نُفوس روسيا تتراجع وأصقاعها النائية تشهدُ زيادة كبيرة

 

شبكة النبأ: بينما يتراجع عدد السكان في روسيا تشهد أصقاعها النائية زيادة كبيرة في معدل المواليد.

وازدهر اقليم تشوكوتكا وهو اقليم أقرب إلى الاسكا منه إلى موسكو بفضل مليارات حاكمه السابق رومان أبراموفيتش. المرتّبات ارتفعت الى خمسة أمثال في عهده مما خفف من وطأة الصدمة على مربي حيوان الرنّة الذين كانوا يستميتون من أجل الدعم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

ووضعت ليليا أومريتاجينا للتو مولودها الثاني في المستشفى الذي يخدم سكان أكبر بلدة في اقليم تشوكوتكا. وتقول الام التي تبلغ من العمر 28 عاما "نعتقد أن الغد سيكون أفضل."

وقال أبراموفيتش الذي حكمَ الاقليم الذي تبلغ مساحته ضعف مساحة ألمانيا منذ أواخر عام 2000 وحتى يوليو تموز 2008 "انتخبت في فترة كان اقليم تشوكوتكا يعاني فيها من أزمة." واستطرد يقول "اعتقد أننا كنا قادرين على حل كثير من المشكلات الاكثر الحاحا خلال فترة حكمي."

والتحدي الذي يواجهه الاقليم الان هو الحفاظ على هذا النمو باستغلال احتياطياته الوفيرة من الاسماك والفحم والمعادن النفيسة. بحسب تقرير لرويترز.

وأصبح اقليم تشوكوتكا أكبر منطقة منتجة للذهب في روسيا ويقدم خمس الانتاج القومي لروسيا منذ أن افتتحت شركة التعدين الكندية كينروس جولد كورب منجم كوبول الهائل الذي تملك حق استغلاله في منتصف عام 2008.

وفي أنادير عاصمة الاقليم أخرجت الالوان الزاهية المباني السكنية من الكابة التي تخيم على المدينة في فصل الشتاء. وشقت طرق جديدة وأعيد تجديد المستشفى بالكامل.

تفحص مارينا أويتراس نائبة مدير المستشفى معدات الموجات الصوتية من انتاج شركة جنرال اليكتريك الامريكية أثناء جولاتها في المستشفى. وتقول إن اقليم تشوكوتكا يستقبل حوالي 800 مولود كل عام في حين يبلغ عدد الوفيات 500 فقط.

وقال تقرير للامم المتحدة هذا العام إن عدد سكان روسيا قد يتراجع إلى 131 مليونا بحلول عام 2025 من حوالي 142 مليونا الان حيث تخربهم الكحوليات والتدخين وسوء التغذية.

وتقول أوستراس "اذا كانت هذه مشكلة في روسيا فانها على العكس هنا."ويتزايد الاتجاه بين سكان الاقليم نحو انجاب أكثر من طفل.

المحاسبة اناستاسيا خفوروشانسكايا (23 عاما) التي كانت تضع مولودها الثاني ألكسندر في المستشفى تشرح ذلك قائلة "لدي ثقة في أنني استطيع أن أكفل أبنائي. قبل عشر سنوات لم يكن لدي مثل هذه الثقة."

ويبدأ النهار في أنادير قبل موسكو بتسع ساعات في نفس الوقت الذي يبدأ فيه النهار في تونجا.

وتراجع عدد السكان في البلدة بنسبة 30 في المئة في الخمسة عشر عاما التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي ولكن لم يعد الناس يرغبون في ترك البلدة.

يقول نايل جيفولين (28 عاما) والذي يعمل في مصنع لحفظ الاسماك في العاصمة أنادير "أبراموفيتش جعلنا نقف على أقدامنا من جديد." وحصيلة الصيد هذا الموسم هي الافضل منذ سنوات.

وعزلة تشوكوتكا التي كثيرا ما كانت تعد لعنة أصبحت منقذها في أثناء التراجع الاقتصادي. وبينما أصبحت كلمة أزمة من مفردات الحياة اليومية في أرجاء روسيا الا أنه نادرا ما تسمع في تشوكوتكا حيث الاجر الشهري يبلغ حوالي 40 ألف روبل (1285 دولارا) ويزيد على ضعف متوسط الاجور على المستوى القومي.

يقول ايفان بيريوكوف (62 عاما) نائب مدير مركز أرض العجائب التجاري "الناس لا تزال تنفق. قدرتنا الشرائية لم تتراجع."

قال ديمتري سوروكين (28 عاما) ويعمل فنيا يمضي لياليه في التزلج بالقرب من الميناء "من قبل السلع كانت في المتاجر ولكن لم يكن لدى أحد نقود ليشتريها."

ويتم تحديد أسعار الوقود سنويا كي تتوافق مع فترة الملاحة البحرية في الصيف حيث يكون الجو دافئا في هذا الوقت فقط بما يسمح لنقل الامدادات بحرا. وفي الفترة المتبقية من العام يمضي 200 عامل من عمال الشحن في ميناء أنادير وقتهم في اصلاح السفن التي عطبت.

يقول فيكتور تيوختي المدير العام للميناء "نحضر الفحم ومواد البناء والطعام وكل شيء مطلوب للحباة في تشوكوتكا."

ويعمل تيوختي في الميناء منذ 30 عاما. ويقول ان التأثير الوحيد الملموس للازمة المالية هو التباطؤ في تسليم مواد البناء هذا العام.

ومن المتوقع أن تتراجع حصة صناعة البناء في اقتصاد الاقليم الى أقل من اثنين في المئة هذا العام بعد أن كان عشرة في المئة في عام 2008 وهو نبأ سيء بالنسبة لعمال البناء الاتراك الذي يعيشون في حي في أنادير يطلق عليه السكان "اسطنبول الصغرى."

وقد لا يكون من السهل دائما بالنسبة لمن يعيشون في تشوكوتكا وعددهم 50 ألفا نصفهم من الروس العرقيين الحفاظ على هذه الثقة. ويعترف بهذا أبراموفيتش الذي أنفق 2.5 مليار دولار على الاقليم عندما كان حاكمه.

وقال لرويترز "لا يزال هناك ما يتعين عمله... ولكن الاقليم في وضع أفضل الى حد كبير يمكن من خلاله التصدي للتحديات الحالية."

ويقول رومان كوبين الذي كان نائبا لابراموفيتش لفترة قصيرة قبل أن يصبح حاكما للاقليم قبل عام ان التعدين سيساهم بنسبة 37 في المئة في اقتصاد الاقليم هذا العام مرتفعا من 22 في المئة في عام 2008.

ويستفيد السكان الاصليون الذين يشكلون 30 في المئة من سكان الاقليم من الاستثمار الجديد في مزارع الاسماك والانتاج التجاري للحوم حيوان الرنة.

وأصلحت شركة تصميم مقرها موسكو المتحف المحلي بتركيب نظام للاضاءة وشاشات عرض تعمل باللمس وألعاب تفاعلية تستند الى أساليب عيش السكان الاصليين. وتستهدف صناعة وليدة للسياحة جذب مزيد من السياح.

واختار أبراموفيتش عدم الكشف عن الدافع وراء أن يكون حاكما للاقليم. ويقول البعض انه كان اتفاقا مع فلاديمير بوتين الرئيس الروسي آنذاك لإعادة بعض الثروة التي صنعها أبراموفيتش من صناعة النفط والالومنيوم. ويقول اخرون ان أبراموفيتش كان يختبر امكانية الخوض في السياسة.

وتسيطر شركته على منجم صغير للذهب في تشوكوتكا وكانت شركة سيبنفت التي كان يملكها وباعها لشركة جازبروم المملوكة للدولة في عام 2005 تنشط في الاقليم.

ولكن معظم استثمار أبراموفيتش في تشوكوتكا يتم من خلال المؤسسات الخيرية واعادة بناء البنية الاساسية في مجالات الاسكان والتعليم والرعاية الصحية.

وقال أبراموفيتش الذي لا يزال يشغل منصب رئيس المجلس التشريعي الاقليمي في تشوكوتكا "سأواصل الاستثمار في تشوكوتكا في مشروعات تجارية تساعد على توفير فرص العمل وتوسيع القاعدة الضريبية وكذلك من خلال مؤسساتي الخيرية."وبالنسبة للبعض ربما جاء ازدهار تشوكوتكا بعد فوات الاوان.

ويهوي جريجوري نيكتتيفيتش الذي كان يرتدي ملابس ممزقة ومتسخة مرارا على الارض بعد أن يترك آخر زجاجة جعة فارغة عند محطة للحافلات.

ويقول جريجوري (73 عاما) الذي ذكر اسمه والاسم الدال على عائلته فقط "لماذا أعمَل دع الشبان يعملون."

ولكن هناك من يمد له يد المساعدة. فأخذ احد المارة في العقد الثاني من العمر يسحب الرجل لينهض على قدميه وسارا معا يداً بيد ناحية البيت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/أيلول/2009 - 11/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م