السعودية: الأسوأ في حرية الصحافة وإشارات متباينة بشأن الإصلاحات

 

شبكة النبأ: ربما تكون لدى زعماء السعودية رؤية لإصلاح وانفتاح أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم لكن قد تمر سنوات كثيرة قبل أن تشهد الدولة الخليجية المحافظة تغييرات كبيرة.

وفي مواجهة زيادة سريعة في السكان البالغ عددهم 18 مليون نسمة والذين يحتاجون الى وظائف ومساكن تبدو المملكة صاحبة أكبر اقتصاد عربي مستعدة لمزيد من الانفتاح لجذب المستثمرين لبناء صناعات خارج قطاع الطاقة المهيمن.

وفي فبراير شباط أقال الملك عبد الله رجلي دين متشددين من منصبين بارزين للحد من نفوذ النخبة الدينية التي أعاقت إصلاحات في قطاعي التعليم والقضاء وهي إصلاحات ضرورية لإيجاد دولة حديثة ومكافحة التشدد الاسلامي.

ومنذ ذلك الحين تبحث وزارة التعليم التي لديها الآن للمرة الأولى نائبة وزير أفكارا لتحسين التعليم بينما شهدت العاصمة الرياض اول عرض لفيلم سينمائي منذ 30 عاما ومسرحيات قليلة ومعارض فنية ترعاها الدولة.

ويقول المحلل مصطفى العلاني الذي يتخذ من دبي مقرا له "عجلات الاصلاح تتحرك لكن رؤية تغييرات قد تستغرق سنوات. لكن الأهم أن العجلات تتحرك. الاصلاحات لا يمكن التراجع عنها. المجتمع لن يقبل ذلك."

ومنذ اعتلائه العرش عام 2005 ينظر كثير من السعوديين الى الملك عبد الله على أنه مؤيد للاصلاحات لكن دبلوماسيين يقولون ان الكثير من رجال الدين وأيضا أعضاء بارزين بالأسرة الحاكمة يقاومون.

ويقول الكاتب السعودي عبد الله العلمي "يحاول الملك الموازنة بين الجماعات الدينية المحافظة والتكنوقراط والمتعلمين الذين يريدون إصلاحات اجتماعية. "قاعدة التغيير لن تكون بين عشية وضحاها. لا نريد ان يحدث هذا بين عشية وضحاها لانه قد يأتي بنتائج عكسية وتكون له عواقب سلبية."

ويشير دبلوماسيون الى أنه حتى اذا كانت هناك رغبة في التغيير مثل إصلاح المناهج التعليمية بالمدارس لتحسين تأهيل السعوديين لسوق العمل فان هذا لا يعني أن التغييرات التي يصدر بها الأمر من أعلى تنفذها البيروقراطية كما هو مُخطط لها. بحسب رويترز.

وقطعت السعودية تعهدات لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان في وقت سابق هذا الشهر بوقف التمييز ضد النساء بأنهاء وصاية الرجل على المرأة عند العمل والسفر والدراسة لكن نشطاء لا يتوقعون حدوث أي تغيير عما قريب.

ويقول ابراهيم المقيطب رئيس جمعية حقوق الانسان في السعودية وهي جمعية مستقلة " السعودية موقعة على الكثير من الاتفاقات الدولية لكننا ما زلنا نجد انتهاكات جسيمة على الأرض. هناك اختلاف كبير بين النوايا الطيبة والقدرة على التنفيذ."

هيئة الأمر السعودية تكثّف نشاطها خلال الصيف

من جهة ثانية قال الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية الشيخ عبد العزيز الحمين، ان الهيئة تعتزم القيام بحملة لمكافحة المنكر خلال المهرجانات الصيفية بالمملكة. 

وللهيئة التي يزيد عدد أفرادها عن خمسة آلاف سلطات واسعة تتيح لها القيام بمداهمات بحثا عن الخمور وضمان اغلاق المطاعم والمتاجر في وقت الصلاة وتطبيق الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة ومنع النساء من قيادة السيارات. بحسب رويترز.

وقالت صحيفة عكاظ ان الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجه فروع الهيئات في المناطق الى بذل مزيد من الجهد خلال المهرجانات السياحية والترفيهية التي ينظم أغلبها في الصيف.

ونقلت عنه قوله انه دعا "رجال الهيئة لتوجيه الناس بما تقتضيه المصلحة العامة ومعاملتهم بالرفق واللين وإحسان الظن ومنع المنكر قبل وقوعه."

وتعرضت الهيئة لانتقادات شديدة من بعض وسائل الاعلام ودعاة الاصلاح بعد حوادث شهدت وفاة أشخاص أثناء احتجازهم لدى الهيئة.

لكن وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز الذي رُقي في وقت سابق هذا العام ليصبح النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء دعم الهيئة الشهر الماضي قائلا انها تماثل قوات الامن في المكانة.

وعين الملك عبد الله الحمين في فبراير شباط بعدما أقال رئيس الهيئة السابق ابراهيم الغيث في إطار تغييرات واسعة بهدف الحد من نفوذ المؤسسة الدينية التي عطلت إصلاحات اجتماعية.

مدير جامعة جازان: السعودية مشبعة بخريجي الشريعة وأصول الدين

وفي نفس السياق قال مدير احدى أحدث جامعات السعودية ان سوق العمل في السعودية لا تحتاج لمزيد من خريجي الشريعة وأصول الدين.

وربما تثير تصريحات محمد بن علي ال هيازع الذي يدير جامعة جازان في الجنوب غضب الكثيرين في المؤسسة الدينية التي أعاقت اجراء اصلاحات تهدف الى اقامة دولة حديثة ومحاربة التشدد الاسلامي.

وأسس الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية جامعة جازان عام 2006 وهي لا تضم كلية لعلوم الدين على خلاف الجامعات الاخرى في المملكة.

وصرح ال هيازع لصحيفة عكاظ بأن سبب عدم فتح كلية للشريعة وأصول الدين الى الان هو "عدم وجود حاجة في سوق العمل لخريجي الشريعة وأصول الدين.. لا نريد أن نضيف بطالة جديدة والسوق متشبع بمثل هذه التخصصات."بحسب رويترز.

وتبحث وزارة التعليم سبل تحسين التعليم بعد أن عزل الملك عبد الله اثنين من رجال الدين المتشددين من منصبين كبيرين في فبراير شباط فيما قال محللون انه محاولة للحد من نفوذ المؤسسة الدينية.

وقال جون سفاكياناكيس وهو اقتصادي في البنك السعودي البريطاني (ساب) بالرياض ان الحكومة أنفقت أكثر من 120 مليار دولار على التعليم منذ عام 2005 .

الحويدر للحكومة السعودية: عامِلونا كناضجات أو اتركونا بسبيلنا

وذكرت الناشطة السعودية في حقوق المرأة وجيهة الحويدر، أنها قامت بمحاولة مغادرة السعودية إلى البحرين دون إذن من أي من أولياءها الذكور، وهي تعلم أن السلطات لن تسمح لها بالخروج، وذلك لإثبات ضرورة أن تعامل النساء في بلد الحرمين الشريفين على "أساس إما أنهم مواطنات ناضجات، أو تركهن كي يغادرن البلاد إلى الأبد."

وقالت الحويدر إنها كما توقعت، قامت السلطات بمنعها من الوصول إلى البحرين عن طريق البر، نظراً لأنها لا تحمل إذناً بالخروج من ولي ذكر، وهو الأمر الذي دعاها لأن تطلق صرختها عبر CNN، بحيث أوضحت أنه على السعوديات أن يحصلن على إذن من أقاربهن الذكور، لممارسة العديد من النشطات العادية، من السفر إلى التعليم، أو حتى إجراء عملية جراحية.

وأشارت  الحويدر إلى أنها  أجرت ثلاث محاولات حتى الآن للوصول إلى البحرين عبر أخذ سيارة أجرة ومحاولة المرور دون إذن من وليها الذكر لكن دون جدوى، مؤكدة في الوقت نفسه أنها ستستمر في المحاولة حتى تحصل على "حقوقها،" مبينة أن ما تصنعه هو نوع من العصيان المدني.

ودعت الحويدر جميع النساء اللواتي ضقت ذرعا من "اضطهادهن" أن يذهبن إلى حدود أي بلد دون إذن من أوليائهم كي يحاولن الخروج"، وذلك إثباتا لحقهن بأن يصبحن مواطنات كاملات الأهلية.

وحول الإصلاحات التي أجرتها الملك السعودي، عبد الله،  مثل  تعيينه لنورة الفايز كنائبة وزير التعليم لشؤون البنات، أفادت الحويدر أن الفايز،رغم سلطاتها، فهي "ليست قادرة على التحكم بحياتها،" مضيفة "إنها لو أرادت السفر لما تمكنت من ذلك دون إذن من وليها الذكر."

وأصرت الحويدر أنه يجب دفع النساء السعوديات للذهاب إلى المطارات والمراكز الحدودية للخروج من نظام الوصاية الذكورية، مبينة في الوقت نفسه أن الأمر لا يتعلق بالسفر، بل برفض نظام الوصاية برمته.

يذكر أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، كانت قد أبدت استياءها مما اعتبرته عدم إيفاء السلطات السعودية بوعودها في المسائل التي تتعلق بالمرأة، مشيرة إلى أن المسؤولين السعوديين ما زالوا يطالبون النساء بالحصول على إذن من أولياء أمورهم الذكور للقيام بما اعتبرته "أبسط الحقوق الخاصة بهم" مثل السفر أو تلقي الرعاية الطبية.

وأشارت المنظمة، على موقعها، إلى أن الحكومة السعودية دأبت على التأكيد بأن هذه المتطلبات غير موجودة، وكان آخرها ما قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان في جينيف في يونيو/حزيران الماضي، مشيرة إلى أن أطباء سعوديين كانوا قد أفادوا بأن لوائح وزارة الصحة لا تزال تطلب من المرأة الحصول على إذن من وليها الذكر للخضوع لعملية جراحية، وذلك نقلا عن جريدة الوطن السعودية، عدد 2 يوليو/تموز الماضي.

المدوّنون يختبرون حدودهم في السعودية

لا يتسلح أحمد العمران سوى بجهاز كمبيوتر ووصلة لشبكة الانترنت وأفكاره وهو واحد من عدد قليل من المدونين السعوديين يحاولون الدفع من أجل التغيير وسماع صوتهم في المملكة المحافظة.

وتوفر المدونات منبرا نادرا للتعبير في بلد لا يعرف المجالس التشريعية المنتخبة ويحظى فيه رجال الدين بسطوة على الرأي العام أما الصحف فعادة ما تردد ما يقوله المسؤولون وتحظر فيه الاحتجاجات.

وقال عمران وهو طالب جامعي يكتب في مدونته (سعودي جينس saudijeans.org) انه يريد أن يكون جزءا من التغير الجاري في البلاد ويرغب في الضغط كي تسرع وتيرة التغيرات. بحسب رويترز.

ويطبق العاهل السعودي الملك عبد الله اصلاحات حذرة منذ تولى العرش في 2005 وأقال اثنين من رجال الدين المتشددين من منصبين بارزين في تعديل حكومي في فبراير شباط بينما يدعم الاصلاحيين.

وسمحت السعودية مؤخرا لوسائل الاعلام الاجنبية بتوسيع وجودها في المملكة وانضم وزير الاعلام الجديد الى من يستخدمون موقع فيسبوك الاجتماعي على الانترنت لكن المحللين والدبلوماسيين يقولون ان المحافظين يلزمون الحذر ازاء التغيرات.

وقال المدون فؤاد الفرحان خلال تجمع نادر للمدونين في جدة أكثر المدن السعودية انفتاحا انهم يدعون من خلال التدوين الى التغيير ويطالبون به ويرعونه.

واضاف خلال الاجتماع الذي استهدف تشجيع المدونين على مواصلة نشاطهم برغم العقبات انه للمرة الاولى الان أصبح المدونون كأفراد في المجتمع السعودي يتمتعون بالقوة التي تمكنهم من الدعوة للتغيير.

ولم يستأنف فرحان نفسه كتابة مدوناته منذ ألقي القبض عليه في 2007 واحتجز لمدة خمسة أشهر بعد أن نظم حملة نيابة عن تسعة اصلاحيين سجناء. وتم الافراج عنه دون أن توجه أي اتهام اليه.

ويقول باحثون سعوديون ان هناك ما يصل الى 10 الاف مدونة في المملكة لكن كثيرا منها حاليا توقف نشاطه أو يحجم عن مناقشة أمور السياسة منذ اعتقال الفرحان.

وتتجنب الكثير من المدونات الحديث عن الاسلام وهي مسألة حساسة وتركز أكثر على الحياة اليومية والتحديات التي يواجهها المجتمع.

وقال مدون أخر يدعي خالد الناصر ان القبض على الفرحان أظهر أن هناك خطوطا حمراء غير معروفة.

وقال المتحدث باسم وزارة الاعلام عبد الرحمن الهزاع ان المدونات لا تخضع للمراقبة بشكل عام.

لكن تساور المدونين مخاوف من قانون تم سنه في وقت سابق هذا العام يمكن بمقتضاه محاكمة أي شخص يمس النظام العام أو القيم الدينية حسبما تقول وزارة الاعلام.

وقال العمران ان أي شخص يمكن أن يوجه له هذا الاتهامات وأكد أن خوفه الوحيد هو احتمال استخدام الحكومة لهذا القانون كوسيلة للتخويف ضد أشخاص يرغبون في التعبير عن انفسهم بحرية على الانترنت.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/آب/2009 - 16/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م