ثلاثية الفساد والفوضى والإرهاب

استغلال للسلطة وفقدان للنظام العام ورعب جماعي

كتب: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تمتلك ظواهر الفساد والفوضى والإرهاب علاقة وجودية وسببية، فالفساد ينمو في وسط الفوضى واللانظام، والارهاب يخلق الفوضى والعبثية، فلهذه الثلاثية شراكة غير مباشرة.. إن الفساد هو إساءة استغلال السلطة المؤتمنة من اجل المصلحة الشخصية. فكل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي التي تتنوع أشكاله إلا أن أكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب.

ورغم أن الفساد السياسي يسهل النشاطات الإجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والدعارة إلا أنه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم أو يحمي بالضرورة الجرائم الأخرى. كما يؤدي إلى القنوط واليأس والإحباط من خلال ما يخلقه من ظروف اجتماعية اقتصادية تعمق مشاكل البطالة والفقر..

أما على الصعيد الاقتصادي يؤدي الفساد إلى تقويض التنمية الاقتصادية لتسببه في حدوث تشوهات و حالات عجز ضخمة. ويؤدي انتشار الفساد في القطاع الخاص إلى زيادة كلفة العمل التجاري من خلال زيادة سعر المدفوعات غير المشروعة نفسها و كذلك لازدياد النفقات الإدارية الناجمة عن التفاوض مع المسئولين و مخاطر إنتهات الاتفاقيات أو الانكشاف.

أما الفوضى "Disorder" فتعني فقدان للنظام و الترابط بين أجزاء مجموعة أو جملة أجسام سواء كانت مجتمعات أو اضطرابات قبلية أو سياسية مثل فقدان الأمن في منطقة معينة.

أما الإرهاب فهو كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم.

المجتمعات قديما وحديثا عانت من فساد إداري ومالي وفوضى عارمة وإرهاب دموي، فهذه الثلاثية لا تنفك في معظم الأحيان بعضها عن البعض؛ لأن العلاقة بين أواصرها قد تكون متلازمة، وعندما تكون مجتمعة في بلد ما نجد أن ذلك البلد قد وقع في أزمة كبيرة، كما لا يمكن الخلاص من الفساد والفوضى والإرهاب إن لم تتم عملية اقتلاعهم من الجذور.

عدا ذلك تعد كل الحلول غير مجدية في مكافحة هذه الثلاثية، ولا تنم عن ردع لمسببي الفساد والفوضى والإرهابيين. ففي خضم الفوضى التي يسببها الإرهاب تتسع قاعدة المفسدين عبر تحالفها الاستراتيجي مع القيادات غير المناسبة لمواقع القرار, ففي الدول الفاشلة تسيطر شخصيات مقربة من الحكام ومن موقع القرار وهي شخصيات  لاتمتلك المهنية الا قربها من اهرم رموز النظام السايسي الحاكم، فتصبح متورطة في صفقات الفساد وتسهم في نشر الفوضى ودعم الإرهاب كل بحسب مستوى تورطه ووسع عملياته.

وعندما يأتي موسم قطاف الرؤوس الفاسدة يبرز مفهوم الفيتو أو التوافق لحماية مافيا الفساد، ومما يبرهن على ذلك إن مافيا الفساد بشكل عام اكثر المستفيدين من تأجيج الفوضى والإرهاب لتلافي المحاسبة والملاحقة وخلط الاوراق من جديد. كما ان الكثير من اموال الفساد يذهب لدعم العمليات الارهابية وتشكل دعما لوجستيا لها.

أن التصدي لهذه المافيا يمر عبر وضع إستراتيجية جدية واتخاذ إجراءات مدروسة وحازمة من قبل المؤسسات المعنية ونشر التوعية الإعلامية للمواطنين. فالتصدي الجدي والمسئول لمافيات الفساد يؤدي إلى بالنتيجة الى القضاء ايضا على الارهاب وتحقيق الاستقرار والنظام العام.

إن أي معالجة لموضوع الفساد والفوضى والإرهاب لابد ان تتم عبر ما يلي:

1- تشجيع الأساليب الديمقراطية مثل الرقابة والشفافية والمجتمع المدني، وتحقيق فصل السلطات.

2- حماية وسائل الاعلام التي تقوم بتسليط الأضواء على الفساد بكل أنواعه وأحجامه وفي أعلى المواقع.

3- توفير الأجواء القانونية المناسبة وضمان سلامة وعدالة أعمال الرقابة والتحقيق والمقاضاة.

4- ضمان استقلالية المؤسسات الرقابية عن السلطة التنفذية.

5- العمل على بروز ونمو منظمات المجتمع المدني المنبثقة من المجتمع الاهلي، وضمان استقلاليتها عن السلطة التنفيذية.

6- القضاء على البيروقراطية والتضخم الوظيفي التي تساهم بشكل كبير في نشر الفساد.

7- مجابهة كل انواع التحاصص القائم على الفئوية والحزبية الضيقة والطائفية والعنصرية والقبلية، والاعتماد على مهنية وكفاءة القادة والمدراء والمسؤولين في عملية التوظيف الاداري والسياسي.

ان مقاومة الفساد ومافياته يتم عبر نشر  ثقافة النزاهة وتعميق المشاعر الأخلاقية والاهتمام بالتربية لدى الأجيال الجديدة، ونزاهة الإدارة السياسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/حزيران/2009 - 17/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م