المزاجية في الاعلام

شوقي العيسى

لقد اورد العالم مارشال ماكلوهان مقولته الشهيرة "العالم قرية صغيرة".

فعلياً وعملياً كان تطبيق هذه النظرية على أرض الواقع بعد التقدم العلمي وتطور تكنولوجيا المعلومات فأصبح العالم في بيتك وبامكانك التنقل من دولة الى أخرى من خلال الفضائيات التي أخذت حيزاً كبيراً وملئت شاشاتها قاعدة المنازل.

ولم يكن تطور شبكة الانترنت الا دليل واضح على اتساع رقعة عالم المعلومات والتكنولوجيا الحديثة التي أثرت المتصفح والباحث بالمعلومات الرحبة التي جعلته يحصل عليها بكبسة زر واحدة، وان أتساع كل تلك المعلومات جعل من الاعلام منطلق خصب وارضية واسعة الانتشار، فبعد أن كان في السابق مقتصراً على الصحف الورقية أصبحت في الوقت الحاضر مواقع ألكترونية ومنتديات واسعة وبشكل كبير يعجز المتصفح عن جمعها.

 وبعد أن كان للمحطات التلفزيونية مراسل يتابع الاحداث ومن ثم يصورها ويرسلها الى محطته التلفزيونية في نشرات الاخبار أصبحت الان بانتشار الفضائيات تنقل الاحداث مباشرة من موقع الحدث في كل بقاع العالم وهكذا في غالبية وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.

ينقلنا هذا التطور الى عالم ملئ بالمفاجئات والغرائب التي نلحظها من خلال المهنية في الاعلام ومدى فاعلية الاعلامي في ايصال رسالته الاعلامية التي هي لاشك احد الاركان التي يرتكز عليها الاعلام كسلطة رابعة ويجب ان تكون حيادية بكل معنى الكلمة ولا يمكن ان يكون الاعلام بشكل من الاشكال مزاجياً كما يحدث في وقتنا الراهن، فالملاحظ أن انتشار المواقع الالكترونية على الشبكة العنكبوتية والتي لها دور فاعل في سرعة انتشار الاخبار في العالم أصبحت بعض من تلك المواقع تأخذ حيــّز المزاجية في اداءها فالخبر يأخذ طريقه للنشر عندما يتلائم ومزاجية صاحب الموقع ويتلاقح مع أهوائه مسقطاً بذلك المهنية الاعلامية وهذا أحد الاسباب التي تؤدي الى تسييس الاعلام، وهذه القضية لا تقتصر على المواقع الالكترونية بل تتعدى الى الفضائيات أيضاً والصحف الورقية والاذاعات المسموعة، فاهمال عامل المهنية في العمل يوحي بالفشل وان كان مؤجلاً.

باعتقادي ان المزاجية التي دخلت على بعض الذين تصدوا للاعلام جاءت نتيجة عدم شعور تلك الفئة برسالتهم الحقة وعدم مهنيتهم الاعلامية وبذلك اصبحت العملية هزيلة الى درجة الفشل الذي جعل من الرسالة التي تنطلق من تلك النماذج رسالة غير مقروءة او مسموعة لكونها محكوم عليها بالمزاجية وعدم تلاقح او تبادل الرسائل الاعلامية حتى تكون مؤثرة في المجتمع فكلٌ يغني على ليلاه ولا أحد يستمع.

فعلى الاعلام الناجح أن يؤدي رسالته الاعلامية بمهنية لانه مؤتمن على ايصالها كما هي بدون اخلال بمفهومها او قلب حقيقتها كما يحدث في وقتنا الحالي كاغراق الحقيقة واتنشال الخديعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/آب/2009 - 21/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م