيما ليس لها القابلية والقدرة على ادارتها.

والعراقيون كما لغيرهم اصبحت لهم مواقع كثيرة يديرونها فهي غير مكلفة و لاتحتاج الى هيئة للتحرير حيث يمكن ان يديرها شخص واحد أو شخصين كما هو عليه غالبية المواقع وكلما قل العدد كان الانضباط اكثر فكثير من المواقع الالكترونية يديرها شخص واحد على الرغم من كتابة عبارات (من نحن) وهيئة التحرير الى غير ذلك من التسميات.

واصبح الكثير من الناس تستهويهم ملكية موقع الكتروني لاسباب مختلفة منها: -

اولا: أغرض سياسية او اجتماعية او عقائدية او مهنية او خدماتية الى غير ذلك من الوجوه التي لها علاقة بالمجتمع.

ثانيا: أن تكون وسيلة اعلامية الغرض منها الشهرة وتعزيز الموقع الفردي للشخص كأن يقال عنه أنه مدير موقع وفي هذه الحالة يختار لنفسه اسما يناسب ماتتطلبه رغبته في التسلق الحزبي او الاجتماعي او الاعلامي الى غير ذلك من الوجوه التي تخدم هدفه واطماعه الشخصية.

ثالثا: وقد تسعى ادارة موقع تحقيق اهداف اقتصادية لجلب منافع عندما تكون واجهة مقنعة لانشاء جمعيات او مؤسسات أواحزاب أو عصابات صغيرة.

رابعا: مواقع ذات اغراض هدامة تقف ورائها منظمات سرية ودولية وحركات حزبية سياسية مشبوهة غرضها نشر الفساد الخلقي في اوساط المجتمع تسعى من خلالها هدم القيم الانسانية والدينية الفاضلة وتشويه الاديان والمعتقدات والشخصيات الدينية والوطنية والرموزالخيرة يساندها كل الاغبياء الذين تشترى ضمائرهم او يستميلونهم عن طريق ترغيبهم بالحصول على مكاسب معينة.

ومن جهة اخرى فقد تكون عميلة ومرتبطة بجهات مشبوهة الغرض منها كسب المال وتحقيق الحماية لمصالحها الشخصية ويعد هذا النوع من اخطر انواع ادارات المواقع الالكترونية خصوصا الادارات الفردية او التي ترمي بشباكها بعض المغفلين للمشاركة في الاشراف عليها.

ومن خلال ماتقدم يتبين مدى خطورة العملية الاعلامية ومسؤوليتها ومدى الحاجة الى أناس كفوئين لديهم القابلية على ادارة الموقع وصيانته من الانزلاق والتردي والوقوع في حبائل الشيطان.

فالالتزامات التي تلزم ادارة الموقع نفسها هي الحد الادنى من الواجبات فكيف اذا كان الشخص الذي يديرها لايمتلك قابلية استيفاء الشروط الملزمة لنفسه من الوقوع والمشاركة في الفساد الاعلامي فلايجني من ذلك العمل الا المشاركة في الفساد نفسه عندما يسمح لنفسه وللمفسدين ان ينشروا بضاعتهم الفاسدة.

ولايحتاج المتصفح اللبيب وقتا طويلا للتيميز بين ماهو صالح وماهو فاسد فالطبقة المثقفة والواعية لاشك انها قادرة على تشخيص الخلل في مثل هذه المواقع.

أن الموقع الجيد هو الي يأخذ بعدا عقائديا وفكريا يحفظ الحقوق والواجبات ويعبر عن القيم الانسانية والدينية الاصيلة والتي تكون دائما في خدمة الانسان والمجتمع دون النظر الى تحقيق مكاسب ومثل هذه المواقع جديرة لان تكون ضمن المواقع المفضلة التي لها ضوابطها الشرعية والاخلاقية والتي لاتسمح لنفسها ان تسهو او تتجاهل وقوعها في المحرمات او الشبهات.

 ان الدقة في العمل الاعلامي ضرورة وواجب شرعي وأخلاقي وهو ضمان للعمل المهني والمهنية، وهنا تبرز الحاجة الى اهمية فرز المواقع من حيث درجة دقتها والتزاماتها الاخلاقية ومسؤوليتها المهنية عندما تقيم العمل الاعلامي  المنشور لانها مسؤولية شرعية وأخلاقية.

فاما من الناحية الشرعية فهناك ضوابط وقيم دينية وخلقية يحاسب عليها الدين ولايسع لمدير موقع الأستخفاف بها وعليه تقع مسؤولية الاشراف.

ان ادارة الموقع تستلزم معرفة كاملة بالامور الشرعية والضوابط الخلقية والدينية فهي ليست تسلية عندما يكون هناك صراع بين حق وباطل وعندما يترتب على النشر مفسدة أو مضرة بالمؤسسات والاحزاب الوطنية والرموز والشخصيات الوطنية والاجتماعية.

وللاسف نجد ان الكثير من المواقع غير ملتزمة حتى بما الزمت به نفسها خصوصا عندما تكون عونا وشريكا للظالمين والمفسدين الفاسدين.

لقد اصبحت المواقع وسطا لكثير من المقالات الفاسدة التي لاتتمتع بالضوابط الخلقية ولاهم لها سوى نشر السباب والشتام واللعان والطعان والكلام الفاحش والبذئ وهو مجمل مانهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال " ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولافاحش ولابذئ".

ان على ادارات المواقع الالكترونية السياسية ان تكون اكثر انضباطا خصوصا تلك المواقع التي تنتمي الى خلفيات عقائدية ودينية وان تكون اكثر وعيا من ان تندس فيها اقلام مأجورة أوأقلام تقف ورائها احزاب ومنظمات تحارب الدين والقيم الاخلاقية.

ونحن لاننسى حملات التشهير والاسقاط التي مارسها ولايزال يمارسها حزب البعث وكل الاحزاب التي على شاكلته والتي لاتؤمن بالدين ولابالقيم الفاضلة ونحن ننبه اخواننا ان لايقعوا في منزلق السفهاء والمفسدين والمشككين ف " اليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل ".

ان علينا ان نفهم القرآن الكريم فهما يليق بالاحرار والنفوس العالية وعلينا ان نعمل بما اوصى به الله انبياءه، فالقرآن يؤدبنا بأدب الانبياء ويحذرنا من افعال اعدائهم " ولكم في رسول الله اسوة حسنة "، وحرمة الانسان هي من حرمات الله وخصوصا تلك التي تتعلق بالمؤمنين والصلحاء.

ان على ادارات المواقع ان تعلم جيدا ان واجباتها الشرعية والاخلاقية لاتسمح لها بترويج الاشاعات المغرضة والتهم الباطلة، لتكون ممثلا حقيقيا للحق ووفية لقيمها ومبادئها الحقة.

ان الاعلام اليوم اصبح اشد خطرا والكلمة اما ان تكون طيبة لاجل ان تصعد الى السماء او خبيثة تستحق الاجتثاث " قال تعالى " كلمة طيبة كشجرة طيبة وكلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من الارض ليس لها قرار ونسأل الله تعالى ان يوفق جميع اخواننا في الايمان وينصر عراقنا على اعداءه انه سميع مجيب قال تعالى " الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار سورة إبراهيم - سورة 14 – ألآيات 24 و25 و 26.

ونرجو ان نكون قد ساهمنا ببعض واجبنا في نصح اخواننا وان نساهم في بناء اعلام شريف ونزيه يخدم الانسان والمجتمع ويعمل بما يصونه من التردي والانزلاق في متاهات المفسدين وفق الله العاملين في المجال الاعلامي الى نشر الحقائق والدفاع عن القيم والمبادئ السامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/أيلول/2009 - 17/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م